سلام ونعمة://
المسيحية في الحبشة
ظلت اليهودية منتشرة في الحبشة، سواء أكان ذلك بسبب الكهنة الذين أرسلهم سليمان أم عن طريق هجرة أخرى لليهود ، وقد قبل عدد كبير منهم المسيحية حيث تم ذلك عن طريق الخصي الحبشي وزير كنداكة ملكة الحبشة(1) الذى جاء إلى أورشليم ليشترك في الفصح هناك، أو لإيفاء أي نذر عليه ، فقد تقابل مع فيلبس المبشر الذى أرشده إلى المسيح وعمده راجع ( أع 8 ) و وُرد في التاريخ ان القديس متى قد ذهب إلى هناك ، إذ انه لما بشر في أسيا ولاسيما في جهات اليمن ، ذهب إليها عن طريق باب المندب ، وهناك أجتذب الكثيرين إلى المسيح بتعاليمه ومعجزاته ، وقد لاقى ذلك ترحيباً كبيراً من اليهود هناك الذين كانوا متعطشين إلى سماع الخبر السار عن ذلك الإله الحنون، لاسيما وأن لديهم الكثير من النبوات التى تخصه، ويروون أنه نال هناك إكليل الاستشهاد ومما يؤيد كرازته هناك وفى أسيا معاً أن العلامة بنتينوس وجد نسخة من إنجيل متى باللغة العبرية في اليمن أو شبه الجزيرة العربية عند زيارته للمنطقة هناك في القرن الثاني الميلادى (186م) وقد كان القديس متى معنياً بتبشير العبرانيين أينما وجدوا.
ويؤكد ذلك ما ورد في كتاب ( أخبار أكسوم ) وهو من تأليف حبشي مسيحي في القرن الرابع ، حيث يُذكر أن أول رسول مسيحي في الحبشة هو قهرمانة كنداكة ملكة الحبشة الذى ذُكر تعميده في (أع 8) .
ولكن التاريخ الحقيقى لكنيسة الحبشة يبدأ في القرن الرابع الميلادى برسامة أول أسقف للحبشة وهو فرمنتيوس الذى سُيمَ بإسم سلامة والقصة المتوارثة عنه في التاريخ والتقليد انه كان برفقة أخيه اريسيوس مع تاجر كبير من صور ذى قرابة لهما ، وكانوا في طريقهم إلى الهند ، وفى الطريق احتاجوا إلى المؤن والماء فمالوا إلى إحدى الموانئ الحبشية ولعلها في إريتريا، فلما رآهم سكانها هجموا على السفينة لظنهم انهم من الروم الذين كانت العداوة مستحكمة بينهم في ذلك الوقت. وقاموا بقتل من في السفينة ولم ينجُ إلا هذان الشابان فحملوهما مع الغنائم وأهدوهما إلى الملك في أكسوم على مسافة 210 كم شمال شرق أوغندا وكانت قاعدة الملك لظنهم أنها مقدسة لوجود تابوت العهد فيها .
ففرح بهما الملك و عينهما في وظائف مرمُوقة ولما مات الملك اشتركا مع الملكة زوجته في الحكم وقد قام فرمنتيوس بتعليم وتهذيب ابنها فلما شب استأذن منها في العودة إلى بلدهما فعاد اريسيوس إلى صور بينما توجة فرمنتيوس إلى الإسكندرية ليُبلغ البابا اثناسيوس الرسولى بأخبار الحبشة حيث كان قد استغل مكانته هناك في نشر المسيحية بين رجال البلاط وبعض فئات الشعب ومن ثم فان الأحباش يحتاجون إلى رعاية روحية، فلما بحث البابا هذا الأمر جيداً مع الاساقفة استقر رأيهم على أن فرمنتيوس هو أنسب من يقوم بهذه المُهمة ، قائلاً له: " أي رجل خلافك نجده مثلك فيه روح الله كما هى فيك يكون مستحقا للقيام بهذه المُهمة " فوضعوا عليه الأيادي وأرسلوه إلى هناك وزودوه بالكتب لاسيما القداس الإلهى ، ويقال إنها المرة الأولى التى يكتب فيها القداس على قرطاس ، حيث كان القسوس حتى ذلك الوقت يحفظونه عن ظهر قلب عن طريق الاستلام.
وعقب عودته إلى هناك أسقفًا قام بتأسيس كنيسة في أكسوم، تعد الأولى في تلك البلاد وكان ذلك سنة 330م، ولذلك تعد أكسوم عند الأحباش مدينة مقدسة ويسمونها (جورام) وكانت مقر الأسقفية ولقد قدّم النجاش الحبشي للأسقف الجديد الكثير من العون والتأييد حيث كان معلمه فيما سبق، وقد نال المعمودية أيضًا على يده ، وانتشار المسيحية في الحبشة كان على خلاف العادة ،فقد انتشرت المسيحية في الأقطار الأخرى أولاً بين عامة الشعب قبل وصولها إلى بلاط الحكام بعكس الحبشة التى انتشرت فيها في البلاط الملكى قبل عامة الشعب، وقد جاء ذكر تعيين فرمنتيوس أسقفا للحبشة في الاحتجاج الذى رفعه اثناسيوس الرسول إلى الإمبراطور قسطنطين ،ويقال أيضا أن قسطنطين قبل موته قد حاول إستقطاب الأحباش إلى المذهب الأريوسى ولكن مسعاه خاب بسبب رفض الملك هناك .
