أبحاث ليـتورﭼـية
[b]دراسة منهجية لقراءات الكنيسة القبطية [/size]
دراسة أفقية لقراءات الآحاد والأعياد على مدار السنة لتكوِّن مناهج دراسية
م. فؤاد نجيب يوسف
المنهج الثالث من السنة القبطية
ملخص ما نُشر:
التقويم الليتورجي في الكنيسة القبطية مُنظَّم حسب الفصول الزراعية للسنة القبطية. تنقسم السنة القبطية إلى ثلاثة فصول هي: فصل الزراعة، وفصل الحصاد، وفصل فيضان النيل (مياه الأنهار). الموضوع العام للسنة الليتورجية هو خلاص البشرية.فموضوع ثلاثة فصول السنة هو عمل الثالوث القدوس، الآب، والابن، والروح القدس لخلاص الإنسان
الفصل
الأول يعرض، "محبة الله الآب"، الذي دبر خلاصنا في سر التجسد.هذا الفصل
يستغرق الأربعة شهور الأولي وينقسم لمنهجين، كل منهج يغطي ثمانية آحاد.
في الأعداد السابقة قدمنا الفصل الأول بمنهجيه. فيهما يلتقي الله الآب بالإنسان في ابنه، فتنسحب أبوته علي كل البشرية.في المنهج الأول تضع الكنيسة الأساس الروحي واللاهوتي للحياة المسيحية، وفي المنهج الثاني نستقبل كلمة الله في سر التجسد.
أثر تغير الأعياد والمناسبات على ترتيب القراءات الكنسية:
لقد تأثرت مناهج السنة الليتورجية بتواريخ المناسبات والأعياد، والتي كانت موضع
لجدل كثير في القرون الأولى للمسيحية.كان الصوم الأربعيني يبدأ في اليوم
التالي لعيد الغطاس، تمثُّلاً بالسيد المسيح الذي بدأ صومه عقب المعمودية
مباشرةً
بحسب الأناجيل. الصوم الأربعيني كان منفصلاً عن صوم الفصح (البصخة)وعيد
القيامة، وذلك حتى القرن الثالث الميلادي عندما قام البابا ديمتريوس الكرام
بِضَم الصوم الأربعيني لأسبوع الآلام. ترتب على ذلك وجود فاصل ما بين
الفصل الأول والثاني من السنة، فرتبت فيه الكنيسة منهجا انتقاليا لقراءات
هذه الفترة.
المنهج الثالث للقراءات: منهج انتقالي بين الفصلين الأول والثاني:
الفترة
الزمنية للمنهج الثالث غير ثابتة، فتتغير تبعا لموعد بدء الصوم الكبير
الذي يتبع توقيت عيد القيامة. الفترة المتاحة للمنهج تتراوح ما بين أربعة
إلى ثمانية آحاد، لذلك أعدت الكنيسة له برنامجا من ثمانية آحاد، تقدم منه
بقدر المتاح حتى يبدأ الصوم.هذا المنهج يقع ما بين الفصل الأول وموضوعه
"سر التجسد"، والفصل الثاني وموضوعه "سر الفداء".لذلك رتبت الكنيسة
المرشدة بالروح القدس برنامجا انتقاليا بين الفصلين عن أسرار الكنيسة. فأسرار الكنيسة هي الخلاصة العملية للإيمان بالمسيح والتي
تحمل لنا بركات التجسد والفداء. تقدم الكنيسة في هذا المنهج قراءات
لثمانية آحاد خلال شهري طوبة وأمشير بدءاً من الأحد التالي لعيد الميلاد.
شهر طوبة:
أربعة قراءات آحاد هذا الشهر تنتقل بنا من ميلاد السيد المسيح إلي ميلادنا
في المسيح بالمعمودية. يتخلل هذه الفترة من أعياد الظهور الإلهي؛ أعياد
الختان والغطاس وعرس قانا الجليل. ومن خلال هذه الأعياد تعرض قراءات
الكنيسة ميلادنا الجديد وظهور الله في حياتنا بالمعمودية.
