آية(31): "ثم
إذ كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن يوم ذلك السبت كان
عظيماً سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا."
استعداد= كل يوم
جمعة أسمه إستعداد. وكان هذا السبت عظيماً لأنه يوم الفصح. ولكنه صار عظيماً إذ
دخل المسيح فيه إلى راحته وأدخلنا معه للراحة. وكان الرومان إمعاناً في التشهير
بالمجرمين يصلبون المصلوب عارياً تماماً ولكن اليهود منعوا ذلك فكانوا يسترون
المصلوب وحرّموا صلب المصلوب عارياً تماماً. وكان الرومان يتركون الجثة على الصليب
لأيام حتى تفتك بها الطيور عبرة لكل مجرم ولزيادة هيبة القانون. ولكن الناموس
اليهودي يمنع ذلك (تث23:21). ولذلك ذهب اليهود لبيلاطس يطالبون بكسر سيقان الكل
حتى لا تبقى الأجساد على الصلبان، فهم يبحثون هنا عن تتميم حرفية الناموس خصوصاً
أن هذا السبت كان يوم الفصح، وكان سبت فلا يصح أن تترك في نظرهم الأجساد عل
الصلبان. ولكن غالباً كان هذا مزيد من التشفي من المسيح ولضمان موته. وكانوا
يكسرون السيقان بمطرقة خشبية ثقيلة، وهو عمل وحشي لا يطيق الإنسان النظر إليه. والمصلوب
قد يبقى على الصليب لأيام ينازع الموت لكن بتكسير السيقان يموت سريعاً. ولذلك تعجب
بيلاطس أنه مات سريعاً على غير العادة. وإذا لم يمت المصلوب بتكسير ساقيه طعنوه
بحربة في القلب وهنا ما فعلوه مع المسيح ليطمئنوا أنه مات. لكن ما حدث كان بترتيب
إلهي ليخرج الدم والماء فنري أن جسد المسيح بالرغم من موته كان فيه حياة لإتحاده
باللاهوت.
آية(32): "فآتى
العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه."
كان لكل مصلوب حارس، وحارسا اللصين تقدما وكسرا أقدامهما أولاً.
آية(33): "وأما
يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات."
الإنسان بطبيعته
يتعلق بالحياة فيقاوم الموت لذلك يصارع الإنسان الموت ويبقى معلقاً على الصليب
فترة طويلة، أماّ المسيح فإذ أكمل مهمته أسلم روحه سريعاً إذ هو غير متعلق بالأرض،
بل هو مشتاق أن يذهب ليكرز للأرواح التي في السجن ويخرج من كانوا في الجحيم (1بط19:3).
آية(34): "لكن
واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء."
(زك10:12) هم طعنوه ليتأكدوا من موته. وبطعنة هذا العسكري تحققت النبوة
أولاً وتحقق الجميع أن المسيح مات فعلاً فلا يقول اليهود حينما يقوم المسيح أنه
كان فاقداً لوعيه. وللوقت حينما طعنه العسكري خرج دم وماء خرج دم حي خلافاً لما قد
ينزل من أي إنسان ميت حين يطعن والميت يتجمد الدم في عروقه. وخرج مع الدم ماءٌ
نقى، والميت لا يخرج منه ماء نقى. إذاً خروج دم وماء من جسد ميت يخالف طبيعة
الإنسان. وهذا فيه إشارة واضحة أن الجسد مات ولكن لم يَرَ فساداً. وبالتالي فهو
جسد إبن الله حقاً. وبسبب ما حدث نمزج في كأس الإفخارستيا ماء مع الخمر. نحن هنا
أمام صورة ذبيحة حية فما أمامنا يخالف الموت الطبيعي وعلاماته، هي ذبيحة حية ناطقة
على المذبح الناطق السمائي تعلن أن الفداء قد تم والعقوبة استكملت، ومات الحي الذي
لا يموت. وكانت الحياة في هذا الجسد الميت راجعة لأن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته
لحظة واحدة ولا طرفة عين، لكن الروح الإنسانية فارقته، وظل لاهوته متحد بناسوته في
القبر، ولاهوته متحد بروحه الإنسانية التي ذهبت للجحيم لتفرج عن المحبوسين وتنطلق
بهم إلى الفردوس.
