شجرة التين غير المثمرة مت18:21،19،[20-22]
+ مر12:11-14
هناك عدة تساؤلات في موضوع التينة
1- المسيح
هنا جاع وطلب أن يأكل من شجرة تين رأى أوراقها عليها خضراء ولماّ لم يجد ثمراً
لعنها فيبست!! والسؤال هل هذا الموقف يمكن تفسيره بطريقة بسيطة؟ وهل المسيح الذي صام
من قبل 40يوماً ورفض أن يطلب من الآب أن يُحوِّل له الحجارة خبزاً، حينما لا يجد
تيناً على الشجرة يلعنها لأنه جائع.
2- والأعجب أن الوقت ليس وقت إثمار التين (مر13:11).
من هذين السؤالين نفهم أنه
لا يمكن تفسير هذه القصة إلاّ رمزياً. فشجرة التين تشير لإسرائيل (لو6:13-9+ هو10:9+
يؤ7:1+ يه12). فالمسيح لا يشبع من التين بل من الثمار الروحية المباركة التي يراها
في المؤمنين (يو31:14-35). ومنها نفهم أن المسيح يفرح بإيمان البشر، هذا ما يشبعه +
أش11:53). وكان المسيح يتمنى أن يؤمن به اليهود فيشبع ولكنه كان يعلن أنهم لن
يؤمنوا، فهذا ليس وقت إثمار شجرة التين اليهودية. والمسيح لعنها إشارة لهدم القديم
لتقوم شجرة التين المسيحية أي الكنيسة، ينتهي عهد قديم ليبدأ عهد جديد. لا يمكن أن
تقوم مملكة السيد إلاّ بهدم مملكة الظلمة. ولاحظ أن لعن الأمة اليهودية كان بسبب
عدم إيمانهم بالمسيح وصلبهم للسيد. بعد أن قدَّم لهم السيد كل إمكانيات الإثمار من
ناموس وشريعة وأنبياء. لكنهم ظل لهم الورق، أي منظراً حلواً فهم لهم طقوسهم
وهيكلهم وناموسهم لكنهم للأسف بدون ثمار، والثمار التي يريدها الله هي إيمانهم
وأعمالهم الصالحة. والأوراق بدون ثمر تشير للرياء والرياء هو أن يظهر الإنسان غير
ما يبطن مثل من له صورة التقوى ولكنه ينكر قوتها وهو بلا ثمر (2تي5:3). وتذكرنا
أوراق التين، بما فعله آدم حين غطى نفسه بأوراق تين فلم تستره، لكن الله قدًّم له
الحل في ذبيحة تشير لذبيحة المسيح وستره بها. وهذا يعني أن كل من يحاول أن يستر
نفسه بأعمال تدين ظاهري دون ثمار إيمان داخلية، إيمان بصليب المسيح وفدائه يكون قد
فعل كآدم ولم يستر نفسه. علينا أن نعترف بخطايانا ولا نكابر كآدم فيستر المسيح علينا.
قارن (مت19:21 مع مر20:11) فنرى
أن متى قال أنها يبست في الحال بينما أن مرقس يذكر أنهم رأوا هذا في الغد فما
تفسير ذلك؟!
هذا يذكرنا بأن الله قال
لآدم "يوم تأكل.. تموت" ولكنه عاش أكثر من 900سنة وبهذا نفهم أن وقت أن
لعن السيد التينة إنقطع عنها تيار الحياة ولكن بدأ يظهر عليها هذا الإنحلال في غد
الثلاثاء. (هذا يشبه من يقول أنه لو تم فصل التيار الكهربي عن مروحة لابد وستقف،
ولكنها حين نفصل التيار تظل دائرة لمدة بسيطة ثم تقف) هكذا في موضوع آدم فهو يوم
أخطأ بدأ يسرى فيه تيار الموت والإنحلال ومات بعد مدة، ويوم لعن السيد التينة
إنقطع عنها تيار الحياة وقوة الحياة في الحال وظهر عليها علامات الموت في اليوم
التالي.
