تفسير الاصحاح رقم 1
أية1:- اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ.
الشيخ = تحمل معنى كاهن أو أسقف أو تشير لكبر السن. وربما لكل هذا أعطوا هذا اللقب ليوحنا، فهو التلميذ الوحيد للمسيح الذى كان باقياً على قيد الحياة، تكريماً له، كأنه أب لكل أسقف وكاهن.
المختارة = مهم أن يشعر كل منا أن الله أحبه وإختاره وقدسه وبهذا نتلامس مع الحب الموجه لنا.
أنا أحبهم بالحق = حب فى المسيح يسوع، حسب وضعه فى قلبه المسيح، حب نابع من محبته للمسيح الذى هو الحق، وليس حباً نفعياً ولا برياء، مثل محبة الهراطقة الذين يحاولون جذب النفوس بالمداهنة، وليس حباً عاطفياً ينبع عن قرابات أو تعصب.
بل أيضاً جميع الذين عرفوا الحق = أى عرفوا المسيح وإتحدوا به وثبتوا فيه وصارت لهم حياته فصارت لهم محبة للجميع، هم تشبهوا به. وكانت المحبة المتبادلة هى سمة الكنيسة الأولى.
أية 2:- مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، 3تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
هذا الحب الذى فى داخلى ناشىء من الحق الذى يثبت فينا. هو حب ناشىء من تغيير طبيعتنا فصرنا خليقة جديدة (2كو17:5). حب ناشىء من سكنى الروح القدس فينا ومن المسيح الذى أعطانا حياته. وهذا الحب وعمل الروح القدس هذا سيكون معنا إلى الأبد = إذاً إمكانية الحب هذه متاحة للكنيسة عبر العصور وإلى إنقضاء الأيام.
أية 3:- تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
هناك ترجمة أخرى للأية ليتضح معناها "فى حياتنا بالحق والمحبة سننال النعمة والرحمة والسلام من الله الآب ومن يسوع المسيح إبن الآب" أى لو ثبتنا فى الحق والمحبة سننال النعمة والرحمة والسلام.
نعمة = هى عطية الله المجانية لأولاده، وبها يثبتون فى الحق.
رحمة = رحمة الله غافرة لأولاده، وبرحمته يتعامل معنا.
سلام = سلام القلب الداخلى الذى أعاده لنا المسيح (يو27:14) بعد أن فقدناه بالخطية. فالمسيح هو ملك السلام. والسلام هو ثمرة للنعمة من الله الآب ومن الرب يسوع المسيح = الآب أحب العالم وأراد أن يخلصه فأرسل إبنه الوحيد ليخلص العالم بصليبه (يو16:3). الآب يسكب لنا النعمة والرحمة والسلام بسبب أننا صرنا مقبولين فى إبنه، وهذه هى شفاعة المسيح عنا، أى الآب صار يرى صورة إبنه فينا. ومن يسكب هذه النعم فينا هو الروح القدس الذى صار يسكن فينا بإستحقاقات دم المسيح. والروح القدس هو أعظم النعم التى حصلنا عليها، فهو ينقل لنا كل عطايا ومحبة الآب. وقوله من الآب والرب يسوع يشير لتساوى الأقنومين.
أية 4:- فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ.
يظهر أن بعضاً من أولاد كيرية ذهبوا إلى يوحنا فى أفسس ففرح بهم إذ وجدهم ثابتين فى الإيمان الحق. ووجد سلوكهم أيضاً بالحق، إذ أن سلوكنا هو تعبير عن إيماننا. كما أخذنا وصية من الآب = هى الوصايا المكتوبة فى الناموس. سالكين فى الحق = اختاروا المسيح ورفضوا العالم الباطل وشهواته.
أية 5 :- وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً.
وصية المحبة هى وصية قديمة، حتى من قبل الناموس، فإبراهيم أحب الله وأحب لوط بالرغم من أنانية لوط، وهكذا يوسف أحب الله ولم يخطىء إليه، بل هو أحب زوجة فوطيفار فلم يشهر بها ولم يفضحها. ولكن الجديد فى وصية المحبة.
