أرني أين قال المسيح أنا هو الله فاعبدوني؟
سؤال يردده الكثيرين وللرد عليه
هذا ما قاله المسيح:
"فقال لهم يسوع أنا من البدء ما أكلمكم أيضاً به" (يوحنا 8: 25) سنبدأ
حديثنا في هذا الكتاب – كما هو متوقع- بما قاله المسيح عن نفسه وسنركز
حديثنا في هذا الفصل على ما قاله المسيح بفمه الكريم وسجله لنا البشير
يوحنا – أحد تلاميذ المسيح الأوائل- في البشارة المعنونة باسمه والمعروف
لدارسي الكتاب أن إنجيل يوحنا يحدثنا في المقام الأول عن لاهوت المسيح،
ولذلك فإن كل عباراته محملة بالمعاني المجيدة الأكيدة على أن المسيح هو
الله الذي ظهر في الجسد.
وسنسرد فيما يلي بعضاً من أقوال المسيح بحسب أهميتها ووضوح دلالتها من جهة ما نتحدث عنه الآن.
1. قال المسيح أنه الأزلي، والواجب الوجود
فلقد قال المسيح لليهود: "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يوحنا 8: 58)
خلفية هذا الإعلان العظيم أن المسيح كان قد قال أن الذي يؤمن به لن يرى
الموت إلى الأبد، فاعترض السامعون من اليهود على هذا الكلام وقالوا له:
"ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات؟ والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك؟"
فقال لهم: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح". سألوه: "ليس لك
خمسون سنة بعد أفرأيت إبراهيم؟" (يوحنا 8: 57) ونحن نعرف أن إبراهيم أتى
قبل المسيح بنحو ألفي عام، لكن لاحظ – عزيزي القارئ - أن المسيح لم يقل
أنه هو الذي رأى إبراهيم، بل قال إن إبراهيم هو الذي تهلل بأن يرى يومه
فرأى وفرح، وهنا جاء الإعلان العظيم الذي وقع كالصاعقة على هؤلاء الأشرار
غير المؤمنين إذ قال لهم المسيح أنه "كائن" قبل إبراهيم! هل تعرف معنى هذه
العبارة أيها القارئ العزيز؟ دعني قبل أن أذكر لك معناها أذكرك بما قاله
يوحنا المعمدان عن المسيح:"إن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي"
(يوحنا 1: 15)
ومعروف أن يوحنا ولد قبل المسيح بنحو ستة أشهر وهذا معنى قول المعمدان:
"الذي يأتي بعدي"، لكن المعمدان يقول عن هذا الشخص: "صار قدامي، لأنه كان
قبلي"، فكيف يمكننا فهم أن المسيح الذي ولد بعد يوحنا المعمدان بنحو ستة
أشهر كان قبل يوحنا إن لم نضع في الاعتبار لاهوت المسيح؟ والآن ما الذي
يعنيه قول المسيح: "أنا كائن قبل إبراهيم"؟ إن المسيح لا يقول لليهود:
"قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت"، بل لاحظ عظمة قول المسيح: "قبل أن يكون
إبراهيم أنا كائن"، إنها كينونة لا علاقة لها بالزمن كينونة دائمة!
إن عبارة: "أنا كائن" تعادل تماماً القول "أنا الله" أو "أنا الرب" أو
"أنا يهوه" الذي هو اسم الجلالة بحسب التوراة العبرية، فهذا التعبير "أنا
كائن" هو بحسب الأصل اليوناني الذي كتب به العهد الجديد "إجو إيمي" وتعني
الواجب الوجود والدائم، الأزلي والأبدي، فمن يكون ذاك سوى "الله".
عندما ظهر الرب لموسى في العليقة كى يُرسله إلى بني إسرائيل وقدم موسى
العديد من الاعتراضات كان أحد تلك الاعتراضات: "فقال موسى لله: ها أنا آتى
إلى بني إسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلني إليكم، فإذا قالوا لي ما
اسمه فماذا أقول لهم؟ فقال الله لموسى: أهيه الذي أهيه. وقال هكذا تقول
لبني إسرائيل: "اهيه" أرسلني إليكم" (خروج 3: 13، 14).
