قال القديس بولس الرسول :” صرت لليهودي كيهودي لأربح اليهود … وللذين بلا ناموس ، كأني بلا ناموس ، مع أني لست بلا ناموس لله ، بل تحت ناموس المسيح ، لأربح الذين بلا ناموس “( 1كو 9: 20، 21) . فما معني هذا الكلام ؟.
كان الرسول يتكلم عن الكرازة ، وتوصيل رسالة الإنجيل ، فيقول : أن اليهودي يؤمن بالناموس 0والأنبياء ، فلكي أقنعه برسالة المسيح ، أكلمه كيهودي ، عن الناموس والأنبياء ، وما فيها من أمور متعلقة بالمسيح . أما اليوناني وأمثاله من الذين بلا ناموس ، فإنهم لا يؤمنون بالكتاب ، ولا بالأنبياء ، لذلك أكلمهم بأسلوبهم وأجذبهم إلي الإيمان بالفلسفة لا أربحه للمسيح ، وكذلك لو كلمت اليوناني عن الأنبياء … لا أربحه أيضاً للمسيح .
ولكن عبارة ” صرت لليهودي كيهوي ” لا تعني السلوك كاليهودي . فالقديس بولس الرسول حارب التهود بكل قوته .
كان بعض اليهود الذين اعتنقوا المسيحية ، يريدون أن يدخلوا فيها بعض العقائد اليهودية كالختان ، وحفظ السبت ، والمواسم ، والأهلة ، وما يختص بالأكل والشرب من محللات ومحرمات ، وسائر القواعد اليهودية في النجاسات و التطهير . وعرفت هذه الحركة إسم ( التهود ) . وقد قال الرسول في محارباته لليهود ” فلا يحكم عليكم احد في أكل وشرب ، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت ، التي هي ظل الأمور العتيدة “( كو 2: 16: 17) . وعبارة ( أكل وشرب ) هنا لا تعني الصوم ، وإنما تعني طهارة الأكل أو نجاسته علي حسب الأطعمة التي كانت محرمة في اليهودية ، ولم تعد كذلك في المسيحية . والقديس بولس قد كرز وسط اليهود ، كما كرز بين الأمم . وفي كرازته في رومه ، كلم اليهود أولا . فلما رفضوا وأنقسموا ، اتجه بعد ذلك إلي المم ( أع 28: 17- 29). ولكي يربح اليهود ، كان يتكلم في الهيكل ، وفي مجامع اليهود ، ويحاول أن يقنعهم بما ورد عن المسيح في الناموس والأنبياء .
كل إنسان في الدنيا تقابله مشكلات في حياته . وتختلف أساليب الناس في معالجة المشاكل ، او في التعامل معها ، أو في مدي التأثر بها . وذلك تبعاً لنفسيته وعقليتة كل إنسان ، وأيضاً تبعاً لخبرته … فهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل ، بينما آخرون ينتصرون عليها . وهناك أساليب خاطئة وأساليب أخري سليمة في مواجهة المشاكلة . وسنحاول أن نستعرض النوعين :
أسلوب الهروب اتبعه أبونا آدم ومعه أمنا حواء ، بعد السقوط في الخطية . وفي ذلك يقول الكتاب ” فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ” ( تك 3: 8). ولكن هذا الهروب لم يحل المشكلة … وكان لابد من مواجهتها .