1. أن المحبة صارت عطية من الله للإنسان المؤمن المعمد.
2. أنها صارت على شكل محبة المسيح الباذلة.
ومحبتنا للآخرين الآن مبنية على محبة الله لنا. ومحبته لنا هى عطية منه لمن يطلبها ويجاهد لأجلها.
أية 6:- وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.
علامة محبتنا لله أن نسلك بحسب وصاياه (يو14: 23، 21). وأهم وصية والتى يتلخص فيها الناموس، هى وصية المحبة.
هذه هى الوصية = الوصية هى المحبة.
أية 7:- لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.
هنا ينتقل الرسول إلى موضوع الهراطقة. وكانت هناك فى أيام الرسول هرطقات عديدة (راجع مقدمة الرسالة الأولى ليوحنا). والآن فى عصرنا هذا إنتشرت هرطقات عديدة ينطبق عليها قول الرسول هنا.
لأنه = قوله لأنه جعل هذه الآية (7) مرتبطة بالآية السابقة (6) التى قبلها، والتى كانت تطلب من كيرية ومنا أن نحب الله ونسلك بحسب وصاياه :-
1. من يحب الله ويحب الإخوة، ويسلك بالحق بحسب وصايا الله، هو مملوء بالروح القدس، إذاً هو قادر أن يكشف زيف الهرطقات. أما من يسلك بكراهية تملأ قلبه، أو هو غير مملوء من محبة الله، فالله لا يسكن فيه، فلا تكون لديه إستنارة يكشف بها زيف الهراطقة. إذاً علينا أن نجاهد لنحب الجميع فتكون لنا الأستنارة.
2. هذه الآية تتكلم عن الإيمان الحق، فلا محبة حقيقية مع إيمان مشوش، ولا يوجد إيمان حقيقىمع محبة غير حقيقية. هنا الرسول يربط بين الحب والحق. ولاحظ أن محبة الله تظهر فى تنفيذ وصاياه.
لهذا لا يليق بنا أن نقبل المعلمين الذين يتسترون تحت إسم المسيح ليعلمونا بغير ما هو حق، ويحاولون أن يلتقطوا البسطاء ويخدوعوهم تحت إسم المحبة. لذلك على الكنيسة أن تعزل أمثال هؤلاء حتى لا يشوهوا الإيمان، وعزلهم لا يتعارض مع المحبة، بل فيه كل المحبة لله وللشعب، شعب الله، حتى لا يفسد هؤلاء إيمان البسطاء. ويسمى هؤلاء الضد للمسيح.
يسوع المسيح آتياً فى الجسد = لم يقل أتى بصيغة الماضى. فتجسد المسيح لم يكن حدث تم من 2000 سنة وإنتهى. بل هو حدث مستمر حتى الآن وإلى الأبد. المسيح فى وسطنا وفى وسط كل إثنين يجتمعان بإسمه، بل هو فينا. عموماً ما كنا نستطيع بدون وجوده المستمر فينا أن نحب محبة حقيقية بحسب الحق. ولا نستطيع هذا إلا لو كان المسيح قد أتى بالجسد وأعطانا حياته "عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد" فحياة المسيح فينا هى التى أعطتنا أن نحب بحسب الحق.
أية 8:- اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً.
أنظروا إلى أنفسكم = أى أفحصوا إيمانكم وأفكاركم ومواقفكم تجاه المسيح حتى تكون متطابقة مع الحق المسيحى، والبديل أن نكون فى دائرة الموت.
وبهذا تضيع كرازتنا = نضيع ما عملناه. ننال أجراً تاماً = يناله الرسول فى السماء عوضاً عن تعبه فى كرازته للناس بإسم المسيح، وأنه أتى للمسيح بأولاد فى الإيمان، وأنه تابع إيمانهم، ولم يتركهم نهباً للهراطقة.