الأحد الأول: استعلان الله للأمم، العائلة المقدسة في مصر.
فرح الأمم بذهاب المسيح لمصر وتأسيس مذبحاً للرب. " يا جميع الأمم صفقوا بأيديكم، هللوا لله بصوت الابتهاج"
(مز 1:47). رسول الأمم (في البولس) يشارك الأمم فرحهم، "وأما الأمم فمجدوا
الله من أجل الرحمة كما هو مكتوب من أجل ذلك سأحمدك في الأمم وأرتل لاسمك.
ويقول أيضا تهللوا أيها الأمم مع شعبه.وأيضا سبحوا الرب يا جميع الأمم
وامدحوه يا جميع الشعوب وأيضاً يقول إشعياء سيكون أصل يسى والقائم ليسود
على الأمم، عليه سيكون رجاء الأمم" (رو 15: 9ـ12)
" انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم". (1يو 1:3).
الأحد الثاني: استعلان الخلاص للعالم في سر الكلمة.
العشية: " نظرت خلاص إلهنا، أقاصي الأرض جميعها، يدين المسكونة بالعدل، والشعوب بالاستقامة" (مز89:9 عشية). " فلما أبصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا أنا هو لا تخافوا" (مت 14: 26-27).
الكاثوليكون: الخلاص في حفظ الوصية والاستنارة بسر الكلمة، "ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا" (1يو 24:3).
" أما هو فقال بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه"، " ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان وهوذا أعظم من سليمان ههنا" (لو 11: 28و31).
" سراج
الجسد هو العين فمتى كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا ومتى كانت عينك
شريرة فجسدك يكون مظلما أنظر إذا لئلا يكون النور الذي فيك ظلمة.فإن كان جسدك كله نيرا ليس فيه جزء مظلم يكون نيرا كله كما حينما يضيء لك السراج بلمعانه".(لو 11: 34-36). وهنا يوضح سر الاستنارة بالكلمة.
الأحد الثالث: سر المعمودية
عشية: "أضاءت بروقه المسكونة... يا الله في البحر طريقك، ومسالكك في المياه الكثيرة" (مز 77: 18،19) " أجابه المريض يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء"(يو ص5).
باكر: الحديث مع نيقوديموس، "...
الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله..إن
كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله.. المولود من
الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح.. لأنه لم يرسل الله ابنه إلى
العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم" (يو 3 ).
الرسائل: " فإذ
لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقا كرسه لنا حديثا
حيا بالحجاب أي جسده.. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من
ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي. لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لأن الذي
وعد هو أمين" (عب 10) " بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا انه قد أعطانا من روحه." (1يو 13:4)
الإبركسيس: " فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس." (أع 38:2)
إنجيل القداس: "جزنا في النار والماء، وأخرجتنا إلى الراحة"
(مز 12:66). "من له العروس فهو العريس وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه
فيفرح فرحا من أجل صوت العريس إذا فرحي هذا قد كمل ينبغي أن ذلك يزيد وإني
أنا أنقص. الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض هو أرضي ومن
الأرض يتكلم. (يو 3: 29-31) إنجيل القداس يكمِّل إنجيل باكر من يوحنا 3.
الأحد الرابع: المولود أعمي وسر الخليقة الجديدة (المعمودية):
عشية: " أنه ضرب الصخرة فانحدرت المياه، وفاضت الأودية مياه، فأمر السحاب من فوق، وفتح أبواب السماء" (مز 78: 20، 23). " فأجاب يسوع و قال لهم لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى.لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة" (لو 5 : 31 و32). التوبة للخطاة.
باكر: يا رب إله القوات أرجعنا، ولينر وجهك علينا فنخلص. (مز17:80). "الحق، الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية". (يو 47:6).