وهذا ما حدث مع اليهود فهم
يوم صلبوا المسيح لُعِنوا وإنقطع عنهم تيار بركة الله وحمايته وظهر هذا بعد أقل من
40سنة على يد تيطس حين خرّب أورشليم وهكذا كل إنسان يخطئ تسرى فيه عوامل الموت
فوراً وإذا لم يقدم توبة ويتناول ليحيا، ستظهر عليه علامات الخراب سريعاً.
والعكس فمن يكون في خطيته
محروماً من بركة الله فحينما يقدم توبة ستعود له هذه البركات بالتأكيد حتى وإن
تأخرت (حب17:3،18).(مت18:21-22)
آية (21): "فأجاب يسوع
وقال لهم الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان ولا تشكون فلا تفعلون أمر التينة فقط بل
إن قلتم أيضاً لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون."
لقد جفت تينة اليهود بسبب
عدم إيمانهم، ولكن بإيمان الأمم إنطرح الجبل الحقيقي وإنطرح وسط بحر الأمم (أش6:49).
ونحن إن كان لنا الإيمان بالسيد المسيح سيجفف تينة إنساننا العتيق، ويدخل إلى
داخلنا كما ينطرح الجبل في البحر ليكون خلاص لنا. بالإيمان ننعم بكل شئ في المسيح
يسوع مادمنا نناله فينا.
آية (22): "وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه."
فمن يطلب وهو متشكك لا
يستجاب له.. ولكن إن كان لنا إيمان قدر حبة الخردل ووقفنا نصلي يستجيب الله فيزداد
إيماننا، فنصلي بإيمان أكثر وحينما يستجيب يتزايد وينمو إيماننا وينزاح وينطرح جبل
الشك في البحر ونصير مؤمنين فالله يداوي ويعالج عدم أو ضعف إيماننا.
ملاحظات على موضوع التينة :·
إنتشرت وسط اليهود أيام المسيح أفكار وثنية
مفادها أن هناك إله للخير وإله للشر، وفي موضوع لعن التينة نرى أن المسيح يلعن
التينة وكانت المرة الأولى والوحيدة التي تخرج من فم الرب يسوع كلمات لعنة، وهو
بهذا أظهر أن هناك إله واحد يجازي بالخير ويدين أيضاً ويعاقب بالشرور، هو القادر
على كل شئ فهو يقيم لعازر من الأموات وهو يعلن الأمة اليهودية التي لها مظهر
التدين لكنها بلا ثمر، وسيصل شرهم لأن يصلبوه. وطالما أظهر قدرته على فعل الخير
وإلحاق الشر بمن يريد، فهو كان قادراً أن يلحق الشر بصالبيه والجنود الذين أتوا
ليلاً ليلقوا القبض عليه لكنه لم يريد وسلَّم نفسه طواعية وهو القادر.·
التلاميذ رأوا صباح الثلاثاء التينة يابسة وبعد
دقائق سألوا المسيح عن علامات الأياّم الأخيرة فقال لهم أن إحدى العلامات "أن
شجرة التين يصبح ورقها أخضر، وربما نفهم هذا عن الأمة اليهودية التي ظلت في خراب
حوالي 2000سنة وبدأت منذ سنوات تظهر كدولة مرة أخرى. (راجع مت 24).
تطهير الهيكل
مت12:21-17 + مر11:11،15-19+
لو45:19-48+ 37:21،38·
في بداية خدمة السيد المسيح طهَّرَ الهيكل (يو14:2-17).
وهنا نسمع أنه يكرر تطهير الهيكل. ولكن نلاحظ فرقاً واضحاً بين متى ومرقس في ترتيب
الأحداث فالإنجيلي متى يورد القصة كأنها حدثت بعد دخول المسيح إلى أورشليم مباشرة.
