التعليم المنحرف
بقلم نيافة الأنبا رافائيل
قد يتعجب البعض عندما يجد خادمًا بالكنيسة يتكلم بتعليم منحرف، ويتساءل الناس.. لماذا يوجد مثل هذه الانحرافات في تعليم البعض؟ وعندما تواجه الكنيسة هؤلاء المنحرفين، وتكشف أخطاءهم لتحذير الشعب، ينبرى بعض غير العارفين ويلومون الكنيسة ويعتبرونها تحجر على الآراء، وتمنع الفكر والابداع، وتستأثر لنفسها حق التعليم والشرح. وقد يتعاطف البعض مع الأشخاص الذين تأخذ الكنيسة منهم موقفًا حازمًا بسبب أخطائهم وعدم توبتهم، أو بالأحرى عدم رغبتهم في تصحيح أخطائهم بسبب اقتناعهم بأنهم غير مخطئين.
وقد يظن البعض أن الكنيسة مقصّرة في نشر التعليم السليم، ولذلك خرج منها هؤلاء المنحرفون، أو أن طريقة معالجة هذه المشاكل يشوبها القصور، مما يجعلها تتفاقم إلى الحد الذي تنفجر فيه المشكلة بخروج الشخص المهرطق أو المبتدع ومعه جمعًا كبيرًا من الناس محدثين أزمة وانشقاقًا وانزعاجًا في الكنيسة. تُرى.. ما هي الحقيقة التي يعلنها الكتاب المقدس بخصوص هؤلاء المبتدعين؟
(1) الكتاب المقدس ينبئنا بحتمية ظهور المبتدعين
ليس جديدًا أن يكون هناك مبتدعين خارجين عن الإيمان السليم.. فتاريخ الكنيسة مليء بهم منذ العهد القديم ومنذ عصر الرسل مرورًا بعصر المجامع وحتى اليوم، وهذا ما أنبأنا به الكتاب المقدس:
+ "لأنَّهُ لا بُدَّ أنْ يكونَ بَينَكُمْ بدَعٌ أيضًا، ليكونَ المُزَكَّوْنَ ظاهِرينَ بَينَكُمْ" (1كو11: 19).
+ "ويلٌ للعالَمِ مِنَ العَثَراتِ! فلا بُدَّ أنْ تأتيَ العَثَراتُ، ولكن ويلٌ لذلكَ الإنسانِ الذي بهِ تأتي العَثرَةُ!" (مت18: 7).
+ "لأني أعلَمُ هذا: أنَّهُ بَعدَ ذَهابي سيَدخُلُ بَينَكُمْ ذِئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشفِقُ علَى الرَّعيَّةِ. ومِنكُمْ أنتُمْ سيَقومُ رِجالٌ يتكلَّمونَ بأُمورٍ مُلتَويَةٍ ليَجتَذِبوا التلاميذَ وراءَهُمْ" (أع20: 29-30).
+ "ولكن الرّوحَ يقولُ صَريحًا: إنَّهُ في الأزمِنَةِ الأخيرَةِ يَرتَدُّ قَوْمٌ عن الإيمانِ، تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ، في رياءِ أقوالٍ كاذِبَةٍ، مَوْسومَةً ضَمائرُهُمْ" (1تي4: 1-2).
+ "ولكن، كانَ أيضًا في الشَّعبِ أنبياءُ كذَبَةٌ، كما سيكونُ فيكُم أيضًا مُعَلمونَ كذَبَةٌ، الذينَ يَدُسّونَ بدَعَ هَلاكٍ. وإذ هُم يُنكِرونَ الرَّبَّ الذي اشتَراهُمْ، يَجلِبونَ علَى أنفُسِهِمْ هَلاكًا سريعًا. وسَيَتبَعُ كثيرونَ تهلُكاتِهِمْ. الذينَ بسَبَبِهِمْ يُجَدَّفُ علَى طريقِ الحَق. وهُمْ في الطَّمَعِ يتَّجِرونَ بكُمْ بأقوالٍ مُصَنَّعَةٍ، الذينَ دَينونَتُهُمْ منذُ القَديمِ لا تتوانَى، وهَلاكُهُمْ لا يَنعَسُ" (2بط2: 1-3).
+ "لا يَخدَعَنَّكُمْ أحَدٌ علَى طريقَةٍ ما، لأنَّهُ لا يأتي إنْ لم يأتِ الاِرتِدادُ أوَّلاً، ويُستَعلَنْ إنسانُ الخَطيَّةِ، ابنُ الهَلاك"ِ (2تس2: 3).
+ "الذي مَجيئُهُ بعَمَلِ الشَّيطانِ، بكُل قوَّةٍ، وبآياتٍ وعَجائبَ كاذِبَةٍ، وبكُل خَديعَةِ الإثمِ، في الهالِكينَ، لأنَّهُمْ لم يَقبَلوا مَحَبَّةَ الحَق حتَّى يَخلُصوا. ولأجلِ هذا سيُرسِلُ إليهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلالِ، حتَّى يُصَدقوا الكَذِبَ، لكَيْ يُدانَ جميعُ الذينَ لم يُصَدقوا الحَقَّ، بل سُرّوا بالإثمِ" (2تس2: 9-12).
+ "ولكن اعلَمْ هذا أنَّهُ في الأيّامِ الأخيرَةِ ستأتي أزمِنَةٌ صَعبَةٌ" (2تي3: 1).
+ "ولكن الناسَ الأشرارَ المُزَورينَ سيَتَقَدَّمونَ إلَى أردأَ، مُضِلينَ ومُضَلينَ" (2تي3: 13).
+ "وأمّا الأقوالُ الباطِلَةُ الدَّنِسَةُ فاجتَنِبها، لأنَّهُمْ يتقَدَّمونَ إلَى أكثَرِ فُجورٍ، وكلِمَتُهُمْ ترعَى كآكِلَةٍ. الذينَ مِنهُمْ هيمينايُسُ وفيليتُسُ، اللذانِ زاغا عن الحَق، قائلَينِ: إنَّ القيامَةَ قد صارَتْ فيَقلِبانِ إيمانَ قَوْمٍ" (2تي2: 16-18).
+ "لأنَّهُ سيكونُ وقتٌ لا يَحتَمِلونَ فيهِ التَّعليمَ الصَّحيحَ، بل حَسَبَ شَهَواتِهِمُ الخاصَّةِ يَجمَعونَ لهُمْ مُعَلمينَ مُستَحِكَّةً مَسامِعُهُمْ، فيَصرِفونَ مَسامِعَهُمْ عن الحَق، ويَنحَرِفونَ إلَى الخُرافاتِ" (2تي4: 3-4).
+ "أيُّها الأولادُ هي السّاعَةُ الأخيرَةُ. وكما سمِعتُمْ أنَّ ضِدَّ المَسيحِ يأتي، قد صارَ الآنَ أضدادٌ للمَسيحِ كثيرونَ. مِنْ هنا نَعلَمُ أنَّها السّاعَةُ الأخيرَةُ. مِنّا خرجوا، لكنهُمْ لم يكونوا مِنّا، لأنَّهُمْ لو كانوا مِنّا لَبَقوا معنا. لكن ليُظهَروا أنهُم ليسوا جميعُهُمْ مِنّا" (1يو2: 18-19).
+ "أيُّها الأحِبّاءُ، لا تُصَدقوا كُلَّ روحٍ، بل امتَحِنوا الأرواحَ: هل هي مِنَ اللهِ؟ لأنَّ أنبياءَ كذَبَةً كثيرينَ قد خرجوا إلَى العالَمِ. بهذا تعرِفونَ روحَ اللهِ: كُلُّ روحٍ يَعتَرِفُ بيَسوعَ المَسيحِ أنَّهُ قد جاءَ في الجَسَدِ فهو مِنَ اللهِ، وكُلُّ روحٍ لا يَعتَرِفُ بيَسوعَ المَسيحِ أنَّهُ قد جاءَ في الجَسَدِ، فليس مِنَ اللهِ. وهذا هو روحُ ضِد المَسيحِ الذي سمِعتُمْ أنَّهُ يأتي، والآنَ هو في العالَمِ" (1يو4: 1-3).
+ "مَنْ هو الكَذّابُ، إلا الذي يُنكِرُ أنَّ يَسوعَ هو المَسيحُ؟ هذا هو ضِدُّ المَسيحِ، الذي يُنكِرُ الآبَ والاِبنَ" (1يو2: 22).
+ "لأنَّهُ قد دَخَلَ إلَى العالَمِ مُضِلّونَ كثيرونَ، لا يَعتَرِفونَ بيَسوعَ المَسيحِ آتيًا في الجَسَدِ. هذا هو المُضِلُّ، والضدُّ للمَسيحِ" (2يو7).
+ "عالِمينَ هذا أوَّلاً: أنَّهُ سيأتي في آخِرِ الأيّامِ قَوْمٌ مُستَهزِئونَ، سالِكينَ بحَسَبِ شَهَواتِ أنفُسِهِمْ" (2بط3: 3).
+ "انظُروا! لا يُضِلَّكُمْ أحَدٌ. فإنَّ كثيرينَ سيأتونَ باسمي قائلينَ: أنا هو المَسيحُ! ويُضِلّونَ كثيرينَ" (مت24: 4-5).
+ "ويَقومُ أنبياءُ كذَبَةٌ كثيرونَ ويُضِلّونَ كثيرينَ" (مت24: 11).
+ "لأنَّهُ سيَقومُ مُسَحاءُ كذَبَةٌ وأنبياءُ كذَبَةٌ ويُعطونَ آياتٍ عظيمَةً وعَجائبَ، حتَّى يُضِلّوا لو أمكَنَ المُختارينَ أيضًا" (مت24: 24).
+ "اِحتَرِزوا مِنَ الأنبياءِ الكَذَبَةِ الذينَ يأتونَكُمْ بثيابِ الحُملانِ، ولكنهُمْ مِنْ داخِلٍ ذِئابٌ خاطِفَةٌ!" (مت7: 15).
+ "فقالَ الرَّبُّ لي: بالكَذِبِ يتنَبّأُ الأنبياءُ باسمي. لم أُرسِلهُمْ، ولا أمَرتُهُمْ، ولا كلَّمتُهُمْ. برؤيا كاذِبَةٍ وعِرافَةٍ وباطِلٍ ومَكرِ قُلوبِهِمْ هُم يتنَبّأونَ لكُمْ" (إر14: 14).
+ "هكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ: لا تسمَعوا لكلامِ الأنبياءِ الذينَ يتنَبّأونَ لكُمْ، فإنَّهُمْ يَجعَلونَكُمْ باطِلاً. يتكلَّمونَ برؤيا قَلبِهِمْ لا عن فمِ الرَّب" (إر23: 16).
+ "لم أُرسِلِ الأنبياءَ بل هُم جَرَوْا. لم أتكلَّمْ معهُمْ بل هُم تنَبّأوا" (إر23: 21).
+ "لأني لم أُرسِلهُمْ، يقولُ الرَّبُّ، بل هُم يتنَبّأونَ باسمي بالكَذِبِ، لكَيْ أطرُدَكُمْ فتهلِكوا أنتُمْ والأنبياءُ الذينَ يتنَبّأونَ لكُم" (إر27: 15).
+ "لأنَّهُ هكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ إلهُ إسرائيلَ: لا تغُشَّكُمْ أنبياؤُكُمُ الذينَ في وسطِكُمْ وعَرّافوكُمْ، ولا تسمَعوا لأحلامِكُمُ التي تتَحَلَّمونَها. لأنَّهُمْ إنَّما يتنَبّأونَ لكُمْ باسمي بالكَذِبِ. أنا لم أُرسِلهُمْ، يقولُ الرَّبُّ" (إر29: 8-9).
+ "وقد جَرَّبتَ القائلينَ إنهُم رُسُلٌ ولَيسوا رُسُلاً، فوَجَدتَهُمْ كاذِبينَ" (رؤ2: 2).