وهناك أسلوب آخر يقابل به الناس مشاكلهم وهو :
أنه أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء :
علي ان هذا التصرف الطفولي يبقي عند البعض حتي بعد ان يكبروا ، وبخاصة عند كثير من النساء مواجهة المشكلة بالحزن والبكاء ، دون أي حل عملي . حدث هذا للقديس حنه في الفترة التي أغلق فيها الله رحمها . وكانت ضرتها فننة تغيظها ” فبكت ولم تأكل “( 1صم 1: 7) . ولكن كآبة القلب والبكاء وعدم الأكل ، كل ذلك لم يحل مشكلتها ، إلي أن لجأت أخيراً إلي الله …
وكما حدث للقديسة حنة ، حدث لملك خطير مثل آخاب …
فلما رفض نابوت اليزرعيلي أن يعطيه الكرم ، يقول الكتاب ” فدخل آخاب بيته مكتئباً مغموماً “( 1مل 21: 4) . علي أن الكآبة لم تحل لآخاب مشكلته ، بل وصل إلي حل لما تدخلت زوجته الملكة إيزابل لتقدم له تصرفاً عملياً – ولو انه خاطئ – كما سنري … كثير من الزوجات يلجأن إلي النكد و البكاء في حل مشكلهن ، فيخسرون أزواجهن بهذا النكد!!يدخل الرجل إلي البيت ، فيجد المرأة غارقة في دموعها ، وربما لسبب تافه فيحاول حله . ثم يتكرر البكاء لسبب آخر ، ولسبب ثالث ، ويصبح البكاء خطة ثابته في مواجهة كل ما لا يوافق هواها ، مع تأزم نفسي وشكوي وحزن ، مما يجعل الرجل يسأم هذا الوضع ، ويهرب من البيت وما فيه من نكد … وتجني المرأة عليه وعلي نفسها ، بلا نتيجة ..! علي أن البعض قد يلجأ إلي طريقة أخري هي :
قد يكون لدي إنسان ما رغبة يريد تحقيقها بكافة الطرق ، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم أو رئيس ، فيظل يلح ويضغط بطريقة يري أنها توصله إلي الموافقة أخيراً . استخدمت دليلة هذا الإلحاح مع شمشون حتى كشف لها سره ! ألحت في طلب سره ، فكان يتهرب من ذلك ، ولا يقول لها الحق . ولكنها ظلت في ضعفها عليه ، ثم عاتبته قائله ” كيف تقول أحبك ، وقلبك ليس معي . هوذا ثلاث مرات قد خدعتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة “. وهنا يقول الكتاب ” ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم ، وألحت عليه ، ضاقت نفسه إلي الموت ، فكشف لها كل قلبه ، وقال لها ..( قض 16: 15-17)
إن الإلحاح قد يوصل إلي موافقه ليست برضي القلب .
و العجيب أن صاحب الرغبة يفرح بهذه الموافقة ، ولا يهمه قلب من أعطاها ، ، ولا مرارة نفسه . بقد ألح بنو إسرائيل علي الله أن يقيم لهم ملكاً ، وكان الله ضد هذه الرغبة واعتبرها رفضاً له ( 1صم 8: 7) , ومع ذلك سمح الله لا لحاحهم واعطاهم ملكاً ضد مشيئته ، هو شاول ، وفارق روح الرب شاول ( 1صم 16: 4) . وألحت إمرأة فوطيفار علي يوسف الصديق ( تك 29: 10) فهرب منها . وكانت نتيجة إلحاحها ، مشكلة قاسي منها يوسف الطرد و السجن سنوات وكانت النتيجة أيضاً سوء سمعه هذه المرأة علي مدي الأجيال … ولم يأت الإلحاح بنتيجة سارة …
وألح اليهود علي بيلاطس ليصلب السيد المسيح .
وحاول بكافة الطرق أن يهرب من إلحاحهم ، فازدادوا ضغطاً عليه . قال لهم ليست أجد علة في هذا البار … وقال هل أأصلب ملككم ؟ فقالوا ليس لنا ملك إلا قيصر وأرادوا أن يطلقه كأسير فطلبوا بدلاً منه باراباس … فغسل بيلاطس يديه وقال ” أنا برئ من دم هذا البار ، فقالوا دمه علينا وعلي أبنائنا “( متي 26) . وكانت نتيجة إلحاحهم ؟! ..
