نشأ القديس بداسيوس Badasuis مع والديه
العاملين لدى رجل تقي يُسمى "بجوش" بمدينة فاو بصعيد مصر. وهب الله هذا التقي طفلاً
وحيدًا يُدعى يوساب، نشأ كأخ لبداسيوس، فارتبطا معًا منذ طفولتهما بصداقة عظيمة.
كانا يترددان منذ صباهما على دير القديس باخوميوس، ويلتقيان بالآباء الرهبان، مما
ألهب قلبيهما بالحياة النسكية حتى التحقا بالدير. مع الأب بولس تتلمذ الاثنان
للقديس الأنبا بولس (حوالي 527 -563م)، الذي اهتم بهما فكانا ينميان في كل عمل
صالح. جاءتنا بعض نصائح للقديس بولس وجهها لتلميذه بداسيوس، منها تحذيره من الاتكال
على الشكل الرهباني والزي دون الحياة الداخلية، فمن كلماته له: "لا يثق قلبك في
الاسم والشكل، بل تأمل ما قاله يعقوب أخو الرب إذ جاء في رسالته الجامعة أن كل
افتخار مثل هذا خبيث (يع 11:4). فانه يوجد بيننا اليوم وسط هؤلاء الرهبان الذين
نشاهدهم من هم يلبسون هذا الإسكيم وقد شهد لهم السمائيون أنهم بلغوا طوباوية
الإسكيم الذي يلبسونه؛ أيضًا طوبى للذين كملوا سيرتهم وهم علمانيون (من الشعب) فإن
هؤلاء أفضل وأخير من الذين ارتبطوا بإسكيم الرهبنة دون أن يكملوا فرائضها وحقوقها.
الويل للذين هذا هو حالهم، كان خير لهم لو لم يولدوا في هذا العالم! ليتهم ينالون
رحمة العادل إذ يقفون أمام المنبر العظيم المرهوب عراة، وينال كل واحد جزاءه على ما
صنع إن كان خيرًا أم شرًا..." كما قال له: "الآن يا أخي انفرد في قلايتك مع نفسك
ولازم الصوم والصلاة والوحدة، ولا تدع أحدًا من الناس يتطلع على عبادتك، ولا يعلم
كيف يكون عملك، لا من العلمانيين ولا الرهبان، عندئذ تعاين مجد الله". جهاده أحب
حياة الوحدة والسكون في قلايته تحت إرشاد معلمه الأنبا بولس، يمارس الحياة النسكية
الجادة من زهدٍ في الملبس وأصوامٍ ومطانيات مستمرة ليلاً ونهاراً. عجائب الله معه
كان رجل مُقعد من بطن أمه يتردد على الدير، وإذ عرف ما اتسم به القديس بداسيوس من
حياة تقوية مقدسة سأله أن يصلي من أجله ويرشمه بعلامة الصليب، وإذ فعل القديس ذلك
شُفي المُقعد وقام يسبح الله. تكرر الأمر مع رجل أعمى، فذاع صيته وجاء كثيرون
يطلبون صلواته وبركته في الرب. إذ رأى الرهبان عمل الله معه قرروا أن يلبس الإسكيم
(يُعطى للنساك الذين بلغوا قامة روحية عالية) أما هو فهرب سرًا في إحدى الليالي،
وبقيّ أسبوعين ليعود معلنًا رفضه التام لهذا العمل الذي رآه أعلى من قامته، قائلاً
بأن ما تم من أشفية إنما هو عطية الله من أجل إيمانهم وليس عن فضل له فيه، وإذ ألحّ
في الرفض تركوه على حريته. حدث أن أرسنوي Arsinoe زوجة أرخن بمدينة فاو أصيبت بمرض
في وجهها، وكانت الآلام شديدة خاصة من جهة عينها اليمنى، وإذ حار في أمرها الأطباء