أما مرقس فيذكر التفاصيل بصورة دقيقة. ففي يوم الأحد، يوم الشعانين عقب دخول السيد
المسيح إلى أورشليم إتجه مباشرة للهيكل (مر11:11). ولم يفعل شيئاً سوى أنه نظر
حوله إلى كل شئ. ثم نجد أن المسيح يذهب للهيكل صباحاً وفي طريقه إلى الهيكل لعن
شجرة التين ثم ذهب للهيكل لتطهيره (مر15:11-19). ولا يوجد تناقض في هذا فمتى يكتب
لليهود ويقدم لهم المسيح على أنه إبن داود الملك الذي دخل أورشليم كملك وإتجه مباشرة
إلى هيكله ليطهره، هنا متى لا يهتم بالترتيب الزمني بل بالمعنى أو الهدف من دخول
أورشليم أن يذهب المسيح كملك إلى قصره. فكل ملك يدخل إلى قصره ولكن لأن المسيح ملك
سماوي، بل هو الله فقصره هو الهيكل بيت الله أبيه. أمّا مرقس فأورد القصة في
مكانها الزمني ولكن بطريقة تسترعى الإنتباه فهو دخل للهيكل عقب دخوله أورشليم
مباشرة كما قال متى، ولكنه لم يفعل شيئاً سوى أنه نظر كأنه يعاتب، ألم أطهر هذا
المكان من قبل، ما الذي حدث إذن؟ وترك الهيكل ومضى. ولكنه في الغد أتى وطهًّره
بطريقة شديدة. وهكذا مع كل منّا قبل أن يطهر المسيح حياتنا بعنف يعاتب ويحذر ثم
يتدخل بعنف.
(مت12:21-17)
متى يورد القصة مباشرة بعد
دخول المسيح أورشليم، فمتى يريد أن يشير لملك المسيح الروحي على قلوبنا، فحين يدخل
قلوبنا يطهرها ويملك عليها فهو الملك الإلهي. فإذ يدخل الرب أورشليمنا الداخلية
إنما يدخل إلى مقدسه، يقوم بنفسه بتطهيره. والسوط الذي يستخدمه قد يكون صوت الروح
القدس الذي يبكت على خطية وقد يكون بعض التجارب والآلام.
آية (12): "ودخل يسوع
إلى هيكل الله واخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد
الصيارفة وكراسي باعة الحمام."
يبيعون ويشترون= كانت هناك
أماكن مخصصة لتغيير العملة ليدفع منها العابدين الجزية (ضريبة نصف الشاقل المقررة
على كل يهودي. والشاقل هو العملة اليهودية وهي بدون صور)، ولما كان أناس يهود
يأتون من كل العالم ومعهم عملاتهم كان لابد من تغييرها بالعملة المحلية. (انظر المزيد
عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وكانوا
يبيعون الطيور لتقديمها كذبائح ولكن الموضوع تطور ليصير تجارة تدر عائداً ضخماً
على حنان وقيافا بل أن المكان الذي كان مخصصاً لصلاة الأتقياء من الأمم خصصوه
للتجارة. ويرى البعض أنهم كانوا يقدمون قروض في مقابل هدايا عينية إذ أن الربا
ممنوع. بل صاروا يتاجرون في كل شئ في الهيكل.
آية (13): "وقال لهم
مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة لصوص."
(أش7:56+ أر11:7+
1مل29:8+ نح17:11)
آية (14): "وتقدم إليه
عمي وعرج في الهيكل فشفاهم."
هذا هو المسيح الذي أتى
ليشفي ويطهر ليعدنا للملكوت السماوي.
آية (15): "فلما رأى
رؤساء الكهنة والكتبة العجائب التي صنع والأولاد يصرخون في الهيكل ويقولون أوصنا
لابن داود غضبوا."