مصادر تاريخية أخرى :
ورد في كتاب مختصر تواريخ الكنيسة المطبوع في الموصل سنة 1873م لمؤلفه لومو الفرنسى عند التكلم عن انشقاق اليعاقبة، انه قد تبع الأقباط فى الضلالة (حسب قوله) الأحباش الذين في زمان أثناسيوس كانوا قد تنصروا قليلاً قليلاً بهمة أساقفة الإسكندرية.(1)
وورد في تاريخ موسيهيم : " وفى وسط هذا القرن جاء إنسان اسمه فرمنيتوس من مصر إلى بلاد الحبشة المجاورة أو كوش التى كان يسمى سكانها الاكسونييين (نسبة إلى أكسوم) وعمّد ملك البلاد وكثيرًا من الأشراف ، ثم في رجوعه إلى مصر كرسّه القديس أثناسيوس أول أسقف على الاكسونييين، ولهذا إلى اليوم كنيسة الكوشييين التابعة لكنيسة الإسكندرية وهى ترسل أساقفتها(1) .
وقد تزايد اهتمام الكنيسة القبطية بابنتها الكنيسة الحبشية، وصارت المسئولة عن رسامة مطارنتها لمدة ستة عشر قرنًا من الزمان، بل أن القانون المنسوب إلى مجمع نيقية ضمن القوانين الأربعة والثمانين ، يقول : " والحبش لا يبطرك عليهم بطرك من علمائهم ولا باختيار منهم في أنفسهم لان بطركهم إنما يكون من تحت يد صاحب الإسكندرية وهو الذى ينبغى آن يصلح عليهم كاثوليكاً (جاثليق)(2) الذى هو دون البطرك ومن قبله، فاذا بطرك عليهم هذا المذكور باسم القثلقة فليس له مطلقًا يمطرن مطرانًا كما يمطرنهم البطاركة . وإنما يكرم باسم البطريركية من غير أن يكون سلطان ذلك " (3) وهناك روابط كثيرة تربط بين مصر والحبشة، مثل الحضارة التى تكلمنا عليها في مدخل كلامنا والتى نقلها المصريون إلى هناك، كما أن النيل يربط البلدين معا وقد دارت على مدار التاريخ ومنذ الفتح العربى بعد الكثير من الرسائل والمعاهدات بين ولاة مصر وملوك الحبشة بخصوص النيل ومعاملة المسيحيين هناك حيث قامت الكنيسة القبطية دائمًا بدور الوسيط بين ملوك البلدين لما لها من مكانة لدى الأحباش هناك، وقبل الميلاد كثيرًا ما حكم ملوك مصر الحبشة معهم كما حدث ان حكم بعض ملوك الحبشة مصر أيضًا .
كما أن كل من الحبشة ومصر ينتميان إلى أصل واحد، فهم من أولاد حام حيث أن كوش جد الأحباش ومصرايم جد المصريين كانا أخوين (وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان تك 10 : 6) .
وقد ظلت الحبشة محافظة على ولائها للكنيسة القبطية، ورفضت الاعتراف بمجمع خلقيدونية وقراراته ورفضت أيضاً الاعتراف بالبطاركة البيزنطيين الذين عينتهم الإمبراطورية الرومانية على مصر، واستمر تكريز المطران الحبشى بيد البطريرك القبطى فقط (1) وظلوا يعتبرون الكنيسة القبطية أمهم والبطريرك القبطى أبوهم .
الكنائس في الحبشة
يؤكد كل من زار الحبشة من الرحالة والسياح والعاديين ، ان الحبشة بها أكبر عدد من الكنائس بالنسبة لبقية الأقطار في الشرق ، إذ قد يوجد في القرية الصغيرة الواحدة عدة كنائس ، حيث يجد الأحباش فرحا ولذة كبيرة في تشييد الكنائس أو الإسهام في ذلك .
ولعل اشهر كنائس الحبشة هى تلك التى بنيت داخل الصخر ، أو بالأحرى التى تخلّقت من الصخر ، حيث كانت الكنيسة ترسم على سطح الأرض الصخرية ، ومن ثم يتم تحريرها مما حولها ، وحينئذ يتم تفريغها من الداخل بحيث لا تتم أعمال البناء في الكنيسة مطلقا و إنما أعمال النحت فقط ، وهنا الإبداع الذى كانوا يتبارون فيه . وما تزال هناك عدة كنائس صخرية تحتفظ بحالتها الجيدة حيث صارت مقصداً لكثير من الزائرين والسيّاح.
أمّا اجمل تلك الكنائس وأعظمها فهى كنيسة مخلص العالم ، وهى على شكل مستطيل مكون من خمسة خوارس ، وتحتوى على أربعين من صفوف الأعمدة ، ويتكون كل صف من سبعة أعمدة ، يركب اعلى كل منهما تاج ، كما يكوّن كل أثنين منهم قوسا ، غير ان تلك الأقواس والتيجان هى للزينة فقط ، ولا تشترك في حمل سقف الكنيسة والتى هى عبارة عن كتلة صخرية كما سبق الإشارة ، هذا ويصل سمك بعض الحوائط إلى مترين ( 6.5 قدم ) ، وفى كنيسة مخلص العالم هذه يوجد أكثر من " حضن الآب " غير ذلك الرسمى الكائن في شرقية الهيكل ، كما يوجد عدد كبير من الأبواب في الكنيسة بل والشرفات أيضا .
كما تعتبر كنيسة الجلجثة واحدة من أكثر الكنائس قداسة وإجلالاً في الحبشة، وهى مستطيلة الشكل أيضا ، ويوجد بها قبر الملك لاليبالا النجاشى الشهير ، كما تحتوى الكنيسة على كنيستين فرعيتين داخلها ، وقد رأى فيها أليفازر الرحالة صورتين منقوشتين على الحجر للقديسين بطرس ويوحنا .
