مركبة ملك الملوك
الراهب كاراس المحرقى
عند دخول المسيح أورشليم، لم يركب مركبة بأعمدة من فضة وقواعد من ذهب ومُغشّاة بالأرجوان،
كما ذكر سليمان الحكيم (نش9:3،١٠)، ولم يتّخذ لنفسه مركبات وخيلاً ورجالاً يجرون أمامه،
كما فعل أبشالوم بن داود عند دخوله مدينة أبيه (2صم5:2).
ولا اتّخذ لنفسه عجلات وفرساناً مثل أدونيا، عندما حاول أن يملك بدلاً من سليمان (2صم3: 4)،
(1أخ2:3)، ولم يُبوّق أحد أمامه بالبوق كما حدث مع سليمان (1مل38:1- 40).
بل ركب أتاناً وجحشاً، كما قد تنبأ عنه زكريا النبيّ قائلاً: " اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ،
هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ َعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ " (زك9:9).
أليس المسيح هو السيد الذي رآه إشعياء النبيّ جالساً على كرسي مجده وأذياله تملأ الهيكل ؟
(إش1:6)، فلماذا هذا الإسراف في التواضع ؟!!
يقول القدّيس يعقوب السروجيّ
" حُبُّك أنزلك من المركبة إلى الجحش العادي، عِوض جنود الكاروبيم،
يبجِّلك جحش! أنزلتْكَ المراحم من بين أجنحة اللهب لكي يبجّلك ابن الآتان،
يجاهر السمائيّون ببهائك، وهنا الجحش الحقير المزدرى به يحملك، ركب الجحش ليفتقد بالتواضع شعبه ".
انفرد القديس متى البشير بذِكر الآتان مع الجحش فيقول:
" اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا فَحُلاَّهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا " (مت2:21)
أمَّا باقي الإنجليين فاكتفوا بذِكر الجحش فقط, إذ هو الذي دخل عليه المسيح أورشليم، بينما الآتان كان يركبه في الطريق.
والآتان والجحش يمثّلان رمزيًا العالم في ذلك الحين، وقد انقسم إلى اليهود والأمم..
وكون المسيح امتطى الاثنان، إنَّما يُشير إلى أنَّه قد جاء من أجل البشرية كلها،
حتى وإنْ انحطّتْ في فكرها من جهة معرفتهم لله وسلوكهم الروحيّ،
ألم يقل داود النبيّ: " صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ.. وَلَكِنِّي دَائِماً مَعَكَ " (مز73: 22-23).
يقول القديس أُغسطينوس
الجحش ابن الآتان الذي لم يركبه إنسان قط، يُشير إلى شعوب الأُمم التي لم تتقبل ناموس الرب،
وأمَّا الآتان فيُشير إلى شعبه الذي جاء من إسرائيل وخضع لمعرفة سيده.
والحمار من الحيوانات التي تُثقل بالأحمال، وفي هذا إشارة لحالة البشر قبل مجيء المسيح،
إذ ثقلتهم الخطية والخرافات وعبادة الأوثان.. التي آمنوا بها.
وإن كان الحمار يُنعت بالغباوة، فالوثنين أيضاً قد تملّكهم الغباء بسبب تجاهلهم لله،
فإنه أيّة غباوة أكثر من احتقار الشخص للخالق، وتعبُّده لعمل يديه كما لو كان خالقه؟!
لقد أُتوا بالجحش من قرية، مشيراً بذلك إلى حالة الهمجية،
التي كان عليها فكر الوثنيّين غير المتمدِّن، الذين لم يتعلموا في مدينة، وإنما كمن عاش بطريقة ريفيّة خشنة وفَظّة..
هؤلاء لم يستمروا على هذا الحال بخصوص الذهن غير المتمدِّن،
بل على العكس تغيّروا إلى ملء السلام والحكمة، لأنَّهم صاروا خاضعين للمسيح الذي علّمهم هذه الأشياء *
كان الجحش والآتان مُقيَّدين (مت2:21)، إشارة إلى اليهود الذين قيدوا أنفسهم بسلاسل الطقوس وشكليات العبادة..