والبعض يلجأون إلي العنف :
وقع داود النبي في مشكلة مع نابال الكرملي الذي رفض أن يعطي جنودة قوتاً ، فقرر داود أن يحل المشكلة بالعنف ، فتقلد سيفه أمر غلمانه فتقلدوا سيوفهم . وهدد بأنه لن يبقي لنابال حتى الصباح بائلاً بحائط ( 1صم 25: 13، 22) . فهل كان أسلوب داود سليمان ؟! كلا ، ، لقد وبخته علي ذلك أبيجايل لأنه قرر أن يسفك دماً وتنتقم يده لنفسه . وشكرها داود لأنها كانت حكيمة في نصحها له ( ا صم 25: 23) . وكان من نتائج استخدام داود للعنف ، أن الرب لم يسمح له ببناء الهيكل وقال له ” لاتبن بيتاً لاسمي لأنك رجل حروب وقد سفكت دماً “( أي 28: 3 ) . وموسى حينما استخدم العنف لحل مشكلة بين مصري وعبراني ، فقتل المصري ( خر 2: 12) ، لم يستخدمه الله حينئذ ، وسمح ان يقضي أربعين سنة في رعي الغنم حتى تعلم الوداعة وقيل عنه ” وكان الرجل موسى حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض “( عدد 12: 3) وبهذا الطبع الخير استخدمه الله في رعاية الشعب … وأخطأ بطرس حينما رفع سيفه وقطع أذن العبد حينما واجهته مشكلة القبض علي معلمه ، فكر في حلها بالعنف … ولكن السيد وبخه قائلاً ” أردد سيفك إلي غمده . لأن من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ “( متي 26: 51) . ويقع في خطأ العنف أيضاً الأب الذي يستخدم سلطته بالعنف في بيته ويضرب إمرأته أو أولاده ويخسرهم . وكذلك الكاهن الذي يستخدم سلطان الحرم في غير موضعه .
استخدمت رفقة هذا الأسلوب لكي يأخذ إبنها يعقوب بركة أبيه اسحق .
وألبسته جلد الماعز ، لكي يكون جسمه مشعراً كأخيه عيسو ( تك 27) . وجازت الحيلة علي اسحق ومنح البركة ليعقوب . ولكن أتراه استفاد حينما خدع أباه هكذا ؟ كلا بل عاش هارباً وخائفاً من أخيه عيسو ، وخدعه خاله لابان لما زوجه ليئه بدلاً من راحيل ( تك 29: 25) . كما غير له أجرته عشر مرات ( تك 31: 41) . وخدعه أبناؤه لما أشعروه أن يوسف قد افترسه وحش ردئ ( تك 37: 33) . واخيراً لخص يعقوب سيرة حياته فقال إن سني حياته علي الأرض قليلة وردية ( تك 47: 9) . واستخدمت ايزابل طريقة الدهاء للحصول علي كرم نابوت اليزرعيلي . دبرت الصاق تهمة رديئة بنابوت اليزرعيلي ونادوا انه جدف علي الله ، وأتوا بشهود زور لاثبات ذلك . وتم رجم نابوت خارج المدينة . وورث أخاب حقل نابوت . وبدأ أن الحيلة أوصلته إلي حل مشكلته . ولكن عين الله الساهرة أرسلت إيليا النبي لأخاب يقول له ” هل قتلت و ورثت ؟.. هكذا قال الرب : في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت ، تلحس الكلاب دمك أيضاً “( 1مل 21) . وكان هذا هو مصير زوجته إيزابل أيضاً ( 2مل 9: 36) .
إن الدهاء – كالعنف – قد يوصل إلي نتيجة سريعة ، يبدو حلاً للمشكلة . ولكهنا لست من الله .
وقد يسمح الله بابطال هذه الحيل الشريرة ، كما ابطل مشورة أخيتوفل ، فلم تتمكن من ايذاء داود ( 2 صم 17: 23) . فنجا داود ، أما اخيتوفل فخنق نفسه قهراً لأن مشورته ابطلت .
يلجأ البعض إلي الجريمة لحل اشكالهم ، او للوصول إلي أغراضهم . وقد فعل ذلك قايين أول قاتل علي الأرض . فماذا كانت النتيجة ؟ لقد عاش حياته كلها في فزع ورعب ، تائهاً وهارباً في الأرض ، يخاف أن كل من وجده يقتله ( تك 4: 14) . ولجأ أبشالوم إلي الجريمة أيضاً ، فحرق حقل يوآب لكي يمكنه من مقابلة الملك ( 2صم 14: 30) .
