سلام ونعمة://
كيف نحب حسب الإنجيل - المفهوم الصحيح للمحبة عملياً
مفهوم المحبة في الكتاب المقدس كما قصدها الرب يسوع المسيح [ أغابي Agapy ] ليست هي الحب العاطفي أو جاذبية جسدية حسية الواحد نحو الآخر ، لأن هذا يزول مع التقلبات المزاجية للإنسان ، لأن المحبة العاطفية متقلبة من حال لحال ، وتعتمد دائماً على مزاجي الخاص ومدى إعجابي الشخصي بالآخر حسب ميولي النفسية والفكرية وارتياحي للشخص الذي أقيم معه علاقة صداقة حلوة نتبادل فيها المديح والشكر ، أو يتفق معي في الرأي أو يتجادل معي في الفكر ، ونقبل بعضنا البعض كوننا قريبين نفسياً أو اجتماعياً ونتأثر عاطفياً بالكلام المتبادل أو العلاقة المتبادلة ...
ولكن هذه المحبة العاطفية المبنية على القرب النفسي أو حتى الفكري بأي شكل أو صورة لا تلتزم بشيء تجاه الآخر !!! تلتزم فقط بالشكل والكلام !!!
ولكن المحبة كما طلبها الرب يسوع ، هي الإحساس القلبي العميق بحب الله نحو الآخر ، كل آخر وأي آخر ، حتى الأعداء أنفسهم ، فهذه المحبة هي محبة ملتزمة بالعطاء والبذل والخروج عن الذات ، مثلما تضحي الأم بنفسها من أجل سلامة طفلها غير مهتمة بالأخطار المُحيطة لأنها تحبه حب عميق لأنه قطعه منها أو جزء من كيانها ...
فإن أردنا أن نعرف المحبة الحقيقية ، لابد من أن نتيقن أن الله وحده هو الذي يعطينا أن نفهم القريب بحاسة وبصيرة مستنيرين بالروح القدس . [ الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ] (رو5: 8) ، حينئذٍ – فقط – يُمكننا أن نكتشف في الآخر كياناً شخصياً متميزاً لا يتبدل فيما وراء الملامح المنظورة مهما كانت حلوة أو مرفوضة حسب ميولي النفسية ، ولا تتوقف على الأخطاء أو الهفوات المرتكبة ، بل سنتجاوز كل شيء وأي شيء ، وذلك بسبب حقيقة الآخر الجوهرية وهي أنه على صورة الله ، وليس على صورتنا الشخصية أو لأننا نرى فيه ملامح تتفق مع ملامحنا الداخلية ومزاجية ...
عموماً هذا هو الفرق بين المحبة القائمة على الحس الجسدي والنفسي العاطفي ، وبين المحبة التي قصدها الله ووهبها لنا بالروح القدس !!!
يقول الأب ديادوخوس : [ عندما نبدأ في الإحساس بملء محبة الله ، نبدأ أيضاً في أن نحب القريب (كل وأي إنسان) منخلال الروح القدس الذي نستشعر عمله فينا ، هذه هي المحبة التي توصينا بها الكتب المقدسة (وبالأكثر في العهد الجديد) . لأن المودة بحسب الجسد تتفكك سريعاً لأقل عذر وأدنى سبب ، لأنها ليست مربوطة بوثاق الروح القدس . فالإنسان المضطرم بنار الحب الإلهي ، يُقبل بغاية الفرح على ممارسة محبة القريب ، بل ويكون على أتم الاستعداد أن يتحمل في سبيله أية خسارة أو إهانة . لأن حرارة حلاوة محبة الله كفيلة في الواقع أن تُلاشي تماماً مرارة العداوة ]
+ ونُلاحظ في القرون الأولى أن معيار المحبة ارتفع فوق كل توقع وقدرة البشر العادية ، فكما نعلم أنه كان اضطهاد شديد ومنشور رسمي بقتل المسيحيين ، فكانوا يعيشون في مغاير وسراديب تحت الأرض وفي الجبال ، وتفشى مرض الطاعون في بعض من أرجاء الإمبراطورية الرومانية ، وكان الوثنيون يلقون آبائهم وأمهاتهم وأولادهم وبناتهم – بلا شفقة – المصابون بالمرض وذلك لا يعدوا كل من في البيت ، فيتركونه يصارع المرض وحده ملقياً في الشارع بدون طعام أو شراب ، فخرج المسيحيين من السراديب والمغاير ليخدموا هؤلاء التعساء ، يعطوهم طعام ويخففوا من شدة حرارة الجسم بالماء حتى أنهم أُصيبوا بنفس ذات المرض بسبب خدمتهم ، وكثيرين ماتوا بالعدوى أكثر من الذين أُخذوا بالسيف ... أليست هذه هي المحبة التي قصدها الرب يسوع نفسه !!!