+ "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ هُم رُسُلٌ كذَبَةٌ، فعَلَةٌ ماكِرونَ، مُغَيرونَ شَكلهُمْ إلَى شِبهِ رُسُلِ المَسيحِ. ولا عَجَبَ. لأنَّ الشَّيطانَ نَفسَهُ يُغَيرُ شَكلهُ إلَى شِبهِ مَلاكِ نورٍ! فليس عظيمًا إنْ كانَ خُدّامُهُ أيضًا يُغَيرونَ شَكلهُمْ كخُدّامٍ للبِر. الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 13-15).
+ "لأنَّنا لسنا كالكَثيرينَ غاشينَ كلِمَةَ اللهِ، لكن كما مِنْ إخلاصٍ، بل كما مِنَ اللهِ نتكلَّمُ أمامَ اللهِ في المَسيحِ" (2كو2: 17).
+ "لا يَغُرَّكُمْ أحَدٌ بكلامٍ باطِلٍ، لأنَّهُ بسَبَبِ هذِهِ الأُمورِ يأتي غَضَبُ اللهِ علَى أبناءِ المَعصيَةِ. 7فلا تكونوا شُرَكاءَهُمْ" (أف5: 6-7).
+ "اُنظُروا أنْ لا يكونَ أحَدٌ يَسبيكُمْ بالفَلسَفَةِ وبغُرورٍ باطِلٍ، حَسَبَ تقليدِ الناسِ، حَسَبَ أركانِ العالَمِ، وليس حَسَبَ المَسيحِ" (كو2: 8).
+ "لأنَّ وعظَنا ليس عن ضَلالٍ، ولا عن دَنَسٍ، ولا بمَكرٍ" (1تس2: 3).
+ "أنا قد أتيتُ باسمِ أبي ولستُمْ تقبَلونَني. إنْ أتَى آخَرُ باسمِ نَفسِهِ فذلكَ تقبَلونَهُ" (يو5: 43).
+ "لا تُساقوا بتعاليمَ مُتَنَوعَةٍ وغَريبَةٍ، لأنَّهُ حَسَنٌ أنْ يُثَبَّتَ القَلبُ بالنعمَةِ، لا بأطعِمَةٍ لم يَنتَفِعْ بها الذينَ تعاطَوْها" (عب13: 9).
+ "كيْ لا نَكونَ في ما بَعدُ أطفالاً مُضطَرِبينَ ومَحمولينَ بكُل ريحِ تعليمٍ، بحيلَةِ الناسِ، بمَكرٍ إلَى مَكيدَةِ الضَّلالِ" (أف4: 14).
+ "وأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ أنْ تُلاحِظوا الذينَ يَصنَعونَ الشقاقاتِ والعَثَراتِ، خِلافًا للتَّعليمِ الذي تعَلَّمتُموهُ، وأعرِضوا عنهُمْ. لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ لا يَخدِمونَ رَبَّنا يَسوعَ المَسيحَ بل بُطونَهُمْ. وبالكلامِ الطَّيبِ والأقوالِ الحَسَنَةِ يَخدَعونَ قُلوبَ السُّلَماءِ" (رو16: 17-18).
+ "هكذا قالَ الرَّبُّ علَى الأنبياءِ الذينَ يُضِلّونَ شَعبي، الذينَ يَنهَشونَ بأسنانِهِمْ، ويُنادونَ: سلامٌ! والذي لا يَجعَلُ في أفواهِهِمْ شَيئًا، يَفتَحونَ علَيهِ حَربًا" (مي3: 5).
+ "إنْ كانَ أحَدٌ يُعَلمُ تعليمًا آخَرَ، ولا يوافِقُ كلِماتِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ الصَّحيحَةَ، والتَّعليمَ الذي هو حَسَبَ التَّقوَى، فقد تصَلَّفَ، وهو لا يَفهَمُ شَيئًا، بل هو مُتَعَللٌ بمُباحَثاتٍ ومُماحَكاتِ الكلامِ، التي مِنها يَحصُلُ الحَسَدُ والخِصامُ والاِفتِراءُ والظُّنونُ الرَّديَّةُ، ومُنازَعاتُ أُناسٍ فاسِدي الذهنِ وعادِمي الحَق، يَظُنّونَ أنَّ التَّقوَى تِجارَةٌ. تجَنَّبْ مِثلَ هؤُلاءِ" (1تي6: 3-5).
+ "إذ قد سمِعنا أنَّ أُناسًا خارِجينَ مِنْ عِندِنا أزعَجوكُمْ بأقوالٍ، مُقَلبينَ أنفُسَكُمْ، وقائلينَ أنْ تختَتِنوا وتحفَظوا النّاموسَ، الذينَ نَحنُ لم نأمُرهُمْ" (أع15: 24).
+ "لأنَّنا لسنا كالكَثيرينَ غاشينَ كلِمَةَ اللهِ، لكن كما مِنْ إخلاصٍ، بل كما مِنَ اللهِ نتكلَّمُ أمامَ اللهِ في المَسيحِ" (2كو2: 17).
+ "إني أتعَجَّبُ أنَّكُمْ تنتَقِلونَ هكذا سريعًا عن الذي دَعاكُمْ بنِعمَةِ المَسيحِ إلَى إنجيلٍ آخَرَ! ليس هو آخَرَ، غَيرَ أنَّهُ يوجَدُ قَوْمٌ يُزعِجونَكُمْ ويُريدونَ أنْ يُحَولوا إنجيلَ المَسيحِ. ولكن إنْ بَشَّرناكُمْ نَحنُ أو مَلاكٌ مِنَ السماءِ بغَيرِ ما بَشَّرناكُمْ، فليَكُنْ أناثيما! كما سبَقنا فقُلنا أقولُ الآنَ أيضًا: إنْ كانَ أحَدٌ يُبَشرُكُمْ بغَيرِ ما قَبِلتُمْ، فليَكُنْ أناثيما" (غل1: 6-9).
+ "أمّا قَوْمٌ فعَنْ حَسَدٍ وخِصامٍ يَكرِزونَ بالمَسيحِ، وأمّا قَوْمٌ فعَنْ مَسَرَّةٍ. فهؤُلاءِ عن تحَزُّبٍ يُنادونَ بالمَسيحِ لا عن إخلاصٍ" (في1: 15-16).
+ "فإنَّهُ يوجَدُ كثيرونَ مُتَمَردينَ يتكلَّمونَ بالباطِلِ، ويَخدَعونَ العُقولَ، ولاسيَّما الذينَ مِنَ الخِتانِ، الذينَ يَجِبُ سدُّ أفواهِهِمْ، فإنَّهُمْ يَقلِبونَ بُيوتًا بجُملَتِها، مُعَلمينَ ما لا يَجِبُ، مِنْ أجلِ الربحِ القَبيحِ" (تي1: 10-11).
(2) سبب هذه الانحرافات
كل هذا الكم الهائل من الآيات ينبئنا بحتمية ظهور البدع والهرطقات والآراء المنحرفة في الفكر والتفسير.. ولكن ما السبب في ظهور هذه البدع؟
(أ) الكبرياء:
لاشك أن الإنسان المتضع يسمع الرأي الآخر، ويصحح أفكاره ولا يتشبث بها، وهو قابل للتعليم والخضوع، ولكن المتكبرين دائمًا يسقطون في الانحرافات ولا يقبلوا أن يتعلموا من أي أحد.. حقًا قيل في هذا:
+ "انتَهَرتَ المُتَكَبرينَ المَلاعينَ الضّالينَ عن وصاياكَ" (مز119: 21).
+ وأيضًا.. "المُتَكَبرونَ استَهزأوا بي إلَى الغايَةِ. عن شَريعَتِكَ لم أمِلْ" (مز119: 51).
+ "المُتَكَبرونَ قد لَفَّقوا علَيَّ كذِبًا، أمّا أنا فبكُل قَلبي أحفَظُ وصاياكَ" (مز119: 69).
+ وقيل في حكمة سيراخ: "داء المتكبر لا دواء له لأن جرثومة الشر قد تأصلت فيه" (سيراخ 3: 30).
لذلك قيل: "توَكَّلْ علَى الربِّ بكُلِّ قَلبِكَ، وعلَى فهمِكَ لا تعتَمِدْ" (أم3: 5).
(ب) حرية العقل الإنساني:
لقد خلقنا الله أحرارًا مُفكرين عاقلين، وهذه عطية عظيمة يتميز بها البشر عن سائر المخلوقات.. هذا العقل الممنوح للإنسان هو سبب كل الانحرافات الفكرية بسبب حرية الإنسان في التفكير.. "اُنظُرْ. قد جَعَلتُ اليومَ قُدّامَكَ الحياةَ والخَيرَ، والموتَ والشَّرَّ" (تث30: 15).
كان ينبغي أن يتعقل الإنسان ويفكر بطريقة صحيحة متضعة ويخضع عقله وقلبه للرب وللآباء القديسين ويتعلم من الكبار حتى لا ينحرف، ولكن الكبرياء يُفسد كل فكر صالح..
حقًا قيل:
+ "تأتي الكِبرياءُ فيأتي الهَوانُ، ومع المُتَواضِعينَ حِكمَةٌ" (أم11: 2).
+ "الخِصامُ إنَّما يَصيرُ بالكِبرياءِ، ومع المُتَشاوِرينَ حِكمَةٌ" (أم13: 10).
+ "أول كبرياء الإنسان ارتداده عن الرب" (سيراخ 10: 14).
عندما يفكر الإنسان قد يصيب وقد يخطيء، وعندما يخطيء قد يصحح خطأه أو يُصر عليه، فإذا أصر على خطأه ماذا تعمل معه الكنيسة؟
المطلوب من الكنيسة أن توبخه وتصحح له أفكاره، كما قيل عن دور الأسقف أنه يكون: "مُلازِمًا للكلِمَةِ الصّادِقَةِ التي بحَسَبِ التَّعليمِ، لكَيْ يكونَ قادِرًا أنْ يَعِظَ بالتَّعليمِ الصَّحيحِ ويوَبخَ المُناقِضينَ" (تي1: 9). أما الإنسان المستهتر والمتكبر فيقال عنه: "مَنْ يوَبِّخْ مُستَهزِئًا يَكسَبْ لنَفسِهِ هَوانًا، ومَنْ يُنذِرْ شِرِّيرًا يَكسَبْ عَيبًا" (أم9: 7).
ولا يمكن أن تستخدم الكنيسة سلاح التصفية الجسدية، لأن السيد المسيح أمرنا في مَثَل الزوان والحنطة.. "دَعوهُما يَنميانِ كِلاهُما مَعًا إلَى الحَصادِ، وفي وقتِ الحَصادِ أقولُ للحَصّادينَ: اجمَعوا أوَّلاً الزَّوانَ واحزِموهُ حُزَمًا ليُحرَقَ، وأمّا الحِنطَةَ فاجمَعوها إلَى مَخزَني" (مت13: 30).
وقد فهم الآباء هذه الآية على أنه لا يجوز قتل الهرطوقي بل يُترك إلى وقت الحصاد، والمسيحية عمومًا لا تجيز القتل لأي سبب.. فالبديل الوحيد هو طرد الشخص من شركة الكنيسة، حتى ولو أدى الأمر أنه سينحرف ويؤسس طائفة جديدة ويُحدث انشقاقًا في الكنيسة.. "وأعزِلُ مِنكُمُ المُتَمَردينَ والعُصاةَ علَيَّ. أُخرِجُهُمْ مِنْ أرضِ غُربَتِهِمْ ولا يَدخُلونَ أرضَ إسرائيلَ، فتعلَمونَ أني أنا الرَّب" (حز20: 38)، "فاعزِلوا الخَبيثَ مِنْ بَينِكُمْ" (1كو5: 13).
+ في العهد القديم.. كان يقتل الشخص المحرض الشعب على الزيغ من وراء الرب.. "وذلكَ النَّبيُّ أو الحالِمُ ذلكَ الحُلمَ يُقتَلُ، لأنَّهُ تكلَّمَ بالزَّيغِ مِنْ وراءِ الرَّب إلهِكُمُ الذي أخرَجَكُمْ مِنْ أرضِ مِصرَ، وفَداكُمْ مِنْ بَيتِ العُبوديَّةِ، لكَيْ يُطَوحَكُمْ عن الطريقِ التي أمَرَكُمُ الرَّبُّ إلهُكُمْ أنْ تسلُكوا فيها. فتنزِعونَ الشَّرَّ مِنْ بَينِكُمْ" (تث13: 5).