كان موت المسيح
كما شبهه داود كنائم ثمل من الخمر (مز65:78،66). إذاً خروج الدم والماء من جنبه
يلزم أن يُعتبر كعلامة حياة وسط الموت. فبينما كان ميتاً على الصليب كان حياً
بلاهوته فلاهوته ظل متحداً بناسوته حتى بعد أن مات. وهذا ما أعطى لناسوته حياة. ونلاحظ
أن الذي إهتم بتسجيل هذه الحادثة هو يوحنا الذي كتب إنجيله ليثبت أن المسيح هو إبن
الله، فهو يثبت لاهوته ويهتم بالأحداث التي تثبت لاهوته، خصوصاً أنه هو وحده الذي
كان بجانب الصليب ورأى خروج الدم والماء من جنب المسيح.
لنجينوس:
هذا هو إسم
الجندي الذي طعن المسيح بالحربة فخرج من جنبه دمٌ وماء. وهذا قد حيَّر لنجينوس،
خصوصاً بعد ما شاهده من إظلام الشمس والزلزال ثم غالباً كان هو من حراس القبر و
شاهِدْ على القيامة، وسأل الله أن يرشده عمن يكون المسيح فأرسل الله لهً بطرس
وبشره فآمن وترك الجندية وذهب إلى بلاده ليبشر بالمسيح، وسمع بيلاطس بهذا فأرسل
إلى طيباريوس قيصر الذي أمر بقطع رقبته و أستشهد لونجينوس وتُعَيِّدْ له الكنيسة
بذكرى استشهاده في يوم 23أبيب (السنكسار).
خروج الدم:
دم المسيح قدم
الصلح( كو20:1) + التقديس(عب29:10) + أن به نغلب(رؤ11:12) + وفيه الصفح عن الخطايا
السالفة(رو25:3)+ وبه نحصل علي التبرير المجانى(رو9:5) + وبه نغتسل من كل دنس و
تعدِّ ونصير أطهاراً أمام الله(رؤ5:1): وبهذا الدم يكون المسيح قد اشترانا من
العالم لحساب الله أبيه لنحيا معه(رؤ9:5)+ وبه نتطهر من جميع خطايانا(ايو7:1). فالفداء
والكفارة والخلاص كلهم يدورون حول الدم، الدم المسفوك من ذبيحة أكملت حتى الموت
التام، دماً حياً فيه قوة حياة أبدية، من ذبيحة إلهية ماتت موتاً إختيارياً وهي
بلا عيب ولا لوم. وكان العهد القديم يكرر أن الدم هو حياة ولذلك يمنع العهد القديم
شرب الدم نهائيا فالحياة، حياة الذبيحة هي لله (تك4:9+لا17:3+لا27:7). الدم كله
لله يرش تحت المذبح(لا2:3،8) إذاً خروج الدم إشارة للحياة، ولاشك فدم المسيح هو
بروح أزلي قدَّم لنا الصلح والفداء، هو ثمن مدفوع لله الآب عن خطايانا. ويوحنا فم
الذهب يقول أن الكنيسة تأسست بالدم والماء. فنحن نولد ثانية من الماء وطعامنا هو
جسد المسيح ودمه. ويقول فم الذهب إن من يشرب دم المسيح في سر الإفخارستيا فهو يشرب
من جنب المسيح المطعون. إذاً طعنة الجندي كانت لا لتميت المسيح فهو كان قد مات
قبلها، بل أظهرت وجود حياة تخرج من هذا الجسد المائت.
خروج الماء:
كان خروج الماء
من الصخرة حين ضربها موسى بالعصا رمزاً لخروج الماء من جنب المسيح. فالمسيح كان
الصخرة (1كو4:10). وهكذا يرمز الماء الذي خرج من تحت عتبة البيت (الهيكل) (حز1:47-12)
لهذا الماء الخارج من جنب المسيح.