أجراً تاماً = فأى أجر فى الأرض هو شىء تافه منقوص بجانب مجد السماء.
أية 9:- كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً.
يقول الآباء "لا يستطيع أحد أن يكون له الله أباً ما دامت الكنيسة ليست أماً له". والكنيسة رمزها فلك نوح، فهل خلص أحد خارج الفلك.
كل من تعدى = كل من يخرج عن وصية المسيح وتعليمه، وعن حق الإنجيل فى كبرياء أو فلسفة، مثل الهراطقة المعجبون بأرائهم.
فليس له الله = أى يفقد نصيبه الإلهى تماماً، ولا يكون له الله أباً أو إلهاً يعطيه ميراثاً سماوياً.
فهذا له الآب والإبن = يحيطه الآب بمحبته الأبوية إذ هو ملتصق ومتحد بالإبن مثل عريس مع عروسه. والآب يحب عروس إبنه المتحدة به.
أيات 10، 11:- إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.
أى نرفض تعليم الهراطقة وأشخاصهم فلربما حين يشعرون بالعزلة يتوبون، ولأن الإندماج معهم هو نوع من الإعتراف بصحة مسلكهم مع أن مسلكهم شرير. هنا يبدو ظاهرياً أن كلام يوحنا هو ضد المحبة. ولكن نفهم أنها محبة بحسب الحق. والكنيسة تعود تعطيهم محبة لو تابوا. أما المصرين على هرطقاتهم فالكنيسة تحرمهم. فالخميرة الصغيرة تفسد العجين كله.
أية 12:- إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً.
يلاحظ أن هناك أموراً لا تكتب على ورق، نطق بها الرسل لأولادهم، وتسلمتها الأجيال جيلاً بعد جيل، وهكذا فعل بولس مع تيطس كما فعل يوحنا هنا، إذ تركه فى كريت لكى يرتب الأمور الناقصة، ولكى يقيم قسوساً هناك (تى5:1). فما هى الأمور الناقصة وكيف يقيم قسوساً، وما هى الصلوات التى يقدمونها،
هنا نرى أهمية التقليد الشفاهى، فالمسيح لقن تلاميذه الكثير عن ملكوت الله فى خلال الأربعين يوماً المقدسة، ما بين القيامة والصعود، وهذه لم تدون فى الأناجيل. والكتاب المقدس نفسه جزء من التقليد الكنسى فالتقليد يشهد للكتاب المقدس، فالعهد الجديد تم تجميعه فى القرن الثانى والثالث وإعتمدته المجامع بعد أن كان أسفاراً منتشرة فى صورة متفرقة، وكان تجميعها يحتاج إلى فحص. وإعتمدت الكنيسة الأسفار القانونية ورفضت ما سواها. فالكنيسة هى التى سلمتنا الكتاب المقدس التى إستلمته هى نفسها.
وهكذا إستلمت الكنيسة طقوس الأسرار والقداس الإلهى عبر الأجيال عن الرسل، والرسل إستلموها من المسيح. هذا هو التقليد.
والكتاب المقدس يحوى إعترافاً بالتقليد:
1. قصة ينيس ويمبريس ومقاومتهما لموسى (2تى8:3). هذه ولم تأتى فى العهد القديم بل إحتفظ بها التقليد.
2. نبوة أخنوخ (يه14) لم تأتى فى العهد القديم، وكذلك قصة إخفاء جسد موسى.
3. ما قيل عن سفر ياشر (يش13:10 + 2صم1 :18، 17) فأين هو سفر ياشر.
4. يؤكد صحة التقليد ما ورد فى (2تس15:2 + 2تس6:3) على لسان بولس الرسول. ونلاحظ فى الآيتين أنه قد وردت كلمة تعليم وصحتها تقليد، فهى نفس الكلمة فى (مت6:15) "قد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم".
5. وكلمة تقليد PARODICIS أى أشياء تسلم من يد إلى يد.