+ ولكن في العهد الجديد.. يتم حرم الشخص المبتدع.. "ولكن إنْ بَشَّرناكُمْ نَحنُ أو مَلاكٌ مِنَ السماءِ بغَيرِ ما بَشَّرناكُمْ، فليَكُنْ أناثيما! كما سبَقنا فقُلنا أقولُ الآنَ أيضًا: إنْ كانَ أحَدٌ يُبَشرُكُمْ بغَيرِ ما قَبِلتُمْ، فليَكُنْ أناثيما!" (غل1: 8-9). (كلمة "أناثيما" كلمة يونانية معناها "محروم" أو "ملعون").
(ج) حرب الشيطان:
إن أعظم ما يهدد مملكة الشيطان هو الإيمان المستقيم، لذلك يجتهد الشيطان بكل قوته أن يزعزع ويحرّف الإيمان. لقد أثار الشيطان حربًا شعواء ضد الكنيسة من خارجها بالاضطهاد الذي مارسته ضدها الدولة الرومانية بكل قوتها واليهود بكل قساوتهم.. ولم يستطع الشيطان أن يهز الكنيسة، بل بالعكس قيل إن "دم الشهداء بذار الكنيسة".
وعندما لجأ الشيطان إلى سلاح الهرطقة والبدع والتعاليم المنحرفة.. أتعب الكنيسة جدًّا وأحدث فيها انشقاقات. ولقد أنبأنا السيد المسيح بأن الشيطان سوف يزرع زوانًا وسط الحنطة.. "فلَمّا طَلَعَ النَّباتُ وصَنَعَ ثَمَرًا، حينَئذٍ ظَهَرَ الزَّوانُ أيضًا" (مت13: 26).
لذلك قيل:
+ "ولكن الرّوحَ يقولُ صَريحًا: إنَّهُ في الأزمِنَةِ الأخيرَةِ يَرتَدُّ قَوْمٌ عن الإيمانِ، تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ، في رياءِ أقوالٍ كاذِبَةٍ، مَوْسومَةً ضَمائرُهُمْ" (1تي4: 1-2).
+ "ليستْ هذِهِ الحِكمَةُ نازِلَةً مِنْ فوقُ، بل هي أرضيَّةٌ نَفسانيَّةٌ شَيطانيَّة" (يع3: 15).
+ "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ هُم رُسُلٌ كذَبَةٌ، فعَلَةٌ ماكِرونَ، مُغَيرونَ شَكلهُمْ إلَى شِبهِ رُسُلِ المَسيحِ. ولا عَجَبَ. لأنَّ الشَّيطانَ نَفسَهُ يُغَيرُ شَكلهُ إلَى شِبهِ مَلاكِ نورٍ! فليس عظيمًا إنْ كانَ خُدّامُهُ أيضًا يُغَيرونَ شَكلهُمْ كخُدّامٍ للبِر. الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 13-15).
(3) ما هي خطورة هذه التعاليم المنحرفة؟
أهم خطورة هي الهلاك..
+ "الذينَ يَدُسّونَ بدَعَ هَلاكٍ. وإذ هُم يُنكِرونَ الرَّبَّ الذي اشتَراهُمْ، يَجلِبونَ علَى أنفُسِهِمْ هَلاكًا سريعًا. وسَيَتبَعُ كثيرونَ تهلُكاتِهِمْ" (2بط2: 1-2).
+ الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 15).
+ قيل عن هؤلاء الهراطقة أنهم "أعداءُ صَليبِ المَسيحِ" (في3: 18).
وهناك أيضًا خطورة الانقسام والتشويش في الكنيسة..
+ "مِنّا خرجوا، لكنهُمْ لم يكونوا مِنّا، لأنَّهُمْ لو كانوا مِنّا لَبَقوا معنا. لكن ليُظهَروا أنهُم ليسوا جميعُهُمْ مِنّا" (1يو2: 19).. وهذا ضد اتجاه المسيح في كنيسته الواحدة.. "ولكنني أطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، باسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، أنْ تقولوا جميعُكُمْ قَوْلاً واحِدًا، ولا يكونَ بَينَكُمُ انشِقاقاتٌ، بل كونوا كامِلينَ في فِكرٍ واحِدٍ ورأيٍ واحِدٍ" (1كو1: 10).
فالكنيسة لابد أن تكون واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية:
+ "ولي خِرافٌ أُخَرُ ليستْ مِنْ هذِهِ الحَظيرَةِ، يَنبَغي أنْ آتيَ بتِلكَ أيضًا فتسمَعُ صوتي، وتكونُ رَعيَّةٌ واحِدَةٌ وراعٍ واحِدٌ" (يو10: 16).
+ "ليَجمَعَ أبناءَ اللهِ المُتَفَرقينَ إلَى واحِدٍ" (يو11: 52).
+ "أيُّها الآبُ القُدّوسُ، احفَظهُمْ في اسمِكَ الذينَ أعطَيتَني، ليكونوا واحِدًا كما نَحن"ُ (يو17: 11).
+ "ليكونَ الجميعُ واحِدًا، كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيَّ وأنا فيكَ، ليكونوا هُم أيضًا واحِدًا فينا، ليؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني" (يو17: 21).
+ "وأنا قد أعطَيتُهُمُ المَجدَ الذي أعطَيتَني، ليكونوا واحِدًا كما أنَّنا نَحنُ واحِدٌ" (يو17: 22).
+ "أنا فيهِمْ وأنتَ فيَّ ليكونوا مُكَمَّلينَ إلَى واحِدٍ، وليَعلَمَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني، وأحبَبتَهُمْ كما أحبَبتَني" (يو17: 23).
الكنيسة هي جسد المسيح، والمسيح واحد فلابد أن تكون الكنيسة واحدة لها "رَبٌّ واحِدٌ، إيمانٌ واحِدٌ، مَعموديَّةٌ واحِدَةٌ" (أف4: 5). كيف يكون للمسيح جسدين؟ أي كنيستين بإيمانين مختلفين!!
لابد أن يكون الإيمان واحدًا لتكون الكنيسة واحدة، وكل مَنْ يخالف إيمان الكنيسة بسبب حريته في التفكير وذكائه الذي قاده إلى أفكار جديدة وغريبة، لا مكان له في الكنيسة إلا إذا أخضع فكره لفكر المسيح.
كمثلما قال معلمنا بولس الرسول:
+ "أمّا نَحنُ فلَنا فِكرُ المَسيحِ" (1كو2: 16).
+ "فتَمموا فرَحي حتَّى تفتَكِروا فِكرًا واحِدًا ولكُمْ مَحَبَّةٌ واحِدَةٌ بنَفسٍ واحِدَةٍ، مُفتَكِرينَ شَيئًا واحِدًا" (في2: 2).
أما المتكبرون فقيل عنهم:
+ "شَتَّتَ المُستَكبِرينَ بفِكرِ قُلوبِهِمْ" (لو1: 51).
+ "ولكنني أطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، باسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، أنْ تقولوا جميعُكُمْ قَوْلاً واحِدًا، ولا يكونَ بَينَكُمُ انشِقاقاتٌ، بل كونوا كامِلينَ في فِكرٍ واحِدٍ ورأيٍ واحِدٍ" (1كو1: 10).
+ "هادِمينَ ظُنونًا وكُلَّ عُلوٍ يَرتَفِعُ ضِدَّ مَعرِفَةِ اللهِ، ومُستأسِرينَ كُلَّ فِكرٍ إلَى طاعَةِ المَسيحِ" (2كو10: 5).
أما الهراطقة فهم..
+ "مُظلِمو الفِكرِ، ومُتَجَنبونَ عن حياةِ اللهِ لسَبَبِ الجَهلِ الذي فيهِمْ بسَبَبِ غِلاظَةِ قُلوبِهِمْ" (أف4: 18).
لذلك قيل أيضًا:
+ "فِكرًا واحِدًا في الرَّب" (في4: 2).
+ "فكرْ بهذِهِ الأُمورِ، مُناشِدًا قُدّامَ الرَّب أنْ لا يتماحَكوا بالكلامِ. الأمرُ غَيرُ النّافِعِ لشَيءٍ، لهَدمِ السّامِعينَ" (2تي2: 14).
وهناك خطر انتشار التعليم المنحرف..
+ "ليس افتِخارُكُمْ حَسَنًا. ألستُمْ تعلَمونَ أنَّ خَميرَةً صَغيرَةً تُخَمرُ العَجينَ كُلَّهُ؟ إذًا نَقّوا مِنكُمُ الخَميرَةَ العتيقَةَ، لكَيْ تكونوا عَجينًا جديدًا كما أنتُمْ فطيرٌ. لأنَّ فِصحَنا أيضًا المَسيحَ قد ذُبِحَ لأجلِنا" (1كو5: 6-7).
+ "لا تضِلّوا: فإنَّ المُعاشَراتِ الرَّديَّةَ تُفسِدُ الأخلاقَ الجَيدَةَ" (1كو15: 33).
+ "كُنتُمْ تسعَوْنَ حَسَنًا. فمَنْ صَدَّكُمْ حتَّى لا تُطاوِعوا للحَق؟ هذِهِ المُطاوَعَةُ ليستْ مِنَ الذي دَعاكُمْ. خَميرَةٌ صَغيرَةٌ تُخَمرُ العَجينَ كُلَّهُ" (غل5: 7-9).
+ "وكلِمَتُهُمْ ترعَى كآكِلَةٍ. الذينَ مِنهُمْ هيمينايُسُ وفيليتُسُ، اللذانِ زاغا عن الحَق، قائلَينِ: إنَّ القيامَةَ قد صارَتْ فيَقلِبانِ إيمانَ قَوْمٍ" (2تي2: 17-18).
وأيضًا خطورة أن الشيطان يسود على المؤمنين من خلال التعاليم المنحرفة الشيطانية..
+ "تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ" (1تي4: 1).
+ "ليستْ هذِهِ الحِكمَةُ نازِلَةً مِنْ فوقُ، بل هي أرضيَّةٌ نَفسانيَّةٌ شَيطانيَّةٌ" (يع3: 15).
+ "لأنَّهُ سيكونُ وقتٌ لا يَحتَمِلونَ فيهِ التَّعليمَ الصَّحيحَ، بل حَسَبَ شَهَواتِهِمُ الخاصَّةِ يَجمَعونَ لهُمْ مُعَلمينَ مُستَحِكَّةً مَسامِعُهُمْ، فيَصرِفونَ مَسامِعَهُمْ عن الحَق، ويَنحَرِفونَ إلَى الخُرافاتِ" (2تي4: 3-4).
وأصحاب التعليم المنحرف هم خدام الشيطان.. "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ هُم رُسُلٌ كذَبَةٌ، فعَلَةٌ ماكِرونَ، مُغَيرونَ شَكلهُمْ إلَى شِبهِ رُسُلِ المَسيحِ. ولا عَجَبَ. لأنَّ الشَّيطانَ نَفسَهُ يُغَيرُ شَكلهُ إلَى شِبهِ مَلاكِ نورٍ! فليس عظيمًا إنْ كانَ خُدّامُهُ أيضًا يُغَيرونَ شَكلهُمْ كخُدّامٍ للبِر. الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 13-15).
وقد وصفهم معلمنا بولس الرسول بالتمرد.. "فإنَّهُ يوجَدُ كثيرونَ مُتَمَردينَ يتكلَّمونَ بالباطِلِ، ويَخدَعونَ العُقولَ، ولاسيَّما الذينَ مِنَ الخِتانِ" (تي1: 10).
ومعروف أن التمرد كعبادة الأوثان..
+ "هُمْ مِنَ العالَمِ، مِنْ أجلِ ذلكَ يتكلَّمونَ مِنَ العالَمِ، والعالَمُ يَسمَعُ لهُمْ. نَحنُ مِنَ اللهِ، فمَنْ يَعرِفُ اللهَ يَسمَعُ لنا، ومَنْ ليس مِنَ اللهِ لا يَسمَعُ لنا. مِنْ هذا نَعرِفُ روحَ الحَق وروحَ الضَّلالِ" (1يو4: 5-6).