والأُمميين الذين تقيّدوا برباطات الخطية وسلاسل الطقوس الوثنية..
ولكن شكراً لله الذي جاء ليحلُّنا من رباطات خطايانا،
ويُعطينا فَهماً جديداً لروح العبادة، مُعلماً إيانا أنَّ الحرف يقتل وأمَّا الروح فيُحيي.
أُحضر الجحش بواسطة تلميذين (مت1:21)، وهذا يُشير إلى أنَّ الله يُرسل لنا في كل وقت،
من يحلُّنا من رباطات الخطية واهتمامات العالم الزائل، فقديماً أرسل لنا الله الأنبياء،
وحديثاً أرسل الرسل والتلاميذ ليفكوا العالم من قيود الخطية وسلاسل الشر.
أمَّا قول المسيح:
" الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا " (مت3:21)،
فيُشير إلى أنَّ الرب محتاج إلى خليقته التي أحبّها وعلى صورته ومثاله قد خلقها،
حتى وإن ضلت في تصرفاتها، فالله لا يتعالى على خليقته،
بل كراعٍ صالح يجول هنا وهناك بحثاً عن خرافه الضالة،
وهو في كل وقت يطلب قلوبنا لتكون مسكناً له، وحياتنا كمركبة سماوية تحمله.
ذكر معلمنا لوقا أنَّ للجحش أصحاب كثيرون: " وَفِيمَا هُمَا يَحُلاَّنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ:
" لِمَاذَا تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟ " (لو33:19)، وهذا يُشير إلى أنَّ هذا الشعب لم يكن خاضعاً لخطية واحدة أو شيطان واحد،
بل كان خاضعاً لكثيرين، لكن الجميع استسلموا خلال كرازة الرسل، تاركين الجحش لسيده الحقيقيّ السيد المسيح.
وفي قول مُعلمنا مرقس أنَّ الجحش لم يجلس عليه أحد من الناس:
" اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ " (مر11،2)،
يرى البعض:
إنَّ استخدام المسيح الآتان المُدرّب أثناء سيره في الطريق،
يُشير إلى الأمة اليهودية التي درَّبها الله على معرفته بواسطة الأنبياء،
أمَّا الجحش غير المُدرّب والذي لم يجلس عليه، فيُشير إلى الوثنيين الذين لم يكن لهم الناموس والأنبياء *
كما أن المسيح قد جاء رئيساً جديداً لعهد جديد،
ولهذا امتطى حيواناً جديداً لم يمتطيه أحد، وعند موته وضع في قبر جديد لم يُدفن أحد،
وذلك يُذكرنا بما جاء في العهد القديم عند نقل تابوت العهد،
إذ أنَّ البقرتين اللتين لم يعلهما نير، جرتا العَجَلة الجديدة الموضوع عليه تابوت الرب (1صم10:6).
ونحن بصدد الحديث عن الحمار والآتان،
نوضح أنَّ للحمار تاريخ في العبادات الوثنية،
فالحمار فيما مضى شاهد جموع كثيرة وهى تسجد له!!
ففي اليونان كان الحمار مكرساً للآلهة:
أربس وديونيسيوس وأبوللو! وكان (أوخوس) ملك فارس قد فرض عبادة حمار في معبد (فتا)!
وقبل ميلاد السيد المسيح بعدة سنوات، بينما كان (أوغسطس) في طريقه لركوب البحر على ساحل مدينة (أكتيوم)،
صادف رجلاً يركب جحشاً، وكان اسم الجحش (نيكون) أي المنتصر،
وحين تم النصر وضع الامبراطور في المعبد حماراً من النحاس تخليداً لنصره!
أمَّا (أتان بلعام) فقد فاقت الحكماء في حكمتها، فبكلامها قد أنقذت النبيّ!
ولكن شكراً لله فقد جاء السيد المسيح وانقرضت عبادة الحمار.