عجيب أن يصنع السيد المسيح
ما فعله في الهيكل وهو شخص وحيد منبوذ بلا إعتبار، مكروه من رؤساء الكهنة والكهنة،
بل هو في قلبه لموائد باعة الحمام والصيارفة يهاجم مصالح رؤساء الكهنة المادية
وشاهدوا دمار مكاسبهم. ولكن يبدو أن جلالاً إلهياً كان يبدو على ملامحه ونظراته
أرعبتهم فسكتوا، ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً سوى أنهم غضبوا. وفي المقابل اكتشف
الأطفال في براءتهم حلاوة وجهه ففرحوا به وسبحوا، أمّا من أعمتهم شهوات قلوبهم
فرأوا فيه إنساناً مُضِّلاً للشعب. والأطفال لم يفهموا ما يقولونه لكنهم كانوا
يرددون ما سمعوه من الكبار بالأمس= أوصنا لإبن داود. الأطفال الذين بلا معرفة
إنفتح قلبهم وسبحوا أمّا دارسي النبوات فإنغلق قلبهم وعيونهم فلم يروا. والذي يريد
أن يعرف كيف يسبح عليه أن يرجع ويصير مثل الأطفال في بساطتهم وبراءتهم وتصديقهم
لما يسمعونه.
آية (16): "وقالوا له
أتسمع ما يقول هؤلاء فقال لهم يسوع نعم أما قرأتم قط من أفواه الأطفال و لرضع هيأت
تسبيحاً."
(مز2:8) أما
الحكماء في أعين أنفسهم كالفريسيين فستكون لهم النبوات مجرد معلومات غير مفرحة ولا
معزية.
(مر11:11،15-17)
آية (11): "فدخل يسوع
أورشليم والهيكل ولما نظر حوله إلى كل شيء إذ كان الوقت قد أمسى خرج إلى بيت عنيا
مع الإثني عشر."
نظر كل شئ= هو الإله الغيور
الذي لا يطيق في بيته فساداً أو شراً، بل عيناه تجولان وتفحصان كل شئ لتفرز
المقدسات عن النجاسات وتطرد الأخيرة. والمسيح ينظر ويحذر ويعاتب وينذر قبل أن يمسك
السوط ليؤدب ويطهر. ونلاحظ أن المسيح الوديع نراه حازماً كل الحزم مع من يفسد هيكله
(1كو17:3). ونلاحظ أننا هياكل الله والروح القدس يسكن فينا (1كو16:3).
آية (15): "وجاءوا إلى
أورشليم ولما دخل يسوع الهيكل أبتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل
وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام."
نلاحظ أن المسيح بعد ذلك
بأيام إستسلم لصالبيه بلا مقاومة، بينما نراه هنا يستخدم سلطانه في غضب ضد الذين
أفقدوا الهيكل قدسيته. إذاً هو له القدرة أن يفعل هذا مع صالبيه ولكنه بإرادته لم
يفعل.
آية (16): "ولم يدع
أحداً يجتاز الهيكل بمتاع."
تحول رواق الأمم إلى سوق. وصار
كل من يريد أن يعبر من المدينة إلى جبل الزيتون، عوضاً عن الدوران حول الهيكل، كان
يعبر من داخل دار الأمم أو رواق الأمم، فحُرِم الأمم الأتقياء من وجود مكان لهم
للصلاة في الهيكل. والمسيح منع الناس من إستخدام الهيكل كممر أو معبر.
آية (18): "وسمع الكتبة
ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لأنهم خافوه إذ بهت الجمع كله من تعليمه."
لاحظ أن قوة غربية كانت تخرج
منه فخافوه ويقول البعض أن وجهه أنار.
(لو45:19-48):
"ولما دخل الهيكل أبتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه. قائلاً لهم
مكتوب أن بيتي بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص. وكان يعلم كل يوم في الهيكل
وكان رؤساء الكهنة والكتبة مع وجوه الشعب يطلبون أن يهلكوه. ولم يجدوا ما يفعلون
لأن الشعب كله كان متعلقاً به يسمع منه."
لاحظ أن عمل التطهير يشمل
عملين [1] عمل سلبي فيه طرد الرب الباعة وطهر الهيكل [2] عمل إيجابي قام فيه الرب
بالتعليم.
تعليق على الآية (مر17:11)
حين دشن سليمان بيت الله صلى
أن يستجيب الله كل صلاة توجه من هذا المكان والرب قال له قد سمعت صلاتك (1مل30:8،35،38،41،42+
1مل3:9) أما الكهنة ورؤساء الكهنة فكانوا يتاجرون ويسلبون ما استطاعوا سلبه من
عطايا الناس.