ونقوش الكنائس عموما سواء أكانت صورا أو أشكالاً هندسية أو زخارف. تمّت من خلال النحت بالإزميل في الصخر .
ومن بين الكنائس الصخرية أيضا ، كنيسة مارجرجس وهى على شكل صليب ، إضافة إلى كنائس أخرى في كل من أجرو Agro وسكوتة Skota وبيلبيلا Belbela وكورجيس Chorgies وبالقرب من أجولا Agula على مسافة قصيرة من الساحل ولكن هذه الكنائس هى في الواقع تقليد لتلك التى في لاليبالا ولذلك فهى أقل جودة منها وأحدث عهداًٍ.
وتقول أسطورة حبشية أن تصميم الكنيسة فى لاليبالا قد أعلن لـ لاليبالا في رؤية وأن ملائكة قد أكملوا العمل بها بينما كان العمال نياما ، غير ان التاريخ المكتوب عن طريق المؤرخ أليفازر يفيد بأن الرجال البيض من مصر وفلسطين هم الذين تحمٍّلوا العبء الأكبر في تشييدها ، وقد عملوا لحساب لاليبالا تحت أشراف سيدى مسكال Sidi Meskal وهو عربى متنصر ، ويتضح من التصميم والزخارف أن مصدره مصر أو فلسطين .
أما عن الكنيسة النموذجية في الحبشة والتى توصف عادة بأنها دائرة توجد في مقاطعات أمهارا وشوا ، هذه الكنائس ولاسيما الموجودة في الريف تبنى عادة على تلال ثابتة تحاط بمساحة دائرية وتستخدم كمدافن وهى تشبه إلى حد ما ، كنائس الريف الإنجليزى التى تتكون من فناء تحوطه أشجار تسمى yew ، بينما يحيط المدفن الأثيوبى أشجار العرعر والتى تزرع غالبا مع أشجار أخرى مختلفة تحاط بحائط حجرى له بوابة .
وفى كثير من الكنائس يغطّى السقف بالعشب ـ ونادرا ما يغطى بالصفيح أو الخشب ـ ويعلو قمته صليب من الحديد أو النحاس ويطلى أحيانا الصليب بالفضة ، وفى كثير من الأحيان يركب على قمته المدببة بيضة نعام(1) .
الكنيسة من الداخل :
يمتد حول الكنيسة ممر يسمى قينى مهاليطا Qene Mahaleta وهذا الممر يبلغ عرضة 2.5 مترا ( 8 أقدام ) وله سقف منخفض لا يزيد ارتفاعه عن 1.5 متر (5 قدم ) وفى هذا الممر يجلس الموعوظون والذين لن يسمح لهم بالاشتراك في الافخارستيا، وهذا الممر مزين بكثير من الرسوم والزخارف ، بينما تغطى الأرضية بالحصر أو الأسل و في أسفل الممر توجد مدافن يسمح بدفن الكهنة فيها فقط .
والقسم الثانى من الكنيسة ويسمى مقدس Maqdos وهو مخصص للكهنة والشمامسة ولا يدخله العلمانيون إلاّ بإذن خاص عند التناول وفى حجرة مخصصة في هذا القسم توجد الطبول التى تستخدم في التسبيح وكذلك تعلق بعض الحقائب القطنية والتى تحوى بعض رفات القديسين .
وأما القسم الثالث : وهو عبارة عن حجرة مربعة في وسط صحن الكنيسة وتسمى قدس الأقداس Qedus Qudusa ، وتغطى حوائطها بالرسوم والأيقونات وبها ستائر من الجوخ ولها باب خشبى صغير يظل مفتوحا أثناء الخدمة في حين يسدل حجاب أثناء ذلك ، و لا يسمح بالدخول إلا للكهنة للخدمة فقط ، وفى الداخل يوجد مذبح
مستطيل مبنى أو مصنوع من الخشب يعلوه لوح حجرى ، وقد وجدت عدة مذابح مغطاة بكمية لا بأس بها من الذهب .
وفى داخل قدس الأقداس توجد أدوات وكتب الخدمة وملحقات أهمها التابوت الذى يستقر فوق المذبح مثل الخيمة المتوجة بمظلة ، والتابوت عبارة عن صندوق خشبى مستطيل صغير له فتحه دائرية أعلاه لوضع الكأس فيها يشبه كرسى الكأس في الكنائس القبطية ( لمزيد من المعلومات عن التابوت راجع باب العقيدة في الحبشة).
ويعتبر التابوت من الملامح المميزة لكل كنيسة ، يكرس بيد (أبونا ) الحبشة ، وتتوقف قدسية الكنيسة على وجود التابوت حيث لا يمكن أن تقام الذبيحة بدونه ، فاذا ما لمسة أحد العلمانيين ، يعاد تطهيره وتدشينه من قبل ( أبونا ) وعند ذلك يعمل له موكبا . مثل الموكب الذى يحدث في عيد الغطاس ( راجع باب الأعياد الحبشية /تيمكات ) ويحجب التابوت بستر من الجوخ بينما يسجد له كل من يمر به . وفيما مضى كان الأحباش يحملون التابوت يتقدمهم في الحرب ، كما كان يفعل بنو إسرائيل .