الرسائل: " لأن الله أغلق على الجميع معا في العصيان لكي يرحم الجميع". (رو 32:11). "وهذه هي الشهادة إن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (1يو 5: 11-12)
الإبركسيس: " فلما
ابتدأت أتكلم حل الروح القدس عليهم كما علينا أيضا في البداية. فتذكرت
كلام الرب كيف قال أن يوحنا عمد بماء وأما انتم فستعمدون بالروح القدس" (38:11).
الإنجيل: "وقال
له اذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مرسل فمضى واغتسل وأتى بصيرا...
فأجاب ذاك وقال أخاطئ هو لست أعلم إنما اعلم شيئا واحدا أني كنت أعمى
والآن أبصر... فسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجا فوجده وقال له أتؤمن بابن
الله. أجاب ذاك وقال من هو يا سيد لأومن به. فقال له يسوع قد رايته و الذي
يتكلم معك هو، هو. فقال أومن يا سيد وسجد له". (يو 9). وبذلك قدمت الكنيسة كل ما في الكتاب عن المعمودية.
شهر أمشير: الإفخارستيا والتوبة
برنامج
شهر أمشير يعترضه بدء الصوم الكبير المتغير تبعاً لعيد القيامة فلا يكتمل.
يفاجئنا بدء الصوم، فقد يسمح أو لا يسمح بتقديم بعض من قراءات أربعة آحاد
شهر أمشير، فلا يكتمل إلا نادراً جدا. قراءات شهر أمشير تكمِّل برنامج شهر
طوبة عن أسرار الكنيسة. الثلاثة آحاد الأوَل تقدم قراءات عن سر
الإفخارستيا والأحد الرابع عن التوبة. ولما كان احتمال تقديم قراءات الأحد
الرابع متعذراً بسبب بدء الصوم، رتبت الكنيسة صوم يونان بمنهجه القوي عن
التوبة. قراءات صوم يونان تتبع الصوم الكبير، فتبدأ يوم الاثنين السابق
عليه بأسبوعين. وبذلك تضمن الكنيسة أن تقدم في المنهج الثالث برنامجاً عن
أسرار المعمودية والإفخارستيا والتوبة، مهما تغير موعد بدء الصوم
الأربعيني. الكنيسة تعد بهذا المنهج الدسم للقراءات للصوم المقدس.
الثلاثة آحاد الأولى:
لقد رسم السيد المسيح بنفسه منهج تقديم سر الإفخارستيا، من خلال معجزة
إشباع الجموع، حسب ما قدمه القديس يوحنا في الإصحاح السادس من إنجيله.
فيها أعَّد سامعيه لاستقبال المفاهيم اللاهوتية العميقة لأكل جسده وشرب
دمه. وبنفس المنهج اللاهوتي تقدم لنا الكنيسة شرحاً لأبعاد السر بتقديم
نفس الإصحاح في قراءات الثلاثة آحاد الأولي من شهر أمشير. في هذه الآحاد
تتمحور كل قراءات الكنيسة حول سر الإفخارستيا. إن ما يجمع بين سر الإفخارستيا ومعجزة إشباع الجموع، البركة والشكرـ الكسرـ التوزيع ـ الإشباع والامتلاء ـ
وجمع الكسر. كلف المسيح تلاميذه بجمع الكِسَر، ليس فقط كِسَر الخبز بل
كِسَر جسده من كل الأرض. فبعد أن كَسَر جسده على الصليب وزعه في
الإفخارستيا على الجموع لتأكل للشبع والامتلاء والفيض. ثم أرسل تلاميذه
ليجمعوا كِسَر جسده في كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. فجمع كل منهم
قفته. جسد المسيح المكسور لا ينقسم، بل يجمع الكل إلى واحد. وبهذا صارت
المعجزة الخاصة بإشباع وامتلاء الجسد تمهيدا، للسر الخاص بالشبع الروحي
والامتلاء للحياة الأبدية. " لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين" (عب 14:10).