الراهب كاراس المحرقى
عند دخول المسيح أورشليم، لم يركب مركبة بأعمدة من فضة وقواعد من ذهب ومُغشّاة بالأرجوان،
كما ذكر سليمان الحكيم (نش9:3،١٠)، ولم يتّخذ لنفسه مركبات وخيلاً ورجالاً يجرون أمامه،
كما فعل أبشالوم بن داود عند دخوله مدينة أبيه (2صم5:2).
ولا اتّخذ لنفسه عجلات وفرساناً مثل أدونيا، عندما حاول أن يملك بدلاً من سليمان (2صم3: 4)،
(1أخ2:3)، ولم يُبوّق أحد أمامه بالبوق كما حدث مع سليمان (1مل38:1- 40).
بل ركب أتاناً وجحشاً، كما قد تنبأ عنه زكريا النبيّ قائلاً: " اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ،
هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ َعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ " (زك9:9).
أليس المسيح هو السيد الذي رآه إشعياء النبيّ جالساً على كرسي مجده وأذياله تملأ الهيكل ؟
(إش1:6)، فلماذا هذا الإسراف في التواضع ؟!!
يقول القدّيس يعقوب السروجيّ
" حُبُّك أنزلك من المركبة إلى الجحش العادي، عِوض جنود الكاروبيم،
يبجِّلك جحش! أنزلتْكَ المراحم من بين أجنحة اللهب لكي يبجّلك ابن الآتان،
يجاهر السمائيّون ببهائك، وهنا الجحش الحقير المزدرى به يحملك، ركب الجحش ليفتقد بالتواضع شعبه ".
انفرد القديس متى البشير بذِكر الآتان مع الجحش فيقول:
" اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا فَحُلاَّهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا " (مت2:21)
أمَّا باقي الإنجليين فاكتفوا بذِكر الجحش فقط, إذ هو الذي دخل عليه المسيح أورشليم، بينما الآتان كان يركبه في الطريق.
والآتان والجحش يمثّلان رمزيًا العالم في ذلك الحين، وقد انقسم إلى اليهود والأمم..
وكون المسيح امتطى الاثنان، إنَّما يُشير إلى أنَّه قد جاء من أجل البشرية كلها،
حتى وإنْ انحطّتْ في فكرها من جهة معرفتهم لله وسلوكهم الروحيّ،
ألم يقل داود النبيّ: " صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ.. وَلَكِنِّي دَائِماً مَعَكَ " (مز73: 22-23).
يقول القديس أُغسطينوس
الجحش ابن الآتان الذي لم يركبه إنسان قط، يُشير إلى شعوب الأُمم التي لم تتقبل ناموس الرب،
وأمَّا الآتان فيُشير إلى شعبه الذي جاء من إسرائيل وخضع لمعرفة سيده.
والحمار من الحيوانات التي تُثقل بالأحمال، وفي هذا إشارة لحالة البشر قبل مجيء المسيح،
إذ ثقلتهم الخطية والخرافات وعبادة الأوثان.. التي آمنوا بها.
وإن كان الحمار يُنعت بالغباوة، فالوثنين أيضاً قد تملّكهم الغباء بسبب تجاهلهم لله،
فإنه أيّة غباوة أكثر من احتقار الشخص للخالق، وتعبُّده لعمل يديه كما لو كان خالقه؟!
لقد أُتوا بالجحش من قرية، مشيراً بذلك إلى حالة الهمجية،
التي كان عليها فكر الوثنيّين غير المتمدِّن، الذين لم يتعلموا في مدينة، وإنما كمن عاش بطريقة ريفيّة خشنة وفَظّة..
هؤلاء لم يستمروا على هذا الحال بخصوص الذهن غير المتمدِّن،
بل على العكس تغيّروا إلى ملء السلام والحكمة، لأنَّهم صاروا خاضعين للمسيح الذي علّمهم هذه الأشياء *
كان الجحش والآتان مُقيَّدين (مت2:21)، إشارة إلى اليهود الذين قيدوا أنفسهم بسلاسل الطقوس وشكليات العبادة..