ونلاحظ أن عصا
موسى كانت ترمز للصليب وللحربة التي بها ضرب المسيح. وبنفس المفهوم تنبأ يوئيل (18:3)
(السنط يشير للحياة بعيداً عن الرب)
إذاً ما هو
الماء؟ يقول السيد المسيح من آمن بي تخرج من بطنه أنهار ماء حي .. قال هذا عن
الروح القدس (يو38:7،39). إذاً كان خروج الماء من جنب المسيح أعظم تعبير عن الروح
الذي استعلن منسكباً من جسد المسيح الميت، فهو مات ليعطينا الروح القدس المحيى،
وهو وعد بأن يُرسِلهُ. إذاً كان الماء الذي خرج من جنب المسيح يحمل الحياة. والمعمودية
هي موت المسيح وقيامته وحياة مع المسيح، وهي إغتسال روحي بالماء الذي خرج من جنب
المسيح الميت الحامل للحياة، أي أننا إذ نموت معهُ ننال الحياة من سر الماء لنحيا
كما هو حي، وهذا معنى الولادة الجديدة (موت مع المسيح وحياة مع المسيح). فموت
الولادة اللحمية أي بالجسد ماته المسيح من أجلنا، حتى نجوز مباشرة بموته إلى
الولادة الثانية الروحية، أي نحيا معه، فهذا الماء الخارج من الجسد الميت هو ماء
محيى حامل الحياة الجديدة لنا، هو أعظم تعبير عن سر المعمودية. وقيل أن الماء يشير
للمعمودية العادية بينما أن الدم يشير لمعمودية الدم أي الإستشهاد من أجل المسيح.
الدم والماء:
هما معاً سر
إستبدال الموت بالحياة في الإغتسال بالماء الحي الخارج من جنب المسيح الميت إذ حين
ندفن مع المسيح في المعمودية نقوم معه متحدين به فتكون لنا حياة (رو3:6-5) والروح
القدس هو الذي يوحدنا بالمسيح في موته وقيامته عند نزولنا وخروجنا من الماء. وذلك
بعد الإنفكاك من أسر العبودية للخطية بالفداء بسر الدم الذي نبع من جنب المطعون أي
من الذبيحة الحية.
وأغسطينوس شبه
رقاد آدم ليصنع الله من ضلعه حواء، بموت المسيح على الصليب لتولد الكنيسة من جنبه
المطعون. لأنه لما عُلِّق المسيح على الصليب ومات وصار بلاحياة شابه آدم الراقد في
سبات. ولماّ طُعِنَ في جنبه خرج دمٌ وماء وهما السران الرئيسيان اللذان بنيت بهما
الكنيسة التي هي حواء الجديدة (المعمودية والإفخارستيا) ونلاحظ أنه في العهد
القديم كان الماء يستخدم لغسل الأدوات والآنية والأجساد للتطهير، والدم كان يرش
للتطهير (راجع مر4:7+عب19:9-22) لكن التطهير في العهد القديم كان للجسد من الخارج،
أماّ الدم والماء اللذان خرجا من جنب المسيح فهما للتطهير والتقديس الروحي
الداخلي، حتى الضمير (عب14:9+مت28:26). والماء صار ماءً للمعمودية لغسل الخطايا (أع16:22+تى5:3)
بل للدخول لملكوت الله (يو5:3). ونلاحظ أن يوحنا وضع الدم قبل الماء لأنه يجب
الإيمان والإعتراف بالدم المسفوك على الصليب قبل المعمودية.
ومن رسالة معلمنا
يوحنا الأولى (1يو8:5) نجد أن هناك ثلاث شهود هم الماء والدم والروح. الروح الذي
يعمل في الماء في سر المعمودية، والروح الذي يحول الخمر إلى دم في الإفخارستيا. والروح
القدس بعمله في المؤمنين بعد أن يلدهم من الماء ويعطيهم حياة وتقديس في الإفخارستيا
ويكرسهم ويخضعهم لله في سر الميرون يشهد في حياتهم للمسيح.
آية(35): "والذي
عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتؤمنوا انتم."
يوحنا يعلن أنه شاهد عيان وأنه بالروح القدس كان يرى الحقائق ويفهمها
آية(36): "لأن
هذا كان ليتم الكتاب القائل عظم لا يكسر منه."
(مز19:34،20)+ خروف الفصح لا يُكسر منه عظم. والله سبق وأخبر بما سيحدث حتى
يؤمن الجميع ولا يكون لهم عذر في عدم إيمانهم. ولتكمل ملامح خروف الفصح كان
الإسراع في نزول جسده من على الصليب = لا تبقوا منه إلي الصباح (خر10:12). والمعنى
الروحي لعدم كسر عظامه، أن كنيسته لا يستطيع أحد أن يفسدها. فعظم المسيح هو
كنيسته، هيكله
آية(37): "وأيضاً
يقول كتاب آخر سينظرون إلى الذي طعنوه."
إشارة إلى (زك10:12).
ولكن هناك من يطعنه بالتجديف والإنكار والخطيئة (رؤ7:1)
أين ذهب المسيح بعد موته؟
نقول في القداس
الباسيلى "نزل إلى الجحيم من قبل الصليب" فمن أين فهمنا هذه الحقيقة.