الأحد الأول: البحث عن يسوع بعد المعجزة: هذا البحث يسفر عن اكتشاف حضور يسوع في معجزة سر الإفخارستيا. الطعام الباقي للحياة الأبدية.
الأحد الثاني: معجزة إشباع الجموع: لقد وجدنا يسوع في معجزة الإفخارستيا في الأحد الماضي، وفي معجزة إشباع الجموع اليوم تقدم لنا القراءات، صورة من الكنيسة الواحدة " فرفع يسوع عينيه ونظر أن جمعا كثيراً مقبل إليه (الوفود المقبلة إليه من كل الأرض عبر الزمان)". وهو صورة للكاهن الواحد القائم علي طقس ملكي صادق طقس الخبز والخمر (البولس).
الأحد الثالث: المسيح يعلن سر الإفخارستيا من خلال معجزة إشباع الجموع
" اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لأن هذا الله الآب قد ختمه" (يو 27:6). " لأن
خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له يا سيد أعطنا
في كل حين هذا الخبز. فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إليَّ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا" (يو 6 : 33ـ35).
"أنا هو خبز الحياة. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من
هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل
حياة العالم " (يو 6: 48،51).
الأحد الرابع: قبول الخطاة، "رجل اسمه زكا.. طلب أن يرى يسوع من هو"
قد
يمر 100 عام أو 150 عام قبل أن تسمح ظروف بداية الصوم بتقديم قراءات الأحد
الرابع من شهر أمشير. موضوع القراءات عن التوبة وقبول المسيح للخطاة.
الكنيسة تقدم هذه القراءات بعد الحديث عن الإفخارستيا. التوبة والمغفرة هي
النتيجة العملية لسر الجسد المقدس. إذ به نثبت في المسيح والمسيح فينا
وننال مغفرة خطايانا،
"لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب و يخلص ما قد هلك" ( لو 10:19). المناسبات الهامة بالمنهج الثالث:
عيد الختان: 6 طوبة (نفس قراءات دخول السيد المسيح إلى الهيكل):
أخذ إبراهيم العهد مع الله وكانت علامته الختان " ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم وليد البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك" (تك 12:17) الختان يتم في اليوم الثامن الذي يرمز للقيامة (أول الأسبوع). أما ختان المسيح فيفسره القديس بولس بأنه خلع جسم خطايا البشرية، "وبه أيضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بختان المسيح" (كو 11:2).
عيد الغطاس: 18/19 يناير 11 طوبة
كان
يعتبر أهم أعياد الكنيسة بعد عيد القيامة حتى ظهر عيد الميلاد قرب نهاية
القرن الخامس في الكنيسة الغربية، ثم انتشر في كل الأرض. عيد الغطاس هو
أكبر أعياد الظهور الإلهي وكان يحتفل به لمدة سبع أيام.
عيد عرس قانا الجليل: 20/21 يناير 13 طوبة
عيد بدء خدمة المسيح على الأرض واستعلان العريس السماوي.