ويروي بعض الرحّالة فيقولون أنه أتيح لهم أن يطلعوا على قدس الأقداس والذى لا يسمح بالدخول إلية إلاّ للكهنة والشمامسة فقط(1) . كان الموضع مظلماً سوى من بعض شمعات خافتة، وقد رأوا المذبح حيث رفع الكاهن الستار عنه بشئ من الرهبة تحسبا لوجود أى شخص وثنى قد يختلس منه نظرة ! وكان التابوت عبارة عن صندوق خشبي صغير ملفوف في عدة لفائف منقوش عليها بعض آيات من العهد القديم ، ثم بدا الخوف على الحراس لشعورهم بأنهم إنما يرتكبون خطأً بذلك وطلبوا إلى السياح الابتعاد بضع خطوات ثم طلبوا منهم الانصراف ، وقد شاهدوا على المذبح قبل انصرافهم صينية يعلوها قبة بصليب .
وعند الشروع في بناء الكنيسة يجب اختيار المكان بعناية ، حيث يقام سور مؤقت حول الكنيسة كنوع من التكريس أولاً، وبعد ذلك يتم البناء ولكن تدشين الكنيسة متوقف على وصول الصندوق الخشبي (التابوت ) في البداية يستشار أولئك المتخصصون أولاً في بناء الكنائس وبعد ذلك يحشد عمال البناء وتورد الأحجار والأخشاب وعادة ما يكون خشب الأرز ، ويستغرق العمل في بناء الكنيسة ما بين بضعة أسابيع إلى العام و النصف ، وعندئذ يستبدل السور المؤقت بآخر من الحجارة .
بعض ملحقات الكنيسة
يلحق بالكنيسة وداخل السور الخارجي مبان لسكن الكهنة ، وحجرة لعمل القربان تسمى بيت لحم ( مثل التي عندنا في مصر) ، وفي بعض الأحيان تكون البوابة ليست مجرد مدخل بل تكون على هيئة مضيفة حيث يتم استقبال عابري السبيل منها فيقدم لهم الطعام و يتوفر لهم فيها المبيت ، كما توجد لكل كنيسة منارة مركب فيها الجرس لتنبيه المؤمنين إلى مواعيد الصلاة .
و في بعض الكنائس مثل كنيسة " مخلص العالم " في أدوا يكون هناك مبنى خاص لتلك المرافق و المنافع و هو الأمر المعمول به في الأديرة ، و أحياناً يكون مثل تلك المرافق مثل سوق يؤمه الناس يبيعون و يشترون فيه ، و هو كما قلنا مستقل عن الكنيسة بمرافقها .
البيجانة ( القيثارة ) :
وهي آلة موسيقية جميلة من آلات العالم القديم ، مثل القيثارة الرومانية القديمة ، ويكون لها ستر متحرك أو غطاء مثل السلحفاة ، يوضع عليها بواسطة قطعة مستديرة قوية من الخشب ، و يكون لها قرون تخرج من الستر المتحرك ،
ويعزف عليها بواسطة ريشة عاجية أو معدنية ، وهي ليست سباعية الأوتار، ولكنها تحتوي على أحد عشر خيطاً مربوطاً في القنطرة في الناحية المقابلة لغطاء ظهر السلحفاة ، فيما عدا هذه الاختلافات فإنها تشبه القيثارة الرومانية القديمة .
ويطلق الأحباش عليها أسم البيجانة ، ويقولون أن الذي اخترعها هو الملك داود، وأيقوناتهم الموجودة في الكنائس ُتظهر الملك داود و هو يعزف على آلة طبق الأصل من البيجانة ! .
الأمبليتا (1) :
وهي آلة موسيقية عبارة عن خمسة أو ستة أنابيب مصنوعة من نوع من بوص البامبو المجوف و يسمى ( شامبوكو ) وهذه الآلة تنفخ كما تنفخ الصفارة ، مع ملاحظة أن كل عازف ينفخ واحدة فقط ، حيث أن كل أنبوبة لها صوت مميز أو نغم مختلف يتوقف على طول وسمك الآلة وتعزف تباعاً فيصدر عنها ما يشبه جرس كنائس القرى ، وكثيراً ما يستمتع المارة المسافرين بأصواتها الشجيّة.
الأجراس :
تستخدم الأجراس بهدف استدعاء المؤمنين للصلاة، ويوضع الجرس في فناء الكنيسة وهو عبارة عن شرائح من الأردوار أو الخشب معلقة من قضيب عرضي مثبت بقطبين ، ويضرب الجرس بمضرب خشبي وينبعث منه صوتا مشابها لصوت الحديدى ، وهذه الأجراس تشبه السيماندرا المستخدمة في الكنائس اليونانية، وقد أطلق عليها العالم ليتمان إسم فونوليث، وقليلاً ما يوجد جرس حديدي أوربي الصنع ، و يوضع الجرس في برج صغير بالقرب من الكنيسة وهناك استخدام آخر للأجراس اليدوية بواسطة الشمامسة خلال التناول والمواكب والأعياد الطقسية .
الرايات (الأعلام ) :
وتحمل في المواكب لا سيما موكب عيد الغطاس ، وهي عبارة عن أعواد طويلة من البوص الخفيف لنبات (الجوارية ) من قمته يخرج أشعة ريشية تتبادل فيها الألوان البيضاء والحمراء متلاصقين ، وعندما تنتهي المواكب تعلق هذه الأعلام في الكنائس للتبرك منها .
الأكمن AKMAN :
وهي زوج من الأكمام المطرزة توضع على الثياب الكهنوتية للأساقفة والكهنة وتستخدم في الاحتفالات غير أنها لم تعد مستخدمة الآن .