+ "الذي مِنَ اللهِ يَسمَعُ كلامَ اللهِ. لذلكَ أنتُمْ لستُمْ تسمَعونَ، لأنَّكُمْ لستُمْ مِنَ اللهِ" (يو8: 47).
(4) دور الكنيسة في مواجهة التعاليم المنحرفة
(أ) التمييز والافراز:
أي معرفة ما هو صحيح مما هو خاطئ، وعدم التسرع في الحكم..
+ "أيُّها الأحِبّاءُ، لا تُصَدقوا كُلَّ روحٍ، بل امتَحِنوا الأرواحَ: هل هي مِنَ اللهِ؟ لأنَّ أنبياءَ كذَبَةً كثيرينَ قد خرجوا إلَى العالَمِ" (1يو4: 1).
+ "امتَحِنوا كُلَّ شَيءٍ، تمَسَّكوا بالحَسَنِ" (1تس5: 21).
+ "وقد جَرَّبتَ القائلينَ إنهُم رُسُلٌ ولَيسوا رُسُلاً، فوَجَدتَهُمْ كاذِبينَ" (رؤ2: 2).
لذلك طلب منا السيد المسيح أن نكون حكماء..
+ "ها أنا أُرسِلُكُمْ كغَنَمٍ في وسطِ ذِئابٍ، فكونوا حُكَماءَ كالحَيّاتِ وبُسَطاءَ كالحَمامِ" (مت10: 16).
+ "اِحتَرِزوا مِنَ الأنبياءِ الكَذَبَةِ الذينَ يأتونَكُمْ بثيابِ الحُملانِ، ولكنهُمْ مِنْ داخِلٍ ذِئابٌ خاطِفَةٌ!" (مت7: 15).
كيف نعرفهم إذًا؟ إن الأمر يتطلب موهبة من الروح القدس اسمها "تمييزُ الأرواحِ" (1كو12: 10). وأيضًا علَّمنا السيد المسيح أنه "مِنْ ثِمارِهِمْ تعرِفونَهُمْ" (مت7: 16). وما هي ثمارهم؟
+ "مِنها يَحصُلُ الحَسَدُ والخِصامُ والاِفتِراءُ والظُّنونُ الرَّديَّةُ، ومُنازَعاتُ أُناسٍ فاسِدي الذهنِ وعادِمي الحَق" (1تي6: 4-5).
+ "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ لا يَخدِمونَ رَبَّنا يَسوعَ المَسيحَ بل بُطونَهُمْ. وبالكلامِ الطَّيبِ والأقوالِ الحَسَنَةِ يَخدَعونَ قُلوبَ السُّلَماءِ" (رو16: 18).
+ "إنْ كانَ لكُمْ غَيرَةٌ مُرَّةٌ وتحَزُّبٌ في قُلوبِكُمْ، فلا تفتَخِروا وتكذِبوا علَى الحَق. ليستْ هذِهِ الحِكمَةُ نازِلَةً مِنْ فوقُ، بل هي أرضيَّةٌ نَفسانيَّةٌ شَيطانيَّةٌ. لأنَّهُ حَيثُ الغَيرَةُ والتَّحَزُّبُ، هناكَ التَّشويشُ وكُلُّ أمرٍ رَديءٍ" (يع3: 14-16).
+ "أمّا قَوْمٌ فعَنْ حَسَدٍ وخِصامٍ يَكرِزونَ بالمَسيحِ، وأمّا قَوْمٌ فعَنْ مَسَرَّةٍ. فهؤُلاءِ عن تحَزُّبٍ يُنادونَ بالمَسيحِ لا عن إخلاصٍ، ظانينَ أنهُم يُضيفونَ إلَى وُثُقي ضيقًا" (في1: 15-16).
إن التعاليم المنحرفة "تُسَببُ مُباحَثاتٍ دونَ بُنيانِ اللهِ الذي في الإيمانِ" (1تي1: 4). الخادم الحقيقي يجمع ويوحد ويبني وينمو في هدوء وخضوع وانسجام مع الكنيسة، فليست من مواهب الروح القدس الثورة والتمرد والخصام والانشقاق والسجس والتحزب وعدم الخضوع.. "ولكن إنْ كانَ أحَدٌ يُظهِرُ أنَّهُ يُحِبُّ الخِصامَ، فليس لنا نَحنُ عادَةٌ مِثلُ هذِهِ، ولا لكَنائسِ اللهِ" (1كو11: 16).
(ب) التجنب والإنذار والتوبيخ:
+ "ثُمَّ نوصيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، باسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، أنْ تتجَنَّبوا كُلَّ أخٍ يَسلُكُ بلا ترتيبٍ، وليس حَسَبَ التَّعليمِ الذي أخَذَهُ مِنّا (2تس3: 6).
+ "ونَطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ: أنذِروا الذينَ بلا ترتيبٍ. شَجعوا صِغارَ النُّفوسِ. أسنِدوا الضُّعَفاءَ. تأنَّوْا علَى الجميع"ِ (1تس5: 15).
+ "وإنْ كانَ أحَدٌ لا يُطيعُ كلامَنا بالرسالَةِ، فسِموا هذا ولا تُخالِطوهُ لكَيْ يَخجَلَ، ولكن لا تحسِبوهُ كعَدو، بل أنذِروهُ كأخٍ" (2تس3: 14-15).
+ "الرَّجُلُ المُبتَدِعُ بَعدَ الإنذارِ مَرَّةً ومَرَّتَينِ، أعرِضْ عنهُ" (تي3: 10).
+ "أعرِضوا عنهُمْ" (رو16: 17).
+ "وبخهُمْ بصَرامَةٍ لكَيْ يكونوا أصِحّاءَ في الإيمانِ، لا يُصغونَ إلَى خُرافاتٍ يَهوديَّةٍ، ووَصايا أُناسٍ مُرتَدينَ عن الحَق" (تي1: 13-14).
+ "الذينَ يُخطِئونَ وبخهُمْ أمامَ الجميعِ، لكَيْ يكونَ عِندَ الباقينَ خَوْفٌ" (1تي5: 20).
وهذا ما تم وما يتم في المجامع التي تعقدها الكنيسة لمحاكمة الهراطقة سواء كانت مجامع محلية أو مسكونية.. ويكون دائمًا الهدف الأول هو أن نربح الأخ المخطئ بإقلاعه عن الخطأ "وعَبدُ الرَّب لا يَجِبُ أنْ يُخاصِمَ، بل يكونُ مُتَرَفقًا بالجميعِ، صالِحًا للتَّعليمِ، صَبورًا علَى المَشَقّاتِ، مؤَدبًا بالوَداعَةِ المُقاوِمينَ، عَسَى أنْ يُعطيَهُمُ اللهُ توبَةً لمَعرِفَةِ الحَق، فيَستَفيقوا مِنْ فخ إبليسَ إذ قد اقتَنَصَهُمْ لإرادَتِهِ" (2تي2: 24-26).
ولكن ماذا إذا كان العند والكبرياء يمنعان الشخص المُنحرف من الاعتراف بالخطأ وتصحيح أخطائه؟ فكل الهراطقة يعتبرون أنفسهم أرثوذكسيين حقيقيين، وأن الكنيسة مُخطئة في فهمهم أو في فهم الإيمان السليم!! فلو كان الأمر هكذا ولم يرتدع الشخص المُنحرف.. تضطر الكنيسة أن يتطور رد فعلها من مجرد الإنذار والتوبيخ إلى القطع.
(ج) القطع:
+ "ولكن إنْ بَشَّرناكُمْ نَحنُ أو مَلاكٌ مِنَ السماءِ بغَيرِ ما بَشَّرناكُمْ، فليَكُنْ أناثيما!" (غل1: 6-8).
+ "إنْ كانَ أحَدٌ يأتيكُمْ، ولا يَجيءُ بهذا التَّعليمِ، فلا تقبَلوهُ في البَيتِ، ولا تقولوا لهُ سلامٌ. لأنَّ مَنْ يُسَلمُ علَيهِ يَشتَرِكُ في أعمالِهِ الشريرَةِ" (2يو10-11).
+ "لا تُخالِطوا ولا تؤاكِلوا مِثلَ هذا" (1كو5: 11)..
هنا تتخذ الكنيسة – آسفة – سلاح القطع والحرم والربط الذي أعطي لها من أجل حفظ الإيمان..
+ "كُلُّ ما تربِطونَهُ علَى الأرضِ يكونُ مَربوطًا في السماءِ، وكُلُّ ما تحُلّونَهُ علَى الأرضِ يكونُ مَحلولاً في السماءِ" (مت18: 18).
+ "سُلطانِنا الذي أعطانا إيّاهُ الرَّبُّ، لبُنيانِكُمْ لا لهَدمِكُمْ" (2كو10: 8).
+ "حَسَبَ السُّلطانِ الذي أعطاني إيّاهُ الرَّبُّ للبُنيانِ لا للهَدمِ" (2كو13: 10).
(د) توعية الشعب لأخطار التعليم المنحرف:
+ "إنْ فكَّرتَ الإخوَةَ بهذا، تكونُ خادِمًا صالِحًا ليَسوعَ المَسيحِ، مُتَرَبيًا بكلامِ الإيمانِ والتَّعليمِ الحَسَنِ الذي تتبَّعتَهُ" (1تي4: 6).
+ "لاحِظْ نَفسَكَ والتَّعليمَ وداوِمْ علَى ذلكَ، لأنَّكَ إذا فعَلتَ هذا، تُخَلصُ نَفسَكَ والذينَ يَسمَعونَكَ أيضًا" (1تي4: 19).
+ "قد هَلكَ شَعبي مِنْ عَدَمِ المَعرِفَةِ. لأنَّكَ أنتَ رَفَضتَ المَعرِفَةَ أرفُضُكَ أنا حتَّى لا تكهَنَ لي" (هو4: 6).
+ "إنْ سمِعوا وأطاعوا قَضَوْا أيّامَهُمْ بالخَيرِ وسِنيهِمْ بالنعَمِ. وإنْ لم يَسمَعوا، فبحَربَةِ الموتِ يَزولونَ، ويَموتونَ بعَدَمِ المَعرِفَةِ" (أي36: 11-12).
+ "كُفَّ يا ابني عن استِماعِ التَّعليمِ للضَّلالَةِ عن كلامِ المَعرِفَةِ" (أم19: 27).
+ "وأُعطيكُمْ رُعاةً حَسَبَ قَلبي، فيَرعونَكُمْ بالمَعرِفَةِ والفَهمِ" (إر3: 15).
+ "لأنَّ شَفَتَيِ الكاهِنِ تحفَظانِ مَعرِفَةً، ومِنْ فمِهِ يَطلُبونَ الشَّريعَةَ، لأنَّهُ رَسولُ رَب الجُنود"ِ (ملا2: 7).
+ "مؤَدبًا بالوَداعَةِ المُقاوِمينَ، عَسَى أنْ يُعطيَهُمُ اللهُ توبَةً لمَعرِفَةِ الحَق" (2تي2: 25).
إن الكنيسة مسئولة أمام الله مسئولية تاريخية أن تحافظ على الإيمان القويم الذي استلمته وتسلّمه إلى الأجيال القادمة تسليمًا نقيًا كاملاً.. والكنيسة مُطالبة أمام الله والتاريخ بعزل كل شخص ينحرف عن الإيمان السليم مهما كان وضعه.
وكما كان في عصر الآباء الرسل هراطقة تم إبعادهم، وكذلك في كل عصور الكنيسة مرورًا بالقديس أثناسيوس والقديس كيرلس والقديس ديسقوروس وحتى وصولنا إلى عصرنا الحديث في وجود آباء قديسين أقوياء ويدافعون عن الإيمان بنفس العزيمة التي ورثناها عن آبائنا القديسين.
الرب يحفظ كنيسته سالمة من شر الهراطقة.
آمين.