+ مر12:11-14
هناك عدة تساؤلات في موضوع التينة
1- المسيح
هنا جاع وطلب أن يأكل من شجرة تين رأى أوراقها عليها خضراء ولماّ لم يجد ثمراً
لعنها فيبست!! والسؤال هل هذا الموقف يمكن تفسيره بطريقة بسيطة؟ وهل المسيح الذي صام
من قبل 40يوماً ورفض أن يطلب من الآب أن يُحوِّل له الحجارة خبزاً، حينما لا يجد
تيناً على الشجرة يلعنها لأنه جائع.
2- والأعجب أن الوقت ليس وقت إثمار التين (مر13:11).
من هذين السؤالين نفهم أنه
لا يمكن تفسير هذه القصة إلاّ رمزياً. فشجرة التين تشير لإسرائيل (لو6:13-9+ هو10:9+
يؤ7:1+ يه12). فالمسيح لا يشبع من التين بل من الثمار الروحية المباركة التي يراها
في المؤمنين (يو31:14-35). ومنها نفهم أن المسيح يفرح بإيمان البشر، هذا ما يشبعه +
أش11:53). وكان المسيح يتمنى أن يؤمن به اليهود فيشبع ولكنه كان يعلن أنهم لن
يؤمنوا، فهذا ليس وقت إثمار شجرة التين اليهودية. والمسيح لعنها إشارة لهدم القديم
لتقوم شجرة التين المسيحية أي الكنيسة، ينتهي عهد قديم ليبدأ عهد جديد. لا يمكن أن
تقوم مملكة السيد إلاّ بهدم مملكة الظلمة. ولاحظ أن لعن الأمة اليهودية كان بسبب
عدم إيمانهم بالمسيح وصلبهم للسيد. بعد أن قدَّم لهم السيد كل إمكانيات الإثمار من
ناموس وشريعة وأنبياء. لكنهم ظل لهم الورق، أي منظراً حلواً فهم لهم طقوسهم
وهيكلهم وناموسهم لكنهم للأسف بدون ثمار، والثمار التي يريدها الله هي إيمانهم
وأعمالهم الصالحة. والأوراق بدون ثمر تشير للرياء والرياء هو أن يظهر الإنسان غير
ما يبطن مثل من له صورة التقوى ولكنه ينكر قوتها وهو بلا ثمر (2تي5:3). وتذكرنا
أوراق التين، بما فعله آدم حين غطى نفسه بأوراق تين فلم تستره، لكن الله قدًّم له
الحل في ذبيحة تشير لذبيحة المسيح وستره بها. وهذا يعني أن كل من يحاول أن يستر
نفسه بأعمال تدين ظاهري دون ثمار إيمان داخلية، إيمان بصليب المسيح وفدائه يكون قد
فعل كآدم ولم يستر نفسه. علينا أن نعترف بخطايانا ولا نكابر كآدم فيستر المسيح علينا.
قارن (مت19:21 مع مر20:11) فنرى
أن متى قال أنها يبست في الحال بينما أن مرقس يذكر أنهم رأوا هذا في الغد فما
تفسير ذلك؟!
هذا يذكرنا بأن الله قال
لآدم "يوم تأكل.. تموت" ولكنه عاش أكثر من 900سنة وبهذا نفهم أن وقت أن
لعن السيد التينة إنقطع عنها تيار الحياة ولكن بدأ يظهر عليها هذا الإنحلال في غد
الثلاثاء. (هذا يشبه من يقول أنه لو تم فصل التيار الكهربي عن مروحة لابد وستقف،
ولكنها حين نفصل التيار تظل دائرة لمدة بسيطة ثم تقف) هكذا في موضوع آدم فهو يوم
أخطأ بدأ يسرى فيه تيار الموت والإنحلال ومات بعد مدة، ويوم لعن السيد التينة
إنقطع عنها تيار الحياة وقوة الحياة في الحال وظهر عليها علامات الموت في اليوم
التالي.