يلجأ البعض إلي سلاح الخيانة ، لكي يصلوا إلي شئ فما قتيلاً ( 2صم 18 : 15) . ويهوذا لجأ إلي الخيانة أيضاً ، ولكنه لم يستفد ، بل مضي وخنق نفسه ( متي 27: 5) . ومع ان الخيانة أوصلت البعض إلي التشفي ، أو إلي غرض – رخيص – إلا أنهم فشلوا جميعاً واحتقروا ذواتهم … ومع انه قد يستطيع إنسان ان يحتمل احتقار الآخرين له ، إلا أنه نادرا ما يقدر علي احتمال احتقاره لنفسه !! والخائن حينما تنكشف له حقيقة نفسه ويحتقرها ، لا يحتمل … ولكن سلاح الخيانة ، علي الرغم من كل هذا ، لا يزال موجوداً . وما اسهل علي خائن لكي يصل إلي غرضه أن يغدر بأحبائه ، أو أولياء نعمته .. أو يخون صديقاً أن رآه منافساً له .. ومع ذلك لا يصل إلي شئ !
إنسان يقع في اشكال ، فكيف يحله ؟ أن يواجه الأمر بالزعيق والصياح ، و بالغضب و النرفزة ، وبالشتيمة و التهديد و الوعيد ، وبالصوت العالي الحاد وبالألفاظ الجارحة . ولا يمكن لشئ من هذا أن يحل اشكالاً .
إن الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة .
تدل علي قلة الحيلة ، وعلي فشل الاقناع و الحوار ، وعلي محاولة تغطيه هذا الفشل بالعنف الظاهري ، الذي هو شاهد علي العجز الداخلي . او هي وسيلة لمحاولة تخويف الطرف الآخر أو التخلص منه بهذا الأسلوب . ولكنها ليست طريقة روحية ، ولا هي طريقة اجتماعية محترمة . ويبقي معها الأشكال كما هو … وقد تجلب علي صاحبها أمراضا … مثل ضغط الدم ، وتوتر العصاب وقرحة المعدة و السكر .. بالإضافة إلي أمراض أخري نفسية وتعقيدات كثيرة في العلاقات الاجتماعية . وقد يحاول الشخص إصلاح نتائج غضبه وأثر ذلك علي الآخرين ، فلا يجد حلاً .
يقع إنسان في إشكال ، ولا يجد حلاً فليلجأ إلي العقاقير ، إلي أصناف من المهدئات و المسكنات و المنومات : إلي الليبريوم ، والفاليوم ، والأتيفان ، والفالينيل ، وأشباه هذه الأدوية وأمثالها …
وينضم إلي هؤلاء من يظن أنه يحل مشكلته بالخمر و المسكر أ, التدخين أوإنه بهذه الدوية و بالتدخين – والمخدرات لا يحل مشكلته ، إنما يحاول أن يتوه عن نفسه ، وهو لا يحل مشكلته ، إنما يهرب منها ، وتظل باقية … هذه العقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة المشكلة ، والفشل في احتمالها و الفشل في حلها . وأذا لا تأتي بنتيجة .. وكلما يقل مفعولها يجد متعاطيها المشكلة كما هي يحاول أن يزيد كميتها ، و أيضاً بلا نتيجة .. وينتهي به الأمر إلي اليأس و التعب النفسي . إلي أن يحاول الوصول إلي حل عملي نافع ..
والبعض قد يحل مشكلاته بطريق آخر وهو :
يفشل في بعض علاقاته الاجتماعية فيلجأ إلي المقاطعة و الخصام . أو إلي العداوة والانقسام . وهكذا حدث مع يربعام لما فشل في التفاهم مع رحبعام .. انقسم عشرة أسباط ، وكونوا لهم مملكة مستقلة ( 1مل 12) ، واستمر هذا الانقسام قروناً طويلة ولم يكن حلاً للمشكلة ، بل صار مشكلة أعمق . حدث نفس الوضع بين اليهود و السامريين ، وحدث مثله أيضاً بين اليهود والمم .. وجاء المسيح ليعالج هذه المشكلة التي لم تحل ، ويصالح هؤلاء مع أولئك . وأنت هل تلجأ إلي نفس الأسلوب ؟
ما أكثر الذين واجهتهم مشكلة يحاولون حلها بكذبه أو أكاذيب . ويظنون أن الكذب يغطي المشكلة ! فإذا انكشف المر يغطون الكذب بكذب آخر ، وهكذا دواليك … والكذب يوجد جواً من عدم الثقة ، فتزداد المشكلة تعقيداً .