فالحب الحقيقي حسب الكتاب المقدس وفي المفهوم الأبائي الأصيل ، يتوق ويحقق – بقدر الإمكان – من أن يستبدل حياته بحياة آخر ، فعندما يكون هذا الآخر مُصاباً بمرض خطير يفتك بالجسد ببطء ويجعل صاحبه منبوذاً بقسوة من المجتمع ، لا يخشى المحب الحقيقي بأن يُصاب بكل ما بُلي به صاحب المرض ، مثلما نرى الأب أو الأم حينما يخدمون طفلهم في أبشع أنواع المرض الذي قد يصيبهم ويهلكهم !!!
ولنلاحظ قول الأب أغاثون للرهبان عندما تحدث إليهم عن معيار المحبة ، فتكلم عن مرضى الجُذام المرفوضين من المجتمع قائلاً : [ لو أمكنني أن ألتقي بمجذوم فأعطيه جسدي وآخذ جسده ، لكنت في غاية السعادة ، هذا هو في الواقع (معيار) الحب الحقيقي ]
وفي النهاية نختم بقولين الأول للقديس ثيئوذور الفرمي الذي يقول : [ ليست هناك فضيلة أخرى تساوي فضيلة عدم الازدراء بخليقة الله ]
والقول الثاني للقديس إسحق السرياني الذي يرد على سؤال لأحد الإخوة : [ سؤال : وكيف يعرف الإنسان أن قلبه قد بلغ إلى حد النقاوة ؟ الجواب : عندما يعتبر أن كل الناس صالحون ، وعندما لا يبدو في نظره أي إنسان ما غير نقي أو نجساً ، وعندئذ يكون بالحقيقة نقي القلب
كيف نحب حسب الإنجيل - المفهوم الصحيح للمحبة عملياً
مفهوم المحبة في الكتاب المقدس كما قصدها الرب يسوع المسيح [ أغابي Agapy ] ليست هي الحب العاطفي أو جاذبية جسدية حسية الواحد نحو الآخر ، لأن هذا يزول مع التقلبات المزاجية للإنسان ، لأن المحبة العاطفية متقلبة من حال لحال ، وتعتمد دائماً على مزاجي الخاص ومدى إعجابي الشخصي بالآخر حسب ميولي النفسية والفكرية وارتياحي للشخص الذي أقيم معه علاقة صداقة حلوة نتبادل فيها المديح والشكر ، أو يتفق معي في الرأي أو يتجادل معي في الفكر ، ونقبل بعضنا البعض كوننا قريبين نفسياً أو اجتماعياً ونتأثر عاطفياً بالكلام المتبادل أو العلاقة المتبادلة ...
ولكن هذه المحبة العاطفية المبنية على القرب النفسي أو حتى الفكري بأي شكل أو صورة لا تلتزم بشيء تجاه الآخر !!! تلتزم فقط بالشكل والكلام !!!
ولكن المحبة كما طلبها الرب يسوع ، هي الإحساس القلبي العميق بحب الله نحو الآخر ، كل آخر وأي آخر ، حتى الأعداء أنفسهم ، فهذه المحبة هي محبة ملتزمة بالعطاء والبذل والخروج عن الذات ، مثلما تضحي الأم بنفسها من أجل سلامة طفلها غير مهتمة بالأخطار المُحيطة لأنها تحبه حب عميق لأنه قطعه منها أو جزء من كيانها ...
فإن أردنا أن نعرف المحبة الحقيقية ، لابد من أن نتيقن أن الله وحده هو الذي يعطينا أن نفهم القريب بحاسة وبصيرة مستنيرين بالروح القدس . [ الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ] (رو5: 8) ، حينئذٍ – فقط – يُمكننا أن نكتشف في الآخر كياناً شخصياً متميزاً لا يتبدل فيما وراء الملامح المنظورة مهما كانت حلوة أو مرفوضة حسب ميولي النفسية ، ولا تتوقف على الأخطاء أو الهفوات المرتكبة ، بل سنتجاوز كل شيء وأي شيء ، وذلك بسبب حقيقة الآخر الجوهرية وهي أنه على صورة الله ، وليس على صورتنا الشخصية أو لأننا نرى فيه ملامح تتفق مع ملامحنا الداخلية ومزاجية ...