وهذا ما حدث مع اليهود فهم
يوم صلبوا المسيح لُعِنوا وإنقطع عنهم تيار بركة الله وحمايته وظهر هذا بعد أقل من
40سنة على يد تيطس حين خرّب أورشليم وهكذا كل إنسان يخطئ تسرى فيه عوامل الموت
فوراً وإذا لم يقدم توبة ويتناول ليحيا، ستظهر عليه علامات الخراب سريعاً.
والعكس فمن يكون في خطيته
محروماً من بركة الله فحينما يقدم توبة ستعود له هذه البركات بالتأكيد حتى وإن
تأخرت (حب17:3،18).(مت18:21-22)
آية (21): "فأجاب يسوع
وقال لهم الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان ولا تشكون فلا تفعلون أمر التينة فقط بل
إن قلتم أيضاً لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون."
لقد جفت تينة اليهود بسبب
عدم إيمانهم، ولكن بإيمان الأمم إنطرح الجبل الحقيقي وإنطرح وسط بحر الأمم (أش6:49).
ونحن إن كان لنا الإيمان بالسيد المسيح سيجفف تينة إنساننا العتيق، ويدخل إلى
داخلنا كما ينطرح الجبل في البحر ليكون خلاص لنا. بالإيمان ننعم بكل شئ في المسيح
يسوع مادمنا نناله فينا.
آية (22): "وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه."
فمن يطلب وهو متشكك لا
يستجاب له.. ولكن إن كان لنا إيمان قدر حبة الخردل ووقفنا نصلي يستجيب الله فيزداد
إيماننا، فنصلي بإيمان أكثر وحينما يستجيب يتزايد وينمو إيماننا وينزاح وينطرح جبل
الشك في البحر ونصير مؤمنين فالله يداوي ويعالج عدم أو ضعف إيماننا.
ملاحظات على موضوع التينة :·
إنتشرت وسط اليهود أيام المسيح أفكار وثنية
مفادها أن هناك إله للخير وإله للشر، وفي موضوع لعن التينة نرى أن المسيح يلعن
التينة وكانت المرة الأولى والوحيدة التي تخرج من فم الرب يسوع كلمات لعنة، وهو
بهذا أظهر أن هناك إله واحد يجازي بالخير ويدين أيضاً ويعاقب بالشرور، هو القادر
على كل شئ فهو يقيم لعازر من الأموات وهو يعلن الأمة اليهودية التي لها مظهر
التدين لكنها بلا ثمر، وسيصل شرهم لأن يصلبوه. وطالما أظهر قدرته على فعل الخير
وإلحاق الشر بمن يريد، فهو كان قادراً أن يلحق الشر بصالبيه والجنود الذين أتوا
ليلاً ليلقوا القبض عليه لكنه لم يريد وسلَّم نفسه طواعية وهو القادر.·
التلاميذ رأوا صباح الثلاثاء التينة يابسة وبعد
دقائق سألوا المسيح عن علامات الأياّم الأخيرة فقال لهم أن إحدى العلامات "أن
شجرة التين يصبح ورقها أخضر، وربما نفهم هذا عن الأمة اليهودية التي ظلت في خراب
حوالي 2000سنة وبدأت منذ سنوات تظهر كدولة مرة أخرى. (راجع مت 24).
تطهير الهيكل
مت12:21-17 + مر11:11،15-19+
لو45:19-48+ 37:21،38·
في بداية خدمة السيد المسيح طهَّرَ الهيكل (يو14:2-17).
وهنا نسمع أنه يكرر تطهير الهيكل. ولكن نلاحظ فرقاً واضحاً بين متى ومرقس في ترتيب
الأحداث فالإنجيلي متى يورد القصة كأنها حدثت بعد دخول المسيح إلى أورشليم مباشرة.