أية1:- اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ.
الشيخ = تحمل معنى كاهن أو أسقف أو تشير لكبر السن. وربما لكل هذا أعطوا هذا اللقب ليوحنا، فهو التلميذ الوحيد للمسيح الذى كان باقياً على قيد الحياة، تكريماً له، كأنه أب لكل أسقف وكاهن.
المختارة = مهم أن يشعر كل منا أن الله أحبه وإختاره وقدسه وبهذا نتلامس مع الحب الموجه لنا.
أنا أحبهم بالحق = حب فى المسيح يسوع، حسب وضعه فى قلبه المسيح، حب نابع من محبته للمسيح الذى هو الحق، وليس حباً نفعياً ولا برياء، مثل محبة الهراطقة الذين يحاولون جذب النفوس بالمداهنة، وليس حباً عاطفياً ينبع عن قرابات أو تعصب.
بل أيضاً جميع الذين عرفوا الحق = أى عرفوا المسيح وإتحدوا به وثبتوا فيه وصارت لهم حياته فصارت لهم محبة للجميع، هم تشبهوا به. وكانت المحبة المتبادلة هى سمة الكنيسة الأولى.
أية 2:- مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، 3تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
هذا الحب الذى فى داخلى ناشىء من الحق الذى يثبت فينا. هو حب ناشىء من تغيير طبيعتنا فصرنا خليقة جديدة (2كو17:5). حب ناشىء من سكنى الروح القدس فينا ومن المسيح الذى أعطانا حياته. وهذا الحب وعمل الروح القدس هذا سيكون معنا إلى الأبد = إذاً إمكانية الحب هذه متاحة للكنيسة عبر العصور وإلى إنقضاء الأيام.
أية 3:- تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
هناك ترجمة أخرى للأية ليتضح معناها "فى حياتنا بالحق والمحبة سننال النعمة والرحمة والسلام من الله الآب ومن يسوع المسيح إبن الآب" أى لو ثبتنا فى الحق والمحبة سننال النعمة والرحمة والسلام.
نعمة = هى عطية الله المجانية لأولاده، وبها يثبتون فى الحق.
رحمة = رحمة الله غافرة لأولاده، وبرحمته يتعامل معنا.
سلام = سلام القلب الداخلى الذى أعاده لنا المسيح (يو27:14) بعد أن فقدناه بالخطية. فالمسيح هو ملك السلام. والسلام هو ثمرة للنعمة من الله الآب ومن الرب يسوع المسيح = الآب أحب العالم وأراد أن يخلصه فأرسل إبنه الوحيد ليخلص العالم بصليبه (يو16:3). الآب يسكب لنا النعمة والرحمة والسلام بسبب أننا صرنا مقبولين فى إبنه، وهذه هى شفاعة المسيح عنا، أى الآب صار يرى صورة إبنه فينا. ومن يسكب هذه النعم فينا هو الروح القدس الذى صار يسكن فينا بإستحقاقات دم المسيح. والروح القدس هو أعظم النعم التى حصلنا عليها، فهو ينقل لنا كل عطايا ومحبة الآب. وقوله من الآب والرب يسوع يشير لتساوى الأقنومين.
أية 4:- فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ.
يظهر أن بعضاً من أولاد كيرية ذهبوا إلى يوحنا فى أفسس ففرح بهم إذ وجدهم ثابتين فى الإيمان الحق. ووجد سلوكهم أيضاً بالحق، إذ أن سلوكنا هو تعبير عن إيماننا. كما أخذنا وصية من الآب = هى الوصايا المكتوبة فى الناموس. سالكين فى الحق = اختاروا المسيح ورفضوا العالم الباطل وشهواته.
أية 5 :- وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً.
وصية المحبة هى وصية قديمة، حتى من قبل الناموس، فإبراهيم أحب الله وأحب لوط بالرغم من أنانية لوط، وهكذا يوسف أحب الله ولم يخطىء إليه، بل هو أحب زوجة فوطيفار فلم يشهر بها ولم يفضحها. ولكن الجديد فى وصية المحبة.