والأُمميين الذين تقيّدوا برباطات الخطية وسلاسل الطقوس الوثنية..
ولكن شكراً لله الذي جاء ليحلُّنا من رباطات خطايانا،
ويُعطينا فَهماً جديداً لروح العبادة، مُعلماً إيانا أنَّ الحرف يقتل وأمَّا الروح فيُحيي.
أُحضر الجحش بواسطة تلميذين (مت1:21)، وهذا يُشير إلى أنَّ الله يُرسل لنا في كل وقت،
من يحلُّنا من رباطات الخطية واهتمامات العالم الزائل، فقديماً أرسل لنا الله الأنبياء،
وحديثاً أرسل الرسل والتلاميذ ليفكوا العالم من قيود الخطية وسلاسل الشر.
أمَّا قول المسيح:
" الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا " (مت3:21)،
فيُشير إلى أنَّ الرب محتاج إلى خليقته التي أحبّها وعلى صورته ومثاله قد خلقها،
حتى وإن ضلت في تصرفاتها، فالله لا يتعالى على خليقته،
بل كراعٍ صالح يجول هنا وهناك بحثاً عن خرافه الضالة،
وهو في كل وقت يطلب قلوبنا لتكون مسكناً له، وحياتنا كمركبة سماوية تحمله.
ذكر معلمنا لوقا أنَّ للجحش أصحاب كثيرون: " وَفِيمَا هُمَا يَحُلاَّنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ:
" لِمَاذَا تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟ " (لو33:19)، وهذا يُشير إلى أنَّ هذا الشعب لم يكن خاضعاً لخطية واحدة أو شيطان واحد،
بل كان خاضعاً لكثيرين، لكن الجميع استسلموا خلال كرازة الرسل، تاركين الجحش لسيده الحقيقيّ السيد المسيح.
وفي قول مُعلمنا مرقس أنَّ الجحش لم يجلس عليه أحد من الناس:
" اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ " (مر11،2)،
يرى البعض:
إنَّ استخدام المسيح الآتان المُدرّب أثناء سيره في الطريق،
يُشير إلى الأمة اليهودية التي درَّبها الله على معرفته بواسطة الأنبياء،
أمَّا الجحش غير المُدرّب والذي لم يجلس عليه، فيُشير إلى الوثنيين الذين لم يكن لهم الناموس والأنبياء *
كما أن المسيح قد جاء رئيساً جديداً لعهد جديد،
ولهذا امتطى حيواناً جديداً لم يمتطيه أحد، وعند موته وضع في قبر جديد لم يُدفن أحد،
وذلك يُذكرنا بما جاء في العهد القديم عند نقل تابوت العهد،
إذ أنَّ البقرتين اللتين لم يعلهما نير، جرتا العَجَلة الجديدة الموضوع عليه تابوت الرب (1صم10:6).
ونحن بصدد الحديث عن الحمار والآتان،
نوضح أنَّ للحمار تاريخ في العبادات الوثنية،
فالحمار فيما مضى شاهد جموع كثيرة وهى تسجد له!!
ففي اليونان كان الحمار مكرساً للآلهة:
أربس وديونيسيوس وأبوللو! وكان (أوخوس) ملك فارس قد فرض عبادة حمار في معبد (فتا)!
وقبل ميلاد السيد المسيح بعدة سنوات، بينما كان (أوغسطس) في طريقه لركوب البحر على ساحل مدينة (أكتيوم)،
صادف رجلاً يركب جحشاً، وكان اسم الجحش (نيكون) أي المنتصر،
وحين تم النصر وضع الامبراطور في المعبد حماراً من النحاس تخليداً لنصره!
أمَّا (أتان بلعام) فقد فاقت الحكماء في حكمتها، فبكلامها قد أنقذت النبيّ!
ولكن شكراً لله فقد جاء السيد المسيح وانقرضت عبادة الحمار.