أما مرقس فيذكر التفاصيل بصورة دقيقة. ففي يوم الأحد، يوم الشعانين عقب دخول السيد
المسيح إلى أورشليم إتجه مباشرة للهيكل (مر11:11). ولم يفعل شيئاً سوى أنه نظر
حوله إلى كل شئ. ثم نجد أن المسيح يذهب للهيكل صباحاً وفي طريقه إلى الهيكل لعن
شجرة التين ثم ذهب للهيكل لتطهيره (مر15:11-19). ولا يوجد تناقض في هذا فمتى يكتب
لليهود ويقدم لهم المسيح على أنه إبن داود الملك الذي دخل أورشليم كملك وإتجه مباشرة
إلى هيكله ليطهره، هنا متى لا يهتم بالترتيب الزمني بل بالمعنى أو الهدف من دخول
أورشليم أن يذهب المسيح كملك إلى قصره. فكل ملك يدخل إلى قصره ولكن لأن المسيح ملك
سماوي، بل هو الله فقصره هو الهيكل بيت الله أبيه. أمّا مرقس فأورد القصة في
مكانها الزمني ولكن بطريقة تسترعى الإنتباه فهو دخل للهيكل عقب دخوله أورشليم
مباشرة كما قال متى، ولكنه لم يفعل شيئاً سوى أنه نظر كأنه يعاتب، ألم أطهر هذا
المكان من قبل، ما الذي حدث إذن؟ وترك الهيكل ومضى. ولكنه في الغد أتى وطهًّره
بطريقة شديدة. وهكذا مع كل منّا قبل أن يطهر المسيح حياتنا بعنف يعاتب ويحذر ثم
يتدخل بعنف.
(مت12:21-17)
متى يورد القصة مباشرة بعد
دخول المسيح أورشليم، فمتى يريد أن يشير لملك المسيح الروحي على قلوبنا، فحين يدخل
قلوبنا يطهرها ويملك عليها فهو الملك الإلهي. فإذ يدخل الرب أورشليمنا الداخلية
إنما يدخل إلى مقدسه، يقوم بنفسه بتطهيره. والسوط الذي يستخدمه قد يكون صوت الروح
القدس الذي يبكت على خطية وقد يكون بعض التجارب والآلام.
آية (12): "ودخل يسوع
إلى هيكل الله واخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد
الصيارفة وكراسي باعة الحمام."
يبيعون ويشترون= كانت هناك
أماكن مخصصة لتغيير العملة ليدفع منها العابدين الجزية (ضريبة نصف الشاقل المقررة
على كل يهودي. والشاقل هو العملة اليهودية وهي بدون صور)، ولما كان أناس يهود
يأتون من كل العالم ومعهم عملاتهم كان لابد من تغييرها بالعملة المحلية. (انظر المزيد
عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وكانوا
يبيعون الطيور لتقديمها كذبائح ولكن الموضوع تطور ليصير تجارة تدر عائداً ضخماً
على حنان وقيافا بل أن المكان الذي كان مخصصاً لصلاة الأتقياء من الأمم خصصوه
للتجارة. ويرى البعض أنهم كانوا يقدمون قروض في مقابل هدايا عينية إذ أن الربا
ممنوع. بل صاروا يتاجرون في كل شئ في الهيكل.
آية (13): "وقال لهم
مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة لصوص."
(أش7:56+ أر11:7+
1مل29:8+ نح17:11)
آية (14): "وتقدم إليه
عمي وعرج في الهيكل فشفاهم."
هذا هو المسيح الذي أتى
ليشفي ويطهر ليعدنا للملكوت السماوي.
آية (15): "فلما رأى
رؤساء الكهنة والكتبة العجائب التي صنع والأولاد يصرخون في الهيكل ويقولون أوصنا
لابن داود غضبوا."