الأحد الخامس:
تقدِّم الكنيسة قراءات لأربعة آحاد لكل شهر قبطي. خلال الفترة الزمنية لهذا المنهج هناك احتمال لأحد خامس واحد لشهر طوبة. إذا وقع الأحد الخامس في
يوم 30 من شهر طوبة تقَدَم فيه قراءات الأحد الثاني من شهر أمشير، أي
معجزة إشباع الجموع من إنجيل يوحنا. وفي ذلك توافق مع قراءات الآحاد
السابقة واللاحقة. إلا انه يترتب على ذلك تكرار القراءات في مدي زمني
قصير. بينما نجد أن قراءات الأحد الرابع من أمشير لا تقرأ إلا كل مئات
السنين. لذلك أقترح عند وجود أحد خامس بشهر طوبة أن ترحل قراءات شهر أمشير
بحيث لا يحدث تكرار، مع إتاحة الفرصة لتقديم القراءات المهملة للأحد
الرابع من شهر أمشير[/size][/b]
دراسة أفقية لقراءات الآحاد والأعياد على مدار السنة لتكوِّن مناهج دراسية
م. فؤاد نجيب يوسف
المنهج الثالث من السنة القبطية
ملخص ما نُشر:
التقويم الليتورجي في الكنيسة القبطية مُنظَّم حسب الفصول الزراعية للسنة القبطية. تنقسم السنة القبطية إلى ثلاثة فصول هي: فصل الزراعة، وفصل الحصاد، وفصل فيضان النيل (مياه الأنهار). الموضوع العام للسنة الليتورجية هو خلاص البشرية.فموضوع ثلاثة فصول السنة هو عمل الثالوث القدوس، الآب، والابن، والروح القدس لخلاص الإنسان
الفصل
الأول يعرض، "محبة الله الآب"، الذي دبر خلاصنا في سر التجسد.هذا الفصل
يستغرق الأربعة شهور الأولي وينقسم لمنهجين، كل منهج يغطي ثمانية آحاد.
في الأعداد السابقة قدمنا الفصل الأول بمنهجيه. فيهما يلتقي الله الآب بالإنسان في ابنه، فتنسحب أبوته علي كل البشرية.في المنهج الأول تضع الكنيسة الأساس الروحي واللاهوتي للحياة المسيحية، وفي المنهج الثاني نستقبل كلمة الله في سر التجسد.
أثر تغير الأعياد والمناسبات على ترتيب القراءات الكنسية:
لقد تأثرت مناهج السنة الليتورجية بتواريخ المناسبات والأعياد، والتي كانت موضع
لجدل كثير في القرون الأولى للمسيحية.كان الصوم الأربعيني يبدأ في اليوم
التالي لعيد الغطاس، تمثُّلاً بالسيد المسيح الذي بدأ صومه عقب المعمودية
مباشرةً
بحسب الأناجيل. الصوم الأربعيني كان منفصلاً عن صوم الفصح (البصخة)وعيد
القيامة، وذلك حتى القرن الثالث الميلادي عندما قام البابا ديمتريوس الكرام
بِضَم الصوم الأربعيني لأسبوع الآلام. ترتب على ذلك وجود فاصل ما بين
الفصل الأول والثاني من السنة، فرتبت فيه الكنيسة منهجا انتقاليا لقراءات
هذه الفترة.
المنهج الثالث للقراءات: منهج انتقالي بين الفصلين الأول والثاني:
الفترة
الزمنية للمنهج الثالث غير ثابتة، فتتغير تبعا لموعد بدء الصوم الكبير
الذي يتبع توقيت عيد القيامة. الفترة المتاحة للمنهج تتراوح ما بين أربعة
إلى ثمانية آحاد، لذلك أعدت الكنيسة له برنامجا من ثمانية آحاد، تقدم منه
بقدر المتاح حتى يبدأ الصوم.هذا المنهج يقع ما بين الفصل الأول وموضوعه
"سر التجسد"، والفصل الثاني وموضوعه "سر الفداء".لذلك رتبت الكنيسة
المرشدة بالروح القدس برنامجا انتقاليا بين الفصلين عن أسرار الكنيسة. فأسرار الكنيسة هي الخلاصة العملية للإيمان بالمسيح والتي
تحمل لنا بركات التجسد والفداء. تقدم الكنيسة في هذا المنهج قراءات
لثمانية آحاد خلال شهري طوبة وأمشير بدءاً من الأحد التالي لعيد الميلاد.
شهر طوبة:
أربعة قراءات آحاد هذا الشهر تنتقل بنا من ميلاد السيد المسيح إلي ميلادنا
في المسيح بالمعمودية. يتخلل هذه الفترة من أعياد الظهور الإلهي؛ أعياد
الختان والغطاس وعرس قانا الجليل. ومن خلال هذه الأعياد تعرض قراءات
الكنيسة ميلادنا الجديد وظهور الله في حياتنا بالمعمودية.