طلب منها البعض أن تذهب للقديس بداسيوس بدير القديس باخوميوس. بالفعل قرع الأرخن
باب قلاية القديس ثم أخذه إلى خارج باب الدير كمن يود استشارته في أمرٍ خطير بعيدًا
عن الجميع. وفيما هو يتحدث معه جاءت أرسنوي وأمسكت بيد القديس وقبلتها ووضعتها على
وجهها فوهبها الله الشفاء للحال. سمعت المدينة كلها بما حدث مع أرسنوي فتحول الدير
إلى مركز روحي يأتي إليه الكثيرون يطلبون كلمة تعزية وإرشاد وشفاء للجسد أيضًا. في
قفط إذ شعر القديس بشوقه للحياة الهادئة التقى بأخيه يوساب وطلب منه أن يفارقا
الدير إلى مدينة قفط بعيدًا عن الأنظار والأصدقاء حتى يتفرغا للصوم والصلاة والسهر
بعيدًا عن مديح الناس الباطل. لكن أينما حلّ القديس كان الله يتمجد فيه، وكان بحبه
لا يستطيع أن يمتنع عن الصلاة من أجل الآخرين فيعطيهم الرب بركات ونِعَم. نياحته إذ
شعر أن وقت رحيله قد اقترب مضى إلى أخيه أنبا يوساب وقال له: "صل يا أخي لأني أظن
أن أيامي قد اقتربت لكي أمضي في طريق آبائي جميعهم. إني أرجو منك أن تذكرني في
صلواتك بلا فتور حتى أعبر النهر الناري الجاري قدام كرسي الديان العادل". كشف
القديس بداسيوس لأخيه الرؤيا التي نظرها حيث ظهر له شخص مهوب وممجد جدًا، قال له:
"بداسيوس، اهتم بشأنك، واحسن العناية بمسيرتك، فقد كملت أيامك لكيما ندعوك لتأتي
عندنا فنأخذك!" وبالفعل أصيب القديس بداسيوس بمرض اشتد عليه، وفي الحادي والعشرين
من طوبى - في عيد القديسة مريم - ظهر له رئيس الملائكة روفائيل وأعطاه السلام وبشره
بكرامات كثيرة أعدها الله له، وبعد يومين تنيح في 23 من طوبة.
العاملين لدى رجل تقي يُسمى "بجوش" بمدينة فاو بصعيد مصر. وهب الله هذا التقي طفلاً
وحيدًا يُدعى يوساب، نشأ كأخ لبداسيوس، فارتبطا معًا منذ طفولتهما بصداقة عظيمة.
كانا يترددان منذ صباهما على دير القديس باخوميوس، ويلتقيان بالآباء الرهبان، مما
ألهب قلبيهما بالحياة النسكية حتى التحقا بالدير. مع الأب بولس تتلمذ الاثنان
للقديس الأنبا بولس (حوالي 527 -563م)، الذي اهتم بهما فكانا ينميان في كل عمل
صالح. جاءتنا بعض نصائح للقديس بولس وجهها لتلميذه بداسيوس، منها تحذيره من الاتكال
على الشكل الرهباني والزي دون الحياة الداخلية، فمن كلماته له: "لا يثق قلبك في
الاسم والشكل، بل تأمل ما قاله يعقوب أخو الرب إذ جاء في رسالته الجامعة أن كل
افتخار مثل هذا خبيث (يع 11:4). فانه يوجد بيننا اليوم وسط هؤلاء الرهبان الذين
نشاهدهم من هم يلبسون هذا الإسكيم وقد شهد لهم السمائيون أنهم بلغوا طوباوية
الإسكيم الذي يلبسونه؛ أيضًا طوبى للذين كملوا سيرتهم وهم علمانيون (من الشعب) فإن
هؤلاء أفضل وأخير من الذين ارتبطوا بإسكيم الرهبنة دون أن يكملوا فرائضها وحقوقها.