بقلم نيافة الأنبا رافائيل
قد يتعجب البعض عندما يجد خادمًا بالكنيسة يتكلم بتعليم منحرف، ويتساءل الناس.. لماذا يوجد مثل هذه الانحرافات في تعليم البعض؟ وعندما تواجه الكنيسة هؤلاء المنحرفين، وتكشف أخطاءهم لتحذير الشعب، ينبرى بعض غير العارفين ويلومون الكنيسة ويعتبرونها تحجر على الآراء، وتمنع الفكر والابداع، وتستأثر لنفسها حق التعليم والشرح. وقد يتعاطف البعض مع الأشخاص الذين تأخذ الكنيسة منهم موقفًا حازمًا بسبب أخطائهم وعدم توبتهم، أو بالأحرى عدم رغبتهم في تصحيح أخطائهم بسبب اقتناعهم بأنهم غير مخطئين.
وقد يظن البعض أن الكنيسة مقصّرة في نشر التعليم السليم، ولذلك خرج منها هؤلاء المنحرفون، أو أن طريقة معالجة هذه المشاكل يشوبها القصور، مما يجعلها تتفاقم إلى الحد الذي تنفجر فيه المشكلة بخروج الشخص المهرطق أو المبتدع ومعه جمعًا كبيرًا من الناس محدثين أزمة وانشقاقًا وانزعاجًا في الكنيسة. تُرى.. ما هي الحقيقة التي يعلنها الكتاب المقدس بخصوص هؤلاء المبتدعين؟
(1) الكتاب المقدس ينبئنا بحتمية ظهور المبتدعين
ليس جديدًا أن يكون هناك مبتدعين خارجين عن الإيمان السليم.. فتاريخ الكنيسة مليء بهم منذ العهد القديم ومنذ عصر الرسل مرورًا بعصر المجامع وحتى اليوم، وهذا ما أنبأنا به الكتاب المقدس:
+ "لأنَّهُ لا بُدَّ أنْ يكونَ بَينَكُمْ بدَعٌ أيضًا، ليكونَ المُزَكَّوْنَ ظاهِرينَ بَينَكُمْ" (1كو11: 19).
+ "ويلٌ للعالَمِ مِنَ العَثَراتِ! فلا بُدَّ أنْ تأتيَ العَثَراتُ، ولكن ويلٌ لذلكَ الإنسانِ الذي بهِ تأتي العَثرَةُ!" (مت18: 7).
+ "لأني أعلَمُ هذا: أنَّهُ بَعدَ ذَهابي سيَدخُلُ بَينَكُمْ ذِئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشفِقُ علَى الرَّعيَّةِ. ومِنكُمْ أنتُمْ سيَقومُ رِجالٌ يتكلَّمونَ بأُمورٍ مُلتَويَةٍ ليَجتَذِبوا التلاميذَ وراءَهُمْ" (أع20: 29-30).
+ "ولكن الرّوحَ يقولُ صَريحًا: إنَّهُ في الأزمِنَةِ الأخيرَةِ يَرتَدُّ قَوْمٌ عن الإيمانِ، تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ، في رياءِ أقوالٍ كاذِبَةٍ، مَوْسومَةً ضَمائرُهُمْ" (1تي4: 1-2).
+ "ولكن، كانَ أيضًا في الشَّعبِ أنبياءُ كذَبَةٌ، كما سيكونُ فيكُم أيضًا مُعَلمونَ كذَبَةٌ، الذينَ يَدُسّونَ بدَعَ هَلاكٍ. وإذ هُم يُنكِرونَ الرَّبَّ الذي اشتَراهُمْ، يَجلِبونَ علَى أنفُسِهِمْ هَلاكًا سريعًا. وسَيَتبَعُ كثيرونَ تهلُكاتِهِمْ. الذينَ بسَبَبِهِمْ يُجَدَّفُ علَى طريقِ الحَق. وهُمْ في الطَّمَعِ يتَّجِرونَ بكُمْ بأقوالٍ مُصَنَّعَةٍ، الذينَ دَينونَتُهُمْ منذُ القَديمِ لا تتوانَى، وهَلاكُهُمْ لا يَنعَسُ" (2بط2: 1-3).
+ "لا يَخدَعَنَّكُمْ أحَدٌ علَى طريقَةٍ ما، لأنَّهُ لا يأتي إنْ لم يأتِ الاِرتِدادُ أوَّلاً، ويُستَعلَنْ إنسانُ الخَطيَّةِ، ابنُ الهَلاك"ِ (2تس2: 3).
+ "الذي مَجيئُهُ بعَمَلِ الشَّيطانِ، بكُل قوَّةٍ، وبآياتٍ وعَجائبَ كاذِبَةٍ، وبكُل خَديعَةِ الإثمِ، في الهالِكينَ، لأنَّهُمْ لم يَقبَلوا مَحَبَّةَ الحَق حتَّى يَخلُصوا. ولأجلِ هذا سيُرسِلُ إليهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلالِ، حتَّى يُصَدقوا الكَذِبَ، لكَيْ يُدانَ جميعُ الذينَ لم يُصَدقوا الحَقَّ، بل سُرّوا بالإثمِ" (2تس2: 9-12).
+ "ولكن اعلَمْ هذا أنَّهُ في الأيّامِ الأخيرَةِ ستأتي أزمِنَةٌ صَعبَةٌ" (2تي3: 1).
+ "ولكن الناسَ الأشرارَ المُزَورينَ سيَتَقَدَّمونَ إلَى أردأَ، مُضِلينَ ومُضَلينَ" (2تي3: 13).
+ "وأمّا الأقوالُ الباطِلَةُ الدَّنِسَةُ فاجتَنِبها، لأنَّهُمْ يتقَدَّمونَ إلَى أكثَرِ فُجورٍ، وكلِمَتُهُمْ ترعَى كآكِلَةٍ. الذينَ مِنهُمْ هيمينايُسُ وفيليتُسُ، اللذانِ زاغا عن الحَق، قائلَينِ: إنَّ القيامَةَ قد صارَتْ فيَقلِبانِ إيمانَ قَوْمٍ" (2تي2: 16-18).
+ "لأنَّهُ سيكونُ وقتٌ لا يَحتَمِلونَ فيهِ التَّعليمَ الصَّحيحَ، بل حَسَبَ شَهَواتِهِمُ الخاصَّةِ يَجمَعونَ لهُمْ مُعَلمينَ مُستَحِكَّةً مَسامِعُهُمْ، فيَصرِفونَ مَسامِعَهُمْ عن الحَق، ويَنحَرِفونَ إلَى الخُرافاتِ" (2تي4: 3-4).
+ "أيُّها الأولادُ هي السّاعَةُ الأخيرَةُ. وكما سمِعتُمْ أنَّ ضِدَّ المَسيحِ يأتي، قد صارَ الآنَ أضدادٌ للمَسيحِ كثيرونَ. مِنْ هنا نَعلَمُ أنَّها السّاعَةُ الأخيرَةُ. مِنّا خرجوا، لكنهُمْ لم يكونوا مِنّا، لأنَّهُمْ لو كانوا مِنّا لَبَقوا معنا. لكن ليُظهَروا أنهُم ليسوا جميعُهُمْ مِنّا" (1يو2: 18-19).
+ "أيُّها الأحِبّاءُ، لا تُصَدقوا كُلَّ روحٍ، بل امتَحِنوا الأرواحَ: هل هي مِنَ اللهِ؟ لأنَّ أنبياءَ كذَبَةً كثيرينَ قد خرجوا إلَى العالَمِ. بهذا تعرِفونَ روحَ اللهِ: كُلُّ روحٍ يَعتَرِفُ بيَسوعَ المَسيحِ أنَّهُ قد جاءَ في الجَسَدِ فهو مِنَ اللهِ، وكُلُّ روحٍ لا يَعتَرِفُ بيَسوعَ المَسيحِ أنَّهُ قد جاءَ في الجَسَدِ، فليس مِنَ اللهِ. وهذا هو روحُ ضِد المَسيحِ الذي سمِعتُمْ أنَّهُ يأتي، والآنَ هو في العالَمِ" (1يو4: 1-3).
+ "مَنْ هو الكَذّابُ، إلا الذي يُنكِرُ أنَّ يَسوعَ هو المَسيحُ؟ هذا هو ضِدُّ المَسيحِ، الذي يُنكِرُ الآبَ والاِبنَ" (1يو2: 22).
+ "لأنَّهُ قد دَخَلَ إلَى العالَمِ مُضِلّونَ كثيرونَ، لا يَعتَرِفونَ بيَسوعَ المَسيحِ آتيًا في الجَسَدِ. هذا هو المُضِلُّ، والضدُّ للمَسيحِ" (2يو7).
+ "عالِمينَ هذا أوَّلاً: أنَّهُ سيأتي في آخِرِ الأيّامِ قَوْمٌ مُستَهزِئونَ، سالِكينَ بحَسَبِ شَهَواتِ أنفُسِهِمْ" (2بط3: 3).
+ "انظُروا! لا يُضِلَّكُمْ أحَدٌ. فإنَّ كثيرينَ سيأتونَ باسمي قائلينَ: أنا هو المَسيحُ! ويُضِلّونَ كثيرينَ" (مت24: 4-5).
+ "ويَقومُ أنبياءُ كذَبَةٌ كثيرونَ ويُضِلّونَ كثيرينَ" (مت24: 11).
+ "لأنَّهُ سيَقومُ مُسَحاءُ كذَبَةٌ وأنبياءُ كذَبَةٌ ويُعطونَ آياتٍ عظيمَةً وعَجائبَ، حتَّى يُضِلّوا لو أمكَنَ المُختارينَ أيضًا" (مت24: 24).
+ "اِحتَرِزوا مِنَ الأنبياءِ الكَذَبَةِ الذينَ يأتونَكُمْ بثيابِ الحُملانِ، ولكنهُمْ مِنْ داخِلٍ ذِئابٌ خاطِفَةٌ!" (مت7: 15).
+ "فقالَ الرَّبُّ لي: بالكَذِبِ يتنَبّأُ الأنبياءُ باسمي. لم أُرسِلهُمْ، ولا أمَرتُهُمْ، ولا كلَّمتُهُمْ. برؤيا كاذِبَةٍ وعِرافَةٍ وباطِلٍ ومَكرِ قُلوبِهِمْ هُم يتنَبّأونَ لكُمْ" (إر14: 14).
+ "هكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ: لا تسمَعوا لكلامِ الأنبياءِ الذينَ يتنَبّأونَ لكُمْ، فإنَّهُمْ يَجعَلونَكُمْ باطِلاً. يتكلَّمونَ برؤيا قَلبِهِمْ لا عن فمِ الرَّب" (إر23: 16).
+ "لم أُرسِلِ الأنبياءَ بل هُم جَرَوْا. لم أتكلَّمْ معهُمْ بل هُم تنَبّأوا" (إر23: 21).
+ "لأني لم أُرسِلهُمْ، يقولُ الرَّبُّ، بل هُم يتنَبّأونَ باسمي بالكَذِبِ، لكَيْ أطرُدَكُمْ فتهلِكوا أنتُمْ والأنبياءُ الذينَ يتنَبّأونَ لكُم" (إر27: 15).
+ "لأنَّهُ هكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ إلهُ إسرائيلَ: لا تغُشَّكُمْ أنبياؤُكُمُ الذينَ في وسطِكُمْ وعَرّافوكُمْ، ولا تسمَعوا لأحلامِكُمُ التي تتَحَلَّمونَها. لأنَّهُمْ إنَّما يتنَبّأونَ لكُمْ باسمي بالكَذِبِ. أنا لم أُرسِلهُمْ، يقولُ الرَّبُّ" (إر29: 8-9).
+ "وقد جَرَّبتَ القائلينَ إنهُم رُسُلٌ ولَيسوا رُسُلاً، فوَجَدتَهُمْ كاذِبينَ" (رؤ2: 2).
+ "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ هُم رُسُلٌ كذَبَةٌ، فعَلَةٌ ماكِرونَ، مُغَيرونَ شَكلهُمْ إلَى شِبهِ رُسُلِ المَسيحِ. ولا عَجَبَ. لأنَّ الشَّيطانَ نَفسَهُ يُغَيرُ شَكلهُ إلَى شِبهِ مَلاكِ نورٍ! فليس عظيمًا إنْ كانَ خُدّامُهُ أيضًا يُغَيرونَ شَكلهُمْ كخُدّامٍ للبِر. الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 13-15).