1. أن المحبة صارت عطية من الله للإنسان المؤمن المعمد.
2. أنها صارت على شكل محبة المسيح الباذلة.
ومحبتنا للآخرين الآن مبنية على محبة الله لنا. ومحبته لنا هى عطية منه لمن يطلبها ويجاهد لأجلها.
أية 6:- وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ تَسْلُكُوا فِيهَا.
علامة محبتنا لله أن نسلك بحسب وصاياه (يو14: 23، 21). وأهم وصية والتى يتلخص فيها الناموس، هى وصية المحبة.
هذه هى الوصية = الوصية هى المحبة.
أية 7:- لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.
هنا ينتقل الرسول إلى موضوع الهراطقة. وكانت هناك فى أيام الرسول هرطقات عديدة (راجع مقدمة الرسالة الأولى ليوحنا). والآن فى عصرنا هذا إنتشرت هرطقات عديدة ينطبق عليها قول الرسول هنا.
لأنه = قوله لأنه جعل هذه الآية (7) مرتبطة بالآية السابقة (6) التى قبلها، والتى كانت تطلب من كيرية ومنا أن نحب الله ونسلك بحسب وصاياه :-
1. من يحب الله ويحب الإخوة، ويسلك بالحق بحسب وصايا الله، هو مملوء بالروح القدس، إذاً هو قادر أن يكشف زيف الهرطقات. أما من يسلك بكراهية تملأ قلبه، أو هو غير مملوء من محبة الله، فالله لا يسكن فيه، فلا تكون لديه إستنارة يكشف بها زيف الهراطقة. إذاً علينا أن نجاهد لنحب الجميع فتكون لنا الأستنارة.
2. هذه الآية تتكلم عن الإيمان الحق، فلا محبة حقيقية مع إيمان مشوش، ولا يوجد إيمان حقيقىمع محبة غير حقيقية. هنا الرسول يربط بين الحب والحق. ولاحظ أن محبة الله تظهر فى تنفيذ وصاياه.
لهذا لا يليق بنا أن نقبل المعلمين الذين يتسترون تحت إسم المسيح ليعلمونا بغير ما هو حق، ويحاولون أن يلتقطوا البسطاء ويخدوعوهم تحت إسم المحبة. لذلك على الكنيسة أن تعزل أمثال هؤلاء حتى لا يشوهوا الإيمان، وعزلهم لا يتعارض مع المحبة، بل فيه كل المحبة لله وللشعب، شعب الله، حتى لا يفسد هؤلاء إيمان البسطاء. ويسمى هؤلاء الضد للمسيح.
يسوع المسيح آتياً فى الجسد = لم يقل أتى بصيغة الماضى. فتجسد المسيح لم يكن حدث تم من 2000 سنة وإنتهى. بل هو حدث مستمر حتى الآن وإلى الأبد. المسيح فى وسطنا وفى وسط كل إثنين يجتمعان بإسمه، بل هو فينا. عموماً ما كنا نستطيع بدون وجوده المستمر فينا أن نحب محبة حقيقية بحسب الحق. ولا نستطيع هذا إلا لو كان المسيح قد أتى بالجسد وأعطانا حياته "عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد" فحياة المسيح فينا هى التى أعطتنا أن نحب بحسب الحق.
أية 8:- اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً.
أنظروا إلى أنفسكم = أى أفحصوا إيمانكم وأفكاركم ومواقفكم تجاه المسيح حتى تكون متطابقة مع الحق المسيحى، والبديل أن نكون فى دائرة الموت.
وبهذا تضيع كرازتنا = نضيع ما عملناه. ننال أجراً تاماً = يناله الرسول فى السماء عوضاً عن تعبه فى كرازته للناس بإسم المسيح، وأنه أتى للمسيح بأولاد فى الإيمان، وأنه تابع إيمانهم، ولم يتركهم نهباً للهراطقة.