1-(أف8:4،9) "لذلك يقول إذ صَعِدَ إلى العلاء سبى سبياً وأعطى الناس
عطايا. وأماّ أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السفلي ..
هنا نرى المسيح نزل إلى أقسام الأرض السفلي (كناية عن الجحيم) ثم سبى سبياً (أخذ
نفوس الأبرار) وأعطى الناس عطايا (أخذهم للفردوس).
2-(1بط18:3،19) "فإن أيضاً المسيح تألم .. (انظر المزيد عن هذا الموضوع
هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). مماتاً في الجسد
ولكن محيى في الروح. الذي فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التي في السجن". فهو
بموته بالجسد ولكن بحياته فهو الحياة، ذهب للسجن (الجحيم) ليبشر الأبرار الذين
فيه، أن وجودهم في هذا الجحيم قد إنتهي وسيأخذهم للفردوس .. ثم إلى الملكوت الأبدي.
3-(زك11:9،12) "وأنتِ أيضاً فإني بدم عهدك (دم المسيح) قد أطلقت أسراكِ (الذين
رقدوا على الرجاء) من الجب (الجحيم) الذي ليس فيه ماء (قال الغنى لإبراهيم إرسل
لعازر ليبل لساني) إرجعوا إلي الحصن (المسيح) يا أسرى الرجاء (إسم الرب برج حصين
يركض إليه الصديق ويتمنع)
4-(أش7:42) "لتخرج من الحبس المأسورين، من بيت السجن الجالسين قي الظلمة"
5-(أش14:51) "سريعاً يطلق المنحنى ولا يموت في الجب"
6-(أش1:61) ".. لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق. إذاً ذهب
المسيح إلى الجحيم ليقود الأبرار الراقدين على رجاء ويصعد بهم إلى الفردوس وفتح
أبوابه وأدخلهم هناك ومعهم ديماس اللص اليمين.
لذلك يسمى يوم
السبت التالي للصليب بسبت النور، الذي أشرق فيه السيد المسيح على الجالسين في
الظلمة وظلال الموت (اش2:9+مت16:4)
إذ كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن يوم ذلك السبت كان
عظيماً سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا."
استعداد= كل يوم
جمعة أسمه إستعداد. وكان هذا السبت عظيماً لأنه يوم الفصح. ولكنه صار عظيماً إذ
دخل المسيح فيه إلى راحته وأدخلنا معه للراحة. وكان الرومان إمعاناً في التشهير
بالمجرمين يصلبون المصلوب عارياً تماماً ولكن اليهود منعوا ذلك فكانوا يسترون
المصلوب وحرّموا صلب المصلوب عارياً تماماً. وكان الرومان يتركون الجثة على الصليب
لأيام حتى تفتك بها الطيور عبرة لكل مجرم ولزيادة هيبة القانون. ولكن الناموس
اليهودي يمنع ذلك (تث23:21). ولذلك ذهب اليهود لبيلاطس يطالبون بكسر سيقان الكل
حتى لا تبقى الأجساد على الصلبان، فهم يبحثون هنا عن تتميم حرفية الناموس خصوصاً
أن هذا السبت كان يوم الفصح، وكان سبت فلا يصح أن تترك في نظرهم الأجساد عل
الصلبان. ولكن غالباً كان هذا مزيد من التشفي من المسيح ولضمان موته. وكانوا
يكسرون السيقان بمطرقة خشبية ثقيلة، وهو عمل وحشي لا يطيق الإنسان النظر إليه. والمصلوب
قد يبقى على الصليب لأيام ينازع الموت لكن بتكسير السيقان يموت سريعاً. ولذلك تعجب
بيلاطس أنه مات سريعاً على غير العادة. وإذا لم يمت المصلوب بتكسير ساقيه طعنوه
بحربة في القلب وهنا ما فعلوه مع المسيح ليطمئنوا أنه مات. لكن ما حدث كان بترتيب
إلهي ليخرج الدم والماء فنري أن جسد المسيح بالرغم من موته كان فيه حياة لإتحاده
باللاهوت.
آية(32): "فآتى
العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه."
كان لكل مصلوب حارس، وحارسا اللصين تقدما وكسرا أقدامهما أولاً.
آية(33): "وأما
يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات."