+ "لأنَّنا لسنا كالكَثيرينَ غاشينَ كلِمَةَ اللهِ، لكن كما مِنْ إخلاصٍ، بل كما مِنَ اللهِ نتكلَّمُ أمامَ اللهِ في المَسيحِ" (2كو2: 17).
+ "لا يَغُرَّكُمْ أحَدٌ بكلامٍ باطِلٍ، لأنَّهُ بسَبَبِ هذِهِ الأُمورِ يأتي غَضَبُ اللهِ علَى أبناءِ المَعصيَةِ. 7فلا تكونوا شُرَكاءَهُمْ" (أف5: 6-7).
+ "اُنظُروا أنْ لا يكونَ أحَدٌ يَسبيكُمْ بالفَلسَفَةِ وبغُرورٍ باطِلٍ، حَسَبَ تقليدِ الناسِ، حَسَبَ أركانِ العالَمِ، وليس حَسَبَ المَسيحِ" (كو2: 8).
+ "لأنَّ وعظَنا ليس عن ضَلالٍ، ولا عن دَنَسٍ، ولا بمَكرٍ" (1تس2: 3).
+ "أنا قد أتيتُ باسمِ أبي ولستُمْ تقبَلونَني. إنْ أتَى آخَرُ باسمِ نَفسِهِ فذلكَ تقبَلونَهُ" (يو5: 43).
+ "لا تُساقوا بتعاليمَ مُتَنَوعَةٍ وغَريبَةٍ، لأنَّهُ حَسَنٌ أنْ يُثَبَّتَ القَلبُ بالنعمَةِ، لا بأطعِمَةٍ لم يَنتَفِعْ بها الذينَ تعاطَوْها" (عب13: 9).
+ "كيْ لا نَكونَ في ما بَعدُ أطفالاً مُضطَرِبينَ ومَحمولينَ بكُل ريحِ تعليمٍ، بحيلَةِ الناسِ، بمَكرٍ إلَى مَكيدَةِ الضَّلالِ" (أف4: 14).
+ "وأطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ أنْ تُلاحِظوا الذينَ يَصنَعونَ الشقاقاتِ والعَثَراتِ، خِلافًا للتَّعليمِ الذي تعَلَّمتُموهُ، وأعرِضوا عنهُمْ. لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ لا يَخدِمونَ رَبَّنا يَسوعَ المَسيحَ بل بُطونَهُمْ. وبالكلامِ الطَّيبِ والأقوالِ الحَسَنَةِ يَخدَعونَ قُلوبَ السُّلَماءِ" (رو16: 17-18).
+ "هكذا قالَ الرَّبُّ علَى الأنبياءِ الذينَ يُضِلّونَ شَعبي، الذينَ يَنهَشونَ بأسنانِهِمْ، ويُنادونَ: سلامٌ! والذي لا يَجعَلُ في أفواهِهِمْ شَيئًا، يَفتَحونَ علَيهِ حَربًا" (مي3: 5).
+ "إنْ كانَ أحَدٌ يُعَلمُ تعليمًا آخَرَ، ولا يوافِقُ كلِماتِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ الصَّحيحَةَ، والتَّعليمَ الذي هو حَسَبَ التَّقوَى، فقد تصَلَّفَ، وهو لا يَفهَمُ شَيئًا، بل هو مُتَعَللٌ بمُباحَثاتٍ ومُماحَكاتِ الكلامِ، التي مِنها يَحصُلُ الحَسَدُ والخِصامُ والاِفتِراءُ والظُّنونُ الرَّديَّةُ، ومُنازَعاتُ أُناسٍ فاسِدي الذهنِ وعادِمي الحَق، يَظُنّونَ أنَّ التَّقوَى تِجارَةٌ. تجَنَّبْ مِثلَ هؤُلاءِ" (1تي6: 3-5).
+ "إذ قد سمِعنا أنَّ أُناسًا خارِجينَ مِنْ عِندِنا أزعَجوكُمْ بأقوالٍ، مُقَلبينَ أنفُسَكُمْ، وقائلينَ أنْ تختَتِنوا وتحفَظوا النّاموسَ، الذينَ نَحنُ لم نأمُرهُمْ" (أع15: 24).
+ "لأنَّنا لسنا كالكَثيرينَ غاشينَ كلِمَةَ اللهِ، لكن كما مِنْ إخلاصٍ، بل كما مِنَ اللهِ نتكلَّمُ أمامَ اللهِ في المَسيحِ" (2كو2: 17).
+ "إني أتعَجَّبُ أنَّكُمْ تنتَقِلونَ هكذا سريعًا عن الذي دَعاكُمْ بنِعمَةِ المَسيحِ إلَى إنجيلٍ آخَرَ! ليس هو آخَرَ، غَيرَ أنَّهُ يوجَدُ قَوْمٌ يُزعِجونَكُمْ ويُريدونَ أنْ يُحَولوا إنجيلَ المَسيحِ. ولكن إنْ بَشَّرناكُمْ نَحنُ أو مَلاكٌ مِنَ السماءِ بغَيرِ ما بَشَّرناكُمْ، فليَكُنْ أناثيما! كما سبَقنا فقُلنا أقولُ الآنَ أيضًا: إنْ كانَ أحَدٌ يُبَشرُكُمْ بغَيرِ ما قَبِلتُمْ، فليَكُنْ أناثيما" (غل1: 6-9).
+ "أمّا قَوْمٌ فعَنْ حَسَدٍ وخِصامٍ يَكرِزونَ بالمَسيحِ، وأمّا قَوْمٌ فعَنْ مَسَرَّةٍ. فهؤُلاءِ عن تحَزُّبٍ يُنادونَ بالمَسيحِ لا عن إخلاصٍ" (في1: 15-16).
+ "فإنَّهُ يوجَدُ كثيرونَ مُتَمَردينَ يتكلَّمونَ بالباطِلِ، ويَخدَعونَ العُقولَ، ولاسيَّما الذينَ مِنَ الخِتانِ، الذينَ يَجِبُ سدُّ أفواهِهِمْ، فإنَّهُمْ يَقلِبونَ بُيوتًا بجُملَتِها، مُعَلمينَ ما لا يَجِبُ، مِنْ أجلِ الربحِ القَبيحِ" (تي1: 10-11).
(2) سبب هذه الانحرافات
كل هذا الكم الهائل من الآيات ينبئنا بحتمية ظهور البدع والهرطقات والآراء المنحرفة في الفكر والتفسير.. ولكن ما السبب في ظهور هذه البدع؟
(أ) الكبرياء:
لاشك أن الإنسان المتضع يسمع الرأي الآخر، ويصحح أفكاره ولا يتشبث بها، وهو قابل للتعليم والخضوع، ولكن المتكبرين دائمًا يسقطون في الانحرافات ولا يقبلوا أن يتعلموا من أي أحد.. حقًا قيل في هذا:
+ "انتَهَرتَ المُتَكَبرينَ المَلاعينَ الضّالينَ عن وصاياكَ" (مز119: 21).
+ وأيضًا.. "المُتَكَبرونَ استَهزأوا بي إلَى الغايَةِ. عن شَريعَتِكَ لم أمِلْ" (مز119: 51).
+ "المُتَكَبرونَ قد لَفَّقوا علَيَّ كذِبًا، أمّا أنا فبكُل قَلبي أحفَظُ وصاياكَ" (مز119: 69).
+ وقيل في حكمة سيراخ: "داء المتكبر لا دواء له لأن جرثومة الشر قد تأصلت فيه" (سيراخ 3: 30).
لذلك قيل: "توَكَّلْ علَى الربِّ بكُلِّ قَلبِكَ، وعلَى فهمِكَ لا تعتَمِدْ" (أم3: 5).
(ب) حرية العقل الإنساني:
لقد خلقنا الله أحرارًا مُفكرين عاقلين، وهذه عطية عظيمة يتميز بها البشر عن سائر المخلوقات.. هذا العقل الممنوح للإنسان هو سبب كل الانحرافات الفكرية بسبب حرية الإنسان في التفكير.. "اُنظُرْ. قد جَعَلتُ اليومَ قُدّامَكَ الحياةَ والخَيرَ، والموتَ والشَّرَّ" (تث30: 15).
كان ينبغي أن يتعقل الإنسان ويفكر بطريقة صحيحة متضعة ويخضع عقله وقلبه للرب وللآباء القديسين ويتعلم من الكبار حتى لا ينحرف، ولكن الكبرياء يُفسد كل فكر صالح..
حقًا قيل:
+ "تأتي الكِبرياءُ فيأتي الهَوانُ، ومع المُتَواضِعينَ حِكمَةٌ" (أم11: 2).
+ "الخِصامُ إنَّما يَصيرُ بالكِبرياءِ، ومع المُتَشاوِرينَ حِكمَةٌ" (أم13: 10).
+ "أول كبرياء الإنسان ارتداده عن الرب" (سيراخ 10: 14).
عندما يفكر الإنسان قد يصيب وقد يخطيء، وعندما يخطيء قد يصحح خطأه أو يُصر عليه، فإذا أصر على خطأه ماذا تعمل معه الكنيسة؟
المطلوب من الكنيسة أن توبخه وتصحح له أفكاره، كما قيل عن دور الأسقف أنه يكون: "مُلازِمًا للكلِمَةِ الصّادِقَةِ التي بحَسَبِ التَّعليمِ، لكَيْ يكونَ قادِرًا أنْ يَعِظَ بالتَّعليمِ الصَّحيحِ ويوَبخَ المُناقِضينَ" (تي1: 9). أما الإنسان المستهتر والمتكبر فيقال عنه: "مَنْ يوَبِّخْ مُستَهزِئًا يَكسَبْ لنَفسِهِ هَوانًا، ومَنْ يُنذِرْ شِرِّيرًا يَكسَبْ عَيبًا" (أم9: 7).
ولا يمكن أن تستخدم الكنيسة سلاح التصفية الجسدية، لأن السيد المسيح أمرنا في مَثَل الزوان والحنطة.. "دَعوهُما يَنميانِ كِلاهُما مَعًا إلَى الحَصادِ، وفي وقتِ الحَصادِ أقولُ للحَصّادينَ: اجمَعوا أوَّلاً الزَّوانَ واحزِموهُ حُزَمًا ليُحرَقَ، وأمّا الحِنطَةَ فاجمَعوها إلَى مَخزَني" (مت13: 30).
وقد فهم الآباء هذه الآية على أنه لا يجوز قتل الهرطوقي بل يُترك إلى وقت الحصاد، والمسيحية عمومًا لا تجيز القتل لأي سبب.. فالبديل الوحيد هو طرد الشخص من شركة الكنيسة، حتى ولو أدى الأمر أنه سينحرف ويؤسس طائفة جديدة ويُحدث انشقاقًا في الكنيسة.. "وأعزِلُ مِنكُمُ المُتَمَردينَ والعُصاةَ علَيَّ. أُخرِجُهُمْ مِنْ أرضِ غُربَتِهِمْ ولا يَدخُلونَ أرضَ إسرائيلَ، فتعلَمونَ أني أنا الرَّب" (حز20: 38)، "فاعزِلوا الخَبيثَ مِنْ بَينِكُمْ" (1كو5: 13).
+ في العهد القديم.. كان يقتل الشخص المحرض الشعب على الزيغ من وراء الرب.. "وذلكَ النَّبيُّ أو الحالِمُ ذلكَ الحُلمَ يُقتَلُ، لأنَّهُ تكلَّمَ بالزَّيغِ مِنْ وراءِ الرَّب إلهِكُمُ الذي أخرَجَكُمْ مِنْ أرضِ مِصرَ، وفَداكُمْ مِنْ بَيتِ العُبوديَّةِ، لكَيْ يُطَوحَكُمْ عن الطريقِ التي أمَرَكُمُ الرَّبُّ إلهُكُمْ أنْ تسلُكوا فيها. فتنزِعونَ الشَّرَّ مِنْ بَينِكُمْ" (تث13: 5).