هناك طريق آخر منحرف ، في مواجهة المشكلات ، وهو :
إذ يواجه الإنسان مشكلة ، فيصر علي رأيه ووجهة نظره ، مهما كانت النتائج وخيمة وسيئة ، وقد يتحول الأمر إلي عناد ويزداد تعقيداً . وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد بالذات . ولا يمكن ان ياتي العناد بنتيجة ، لنه محاولة لارغام الطرف الاخر ، فإذا لم يقبل ، لابد من التصادم …
والعلاج هو محاولة التفاهم ، والتنازل عما يثبت خطؤه . وهناك طريقة عكس العناد تماماً وهي :
يلجأ إليها البعض حينما يضغطون ويشعرون بصغر نفس في داخلهم ، فيستسلمون وليحدث لهم ما يحدث .. وليس هذا حلاً للمشكلة ، إنما خضوع للمشكلة …
فإن كانت كل هذه طرقاً خاطئة في مواجهة المشاكل ، فما هي الطرق السليمة إذن ؟
لا بالأعصاب ، ولا بالعناد ، ولا بنفسية مريضة ، وإنما بحكمة ، كما قال الكتاب ” في وداعة الحكمة “( يع 3: 13) . وقد قيل في سفر الجامعة ” الحكيم عيناه في رأسه ، أما الجاهل فيسلك في الظلم ” ( جا 2: 14) . وربما يعترض البعض علي ذلك بأنه ليس الجميع حكماء ، وليست للكل هذه الموهبة . والاجابة علي ذلك هي
حيث لا يكتفي الإنسان برأيه ومعرفته وخبرته ، إنما يضيف إليها رأي الكبار وهناك طريقة ناجحة لحل المشكلات وهي :
لأن ما يعجز الإنسان عن حله ، ما أسهل ان يحله الله و الصلاة والصوم وسيلتان لإدخال الله في المشاكل . والكتاب حافل بقصص عن حل الله للمشاكل ونجاح وسيلة الصوم والصلاة ..لجأت إلي هذا استير الملكة ومعها الشعب ، وكذلك أهل نينوي . وداود النبي في مزامير وأصوامه ، ولجأ إلي هذا حينما قال ” فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ، ونمت أياماً وصمت وصليت .” ( نج 1: 4) .
والواقع يجب أن نضع الصلاة في مقدمة وسائلنا ، قلب الحكمة و المشورة او ممتزجة معهما .
لأن الكتاب يعلمنا أولاً ان نصلي كما يعلمنا ان نكون حكماء ، وأن نستشير . ويبقي هذا أمر هام هو …
الصبر إلي ان يدبر الله حل المشكلة في الوقت الذي يراه مناسباً ، لأن الذي لا يحتمل الصبر ، يقع في القلق المستمر وفي التعب النفسي وفي كل ذلك تحتاج المشكلة في حلها إلي عنصر آخر هو :
فالأعصاب الهادئة تعطي مجالاً للتفكير السليم . بينما الاضطراب – يتعب النفس ويشل التفكير ، فلا يدري الإنسان ماذا يفعل …
كان الرسول يتكلم عن الكرازة ، وتوصيل رسالة الإنجيل ، فيقول : أن اليهودي يؤمن بالناموس 0والأنبياء ، فلكي أقنعه برسالة المسيح ، أكلمه كيهودي ، عن الناموس والأنبياء ، وما فيها من أمور متعلقة بالمسيح . أما اليوناني وأمثاله من الذين بلا ناموس ، فإنهم لا يؤمنون بالكتاب ، ولا بالأنبياء ، لذلك أكلمهم بأسلوبهم وأجذبهم إلي الإيمان بالفلسفة لا أربحه للمسيح ، وكذلك لو كلمت اليوناني عن الأنبياء … لا أربحه أيضاً للمسيح .
ولكن عبارة ” صرت لليهودي كيهوي ” لا تعني السلوك كاليهودي . فالقديس بولس الرسول حارب التهود بكل قوته .