الإنسان بطبيعته
يتعلق بالحياة فيقاوم الموت لذلك يصارع الإنسان الموت ويبقى معلقاً على الصليب
فترة طويلة، أماّ المسيح فإذ أكمل مهمته أسلم روحه سريعاً إذ هو غير متعلق بالأرض،
بل هو مشتاق أن يذهب ليكرز للأرواح التي في السجن ويخرج من كانوا في الجحيم (1بط19:3).
آية(34): "لكن
واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء."
(زك10:12) هم طعنوه ليتأكدوا من موته. وبطعنة هذا العسكري تحققت النبوة
أولاً وتحقق الجميع أن المسيح مات فعلاً فلا يقول اليهود حينما يقوم المسيح أنه
كان فاقداً لوعيه. وللوقت حينما طعنه العسكري خرج دم وماء خرج دم حي خلافاً لما قد
ينزل من أي إنسان ميت حين يطعن والميت يتجمد الدم في عروقه. وخرج مع الدم ماءٌ
نقى، والميت لا يخرج منه ماء نقى. إذاً خروج دم وماء من جسد ميت يخالف طبيعة
الإنسان. وهذا فيه إشارة واضحة أن الجسد مات ولكن لم يَرَ فساداً. وبالتالي فهو
جسد إبن الله حقاً. وبسبب ما حدث نمزج في كأس الإفخارستيا ماء مع الخمر. نحن هنا
أمام صورة ذبيحة حية فما أمامنا يخالف الموت الطبيعي وعلاماته، هي ذبيحة حية ناطقة
على المذبح الناطق السمائي تعلن أن الفداء قد تم والعقوبة استكملت، ومات الحي الذي
لا يموت. وكانت الحياة في هذا الجسد الميت راجعة لأن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته
لحظة واحدة ولا طرفة عين، لكن الروح الإنسانية فارقته، وظل لاهوته متحد بناسوته في
القبر، ولاهوته متحد بروحه الإنسانية التي ذهبت للجحيم لتفرج عن المحبوسين وتنطلق
بهم إلى الفردوس.
كان موت المسيح
كما شبهه داود كنائم ثمل من الخمر (مز65:78،66). إذاً خروج الدم والماء من جنبه
يلزم أن يُعتبر كعلامة حياة وسط الموت. فبينما كان ميتاً على الصليب كان حياً
بلاهوته فلاهوته ظل متحداً بناسوته حتى بعد أن مات. وهذا ما أعطى لناسوته حياة. ونلاحظ
أن الذي إهتم بتسجيل هذه الحادثة هو يوحنا الذي كتب إنجيله ليثبت أن المسيح هو إبن
الله، فهو يثبت لاهوته ويهتم بالأحداث التي تثبت لاهوته، خصوصاً أنه هو وحده الذي
كان بجانب الصليب ورأى خروج الدم والماء من جنب المسيح.
لنجينوس:
هذا هو إسم
الجندي الذي طعن المسيح بالحربة فخرج من جنبه دمٌ وماء. وهذا قد حيَّر لنجينوس،
خصوصاً بعد ما شاهده من إظلام الشمس والزلزال ثم غالباً كان هو من حراس القبر و
شاهِدْ على القيامة، وسأل الله أن يرشده عمن يكون المسيح فأرسل الله لهً بطرس
وبشره فآمن وترك الجندية وذهب إلى بلاده ليبشر بالمسيح، وسمع بيلاطس بهذا فأرسل
إلى طيباريوس قيصر الذي أمر بقطع رقبته و أستشهد لونجينوس وتُعَيِّدْ له الكنيسة
بذكرى استشهاده في يوم 23أبيب (السنكسار).