+ ولكن في العهد الجديد.. يتم حرم الشخص المبتدع.. "ولكن إنْ بَشَّرناكُمْ نَحنُ أو مَلاكٌ مِنَ السماءِ بغَيرِ ما بَشَّرناكُمْ، فليَكُنْ أناثيما! كما سبَقنا فقُلنا أقولُ الآنَ أيضًا: إنْ كانَ أحَدٌ يُبَشرُكُمْ بغَيرِ ما قَبِلتُمْ، فليَكُنْ أناثيما!" (غل1: 8-9). (كلمة "أناثيما" كلمة يونانية معناها "محروم" أو "ملعون").
(ج) حرب الشيطان:
إن أعظم ما يهدد مملكة الشيطان هو الإيمان المستقيم، لذلك يجتهد الشيطان بكل قوته أن يزعزع ويحرّف الإيمان. لقد أثار الشيطان حربًا شعواء ضد الكنيسة من خارجها بالاضطهاد الذي مارسته ضدها الدولة الرومانية بكل قوتها واليهود بكل قساوتهم.. ولم يستطع الشيطان أن يهز الكنيسة، بل بالعكس قيل إن "دم الشهداء بذار الكنيسة".
وعندما لجأ الشيطان إلى سلاح الهرطقة والبدع والتعاليم المنحرفة.. أتعب الكنيسة جدًّا وأحدث فيها انشقاقات. ولقد أنبأنا السيد المسيح بأن الشيطان سوف يزرع زوانًا وسط الحنطة.. "فلَمّا طَلَعَ النَّباتُ وصَنَعَ ثَمَرًا، حينَئذٍ ظَهَرَ الزَّوانُ أيضًا" (مت13: 26).
لذلك قيل:
+ "ولكن الرّوحَ يقولُ صَريحًا: إنَّهُ في الأزمِنَةِ الأخيرَةِ يَرتَدُّ قَوْمٌ عن الإيمانِ، تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ، في رياءِ أقوالٍ كاذِبَةٍ، مَوْسومَةً ضَمائرُهُمْ" (1تي4: 1-2).
+ "ليستْ هذِهِ الحِكمَةُ نازِلَةً مِنْ فوقُ، بل هي أرضيَّةٌ نَفسانيَّةٌ شَيطانيَّة" (يع3: 15).
+ "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ هُم رُسُلٌ كذَبَةٌ، فعَلَةٌ ماكِرونَ، مُغَيرونَ شَكلهُمْ إلَى شِبهِ رُسُلِ المَسيحِ. ولا عَجَبَ. لأنَّ الشَّيطانَ نَفسَهُ يُغَيرُ شَكلهُ إلَى شِبهِ مَلاكِ نورٍ! فليس عظيمًا إنْ كانَ خُدّامُهُ أيضًا يُغَيرونَ شَكلهُمْ كخُدّامٍ للبِر. الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 13-15).
(3) ما هي خطورة هذه التعاليم المنحرفة؟
أهم خطورة هي الهلاك..
+ "الذينَ يَدُسّونَ بدَعَ هَلاكٍ. وإذ هُم يُنكِرونَ الرَّبَّ الذي اشتَراهُمْ، يَجلِبونَ علَى أنفُسِهِمْ هَلاكًا سريعًا. وسَيَتبَعُ كثيرونَ تهلُكاتِهِمْ" (2بط2: 1-2).
+ الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 15).
+ قيل عن هؤلاء الهراطقة أنهم "أعداءُ صَليبِ المَسيحِ" (في3: 18).
وهناك أيضًا خطورة الانقسام والتشويش في الكنيسة..
+ "مِنّا خرجوا، لكنهُمْ لم يكونوا مِنّا، لأنَّهُمْ لو كانوا مِنّا لَبَقوا معنا. لكن ليُظهَروا أنهُم ليسوا جميعُهُمْ مِنّا" (1يو2: 19).. وهذا ضد اتجاه المسيح في كنيسته الواحدة.. "ولكنني أطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، باسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، أنْ تقولوا جميعُكُمْ قَوْلاً واحِدًا، ولا يكونَ بَينَكُمُ انشِقاقاتٌ، بل كونوا كامِلينَ في فِكرٍ واحِدٍ ورأيٍ واحِدٍ" (1كو1: 10).
فالكنيسة لابد أن تكون واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية:
+ "ولي خِرافٌ أُخَرُ ليستْ مِنْ هذِهِ الحَظيرَةِ، يَنبَغي أنْ آتيَ بتِلكَ أيضًا فتسمَعُ صوتي، وتكونُ رَعيَّةٌ واحِدَةٌ وراعٍ واحِدٌ" (يو10: 16).
+ "ليَجمَعَ أبناءَ اللهِ المُتَفَرقينَ إلَى واحِدٍ" (يو11: 52).
+ "أيُّها الآبُ القُدّوسُ، احفَظهُمْ في اسمِكَ الذينَ أعطَيتَني، ليكونوا واحِدًا كما نَحن"ُ (يو17: 11).
+ "ليكونَ الجميعُ واحِدًا، كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيَّ وأنا فيكَ، ليكونوا هُم أيضًا واحِدًا فينا، ليؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني" (يو17: 21).
+ "وأنا قد أعطَيتُهُمُ المَجدَ الذي أعطَيتَني، ليكونوا واحِدًا كما أنَّنا نَحنُ واحِدٌ" (يو17: 22).
+ "أنا فيهِمْ وأنتَ فيَّ ليكونوا مُكَمَّلينَ إلَى واحِدٍ، وليَعلَمَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني، وأحبَبتَهُمْ كما أحبَبتَني" (يو17: 23).
الكنيسة هي جسد المسيح، والمسيح واحد فلابد أن تكون الكنيسة واحدة لها "رَبٌّ واحِدٌ، إيمانٌ واحِدٌ، مَعموديَّةٌ واحِدَةٌ" (أف4: 5). كيف يكون للمسيح جسدين؟ أي كنيستين بإيمانين مختلفين!!
لابد أن يكون الإيمان واحدًا لتكون الكنيسة واحدة، وكل مَنْ يخالف إيمان الكنيسة بسبب حريته في التفكير وذكائه الذي قاده إلى أفكار جديدة وغريبة، لا مكان له في الكنيسة إلا إذا أخضع فكره لفكر المسيح.
كمثلما قال معلمنا بولس الرسول:
+ "أمّا نَحنُ فلَنا فِكرُ المَسيحِ" (1كو2: 16).
+ "فتَمموا فرَحي حتَّى تفتَكِروا فِكرًا واحِدًا ولكُمْ مَحَبَّةٌ واحِدَةٌ بنَفسٍ واحِدَةٍ، مُفتَكِرينَ شَيئًا واحِدًا" (في2: 2).
أما المتكبرون فقيل عنهم:
+ "شَتَّتَ المُستَكبِرينَ بفِكرِ قُلوبِهِمْ" (لو1: 51).
+ "ولكنني أطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، باسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، أنْ تقولوا جميعُكُمْ قَوْلاً واحِدًا، ولا يكونَ بَينَكُمُ انشِقاقاتٌ، بل كونوا كامِلينَ في فِكرٍ واحِدٍ ورأيٍ واحِدٍ" (1كو1: 10).
+ "هادِمينَ ظُنونًا وكُلَّ عُلوٍ يَرتَفِعُ ضِدَّ مَعرِفَةِ اللهِ، ومُستأسِرينَ كُلَّ فِكرٍ إلَى طاعَةِ المَسيحِ" (2كو10: 5).
أما الهراطقة فهم..
+ "مُظلِمو الفِكرِ، ومُتَجَنبونَ عن حياةِ اللهِ لسَبَبِ الجَهلِ الذي فيهِمْ بسَبَبِ غِلاظَةِ قُلوبِهِمْ" (أف4: 18).
لذلك قيل أيضًا:
+ "فِكرًا واحِدًا في الرَّب" (في4: 2).
+ "فكرْ بهذِهِ الأُمورِ، مُناشِدًا قُدّامَ الرَّب أنْ لا يتماحَكوا بالكلامِ. الأمرُ غَيرُ النّافِعِ لشَيءٍ، لهَدمِ السّامِعينَ" (2تي2: 14).
وهناك خطر انتشار التعليم المنحرف..
+ "ليس افتِخارُكُمْ حَسَنًا. ألستُمْ تعلَمونَ أنَّ خَميرَةً صَغيرَةً تُخَمرُ العَجينَ كُلَّهُ؟ إذًا نَقّوا مِنكُمُ الخَميرَةَ العتيقَةَ، لكَيْ تكونوا عَجينًا جديدًا كما أنتُمْ فطيرٌ. لأنَّ فِصحَنا أيضًا المَسيحَ قد ذُبِحَ لأجلِنا" (1كو5: 6-7).
+ "لا تضِلّوا: فإنَّ المُعاشَراتِ الرَّديَّةَ تُفسِدُ الأخلاقَ الجَيدَةَ" (1كو15: 33).
+ "كُنتُمْ تسعَوْنَ حَسَنًا. فمَنْ صَدَّكُمْ حتَّى لا تُطاوِعوا للحَق؟ هذِهِ المُطاوَعَةُ ليستْ مِنَ الذي دَعاكُمْ. خَميرَةٌ صَغيرَةٌ تُخَمرُ العَجينَ كُلَّهُ" (غل5: 7-9).
+ "وكلِمَتُهُمْ ترعَى كآكِلَةٍ. الذينَ مِنهُمْ هيمينايُسُ وفيليتُسُ، اللذانِ زاغا عن الحَق، قائلَينِ: إنَّ القيامَةَ قد صارَتْ فيَقلِبانِ إيمانَ قَوْمٍ" (2تي2: 17-18).
وأيضًا خطورة أن الشيطان يسود على المؤمنين من خلال التعاليم المنحرفة الشيطانية..
+ "تابِعينَ أرواحًا مُضِلَّةً وتعاليمَ شَياطينَ" (1تي4: 1).
+ "ليستْ هذِهِ الحِكمَةُ نازِلَةً مِنْ فوقُ، بل هي أرضيَّةٌ نَفسانيَّةٌ شَيطانيَّةٌ" (يع3: 15).
+ "لأنَّهُ سيكونُ وقتٌ لا يَحتَمِلونَ فيهِ التَّعليمَ الصَّحيحَ، بل حَسَبَ شَهَواتِهِمُ الخاصَّةِ يَجمَعونَ لهُمْ مُعَلمينَ مُستَحِكَّةً مَسامِعُهُمْ، فيَصرِفونَ مَسامِعَهُمْ عن الحَق، ويَنحَرِفونَ إلَى الخُرافاتِ" (2تي4: 3-4).
وأصحاب التعليم المنحرف هم خدام الشيطان.. "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ هُم رُسُلٌ كذَبَةٌ، فعَلَةٌ ماكِرونَ، مُغَيرونَ شَكلهُمْ إلَى شِبهِ رُسُلِ المَسيحِ. ولا عَجَبَ. لأنَّ الشَّيطانَ نَفسَهُ يُغَيرُ شَكلهُ إلَى شِبهِ مَلاكِ نورٍ! فليس عظيمًا إنْ كانَ خُدّامُهُ أيضًا يُغَيرونَ شَكلهُمْ كخُدّامٍ للبِر. الذينَ نِهايَتُهُمْ تكونُ حَسَبَ أعمالِهِمْ" (2كو11: 13-15).
وقد وصفهم معلمنا بولس الرسول بالتمرد.. "فإنَّهُ يوجَدُ كثيرونَ مُتَمَردينَ يتكلَّمونَ بالباطِلِ، ويَخدَعونَ العُقولَ، ولاسيَّما الذينَ مِنَ الخِتانِ" (تي1: 10).
ومعروف أن التمرد كعبادة الأوثان..
+ "هُمْ مِنَ العالَمِ، مِنْ أجلِ ذلكَ يتكلَّمونَ مِنَ العالَمِ، والعالَمُ يَسمَعُ لهُمْ. نَحنُ مِنَ اللهِ، فمَنْ يَعرِفُ اللهَ يَسمَعُ لنا، ومَنْ ليس مِنَ اللهِ لا يَسمَعُ لنا. مِنْ هذا نَعرِفُ روحَ الحَق وروحَ الضَّلالِ" (1يو4: 5-6).