الأحد الأول: استعلان الله للأمم، العائلة المقدسة في مصر.
فرح الأمم بذهاب المسيح لمصر وتأسيس مذبحاً للرب. " يا جميع الأمم صفقوا بأيديكم، هللوا لله بصوت الابتهاج"
(مز 1:47). رسول الأمم (في البولس) يشارك الأمم فرحهم، "وأما الأمم فمجدوا
الله من أجل الرحمة كما هو مكتوب من أجل ذلك سأحمدك في الأمم وأرتل لاسمك.
ويقول أيضا تهللوا أيها الأمم مع شعبه.وأيضا سبحوا الرب يا جميع الأمم
وامدحوه يا جميع الشعوب وأيضاً يقول إشعياء سيكون أصل يسى والقائم ليسود
على الأمم، عليه سيكون رجاء الأمم" (رو 15: 9ـ12)
" انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم". (1يو 1:3).
الأحد الثاني: استعلان الخلاص للعالم في سر الكلمة.
العشية: " نظرت خلاص إلهنا، أقاصي الأرض جميعها، يدين المسكونة بالعدل، والشعوب بالاستقامة" (مز89:9 عشية). " فلما أبصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا أنا هو لا تخافوا" (مت 14: 26-27).
الكاثوليكون: الخلاص في حفظ الوصية والاستنارة بسر الكلمة، "ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا" (1يو 24:3).
" أما هو فقال بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه"، " ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان وهوذا أعظم من سليمان ههنا" (لو 11: 28و31).
" سراج
الجسد هو العين فمتى كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا ومتى كانت عينك
شريرة فجسدك يكون مظلما أنظر إذا لئلا يكون النور الذي فيك ظلمة.فإن كان جسدك كله نيرا ليس فيه جزء مظلم يكون نيرا كله كما حينما يضيء لك السراج بلمعانه".(لو 11: 34-36). وهنا يوضح سر الاستنارة بالكلمة.
الأحد الثالث: سر المعمودية
عشية: "أضاءت بروقه المسكونة... يا الله في البحر طريقك، ومسالكك في المياه الكثيرة" (مز 77: 18،19) " أجابه المريض يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء"(يو ص5).
باكر: الحديث مع نيقوديموس، "...
الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله..إن
كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله.. المولود من
الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح.. لأنه لم يرسل الله ابنه إلى
العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم" (يو 3 ).
الرسائل: " فإذ
لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقا كرسه لنا حديثا
حيا بالحجاب أي جسده.. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من
ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي. لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لأن الذي
وعد هو أمين" (عب 10) " بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا انه قد أعطانا من روحه." (1يو 13:4)
الإبركسيس: " فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس." (أع 38:2)
إنجيل القداس: "جزنا في النار والماء، وأخرجتنا إلى الراحة"
(مز 12:66). "من له العروس فهو العريس وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه
فيفرح فرحا من أجل صوت العريس إذا فرحي هذا قد كمل ينبغي أن ذلك يزيد وإني
أنا أنقص. الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض هو أرضي ومن
الأرض يتكلم. (يو 3: 29-31) إنجيل القداس يكمِّل إنجيل باكر من يوحنا 3.
الأحد الرابع: المولود أعمي وسر الخليقة الجديدة (المعمودية):
عشية: " أنه ضرب الصخرة فانحدرت المياه، وفاضت الأودية مياه، فأمر السحاب من فوق، وفتح أبواب السماء" (مز 78: 20، 23). " فأجاب يسوع و قال لهم لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى.لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة" (لو 5 : 31 و32). التوبة للخطاة.
باكر: يا رب إله القوات أرجعنا، ولينر وجهك علينا فنخلص. (مز17:80). "الحق، الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية". (يو 47:6).