المسيحية في الحبشة
ظلت اليهودية منتشرة في الحبشة، سواء أكان ذلك بسبب الكهنة الذين أرسلهم سليمان أم عن طريق هجرة أخرى لليهود ، وقد قبل عدد كبير منهم المسيحية حيث تم ذلك عن طريق الخصي الحبشي وزير كنداكة ملكة الحبشة(1) الذى جاء إلى أورشليم ليشترك في الفصح هناك، أو لإيفاء أي نذر عليه ، فقد تقابل مع فيلبس المبشر الذى أرشده إلى المسيح وعمده راجع ( أع 8 ) و وُرد في التاريخ ان القديس متى قد ذهب إلى هناك ، إذ انه لما بشر في أسيا ولاسيما في جهات اليمن ، ذهب إليها عن طريق باب المندب ، وهناك أجتذب الكثيرين إلى المسيح بتعاليمه ومعجزاته ، وقد لاقى ذلك ترحيباً كبيراً من اليهود هناك الذين كانوا متعطشين إلى سماع الخبر السار عن ذلك الإله الحنون، لاسيما وأن لديهم الكثير من النبوات التى تخصه، ويروون أنه نال هناك إكليل الاستشهاد ومما يؤيد كرازته هناك وفى أسيا معاً أن العلامة بنتينوس وجد نسخة من إنجيل متى باللغة العبرية في اليمن أو شبه الجزيرة العربية عند زيارته للمنطقة هناك في القرن الثاني الميلادى (186م) وقد كان القديس متى معنياً بتبشير العبرانيين أينما وجدوا.
ويؤكد ذلك ما ورد في كتاب ( أخبار أكسوم ) وهو من تأليف حبشي مسيحي في القرن الرابع ، حيث يُذكر أن أول رسول مسيحي في الحبشة هو قهرمانة كنداكة ملكة الحبشة الذى ذُكر تعميده في (أع 8) .
ولكن التاريخ الحقيقى لكنيسة الحبشة يبدأ في القرن الرابع الميلادى برسامة أول أسقف للحبشة وهو فرمنتيوس الذى سُيمَ بإسم سلامة والقصة المتوارثة عنه في التاريخ والتقليد انه كان برفقة أخيه اريسيوس مع تاجر كبير من صور ذى قرابة لهما ، وكانوا في طريقهم إلى الهند ، وفى الطريق احتاجوا إلى المؤن والماء فمالوا إلى إحدى الموانئ الحبشية ولعلها في إريتريا، فلما رآهم سكانها هجموا على السفينة لظنهم انهم من الروم الذين كانت العداوة مستحكمة بينهم في ذلك الوقت. وقاموا بقتل من في السفينة ولم ينجُ إلا هذان الشابان فحملوهما مع الغنائم وأهدوهما إلى الملك في أكسوم على مسافة 210 كم شمال شرق أوغندا وكانت قاعدة الملك لظنهم أنها مقدسة لوجود تابوت العهد فيها .
ففرح بهما الملك و عينهما في وظائف مرمُوقة ولما مات الملك اشتركا مع الملكة زوجته في الحكم وقد قام فرمنتيوس بتعليم وتهذيب ابنها فلما شب استأذن منها في العودة إلى بلدهما فعاد اريسيوس إلى صور بينما توجة فرمنتيوس إلى الإسكندرية ليُبلغ البابا اثناسيوس الرسولى بأخبار الحبشة حيث كان قد استغل مكانته هناك في نشر المسيحية بين رجال البلاط وبعض فئات الشعب ومن ثم فان الأحباش يحتاجون إلى رعاية روحية، فلما بحث البابا هذا الأمر جيداً مع الاساقفة استقر رأيهم على أن فرمنتيوس هو أنسب من يقوم بهذه المُهمة ، قائلاً له: " أي رجل خلافك نجده مثلك فيه روح الله كما هى فيك يكون مستحقا للقيام بهذه المُهمة " فوضعوا عليه الأيادي وأرسلوه إلى هناك وزودوه بالكتب لاسيما القداس الإلهى ، ويقال إنها المرة الأولى التى يكتب فيها القداس على قرطاس ، حيث كان القسوس حتى ذلك الوقت يحفظونه عن ظهر قلب عن طريق الاستلام.
وعقب عودته إلى هناك أسقفًا قام بتأسيس كنيسة في أكسوم، تعد الأولى في تلك البلاد وكان ذلك سنة 330م، ولذلك تعد أكسوم عند الأحباش مدينة مقدسة ويسمونها (جورام) وكانت مقر الأسقفية ولقد قدّم النجاش الحبشي للأسقف الجديد الكثير من العون والتأييد حيث كان معلمه فيما سبق، وقد نال المعمودية أيضًا على يده ، وانتشار المسيحية في الحبشة كان على خلاف العادة ،فقد انتشرت المسيحية في الأقطار الأخرى أولاً بين عامة الشعب قبل وصولها إلى بلاط الحكام بعكس الحبشة التى انتشرت فيها في البلاط الملكى قبل عامة الشعب، وقد جاء ذكر تعيين فرمنتيوس أسقفا للحبشة في الاحتجاج الذى رفعه اثناسيوس الرسول إلى الإمبراطور قسطنطين ،ويقال أيضا أن قسطنطين قبل موته قد حاول إستقطاب الأحباش إلى المذهب الأريوسى ولكن مسعاه خاب بسبب رفض الملك هناك .