+ "الذي مِنَ اللهِ يَسمَعُ كلامَ اللهِ. لذلكَ أنتُمْ لستُمْ تسمَعونَ، لأنَّكُمْ لستُمْ مِنَ اللهِ" (يو8: 47).
(4) دور الكنيسة في مواجهة التعاليم المنحرفة
(أ) التمييز والافراز:
أي معرفة ما هو صحيح مما هو خاطئ، وعدم التسرع في الحكم..
+ "أيُّها الأحِبّاءُ، لا تُصَدقوا كُلَّ روحٍ، بل امتَحِنوا الأرواحَ: هل هي مِنَ اللهِ؟ لأنَّ أنبياءَ كذَبَةً كثيرينَ قد خرجوا إلَى العالَمِ" (1يو4: 1).
+ "امتَحِنوا كُلَّ شَيءٍ، تمَسَّكوا بالحَسَنِ" (1تس5: 21).
+ "وقد جَرَّبتَ القائلينَ إنهُم رُسُلٌ ولَيسوا رُسُلاً، فوَجَدتَهُمْ كاذِبينَ" (رؤ2: 2).
لذلك طلب منا السيد المسيح أن نكون حكماء..
+ "ها أنا أُرسِلُكُمْ كغَنَمٍ في وسطِ ذِئابٍ، فكونوا حُكَماءَ كالحَيّاتِ وبُسَطاءَ كالحَمامِ" (مت10: 16).
+ "اِحتَرِزوا مِنَ الأنبياءِ الكَذَبَةِ الذينَ يأتونَكُمْ بثيابِ الحُملانِ، ولكنهُمْ مِنْ داخِلٍ ذِئابٌ خاطِفَةٌ!" (مت7: 15).
كيف نعرفهم إذًا؟ إن الأمر يتطلب موهبة من الروح القدس اسمها "تمييزُ الأرواحِ" (1كو12: 10). وأيضًا علَّمنا السيد المسيح أنه "مِنْ ثِمارِهِمْ تعرِفونَهُمْ" (مت7: 16). وما هي ثمارهم؟
+ "مِنها يَحصُلُ الحَسَدُ والخِصامُ والاِفتِراءُ والظُّنونُ الرَّديَّةُ، ومُنازَعاتُ أُناسٍ فاسِدي الذهنِ وعادِمي الحَق" (1تي6: 4-5).
+ "لأنَّ مِثلَ هؤُلاءِ لا يَخدِمونَ رَبَّنا يَسوعَ المَسيحَ بل بُطونَهُمْ. وبالكلامِ الطَّيبِ والأقوالِ الحَسَنَةِ يَخدَعونَ قُلوبَ السُّلَماءِ" (رو16: 18).
+ "إنْ كانَ لكُمْ غَيرَةٌ مُرَّةٌ وتحَزُّبٌ في قُلوبِكُمْ، فلا تفتَخِروا وتكذِبوا علَى الحَق. ليستْ هذِهِ الحِكمَةُ نازِلَةً مِنْ فوقُ، بل هي أرضيَّةٌ نَفسانيَّةٌ شَيطانيَّةٌ. لأنَّهُ حَيثُ الغَيرَةُ والتَّحَزُّبُ، هناكَ التَّشويشُ وكُلُّ أمرٍ رَديءٍ" (يع3: 14-16).
+ "أمّا قَوْمٌ فعَنْ حَسَدٍ وخِصامٍ يَكرِزونَ بالمَسيحِ، وأمّا قَوْمٌ فعَنْ مَسَرَّةٍ. فهؤُلاءِ عن تحَزُّبٍ يُنادونَ بالمَسيحِ لا عن إخلاصٍ، ظانينَ أنهُم يُضيفونَ إلَى وُثُقي ضيقًا" (في1: 15-16).
إن التعاليم المنحرفة "تُسَببُ مُباحَثاتٍ دونَ بُنيانِ اللهِ الذي في الإيمانِ" (1تي1: 4). الخادم الحقيقي يجمع ويوحد ويبني وينمو في هدوء وخضوع وانسجام مع الكنيسة، فليست من مواهب الروح القدس الثورة والتمرد والخصام والانشقاق والسجس والتحزب وعدم الخضوع.. "ولكن إنْ كانَ أحَدٌ يُظهِرُ أنَّهُ يُحِبُّ الخِصامَ، فليس لنا نَحنُ عادَةٌ مِثلُ هذِهِ، ولا لكَنائسِ اللهِ" (1كو11: 16).
(ب) التجنب والإنذار والتوبيخ:
+ "ثُمَّ نوصيكُمْ أيُّها الإخوَةُ، باسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، أنْ تتجَنَّبوا كُلَّ أخٍ يَسلُكُ بلا ترتيبٍ، وليس حَسَبَ التَّعليمِ الذي أخَذَهُ مِنّا (2تس3: 6).
+ "ونَطلُبُ إلَيكُمْ أيُّها الإخوَةُ: أنذِروا الذينَ بلا ترتيبٍ. شَجعوا صِغارَ النُّفوسِ. أسنِدوا الضُّعَفاءَ. تأنَّوْا علَى الجميع"ِ (1تس5: 15).
+ "وإنْ كانَ أحَدٌ لا يُطيعُ كلامَنا بالرسالَةِ، فسِموا هذا ولا تُخالِطوهُ لكَيْ يَخجَلَ، ولكن لا تحسِبوهُ كعَدو، بل أنذِروهُ كأخٍ" (2تس3: 14-15).
+ "الرَّجُلُ المُبتَدِعُ بَعدَ الإنذارِ مَرَّةً ومَرَّتَينِ، أعرِضْ عنهُ" (تي3: 10).
+ "أعرِضوا عنهُمْ" (رو16: 17).
+ "وبخهُمْ بصَرامَةٍ لكَيْ يكونوا أصِحّاءَ في الإيمانِ، لا يُصغونَ إلَى خُرافاتٍ يَهوديَّةٍ، ووَصايا أُناسٍ مُرتَدينَ عن الحَق" (تي1: 13-14).
+ "الذينَ يُخطِئونَ وبخهُمْ أمامَ الجميعِ، لكَيْ يكونَ عِندَ الباقينَ خَوْفٌ" (1تي5: 20).
وهذا ما تم وما يتم في المجامع التي تعقدها الكنيسة لمحاكمة الهراطقة سواء كانت مجامع محلية أو مسكونية.. ويكون دائمًا الهدف الأول هو أن نربح الأخ المخطئ بإقلاعه عن الخطأ "وعَبدُ الرَّب لا يَجِبُ أنْ يُخاصِمَ، بل يكونُ مُتَرَفقًا بالجميعِ، صالِحًا للتَّعليمِ، صَبورًا علَى المَشَقّاتِ، مؤَدبًا بالوَداعَةِ المُقاوِمينَ، عَسَى أنْ يُعطيَهُمُ اللهُ توبَةً لمَعرِفَةِ الحَق، فيَستَفيقوا مِنْ فخ إبليسَ إذ قد اقتَنَصَهُمْ لإرادَتِهِ" (2تي2: 24-26).
ولكن ماذا إذا كان العند والكبرياء يمنعان الشخص المُنحرف من الاعتراف بالخطأ وتصحيح أخطائه؟ فكل الهراطقة يعتبرون أنفسهم أرثوذكسيين حقيقيين، وأن الكنيسة مُخطئة في فهمهم أو في فهم الإيمان السليم!! فلو كان الأمر هكذا ولم يرتدع الشخص المُنحرف.. تضطر الكنيسة أن يتطور رد فعلها من مجرد الإنذار والتوبيخ إلى القطع.
(ج) القطع:
+ "ولكن إنْ بَشَّرناكُمْ نَحنُ أو مَلاكٌ مِنَ السماءِ بغَيرِ ما بَشَّرناكُمْ، فليَكُنْ أناثيما!" (غل1: 6-8).
+ "إنْ كانَ أحَدٌ يأتيكُمْ، ولا يَجيءُ بهذا التَّعليمِ، فلا تقبَلوهُ في البَيتِ، ولا تقولوا لهُ سلامٌ. لأنَّ مَنْ يُسَلمُ علَيهِ يَشتَرِكُ في أعمالِهِ الشريرَةِ" (2يو10-11).
+ "لا تُخالِطوا ولا تؤاكِلوا مِثلَ هذا" (1كو5: 11)..
هنا تتخذ الكنيسة – آسفة – سلاح القطع والحرم والربط الذي أعطي لها من أجل حفظ الإيمان..
+ "كُلُّ ما تربِطونَهُ علَى الأرضِ يكونُ مَربوطًا في السماءِ، وكُلُّ ما تحُلّونَهُ علَى الأرضِ يكونُ مَحلولاً في السماءِ" (مت18: 18).
+ "سُلطانِنا الذي أعطانا إيّاهُ الرَّبُّ، لبُنيانِكُمْ لا لهَدمِكُمْ" (2كو10: 8).
+ "حَسَبَ السُّلطانِ الذي أعطاني إيّاهُ الرَّبُّ للبُنيانِ لا للهَدمِ" (2كو13: 10).
(د) توعية الشعب لأخطار التعليم المنحرف:
+ "إنْ فكَّرتَ الإخوَةَ بهذا، تكونُ خادِمًا صالِحًا ليَسوعَ المَسيحِ، مُتَرَبيًا بكلامِ الإيمانِ والتَّعليمِ الحَسَنِ الذي تتبَّعتَهُ" (1تي4: 6).
+ "لاحِظْ نَفسَكَ والتَّعليمَ وداوِمْ علَى ذلكَ، لأنَّكَ إذا فعَلتَ هذا، تُخَلصُ نَفسَكَ والذينَ يَسمَعونَكَ أيضًا" (1تي4: 19).
+ "قد هَلكَ شَعبي مِنْ عَدَمِ المَعرِفَةِ. لأنَّكَ أنتَ رَفَضتَ المَعرِفَةَ أرفُضُكَ أنا حتَّى لا تكهَنَ لي" (هو4: 6).
+ "إنْ سمِعوا وأطاعوا قَضَوْا أيّامَهُمْ بالخَيرِ وسِنيهِمْ بالنعَمِ. وإنْ لم يَسمَعوا، فبحَربَةِ الموتِ يَزولونَ، ويَموتونَ بعَدَمِ المَعرِفَةِ" (أي36: 11-12).
+ "كُفَّ يا ابني عن استِماعِ التَّعليمِ للضَّلالَةِ عن كلامِ المَعرِفَةِ" (أم19: 27).
+ "وأُعطيكُمْ رُعاةً حَسَبَ قَلبي، فيَرعونَكُمْ بالمَعرِفَةِ والفَهمِ" (إر3: 15).
+ "لأنَّ شَفَتَيِ الكاهِنِ تحفَظانِ مَعرِفَةً، ومِنْ فمِهِ يَطلُبونَ الشَّريعَةَ، لأنَّهُ رَسولُ رَب الجُنود"ِ (ملا2: 7).
+ "مؤَدبًا بالوَداعَةِ المُقاوِمينَ، عَسَى أنْ يُعطيَهُمُ اللهُ توبَةً لمَعرِفَةِ الحَق" (2تي2: 25).
إن الكنيسة مسئولة أمام الله مسئولية تاريخية أن تحافظ على الإيمان القويم الذي استلمته وتسلّمه إلى الأجيال القادمة تسليمًا نقيًا كاملاً.. والكنيسة مُطالبة أمام الله والتاريخ بعزل كل شخص ينحرف عن الإيمان السليم مهما كان وضعه.
وكما كان في عصر الآباء الرسل هراطقة تم إبعادهم، وكذلك في كل عصور الكنيسة مرورًا بالقديس أثناسيوس والقديس كيرلس والقديس ديسقوروس وحتى وصولنا إلى عصرنا الحديث في وجود آباء قديسين أقوياء ويدافعون عن الإيمان بنفس العزيمة التي ورثناها عن آبائنا القديسين.
الرب يحفظ كنيسته سالمة من شر الهراطقة.
آمين.