كان بعض اليهود الذين اعتنقوا المسيحية ، يريدون أن يدخلوا فيها بعض العقائد اليهودية كالختان ، وحفظ السبت ، والمواسم ، والأهلة ، وما يختص بالأكل والشرب من محللات ومحرمات ، وسائر القواعد اليهودية في النجاسات و التطهير . وعرفت هذه الحركة إسم ( التهود ) . وقد قال الرسول في محارباته لليهود ” فلا يحكم عليكم احد في أكل وشرب ، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت ، التي هي ظل الأمور العتيدة “( كو 2: 16: 17) . وعبارة ( أكل وشرب ) هنا لا تعني الصوم ، وإنما تعني طهارة الأكل أو نجاسته علي حسب الأطعمة التي كانت محرمة في اليهودية ، ولم تعد كذلك في المسيحية . والقديس بولس قد كرز وسط اليهود ، كما كرز بين الأمم . وفي كرازته في رومه ، كلم اليهود أولا . فلما رفضوا وأنقسموا ، اتجه بعد ذلك إلي المم ( أع 28: 17- 29). ولكي يربح اليهود ، كان يتكلم في الهيكل ، وفي مجامع اليهود ، ويحاول أن يقنعهم بما ورد عن المسيح في الناموس والأنبياء .
كل إنسان في الدنيا تقابله مشكلات في حياته . وتختلف أساليب الناس في معالجة المشاكل ، او في التعامل معها ، أو في مدي التأثر بها . وذلك تبعاً لنفسيته وعقليتة كل إنسان ، وأيضاً تبعاً لخبرته … فهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل ، بينما آخرون ينتصرون عليها . وهناك أساليب خاطئة وأساليب أخري سليمة في مواجهة المشاكلة . وسنحاول أن نستعرض النوعين :
أسلوب الهروب اتبعه أبونا آدم ومعه أمنا حواء ، بعد السقوط في الخطية . وفي ذلك يقول الكتاب ” فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ” ( تك 3: 8). ولكن هذا الهروب لم يحل المشكلة … وكان لابد من مواجهتها .
وهناك أسلوب آخر يقابل به الناس مشاكلهم وهو :
أنه أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء :
علي ان هذا التصرف الطفولي يبقي عند البعض حتي بعد ان يكبروا ، وبخاصة عند كثير من النساء مواجهة المشكلة بالحزن والبكاء ، دون أي حل عملي . حدث هذا للقديس حنه في الفترة التي أغلق فيها الله رحمها . وكانت ضرتها فننة تغيظها ” فبكت ولم تأكل “( 1صم 1: 7) . ولكن كآبة القلب والبكاء وعدم الأكل ، كل ذلك لم يحل مشكلتها ، إلي أن لجأت أخيراً إلي الله …
وكما حدث للقديسة حنة ، حدث لملك خطير مثل آخاب …
فلما رفض نابوت اليزرعيلي أن يعطيه الكرم ، يقول الكتاب ” فدخل آخاب بيته مكتئباً مغموماً “( 1مل 21: 4) . علي أن الكآبة لم تحل لآخاب مشكلته ، بل وصل إلي حل لما تدخلت زوجته الملكة إيزابل لتقدم له تصرفاً عملياً – ولو انه خاطئ – كما سنري … كثير من الزوجات يلجأن إلي النكد و البكاء في حل مشكلهن ، فيخسرون أزواجهن بهذا النكد!!يدخل الرجل إلي البيت ، فيجد المرأة غارقة في دموعها ، وربما لسبب تافه فيحاول حله . ثم يتكرر البكاء لسبب آخر ، ولسبب ثالث ، ويصبح البكاء خطة ثابته في مواجهة كل ما لا يوافق هواها ، مع تأزم نفسي وشكوي وحزن ، مما يجعل الرجل يسأم هذا الوضع ، ويهرب من البيت وما فيه من نكد … وتجني المرأة عليه وعلي نفسها ، بلا نتيجة ..! علي أن البعض قد يلجأ إلي طريقة أخري هي :
قد يكون لدي إنسان ما رغبة يريد تحقيقها بكافة الطرق ، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم أو رئيس ، فيظل يلح ويضغط بطريقة يري أنها توصله إلي الموافقة أخيراً . استخدمت دليلة هذا الإلحاح مع شمشون حتى كشف لها سره ! ألحت في طلب سره ، فكان يتهرب من ذلك ، ولا يقول لها الحق . ولكنها ظلت في ضعفها عليه ، ثم عاتبته قائله ” كيف تقول أحبك ، وقلبك ليس معي . هوذا ثلاث مرات قد خدعتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة “. وهنا يقول الكتاب ” ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم ، وألحت عليه ، ضاقت نفسه إلي الموت ، فكشف لها كل قلبه ، وقال لها ..( قض 16: 15-17)
إن الإلحاح قد يوصل إلي موافقه ليست برضي القلب .