مصادر تاريخية أخرى :
ورد في كتاب مختصر تواريخ الكنيسة المطبوع في الموصل سنة 1873م لمؤلفه لومو الفرنسى عند التكلم عن انشقاق اليعاقبة، انه قد تبع الأقباط فى الضلالة (حسب قوله) الأحباش الذين في زمان أثناسيوس كانوا قد تنصروا قليلاً قليلاً بهمة أساقفة الإسكندرية.(1)
وورد في تاريخ موسيهيم : " وفى وسط هذا القرن جاء إنسان اسمه فرمنيتوس من مصر إلى بلاد الحبشة المجاورة أو كوش التى كان يسمى سكانها الاكسونييين (نسبة إلى أكسوم) وعمّد ملك البلاد وكثيرًا من الأشراف ، ثم في رجوعه إلى مصر كرسّه القديس أثناسيوس أول أسقف على الاكسونييين، ولهذا إلى اليوم كنيسة الكوشييين التابعة لكنيسة الإسكندرية وهى ترسل أساقفتها(1) .
وقد تزايد اهتمام الكنيسة القبطية بابنتها الكنيسة الحبشية، وصارت المسئولة عن رسامة مطارنتها لمدة ستة عشر قرنًا من الزمان، بل أن القانون المنسوب إلى مجمع نيقية ضمن القوانين الأربعة والثمانين ، يقول : " والحبش لا يبطرك عليهم بطرك من علمائهم ولا باختيار منهم في أنفسهم لان بطركهم إنما يكون من تحت يد صاحب الإسكندرية وهو الذى ينبغى آن يصلح عليهم كاثوليكاً (جاثليق)(2) الذى هو دون البطرك ومن قبله، فاذا بطرك عليهم هذا المذكور باسم القثلقة فليس له مطلقًا يمطرن مطرانًا كما يمطرنهم البطاركة . وإنما يكرم باسم البطريركية من غير أن يكون سلطان ذلك " (3) وهناك روابط كثيرة تربط بين مصر والحبشة، مثل الحضارة التى تكلمنا عليها في مدخل كلامنا والتى نقلها المصريون إلى هناك، كما أن النيل يربط البلدين معا وقد دارت على مدار التاريخ ومنذ الفتح العربى بعد الكثير من الرسائل والمعاهدات بين ولاة مصر وملوك الحبشة بخصوص النيل ومعاملة المسيحيين هناك حيث قامت الكنيسة القبطية دائمًا بدور الوسيط بين ملوك البلدين لما لها من مكانة لدى الأحباش هناك، وقبل الميلاد كثيرًا ما حكم ملوك مصر الحبشة معهم كما حدث ان حكم بعض ملوك الحبشة مصر أيضًا .
كما أن كل من الحبشة ومصر ينتميان إلى أصل واحد، فهم من أولاد حام حيث أن كوش جد الأحباش ومصرايم جد المصريين كانا أخوين (وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان تك 10 : 6) .
وقد ظلت الحبشة محافظة على ولائها للكنيسة القبطية، ورفضت الاعتراف بمجمع خلقيدونية وقراراته ورفضت أيضاً الاعتراف بالبطاركة البيزنطيين الذين عينتهم الإمبراطورية الرومانية على مصر، واستمر تكريز المطران الحبشى بيد البطريرك القبطى فقط (1) وظلوا يعتبرون الكنيسة القبطية أمهم والبطريرك القبطى أبوهم .
الكنائس في الحبشة
يؤكد كل من زار الحبشة من الرحالة والسياح والعاديين ، ان الحبشة بها أكبر عدد من الكنائس بالنسبة لبقية الأقطار في الشرق ، إذ قد يوجد في القرية الصغيرة الواحدة عدة كنائس ، حيث يجد الأحباش فرحا ولذة كبيرة في تشييد الكنائس أو الإسهام في ذلك .
ولعل اشهر كنائس الحبشة هى تلك التى بنيت داخل الصخر ، أو بالأحرى التى تخلّقت من الصخر ، حيث كانت الكنيسة ترسم على سطح الأرض الصخرية ، ومن ثم يتم تحريرها مما حولها ، وحينئذ يتم تفريغها من الداخل بحيث لا تتم أعمال البناء في الكنيسة مطلقا و إنما أعمال النحت فقط ، وهنا الإبداع الذى كانوا يتبارون فيه . وما تزال هناك عدة كنائس صخرية تحتفظ بحالتها الجيدة حيث صارت مقصداً لكثير من الزائرين والسيّاح.
أمّا اجمل تلك الكنائس وأعظمها فهى كنيسة مخلص العالم ، وهى على شكل مستطيل مكون من خمسة خوارس ، وتحتوى على أربعين من صفوف الأعمدة ، ويتكون كل صف من سبعة أعمدة ، يركب اعلى كل منهما تاج ، كما يكوّن كل أثنين منهم قوسا ، غير ان تلك الأقواس والتيجان هى للزينة فقط ، ولا تشترك في حمل سقف الكنيسة والتى هى عبارة عن كتلة صخرية كما سبق الإشارة ، هذا ويصل سمك بعض الحوائط إلى مترين ( 6.5 قدم ) ، وفى كنيسة مخلص العالم هذه يوجد أكثر من " حضن الآب " غير ذلك الرسمى الكائن في شرقية الهيكل ، كما يوجد عدد كبير من الأبواب في الكنيسة بل والشرفات أيضا .
كما تعتبر كنيسة الجلجثة واحدة من أكثر الكنائس قداسة وإجلالاً في الحبشة، وهى مستطيلة الشكل أيضا ، ويوجد بها قبر الملك لاليبالا النجاشى الشهير ، كما تحتوى الكنيسة على كنيستين فرعيتين داخلها ، وقد رأى فيها أليفازر الرحالة صورتين منقوشتين على الحجر للقديسين بطرس ويوحنا .