وعندما ترجم العهد القديم إلى اللغة اليونانية، وهي تلك الترجمة المعروفة
باسم الترجمة السبعينية، فقد ترجم اسم الجلالة "أهيه" إلى "إجو إيمي"، نفس
الكلمة التي استخدمها المسيح مع اليهود عندما قال لهم "أنا كائن". وعبارة
أنا كائن مشتقة من الفعل "أكون" والذي منه جاء اسم الجلالة يهوه، ولقد
تكررت هذه العبارة "إجو إيمي" عن المسيح في إنجيل يوحنا 21 مرة (3 × 7)
كان المسيح يرى في نفسه بحسب ما أعلن عن ذاته أنه هو ذات الله القديم الذي
ظهر لموسى في العليقة في جبل حوريب والذي أرسل موسى ليخرج بني إسرائيل من
أرض مصر.
ومن ضمن مرات استخدام المسيح لهذا الاسم عن نفسه، ما قاله المسيح في هذا
الأصحاح عينه لليهود: "إن لم تؤمنوا أني أنا هو "إجو إيمي" تموتون في
خطاياكم" (يوحنا 8: 24) ومرة أخرى لما تحدث مع تلاميذه عن خيانة يهوذا
الاسخريوطي قبل حدوثها فقال: "أقول لكم الآن قبل أن يكون (أي قبل أن تتم
الأحداث) حتى متى كان تؤمنون أني أنا هو "إجو إيمي" (أي أنا الله علام
الغيوب) (يوحنا 13: 19).
وفي حادثة إلقاء القبض على المسيح في البستان عندما سأل المسيح الذين أتوا
للقبض عليه: من تطلبون؟ قالوا له: يسوع الناصري. فقال لهم يسوع: "أنا هو"
"إجو إيمي".
ويعلق البشير على ذلك بالقول أنهم رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض
(يوحنا 18: 4 – 6) فهم لم يقدروا أن يقفوا أمام مجد شخصه! إن هذا الإعلان
الذي ذكره المسيح في يوحنا 8: 58 يعتبر أعظم الأدلة والبراهين على لاهوت
المسيح بحيث لو لم يكن لدينا في كل الكتاب سوى هذا الإعلان لكان يكفي، لكن
لدينا العديد من البراهين كما سنرى الآن. ولقد فهم اليهود جيداً ماذا كان
المسيح يقصد من هذه الأقوال ولم يكن ممكناً التجاوب مع ذلك الإعلان العظيم
إلا بأسلوب من اثنين: أما أن ينحنوا أمامه بالسجود باعتباره الله، أو أن
يعتبروه مجدفاً. وللأسف لقد اختاروا الأسلوب الثاني المدمر لهم! ويذكر
البشير أن اليهود "رفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل
مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا"، مما يدل على أنهم فهموا ما كان يعنيه المسيح
تماماً، أنه هو الله. يا للعار فلقد أعطاهم المسيح فرصة في أول الفصل أن
يرجموا المرأة الزانية بشرط أن يكون الشخص الذي سيرجمها بلا خطية أي لم
يقع في الفعل ذاته فلم يستطيعوا وخرجوا هاربين من ضيائه ولكنهم الآن
انحنوا لا ليسجدوا له بل انحنوا يلتقطون الحجارة لا ليرجموا بها الزانية
ولا حتى لكي يرجموا موسى كما حاول آباؤهم الأشرار بل ليرجموا ذاك الذي ظهر
لموسى وقال له "أنا أهيه" "إجو إيمي"
2. فلقد قال لليهود: "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يوحنا 5: 23).
في حديث الرب مع اليهود بعد شفائه للرجل المقعد في بيت حسدا يوحنا 5 قال
المسيح عبارة فهم اليهود منها أنه يعادل نفسه بالله. والمسيح في الحديث
الذي تلا ذلك لم يحاول تبرئة نفسه من هذه التهمة وذلك لأنه فعلاً "الله
(الذي) ظهر في الجسد" (1 تيموثاوس 3: 16) بل أكد ذلك المفهوم بصور متعددة،
فقد أوضح (في ع 22) أنه يعمل ذات الأعمال الإلهية من ثم يخطو خطوة أبعد في
الآية موضوع دراستنا، فيقول إن له ذات الكرامة الإلهية وواضح أن الأولى
(الأعمال الإلهية) لا يقوى عليها مخلوق وأن الثانية (الكرامة الإلهية)
ليست من حق مخلوق فلقد ختم المسيح تلك القائمة من الأعمال الإلهية التي
يمارسها بالقول إن الأب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن،
ويوضح السبب لذلك فيقول: "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب".