الرسائل: " لأن الله أغلق على الجميع معا في العصيان لكي يرحم الجميع". (رو 32:11). "وهذه هي الشهادة إن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (1يو 5: 11-12)
الإبركسيس: " فلما
ابتدأت أتكلم حل الروح القدس عليهم كما علينا أيضا في البداية. فتذكرت
كلام الرب كيف قال أن يوحنا عمد بماء وأما انتم فستعمدون بالروح القدس" (38:11).
الإنجيل: "وقال
له اذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مرسل فمضى واغتسل وأتى بصيرا...
فأجاب ذاك وقال أخاطئ هو لست أعلم إنما اعلم شيئا واحدا أني كنت أعمى
والآن أبصر... فسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجا فوجده وقال له أتؤمن بابن
الله. أجاب ذاك وقال من هو يا سيد لأومن به. فقال له يسوع قد رايته و الذي
يتكلم معك هو، هو. فقال أومن يا سيد وسجد له". (يو 9). وبذلك قدمت الكنيسة كل ما في الكتاب عن المعمودية.
شهر أمشير: الإفخارستيا والتوبة
برنامج
شهر أمشير يعترضه بدء الصوم الكبير المتغير تبعاً لعيد القيامة فلا يكتمل.
يفاجئنا بدء الصوم، فقد يسمح أو لا يسمح بتقديم بعض من قراءات أربعة آحاد
شهر أمشير، فلا يكتمل إلا نادراً جدا. قراءات شهر أمشير تكمِّل برنامج شهر
طوبة عن أسرار الكنيسة. الثلاثة آحاد الأوَل تقدم قراءات عن سر
الإفخارستيا والأحد الرابع عن التوبة. ولما كان احتمال تقديم قراءات الأحد
الرابع متعذراً بسبب بدء الصوم، رتبت الكنيسة صوم يونان بمنهجه القوي عن
التوبة. قراءات صوم يونان تتبع الصوم الكبير، فتبدأ يوم الاثنين السابق
عليه بأسبوعين. وبذلك تضمن الكنيسة أن تقدم في المنهج الثالث برنامجاً عن
أسرار المعمودية والإفخارستيا والتوبة، مهما تغير موعد بدء الصوم
الأربعيني. الكنيسة تعد بهذا المنهج الدسم للقراءات للصوم المقدس.
الثلاثة آحاد الأولى:
لقد رسم السيد المسيح بنفسه منهج تقديم سر الإفخارستيا، من خلال معجزة
إشباع الجموع، حسب ما قدمه القديس يوحنا في الإصحاح السادس من إنجيله.
فيها أعَّد سامعيه لاستقبال المفاهيم اللاهوتية العميقة لأكل جسده وشرب
دمه. وبنفس المنهج اللاهوتي تقدم لنا الكنيسة شرحاً لأبعاد السر بتقديم
نفس الإصحاح في قراءات الثلاثة آحاد الأولي من شهر أمشير. في هذه الآحاد
تتمحور كل قراءات الكنيسة حول سر الإفخارستيا. إن ما يجمع بين سر الإفخارستيا ومعجزة إشباع الجموع، البركة والشكرـ الكسرـ التوزيع ـ الإشباع والامتلاء ـ
وجمع الكسر. كلف المسيح تلاميذه بجمع الكِسَر، ليس فقط كِسَر الخبز بل
كِسَر جسده من كل الأرض. فبعد أن كَسَر جسده على الصليب وزعه في
الإفخارستيا على الجموع لتأكل للشبع والامتلاء والفيض. ثم أرسل تلاميذه
ليجمعوا كِسَر جسده في كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. فجمع كل منهم
قفته. جسد المسيح المكسور لا ينقسم، بل يجمع الكل إلى واحد. وبهذا صارت
المعجزة الخاصة بإشباع وامتلاء الجسد تمهيدا، للسر الخاص بالشبع الروحي
والامتلاء للحياة الأبدية. " لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين" (عب 14:10).