عموماً هذا هو الفرق بين المحبة القائمة على الحس الجسدي والنفسي العاطفي ، وبين المحبة التي قصدها الله ووهبها لنا بالروح القدس !!!
يقول الأب ديادوخوس : [ عندما نبدأ في الإحساس بملء محبة الله ، نبدأ أيضاً في أن نحب القريب (كل وأي إنسان) منخلال الروح القدس الذي نستشعر عمله فينا ، هذه هي المحبة التي توصينا بها الكتب المقدسة (وبالأكثر في العهد الجديد) . لأن المودة بحسب الجسد تتفكك سريعاً لأقل عذر وأدنى سبب ، لأنها ليست مربوطة بوثاق الروح القدس . فالإنسان المضطرم بنار الحب الإلهي ، يُقبل بغاية الفرح على ممارسة محبة القريب ، بل ويكون على أتم الاستعداد أن يتحمل في سبيله أية خسارة أو إهانة . لأن حرارة حلاوة محبة الله كفيلة في الواقع أن تُلاشي تماماً مرارة العداوة ]
+ ونُلاحظ في القرون الأولى أن معيار المحبة ارتفع فوق كل توقع وقدرة البشر العادية ، فكما نعلم أنه كان اضطهاد شديد ومنشور رسمي بقتل المسيحيين ، فكانوا يعيشون في مغاير وسراديب تحت الأرض وفي الجبال ، وتفشى مرض الطاعون في بعض من أرجاء الإمبراطورية الرومانية ، وكان الوثنيون يلقون آبائهم وأمهاتهم وأولادهم وبناتهم – بلا شفقة – المصابون بالمرض وذلك لا يعدوا كل من في البيت ، فيتركونه يصارع المرض وحده ملقياً في الشارع بدون طعام أو شراب ، فخرج المسيحيين من السراديب والمغاير ليخدموا هؤلاء التعساء ، يعطوهم طعام ويخففوا من شدة حرارة الجسم بالماء حتى أنهم أُصيبوا بنفس ذات المرض بسبب خدمتهم ، وكثيرين ماتوا بالعدوى أكثر من الذين أُخذوا بالسيف ... أليست هذه هي المحبة التي قصدها الرب يسوع نفسه !!!
فالحب الحقيقي حسب الكتاب المقدس وفي المفهوم الأبائي الأصيل ، يتوق ويحقق – بقدر الإمكان – من أن يستبدل حياته بحياة آخر ، فعندما يكون هذا الآخر مُصاباً بمرض خطير يفتك بالجسد ببطء ويجعل صاحبه منبوذاً بقسوة من المجتمع ، لا يخشى المحب الحقيقي بأن يُصاب بكل ما بُلي به صاحب المرض ، مثلما نرى الأب أو الأم حينما يخدمون طفلهم في أبشع أنواع المرض الذي قد يصيبهم ويهلكهم !!!
ولنلاحظ قول الأب أغاثون للرهبان عندما تحدث إليهم عن معيار المحبة ، فتكلم عن مرضى الجُذام المرفوضين من المجتمع قائلاً : [ لو أمكنني أن ألتقي بمجذوم فأعطيه جسدي وآخذ جسده ، لكنت في غاية السعادة ، هذا هو في الواقع (معيار) الحب الحقيقي ]
وفي النهاية نختم بقولين الأول للقديس ثيئوذور الفرمي الذي يقول : [ ليست هناك فضيلة أخرى تساوي فضيلة عدم الازدراء بخليقة الله ]
والقول الثاني للقديس إسحق السرياني الذي يرد على سؤال لأحد الإخوة : [ سؤال : وكيف يعرف الإنسان أن قلبه قد بلغ إلى حد النقاوة ؟ الجواب : عندما يعتبر أن كل الناس صالحون ، وعندما لا يبدو في نظره أي إنسان ما غير نقي أو نجساً ، وعندئذ يكون بالحقيقة نقي القلب
Click this bar to view the full image. |