خروج الدم:
دم المسيح قدم
الصلح( كو20:1) + التقديس(عب29:10) + أن به نغلب(رؤ11:12) + وفيه الصفح عن الخطايا
السالفة(رو25:3)+ وبه نحصل علي التبرير المجانى(رو9:5) + وبه نغتسل من كل دنس و
تعدِّ ونصير أطهاراً أمام الله(رؤ5:1): وبهذا الدم يكون المسيح قد اشترانا من
العالم لحساب الله أبيه لنحيا معه(رؤ9:5)+ وبه نتطهر من جميع خطايانا(ايو7:1). فالفداء
والكفارة والخلاص كلهم يدورون حول الدم، الدم المسفوك من ذبيحة أكملت حتى الموت
التام، دماً حياً فيه قوة حياة أبدية، من ذبيحة إلهية ماتت موتاً إختيارياً وهي
بلا عيب ولا لوم. وكان العهد القديم يكرر أن الدم هو حياة ولذلك يمنع العهد القديم
شرب الدم نهائيا فالحياة، حياة الذبيحة هي لله (تك4:9+لا17:3+لا27:7). الدم كله
لله يرش تحت المذبح(لا2:3،8) إذاً خروج الدم إشارة للحياة، ولاشك فدم المسيح هو
بروح أزلي قدَّم لنا الصلح والفداء، هو ثمن مدفوع لله الآب عن خطايانا. ويوحنا فم
الذهب يقول أن الكنيسة تأسست بالدم والماء. فنحن نولد ثانية من الماء وطعامنا هو
جسد المسيح ودمه. ويقول فم الذهب إن من يشرب دم المسيح في سر الإفخارستيا فهو يشرب
من جنب المسيح المطعون. إذاً طعنة الجندي كانت لا لتميت المسيح فهو كان قد مات
قبلها، بل أظهرت وجود حياة تخرج من هذا الجسد المائت.
خروج الماء:
كان خروج الماء
من الصخرة حين ضربها موسى بالعصا رمزاً لخروج الماء من جنب المسيح. فالمسيح كان
الصخرة (1كو4:10). وهكذا يرمز الماء الذي خرج من تحت عتبة البيت (الهيكل) (حز1:47-12)
لهذا الماء الخارج من جنب المسيح.
ونلاحظ أن عصا
موسى كانت ترمز للصليب وللحربة التي بها ضرب المسيح. وبنفس المفهوم تنبأ يوئيل (18:3)
(السنط يشير للحياة بعيداً عن الرب)
إذاً ما هو
الماء؟ يقول السيد المسيح من آمن بي تخرج من بطنه أنهار ماء حي .. قال هذا عن
الروح القدس (يو38:7،39). إذاً كان خروج الماء من جنب المسيح أعظم تعبير عن الروح
الذي استعلن منسكباً من جسد المسيح الميت، فهو مات ليعطينا الروح القدس المحيى،
وهو وعد بأن يُرسِلهُ. إذاً كان الماء الذي خرج من جنب المسيح يحمل الحياة. والمعمودية
هي موت المسيح وقيامته وحياة مع المسيح، وهي إغتسال روحي بالماء الذي خرج من جنب
المسيح الميت الحامل للحياة، أي أننا إذ نموت معهُ ننال الحياة من سر الماء لنحيا
كما هو حي، وهذا معنى الولادة الجديدة (موت مع المسيح وحياة مع المسيح). فموت
الولادة اللحمية أي بالجسد ماته المسيح من أجلنا، حتى نجوز مباشرة بموته إلى
الولادة الثانية الروحية، أي نحيا معه، فهذا الماء الخارج من الجسد الميت هو ماء
محيى حامل الحياة الجديدة لنا، هو أعظم تعبير عن سر المعمودية. وقيل أن الماء يشير
للمعمودية العادية بينما أن الدم يشير لمعمودية الدم أي الإستشهاد من أجل المسيح.
الدم والماء:
هما معاً سر
إستبدال الموت بالحياة في الإغتسال بالماء الحي الخارج من جنب المسيح الميت إذ حين
ندفن مع المسيح في المعمودية نقوم معه متحدين به فتكون لنا حياة (رو3:6-5) والروح
القدس هو الذي يوحدنا بالمسيح في موته وقيامته عند نزولنا وخروجنا من الماء. وذلك
بعد الإنفكاك من أسر العبودية للخطية بالفداء بسر الدم الذي نبع من جنب المطعون أي
من الذبيحة الحية.
وأغسطينوس شبه
رقاد آدم ليصنع الله من ضلعه حواء، بموت المسيح على الصليب لتولد الكنيسة من جنبه
المطعون. لأنه لما عُلِّق المسيح على الصليب ومات وصار بلاحياة شابه آدم الراقد في
سبات. ولماّ طُعِنَ في جنبه خرج دمٌ وماء وهما السران الرئيسيان اللذان بنيت بهما
الكنيسة التي هي حواء الجديدة (المعمودية والإفخارستيا) ونلاحظ أنه في العهد
القديم كان الماء يستخدم لغسل الأدوات والآنية والأجساد للتطهير، والدم كان يرش
للتطهير (راجع مر4:7+عب19:9-22) لكن التطهير في العهد القديم كان للجسد من الخارج،
أماّ الدم والماء اللذان خرجا من جنب المسيح فهما للتطهير والتقديس الروحي
الداخلي، حتى الضمير (عب14:9+مت28:26). والماء صار ماءً للمعمودية لغسل الخطايا (أع16:22+تى5:3)
بل للدخول لملكوت الله (يو5:3). ونلاحظ أن يوحنا وضع الدم قبل الماء لأنه يجب
الإيمان والإعتراف بالدم المسفوك على الصليب قبل المعمودية.