الأحد الأول: البحث عن يسوع بعد المعجزة: هذا البحث يسفر عن اكتشاف حضور يسوع في معجزة سر الإفخارستيا. الطعام الباقي للحياة الأبدية.
الأحد الثاني: معجزة إشباع الجموع: لقد وجدنا يسوع في معجزة الإفخارستيا في الأحد الماضي، وفي معجزة إشباع الجموع اليوم تقدم لنا القراءات، صورة من الكنيسة الواحدة " فرفع يسوع عينيه ونظر أن جمعا كثيراً مقبل إليه (الوفود المقبلة إليه من كل الأرض عبر الزمان)". وهو صورة للكاهن الواحد القائم علي طقس ملكي صادق طقس الخبز والخمر (البولس).
الأحد الثالث: المسيح يعلن سر الإفخارستيا من خلال معجزة إشباع الجموع
" اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لأن هذا الله الآب قد ختمه" (يو 27:6). " لأن
خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له يا سيد أعطنا
في كل حين هذا الخبز. فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إليَّ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا" (يو 6 : 33ـ35).
"أنا هو خبز الحياة. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من
هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل
حياة العالم " (يو 6: 48،51).
الأحد الرابع: قبول الخطاة، "رجل اسمه زكا.. طلب أن يرى يسوع من هو"
قد
يمر 100 عام أو 150 عام قبل أن تسمح ظروف بداية الصوم بتقديم قراءات الأحد
الرابع من شهر أمشير. موضوع القراءات عن التوبة وقبول المسيح للخطاة.
الكنيسة تقدم هذه القراءات بعد الحديث عن الإفخارستيا. التوبة والمغفرة هي
النتيجة العملية لسر الجسد المقدس. إذ به نثبت في المسيح والمسيح فينا
وننال مغفرة خطايانا،
"لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب و يخلص ما قد هلك" ( لو 10:19). المناسبات الهامة بالمنهج الثالث:
عيد الختان: 6 طوبة (نفس قراءات دخول السيد المسيح إلى الهيكل):
أخذ إبراهيم العهد مع الله وكانت علامته الختان " ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم وليد البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك" (تك 12:17) الختان يتم في اليوم الثامن الذي يرمز للقيامة (أول الأسبوع). أما ختان المسيح فيفسره القديس بولس بأنه خلع جسم خطايا البشرية، "وبه أيضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بختان المسيح" (كو 11:2).
عيد الغطاس: 18/19 يناير 11 طوبة
كان
يعتبر أهم أعياد الكنيسة بعد عيد القيامة حتى ظهر عيد الميلاد قرب نهاية
القرن الخامس في الكنيسة الغربية، ثم انتشر في كل الأرض. عيد الغطاس هو
أكبر أعياد الظهور الإلهي وكان يحتفل به لمدة سبع أيام.
عيد عرس قانا الجليل: 20/21 يناير 13 طوبة
عيد بدء خدمة المسيح على الأرض واستعلان العريس السماوي.
الأحد الخامس:
تقدِّم الكنيسة قراءات لأربعة آحاد لكل شهر قبطي. خلال الفترة الزمنية لهذا المنهج هناك احتمال لأحد خامس واحد لشهر طوبة. إذا وقع الأحد الخامس في
يوم 30 من شهر طوبة تقَدَم فيه قراءات الأحد الثاني من شهر أمشير، أي
معجزة إشباع الجموع من إنجيل يوحنا. وفي ذلك توافق مع قراءات الآحاد
السابقة واللاحقة. إلا انه يترتب على ذلك تكرار القراءات في مدي زمني
قصير. بينما نجد أن قراءات الأحد الرابع من أمشير لا تقرأ إلا كل مئات
السنين. لذلك أقترح عند وجود أحد خامس بشهر طوبة أن ترحل قراءات شهر أمشير
بحيث لا يحدث تكرار، مع إتاحة الفرصة لتقديم القراءات المهملة للأحد
الرابع من شهر أمشير[/size][/b]