والآن أرجو عزيزي القارئ أن تلاحظ هذين الأمرين اللذين لا يجب أن يمرا
بدون تعليق من الكاتب، ودون انتباه من القارئ، الأمر الأول: أن الجميع
سيكرمون الابن وليس فريق من الناس دون غيرهم
والأمر الثاني: أنهم سيكرمون الابن كما يكرمون الأب، وليس بمستوى أقل أو بأسلوب أضعف.
هذه الآية إذاً توضح بأسلوب قاطع وصريح أن الابن له ذات الكرامة والمجد اللذين للأب ويستحيل أن يكون هذا مع أي مخلوق أياً كان.
لقد قال الله في العهد القديم: "مجدي لا أعطيه لآخر" (أشعياء 42: 8)،
والله طبعاً لم يتراجع عن ذلك عندما أعلن المسيح أن الاب يريد إكرام الابن
بذات الكرامة التي للأب وذلك لأن الأب والابن واحد (يوحنا 10: 30).
ونلاحظ أن المسيح في هذه الآية – كعادة إنجيل يوحنا دائماً – بعد أن ذكر
هذا الحق إيجابياً، عاد وأكده في صيغة سلبية فقال: "من لا يكرم الابن لا
يكرم الآب". يقول البعض أنهم يكرمون الله ويسجدون له ولكنهم لا يقبلون
فكرة إكرام المسيح بذات مستوى إكرامهم لله، بل وربما تتضمن نظرتهم للمسيح
شيئاً من الاحتقار لشخصه، ولكن كلمات المسيح هنا قاطعة: "إن من لا يكرم
الابن لا يكرم الأب". الله لم يدع ذلك الأمر حسب مزاج الإنسان، أن يكرم
المسيح أو لا يكرمه، ولو أنه ترك له أسلوب إكرامه للابن. وعندما يقول
المسيح إن "الجميع" سيكرمون الابن، فقد كان يعني المؤمنين وغير المؤمنين
على السواء فالله لم يدع ذلك الأمر حسب مزاج الإنسان، أن يكرم المسيح أو
لا يكرمه، ولو أنه ترك له أسلوب إكرامه للابن، فجميع البشر سوف يكرمون
الابن بطريقة أو بأخرى، إما بإيمانهم به الآن أو بدينونته لهم فيما بعد،
والمسيح إما أن يحيي أو يدين ومن يؤمن به ينال الحياة الأبدية .
يتبع
سؤال يردده الكثيرين وللرد عليه
هذا ما قاله المسيح:
"فقال لهم يسوع أنا من البدء ما أكلمكم أيضاً به" (يوحنا 8: 25) سنبدأ
حديثنا في هذا الكتاب – كما هو متوقع- بما قاله المسيح عن نفسه وسنركز
حديثنا في هذا الفصل على ما قاله المسيح بفمه الكريم وسجله لنا البشير
يوحنا – أحد تلاميذ المسيح الأوائل- في البشارة المعنونة باسمه والمعروف
لدارسي الكتاب أن إنجيل يوحنا يحدثنا في المقام الأول عن لاهوت المسيح،
ولذلك فإن كل عباراته محملة بالمعاني المجيدة الأكيدة على أن المسيح هو
الله الذي ظهر في الجسد.
وسنسرد فيما يلي بعضاً من أقوال المسيح بحسب أهميتها ووضوح دلالتها من جهة ما نتحدث عنه الآن.
1. قال المسيح أنه الأزلي، والواجب الوجود
فلقد قال المسيح لليهود: "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يوحنا 8: 58)
خلفية هذا الإعلان العظيم أن المسيح كان قد قال أن الذي يؤمن به لن يرى
الموت إلى الأبد، فاعترض السامعون من اليهود على هذا الكلام وقالوا له:
"ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات؟ والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك؟"
فقال لهم: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح". سألوه: "ليس لك
خمسون سنة بعد أفرأيت إبراهيم؟" (يوحنا 8: 57) ونحن نعرف أن إبراهيم أتى
قبل المسيح بنحو ألفي عام، لكن لاحظ – عزيزي القارئ - أن المسيح لم يقل
أنه هو الذي رأى إبراهيم، بل قال إن إبراهيم هو الذي تهلل بأن يرى يومه
فرأى وفرح، وهنا جاء الإعلان العظيم الذي وقع كالصاعقة على هؤلاء الأشرار
غير المؤمنين إذ قال لهم المسيح أنه "كائن" قبل إبراهيم! هل تعرف معنى هذه
العبارة أيها القارئ العزيز؟ دعني قبل أن أذكر لك معناها أذكرك بما قاله
يوحنا المعمدان عن المسيح:"إن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي"
(يوحنا 1: 15)
ومعروف أن يوحنا ولد قبل المسيح بنحو ستة أشهر وهذا معنى قول المعمدان:
"الذي يأتي بعدي"، لكن المعمدان يقول عن هذا الشخص: "صار قدامي، لأنه كان
قبلي"، فكيف يمكننا فهم أن المسيح الذي ولد بعد يوحنا المعمدان بنحو ستة
أشهر كان قبل يوحنا إن لم نضع في الاعتبار لاهوت المسيح؟ والآن ما الذي
يعنيه قول المسيح: "أنا كائن قبل إبراهيم"؟ إن المسيح لا يقول لليهود:
"قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت"، بل لاحظ عظمة قول المسيح: "قبل أن يكون
إبراهيم أنا كائن"، إنها كينونة لا علاقة لها بالزمن كينونة دائمة!