ومن رسالة معلمنا
يوحنا الأولى (1يو8:5) نجد أن هناك ثلاث شهود هم الماء والدم والروح. الروح الذي
يعمل في الماء في سر المعمودية، والروح الذي يحول الخمر إلى دم في الإفخارستيا. والروح
القدس بعمله في المؤمنين بعد أن يلدهم من الماء ويعطيهم حياة وتقديس في الإفخارستيا
ويكرسهم ويخضعهم لله في سر الميرون يشهد في حياتهم للمسيح.
آية(35): "والذي
عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتؤمنوا انتم."
يوحنا يعلن أنه شاهد عيان وأنه بالروح القدس كان يرى الحقائق ويفهمها
آية(36): "لأن
هذا كان ليتم الكتاب القائل عظم لا يكسر منه."
(مز19:34،20)+ خروف الفصح لا يُكسر منه عظم. والله سبق وأخبر بما سيحدث حتى
يؤمن الجميع ولا يكون لهم عذر في عدم إيمانهم. ولتكمل ملامح خروف الفصح كان
الإسراع في نزول جسده من على الصليب = لا تبقوا منه إلي الصباح (خر10:12). والمعنى
الروحي لعدم كسر عظامه، أن كنيسته لا يستطيع أحد أن يفسدها. فعظم المسيح هو
كنيسته، هيكله
آية(37): "وأيضاً
يقول كتاب آخر سينظرون إلى الذي طعنوه."
إشارة إلى (زك10:12).
ولكن هناك من يطعنه بالتجديف والإنكار والخطيئة (رؤ7:1)
أين ذهب المسيح بعد موته؟
نقول في القداس
الباسيلى "نزل إلى الجحيم من قبل الصليب" فمن أين فهمنا هذه الحقيقة.
1-(أف8:4،9) "لذلك يقول إذ صَعِدَ إلى العلاء سبى سبياً وأعطى الناس
عطايا. وأماّ أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السفلي ..
هنا نرى المسيح نزل إلى أقسام الأرض السفلي (كناية عن الجحيم) ثم سبى سبياً (أخذ
نفوس الأبرار) وأعطى الناس عطايا (أخذهم للفردوس).
2-(1بط18:3،19) "فإن أيضاً المسيح تألم .. (انظر المزيد عن هذا الموضوع
هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). مماتاً في الجسد
ولكن محيى في الروح. الذي فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التي في السجن". فهو
بموته بالجسد ولكن بحياته فهو الحياة، ذهب للسجن (الجحيم) ليبشر الأبرار الذين
فيه، أن وجودهم في هذا الجحيم قد إنتهي وسيأخذهم للفردوس .. ثم إلى الملكوت الأبدي.
3-(زك11:9،12) "وأنتِ أيضاً فإني بدم عهدك (دم المسيح) قد أطلقت أسراكِ (الذين
رقدوا على الرجاء) من الجب (الجحيم) الذي ليس فيه ماء (قال الغنى لإبراهيم إرسل
لعازر ليبل لساني) إرجعوا إلي الحصن (المسيح) يا أسرى الرجاء (إسم الرب برج حصين
يركض إليه الصديق ويتمنع)
4-(أش7:42) "لتخرج من الحبس المأسورين، من بيت السجن الجالسين قي الظلمة"
5-(أش14:51) "سريعاً يطلق المنحنى ولا يموت في الجب"
6-(أش1:61) ".. لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق. إذاً ذهب
المسيح إلى الجحيم ليقود الأبرار الراقدين على رجاء ويصعد بهم إلى الفردوس وفتح
أبوابه وأدخلهم هناك ومعهم ديماس اللص اليمين.
لذلك يسمى يوم
السبت التالي للصليب بسبت النور، الذي أشرق فيه السيد المسيح على الجالسين في
الظلمة وظلال الموت (اش2:9+مت16:4)