أجراً تاماً = فأى أجر فى الأرض هو شىء تافه منقوص بجانب مجد السماء.
أية 9:- كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً.
يقول الآباء "لا يستطيع أحد أن يكون له الله أباً ما دامت الكنيسة ليست أماً له". والكنيسة رمزها فلك نوح، فهل خلص أحد خارج الفلك.
كل من تعدى = كل من يخرج عن وصية المسيح وتعليمه، وعن حق الإنجيل فى كبرياء أو فلسفة، مثل الهراطقة المعجبون بأرائهم.
فليس له الله = أى يفقد نصيبه الإلهى تماماً، ولا يكون له الله أباً أو إلهاً يعطيه ميراثاً سماوياً.
فهذا له الآب والإبن = يحيطه الآب بمحبته الأبوية إذ هو ملتصق ومتحد بالإبن مثل عريس مع عروسه. والآب يحب عروس إبنه المتحدة به.
أيات 10، 11:- إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.
أى نرفض تعليم الهراطقة وأشخاصهم فلربما حين يشعرون بالعزلة يتوبون، ولأن الإندماج معهم هو نوع من الإعتراف بصحة مسلكهم مع أن مسلكهم شرير. هنا يبدو ظاهرياً أن كلام يوحنا هو ضد المحبة. ولكن نفهم أنها محبة بحسب الحق. والكنيسة تعود تعطيهم محبة لو تابوا. أما المصرين على هرطقاتهم فالكنيسة تحرمهم. فالخميرة الصغيرة تفسد العجين كله.
أية 12:- إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً.
يلاحظ أن هناك أموراً لا تكتب على ورق، نطق بها الرسل لأولادهم، وتسلمتها الأجيال جيلاً بعد جيل، وهكذا فعل بولس مع تيطس كما فعل يوحنا هنا، إذ تركه فى كريت لكى يرتب الأمور الناقصة، ولكى يقيم قسوساً هناك (تى5:1). فما هى الأمور الناقصة وكيف يقيم قسوساً، وما هى الصلوات التى يقدمونها،
هنا نرى أهمية التقليد الشفاهى، فالمسيح لقن تلاميذه الكثير عن ملكوت الله فى خلال الأربعين يوماً المقدسة، ما بين القيامة والصعود، وهذه لم تدون فى الأناجيل. والكتاب المقدس نفسه جزء من التقليد الكنسى فالتقليد يشهد للكتاب المقدس، فالعهد الجديد تم تجميعه فى القرن الثانى والثالث وإعتمدته المجامع بعد أن كان أسفاراً منتشرة فى صورة متفرقة، وكان تجميعها يحتاج إلى فحص. وإعتمدت الكنيسة الأسفار القانونية ورفضت ما سواها. فالكنيسة هى التى سلمتنا الكتاب المقدس التى إستلمته هى نفسها.
وهكذا إستلمت الكنيسة طقوس الأسرار والقداس الإلهى عبر الأجيال عن الرسل، والرسل إستلموها من المسيح. هذا هو التقليد.
والكتاب المقدس يحوى إعترافاً بالتقليد:
1. قصة ينيس ويمبريس ومقاومتهما لموسى (2تى8:3). هذه ولم تأتى فى العهد القديم بل إحتفظ بها التقليد.
2. نبوة أخنوخ (يه14) لم تأتى فى العهد القديم، وكذلك قصة إخفاء جسد موسى.
3. ما قيل عن سفر ياشر (يش13:10 + 2صم1 :18، 17) فأين هو سفر ياشر.
4. يؤكد صحة التقليد ما ورد فى (2تس15:2 + 2تس6:3) على لسان بولس الرسول. ونلاحظ فى الآيتين أنه قد وردت كلمة تعليم وصحتها تقليد، فهى نفس الكلمة فى (مت6:15) "قد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم".
5. وكلمة تقليد PARODICIS أى أشياء تسلم من يد إلى يد.