ونقوش الكنائس عموما سواء أكانت صورا أو أشكالاً هندسية أو زخارف. تمّت من خلال النحت بالإزميل في الصخر .
ومن بين الكنائس الصخرية أيضا ، كنيسة مارجرجس وهى على شكل صليب ، إضافة إلى كنائس أخرى في كل من أجرو Agro وسكوتة Skota وبيلبيلا Belbela وكورجيس Chorgies وبالقرب من أجولا Agula على مسافة قصيرة من الساحل ولكن هذه الكنائس هى في الواقع تقليد لتلك التى في لاليبالا ولذلك فهى أقل جودة منها وأحدث عهداًٍ.
وتقول أسطورة حبشية أن تصميم الكنيسة فى لاليبالا قد أعلن لـ لاليبالا في رؤية وأن ملائكة قد أكملوا العمل بها بينما كان العمال نياما ، غير ان التاريخ المكتوب عن طريق المؤرخ أليفازر يفيد بأن الرجال البيض من مصر وفلسطين هم الذين تحمٍّلوا العبء الأكبر في تشييدها ، وقد عملوا لحساب لاليبالا تحت أشراف سيدى مسكال Sidi Meskal وهو عربى متنصر ، ويتضح من التصميم والزخارف أن مصدره مصر أو فلسطين .
أما عن الكنيسة النموذجية في الحبشة والتى توصف عادة بأنها دائرة توجد في مقاطعات أمهارا وشوا ، هذه الكنائس ولاسيما الموجودة في الريف تبنى عادة على تلال ثابتة تحاط بمساحة دائرية وتستخدم كمدافن وهى تشبه إلى حد ما ، كنائس الريف الإنجليزى التى تتكون من فناء تحوطه أشجار تسمى yew ، بينما يحيط المدفن الأثيوبى أشجار العرعر والتى تزرع غالبا مع أشجار أخرى مختلفة تحاط بحائط حجرى له بوابة .
وفى كثير من الكنائس يغطّى السقف بالعشب ـ ونادرا ما يغطى بالصفيح أو الخشب ـ ويعلو قمته صليب من الحديد أو النحاس ويطلى أحيانا الصليب بالفضة ، وفى كثير من الأحيان يركب على قمته المدببة بيضة نعام(1) .
الكنيسة من الداخل :
يمتد حول الكنيسة ممر يسمى قينى مهاليطا Qene Mahaleta وهذا الممر يبلغ عرضة 2.5 مترا ( 8 أقدام ) وله سقف منخفض لا يزيد ارتفاعه عن 1.5 متر (5 قدم ) وفى هذا الممر يجلس الموعوظون والذين لن يسمح لهم بالاشتراك في الافخارستيا، وهذا الممر مزين بكثير من الرسوم والزخارف ، بينما تغطى الأرضية بالحصر أو الأسل و في أسفل الممر توجد مدافن يسمح بدفن الكهنة فيها فقط .
والقسم الثانى من الكنيسة ويسمى مقدس Maqdos وهو مخصص للكهنة والشمامسة ولا يدخله العلمانيون إلاّ بإذن خاص عند التناول وفى حجرة مخصصة في هذا القسم توجد الطبول التى تستخدم في التسبيح وكذلك تعلق بعض الحقائب القطنية والتى تحوى بعض رفات القديسين .
وأما القسم الثالث : وهو عبارة عن حجرة مربعة في وسط صحن الكنيسة وتسمى قدس الأقداس Qedus Qudusa ، وتغطى حوائطها بالرسوم والأيقونات وبها ستائر من الجوخ ولها باب خشبى صغير يظل مفتوحا أثناء الخدمة في حين يسدل حجاب أثناء ذلك ، و لا يسمح بالدخول إلا للكهنة للخدمة فقط ، وفى الداخل يوجد مذبح
مستطيل مبنى أو مصنوع من الخشب يعلوه لوح حجرى ، وقد وجدت عدة مذابح مغطاة بكمية لا بأس بها من الذهب .
وفى داخل قدس الأقداس توجد أدوات وكتب الخدمة وملحقات أهمها التابوت الذى يستقر فوق المذبح مثل الخيمة المتوجة بمظلة ، والتابوت عبارة عن صندوق خشبى مستطيل صغير له فتحه دائرية أعلاه لوضع الكأس فيها يشبه كرسى الكأس في الكنائس القبطية ( لمزيد من المعلومات عن التابوت راجع باب العقيدة في الحبشة).
ويعتبر التابوت من الملامح المميزة لكل كنيسة ، يكرس بيد (أبونا ) الحبشة ، وتتوقف قدسية الكنيسة على وجود التابوت حيث لا يمكن أن تقام الذبيحة بدونه ، فاذا ما لمسة أحد العلمانيين ، يعاد تطهيره وتدشينه من قبل ( أبونا ) وعند ذلك يعمل له موكبا . مثل الموكب الذى يحدث في عيد الغطاس ( راجع باب الأعياد الحبشية /تيمكات ) ويحجب التابوت بستر من الجوخ بينما يسجد له كل من يمر به . وفيما مضى كان الأحباش يحملون التابوت يتقدمهم في الحرب ، كما كان يفعل بنو إسرائيل .