إن عبارة: "أنا كائن" تعادل تماماً القول "أنا الله" أو "أنا الرب" أو
"أنا يهوه" الذي هو اسم الجلالة بحسب التوراة العبرية، فهذا التعبير "أنا
كائن" هو بحسب الأصل اليوناني الذي كتب به العهد الجديد "إجو إيمي" وتعني
الواجب الوجود والدائم، الأزلي والأبدي، فمن يكون ذاك سوى "الله".
عندما ظهر الرب لموسى في العليقة كى يُرسله إلى بني إسرائيل وقدم موسى
العديد من الاعتراضات كان أحد تلك الاعتراضات: "فقال موسى لله: ها أنا آتى
إلى بني إسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلني إليكم، فإذا قالوا لي ما
اسمه فماذا أقول لهم؟ فقال الله لموسى: أهيه الذي أهيه. وقال هكذا تقول
لبني إسرائيل: "اهيه" أرسلني إليكم" (خروج 3: 13، 14).
وعندما ترجم العهد القديم إلى اللغة اليونانية، وهي تلك الترجمة المعروفة
باسم الترجمة السبعينية، فقد ترجم اسم الجلالة "أهيه" إلى "إجو إيمي"، نفس
الكلمة التي استخدمها المسيح مع اليهود عندما قال لهم "أنا كائن". وعبارة
أنا كائن مشتقة من الفعل "أكون" والذي منه جاء اسم الجلالة يهوه، ولقد
تكررت هذه العبارة "إجو إيمي" عن المسيح في إنجيل يوحنا 21 مرة (3 × 7)
كان المسيح يرى في نفسه بحسب ما أعلن عن ذاته أنه هو ذات الله القديم الذي
ظهر لموسى في العليقة في جبل حوريب والذي أرسل موسى ليخرج بني إسرائيل من
أرض مصر.
ومن ضمن مرات استخدام المسيح لهذا الاسم عن نفسه، ما قاله المسيح في هذا
الأصحاح عينه لليهود: "إن لم تؤمنوا أني أنا هو "إجو إيمي" تموتون في
خطاياكم" (يوحنا 8: 24) ومرة أخرى لما تحدث مع تلاميذه عن خيانة يهوذا
الاسخريوطي قبل حدوثها فقال: "أقول لكم الآن قبل أن يكون (أي قبل أن تتم
الأحداث) حتى متى كان تؤمنون أني أنا هو "إجو إيمي" (أي أنا الله علام
الغيوب) (يوحنا 13: 19).
وفي حادثة إلقاء القبض على المسيح في البستان عندما سأل المسيح الذين أتوا
للقبض عليه: من تطلبون؟ قالوا له: يسوع الناصري. فقال لهم يسوع: "أنا هو"
"إجو إيمي".