عجيب أن يصنع السيد المسيح
ما فعله في الهيكل وهو شخص وحيد منبوذ بلا إعتبار، مكروه من رؤساء الكهنة والكهنة،
بل هو في قلبه لموائد باعة الحمام والصيارفة يهاجم مصالح رؤساء الكهنة المادية
وشاهدوا دمار مكاسبهم. ولكن يبدو أن جلالاً إلهياً كان يبدو على ملامحه ونظراته
أرعبتهم فسكتوا، ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً سوى أنهم غضبوا. وفي المقابل اكتشف
الأطفال في براءتهم حلاوة وجهه ففرحوا به وسبحوا، أمّا من أعمتهم شهوات قلوبهم
فرأوا فيه إنساناً مُضِّلاً للشعب. والأطفال لم يفهموا ما يقولونه لكنهم كانوا
يرددون ما سمعوه من الكبار بالأمس= أوصنا لإبن داود. الأطفال الذين بلا معرفة
إنفتح قلبهم وسبحوا أمّا دارسي النبوات فإنغلق قلبهم وعيونهم فلم يروا. والذي يريد
أن يعرف كيف يسبح عليه أن يرجع ويصير مثل الأطفال في بساطتهم وبراءتهم وتصديقهم
لما يسمعونه.
آية (16): "وقالوا له
أتسمع ما يقول هؤلاء فقال لهم يسوع نعم أما قرأتم قط من أفواه الأطفال و لرضع هيأت
تسبيحاً."
(مز2:8) أما
الحكماء في أعين أنفسهم كالفريسيين فستكون لهم النبوات مجرد معلومات غير مفرحة ولا
معزية.
(مر11:11،15-17)
آية (11): "فدخل يسوع
أورشليم والهيكل ولما نظر حوله إلى كل شيء إذ كان الوقت قد أمسى خرج إلى بيت عنيا
مع الإثني عشر."
نظر كل شئ= هو الإله الغيور
الذي لا يطيق في بيته فساداً أو شراً، بل عيناه تجولان وتفحصان كل شئ لتفرز
المقدسات عن النجاسات وتطرد الأخيرة. والمسيح ينظر ويحذر ويعاتب وينذر قبل أن يمسك
السوط ليؤدب ويطهر. ونلاحظ أن المسيح الوديع نراه حازماً كل الحزم مع من يفسد هيكله
(1كو17:3). ونلاحظ أننا هياكل الله والروح القدس يسكن فينا (1كو16:3).
آية (15): "وجاءوا إلى
أورشليم ولما دخل يسوع الهيكل أبتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل
وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام."
نلاحظ أن المسيح بعد ذلك
بأيام إستسلم لصالبيه بلا مقاومة، بينما نراه هنا يستخدم سلطانه في غضب ضد الذين
أفقدوا الهيكل قدسيته. إذاً هو له القدرة أن يفعل هذا مع صالبيه ولكنه بإرادته لم
يفعل.
آية (16): "ولم يدع
أحداً يجتاز الهيكل بمتاع."
تحول رواق الأمم إلى سوق. وصار
كل من يريد أن يعبر من المدينة إلى جبل الزيتون، عوضاً عن الدوران حول الهيكل، كان
يعبر من داخل دار الأمم أو رواق الأمم، فحُرِم الأمم الأتقياء من وجود مكان لهم
للصلاة في الهيكل. والمسيح منع الناس من إستخدام الهيكل كممر أو معبر.
آية (18): "وسمع الكتبة
ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لأنهم خافوه إذ بهت الجمع كله من تعليمه."
لاحظ أن قوة غربية كانت تخرج
منه فخافوه ويقول البعض أن وجهه أنار.
(لو45:19-48):
"ولما دخل الهيكل أبتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه. قائلاً لهم
مكتوب أن بيتي بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص. وكان يعلم كل يوم في الهيكل
وكان رؤساء الكهنة والكتبة مع وجوه الشعب يطلبون أن يهلكوه. ولم يجدوا ما يفعلون
لأن الشعب كله كان متعلقاً به يسمع منه."
لاحظ أن عمل التطهير يشمل
عملين [1] عمل سلبي فيه طرد الرب الباعة وطهر الهيكل [2] عمل إيجابي قام فيه الرب
بالتعليم.
تعليق على الآية (مر17:11)
حين دشن سليمان بيت الله صلى
أن يستجيب الله كل صلاة توجه من هذا المكان والرب قال له قد سمعت صلاتك (1مل30:8،35،38،41،42+
1مل3:9) أما الكهنة ورؤساء الكهنة فكانوا يتاجرون ويسلبون ما استطاعوا سلبه من
عطايا الناس.