ويروي بعض الرحّالة فيقولون أنه أتيح لهم أن يطلعوا على قدس الأقداس والذى لا يسمح بالدخول إلية إلاّ للكهنة والشمامسة فقط(1) . كان الموضع مظلماً سوى من بعض شمعات خافتة، وقد رأوا المذبح حيث رفع الكاهن الستار عنه بشئ من الرهبة تحسبا لوجود أى شخص وثنى قد يختلس منه نظرة ! وكان التابوت عبارة عن صندوق خشبي صغير ملفوف في عدة لفائف منقوش عليها بعض آيات من العهد القديم ، ثم بدا الخوف على الحراس لشعورهم بأنهم إنما يرتكبون خطأً بذلك وطلبوا إلى السياح الابتعاد بضع خطوات ثم طلبوا منهم الانصراف ، وقد شاهدوا على المذبح قبل انصرافهم صينية يعلوها قبة بصليب .
وعند الشروع في بناء الكنيسة يجب اختيار المكان بعناية ، حيث يقام سور مؤقت حول الكنيسة كنوع من التكريس أولاً، وبعد ذلك يتم البناء ولكن تدشين الكنيسة متوقف على وصول الصندوق الخشبي (التابوت ) في البداية يستشار أولئك المتخصصون أولاً في بناء الكنائس وبعد ذلك يحشد عمال البناء وتورد الأحجار والأخشاب وعادة ما يكون خشب الأرز ، ويستغرق العمل في بناء الكنيسة ما بين بضعة أسابيع إلى العام و النصف ، وعندئذ يستبدل السور المؤقت بآخر من الحجارة .
بعض ملحقات الكنيسة
يلحق بالكنيسة وداخل السور الخارجي مبان لسكن الكهنة ، وحجرة لعمل القربان تسمى بيت لحم ( مثل التي عندنا في مصر) ، وفي بعض الأحيان تكون البوابة ليست مجرد مدخل بل تكون على هيئة مضيفة حيث يتم استقبال عابري السبيل منها فيقدم لهم الطعام و يتوفر لهم فيها المبيت ، كما توجد لكل كنيسة منارة مركب فيها الجرس لتنبيه المؤمنين إلى مواعيد الصلاة .
و في بعض الكنائس مثل كنيسة " مخلص العالم " في أدوا يكون هناك مبنى خاص لتلك المرافق و المنافع و هو الأمر المعمول به في الأديرة ، و أحياناً يكون مثل تلك المرافق مثل سوق يؤمه الناس يبيعون و يشترون فيه ، و هو كما قلنا مستقل عن الكنيسة بمرافقها .
البيجانة ( القيثارة ) :
وهي آلة موسيقية جميلة من آلات العالم القديم ، مثل القيثارة الرومانية القديمة ، ويكون لها ستر متحرك أو غطاء مثل السلحفاة ، يوضع عليها بواسطة قطعة مستديرة قوية من الخشب ، و يكون لها قرون تخرج من الستر المتحرك ،
ويعزف عليها بواسطة ريشة عاجية أو معدنية ، وهي ليست سباعية الأوتار، ولكنها تحتوي على أحد عشر خيطاً مربوطاً في القنطرة في الناحية المقابلة لغطاء ظهر السلحفاة ، فيما عدا هذه الاختلافات فإنها تشبه القيثارة الرومانية القديمة .
ويطلق الأحباش عليها أسم البيجانة ، ويقولون أن الذي اخترعها هو الملك داود، وأيقوناتهم الموجودة في الكنائس ُتظهر الملك داود و هو يعزف على آلة طبق الأصل من البيجانة ! .
الأمبليتا (1) :
وهي آلة موسيقية عبارة عن خمسة أو ستة أنابيب مصنوعة من نوع من بوص البامبو المجوف و يسمى ( شامبوكو ) وهذه الآلة تنفخ كما تنفخ الصفارة ، مع ملاحظة أن كل عازف ينفخ واحدة فقط ، حيث أن كل أنبوبة لها صوت مميز أو نغم مختلف يتوقف على طول وسمك الآلة وتعزف تباعاً فيصدر عنها ما يشبه جرس كنائس القرى ، وكثيراً ما يستمتع المارة المسافرين بأصواتها الشجيّة.
الأجراس :
تستخدم الأجراس بهدف استدعاء المؤمنين للصلاة، ويوضع الجرس في فناء الكنيسة وهو عبارة عن شرائح من الأردوار أو الخشب معلقة من قضيب عرضي مثبت بقطبين ، ويضرب الجرس بمضرب خشبي وينبعث منه صوتا مشابها لصوت الحديدى ، وهذه الأجراس تشبه السيماندرا المستخدمة في الكنائس اليونانية، وقد أطلق عليها العالم ليتمان إسم فونوليث، وقليلاً ما يوجد جرس حديدي أوربي الصنع ، و يوضع الجرس في برج صغير بالقرب من الكنيسة وهناك استخدام آخر للأجراس اليدوية بواسطة الشمامسة خلال التناول والمواكب والأعياد الطقسية .
الرايات (الأعلام ) :
وتحمل في المواكب لا سيما موكب عيد الغطاس ، وهي عبارة عن أعواد طويلة من البوص الخفيف لنبات (الجوارية ) من قمته يخرج أشعة ريشية تتبادل فيها الألوان البيضاء والحمراء متلاصقين ، وعندما تنتهي المواكب تعلق هذه الأعلام في الكنائس للتبرك منها .
الأكمن AKMAN :
وهي زوج من الأكمام المطرزة توضع على الثياب الكهنوتية للأساقفة والكهنة وتستخدم في الاحتفالات غير أنها لم تعد مستخدمة الآن .