ويعلق البشير على ذلك بالقول أنهم رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض
(يوحنا 18: 4 – 6) فهم لم يقدروا أن يقفوا أمام مجد شخصه! إن هذا الإعلان
الذي ذكره المسيح في يوحنا 8: 58 يعتبر أعظم الأدلة والبراهين على لاهوت
المسيح بحيث لو لم يكن لدينا في كل الكتاب سوى هذا الإعلان لكان يكفي، لكن
لدينا العديد من البراهين كما سنرى الآن. ولقد فهم اليهود جيداً ماذا كان
المسيح يقصد من هذه الأقوال ولم يكن ممكناً التجاوب مع ذلك الإعلان العظيم
إلا بأسلوب من اثنين: أما أن ينحنوا أمامه بالسجود باعتباره الله، أو أن
يعتبروه مجدفاً. وللأسف لقد اختاروا الأسلوب الثاني المدمر لهم! ويذكر
البشير أن اليهود "رفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل
مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا"، مما يدل على أنهم فهموا ما كان يعنيه المسيح
تماماً، أنه هو الله. يا للعار فلقد أعطاهم المسيح فرصة في أول الفصل أن
يرجموا المرأة الزانية بشرط أن يكون الشخص الذي سيرجمها بلا خطية أي لم
يقع في الفعل ذاته فلم يستطيعوا وخرجوا هاربين من ضيائه ولكنهم الآن
انحنوا لا ليسجدوا له بل انحنوا يلتقطون الحجارة لا ليرجموا بها الزانية
ولا حتى لكي يرجموا موسى كما حاول آباؤهم الأشرار بل ليرجموا ذاك الذي ظهر
لموسى وقال له "أنا أهيه" "إجو إيمي"
2. فلقد قال لليهود: "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يوحنا 5: 23).
في حديث الرب مع اليهود بعد شفائه للرجل المقعد في بيت حسدا يوحنا 5 قال
المسيح عبارة فهم اليهود منها أنه يعادل نفسه بالله. والمسيح في الحديث
الذي تلا ذلك لم يحاول تبرئة نفسه من هذه التهمة وذلك لأنه فعلاً "الله
(الذي) ظهر في الجسد" (1 تيموثاوس 3: 16) بل أكد ذلك المفهوم بصور متعددة،
فقد أوضح (في ع 22) أنه يعمل ذات الأعمال الإلهية من ثم يخطو خطوة أبعد في
الآية موضوع دراستنا، فيقول إن له ذات الكرامة الإلهية وواضح أن الأولى
(الأعمال الإلهية) لا يقوى عليها مخلوق وأن الثانية (الكرامة الإلهية)
ليست من حق مخلوق فلقد ختم المسيح تلك القائمة من الأعمال الإلهية التي
يمارسها بالقول إن الأب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن،
ويوضح السبب لذلك فيقول: "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب".
والآن أرجو عزيزي القارئ أن تلاحظ هذين الأمرين اللذين لا يجب أن يمرا
بدون تعليق من الكاتب، ودون انتباه من القارئ، الأمر الأول: أن الجميع
سيكرمون الابن وليس فريق من الناس دون غيرهم
والأمر الثاني: أنهم سيكرمون الابن كما يكرمون الأب، وليس بمستوى أقل أو بأسلوب أضعف.
هذه الآية إذاً توضح بأسلوب قاطع وصريح أن الابن له ذات الكرامة والمجد اللذين للأب ويستحيل أن يكون هذا مع أي مخلوق أياً كان.
لقد قال الله في العهد القديم: "مجدي لا أعطيه لآخر" (أشعياء 42: 8)،
والله طبعاً لم يتراجع عن ذلك عندما أعلن المسيح أن الاب يريد إكرام الابن
بذات الكرامة التي للأب وذلك لأن الأب والابن واحد (يوحنا 10: 30).
ونلاحظ أن المسيح في هذه الآية – كعادة إنجيل يوحنا دائماً – بعد أن ذكر
هذا الحق إيجابياً، عاد وأكده في صيغة سلبية فقال: "من لا يكرم الابن لا
يكرم الآب". يقول البعض أنهم يكرمون الله ويسجدون له ولكنهم لا يقبلون
فكرة إكرام المسيح بذات مستوى إكرامهم لله، بل وربما تتضمن نظرتهم للمسيح
شيئاً من الاحتقار لشخصه، ولكن كلمات المسيح هنا قاطعة: "إن من لا يكرم
الابن لا يكرم الأب". الله لم يدع ذلك الأمر حسب مزاج الإنسان، أن يكرم
المسيح أو لا يكرمه، ولو أنه ترك له أسلوب إكرامه للابن. وعندما يقول
المسيح إن "الجميع" سيكرمون الابن، فقد كان يعني المؤمنين وغير المؤمنين
على السواء فالله لم يدع ذلك الأمر حسب مزاج الإنسان، أن يكرم المسيح أو
لا يكرمه، ولو أنه ترك له أسلوب إكرامه للابن، فجميع البشر سوف يكرمون
الابن بطريقة أو بأخرى، إما بإيمانهم به الآن أو بدينونته لهم فيما بعد،
والمسيح إما أن يحيي أو يدين ومن يؤمن به ينال الحياة الأبدية .
يتبع