الويل للذين هذا هو حالهم، كان خير لهم لو لم يولدوا في هذا العالم! ليتهم ينالون
رحمة العادل إذ يقفون أمام المنبر العظيم المرهوب عراة، وينال كل واحد جزاءه على ما
صنع إن كان خيرًا أم شرًا..." كما قال له: "الآن يا أخي انفرد في قلايتك مع نفسك
ولازم الصوم والصلاة والوحدة، ولا تدع أحدًا من الناس يتطلع على عبادتك، ولا يعلم
كيف يكون عملك، لا من العلمانيين ولا الرهبان، عندئذ تعاين مجد الله". جهاده أحب
حياة الوحدة والسكون في قلايته تحت إرشاد معلمه الأنبا بولس، يمارس الحياة النسكية
الجادة من زهدٍ في الملبس وأصوامٍ ومطانيات مستمرة ليلاً ونهاراً. عجائب الله معه
كان رجل مُقعد من بطن أمه يتردد على الدير، وإذ عرف ما اتسم به القديس بداسيوس من
حياة تقوية مقدسة سأله أن يصلي من أجله ويرشمه بعلامة الصليب، وإذ فعل القديس ذلك
شُفي المُقعد وقام يسبح الله. تكرر الأمر مع رجل أعمى، فذاع صيته وجاء كثيرون
يطلبون صلواته وبركته في الرب. إذ رأى الرهبان عمل الله معه قرروا أن يلبس الإسكيم
(يُعطى للنساك الذين بلغوا قامة روحية عالية) أما هو فهرب سرًا في إحدى الليالي،
وبقيّ أسبوعين ليعود معلنًا رفضه التام لهذا العمل الذي رآه أعلى من قامته، قائلاً
بأن ما تم من أشفية إنما هو عطية الله من أجل إيمانهم وليس عن فضل له فيه، وإذ ألحّ
في الرفض تركوه على حريته. حدث أن أرسنوي Arsinoe زوجة أرخن بمدينة فاو أصيبت بمرض
في وجهها، وكانت الآلام شديدة خاصة من جهة عينها اليمنى، وإذ حار في أمرها الأطباء
طلب منها البعض أن تذهب للقديس بداسيوس بدير القديس باخوميوس. بالفعل قرع الأرخن
باب قلاية القديس ثم أخذه إلى خارج باب الدير كمن يود استشارته في أمرٍ خطير بعيدًا
عن الجميع. وفيما هو يتحدث معه جاءت أرسنوي وأمسكت بيد القديس وقبلتها ووضعتها على
وجهها فوهبها الله الشفاء للحال. سمعت المدينة كلها بما حدث مع أرسنوي فتحول الدير
إلى مركز روحي يأتي إليه الكثيرون يطلبون كلمة تعزية وإرشاد وشفاء للجسد أيضًا. في
قفط إذ شعر القديس بشوقه للحياة الهادئة التقى بأخيه يوساب وطلب منه أن يفارقا
الدير إلى مدينة قفط بعيدًا عن الأنظار والأصدقاء حتى يتفرغا للصوم والصلاة والسهر
بعيدًا عن مديح الناس الباطل. لكن أينما حلّ القديس كان الله يتمجد فيه، وكان بحبه
لا يستطيع أن يمتنع عن الصلاة من أجل الآخرين فيعطيهم الرب بركات ونِعَم. نياحته إذ
شعر أن وقت رحيله قد اقترب مضى إلى أخيه أنبا يوساب وقال له: "صل يا أخي لأني أظن
أن أيامي قد اقتربت لكي أمضي في طريق آبائي جميعهم. إني أرجو منك أن تذكرني في
صلواتك بلا فتور حتى أعبر النهر الناري الجاري قدام كرسي الديان العادل". كشف
القديس بداسيوس لأخيه الرؤيا التي نظرها حيث ظهر له شخص مهوب وممجد جدًا، قال له:
"بداسيوس، اهتم بشأنك، واحسن العناية بمسيرتك، فقد كملت أيامك لكيما ندعوك لتأتي
عندنا فنأخذك!" وبالفعل أصيب القديس بداسيوس بمرض اشتد عليه، وفي الحادي والعشرين
من طوبى - في عيد القديسة مريم - ظهر له رئيس الملائكة روفائيل وأعطاه السلام وبشره
بكرامات كثيرة أعدها الله له، وبعد يومين تنيح في 23 من طوبة.