و العجيب أن صاحب الرغبة يفرح بهذه الموافقة ، ولا يهمه قلب من أعطاها ، ، ولا مرارة نفسه . بقد ألح بنو إسرائيل علي الله أن يقيم لهم ملكاً ، وكان الله ضد هذه الرغبة واعتبرها رفضاً له ( 1صم 8: 7) , ومع ذلك سمح الله لا لحاحهم واعطاهم ملكاً ضد مشيئته ، هو شاول ، وفارق روح الرب شاول ( 1صم 16: 4) . وألحت إمرأة فوطيفار علي يوسف الصديق ( تك 29: 10) فهرب منها . وكانت نتيجة إلحاحها ، مشكلة قاسي منها يوسف الطرد و السجن سنوات وكانت النتيجة أيضاً سوء سمعه هذه المرأة علي مدي الأجيال … ولم يأت الإلحاح بنتيجة سارة …
وألح اليهود علي بيلاطس ليصلب السيد المسيح .
وحاول بكافة الطرق أن يهرب من إلحاحهم ، فازدادوا ضغطاً عليه . قال لهم ليست أجد علة في هذا البار … وقال هل أأصلب ملككم ؟ فقالوا ليس لنا ملك إلا قيصر وأرادوا أن يطلقه كأسير فطلبوا بدلاً منه باراباس … فغسل بيلاطس يديه وقال ” أنا برئ من دم هذا البار ، فقالوا دمه علينا وعلي أبنائنا “( متي 26) . وكانت نتيجة إلحاحهم ؟! ..
والبعض يلجأون إلي العنف :
وقع داود النبي في مشكلة مع نابال الكرملي الذي رفض أن يعطي جنودة قوتاً ، فقرر داود أن يحل المشكلة بالعنف ، فتقلد سيفه أمر غلمانه فتقلدوا سيوفهم . وهدد بأنه لن يبقي لنابال حتى الصباح بائلاً بحائط ( 1صم 25: 13، 22) . فهل كان أسلوب داود سليمان ؟! كلا ، ، لقد وبخته علي ذلك أبيجايل لأنه قرر أن يسفك دماً وتنتقم يده لنفسه . وشكرها داود لأنها كانت حكيمة في نصحها له ( ا صم 25: 23) . وكان من نتائج استخدام داود للعنف ، أن الرب لم يسمح له ببناء الهيكل وقال له ” لاتبن بيتاً لاسمي لأنك رجل حروب وقد سفكت دماً “( أي 28: 3 ) . وموسى حينما استخدم العنف لحل مشكلة بين مصري وعبراني ، فقتل المصري ( خر 2: 12) ، لم يستخدمه الله حينئذ ، وسمح ان يقضي أربعين سنة في رعي الغنم حتى تعلم الوداعة وقيل عنه ” وكان الرجل موسى حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض “( عدد 12: 3) وبهذا الطبع الخير استخدمه الله في رعاية الشعب … وأخطأ بطرس حينما رفع سيفه وقطع أذن العبد حينما واجهته مشكلة القبض علي معلمه ، فكر في حلها بالعنف … ولكن السيد وبخه قائلاً ” أردد سيفك إلي غمده . لأن من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ “( متي 26: 51) . ويقع في خطأ العنف أيضاً الأب الذي يستخدم سلطته بالعنف في بيته ويضرب إمرأته أو أولاده ويخسرهم . وكذلك الكاهن الذي يستخدم سلطان الحرم في غير موضعه .
استخدمت رفقة هذا الأسلوب لكي يأخذ إبنها يعقوب بركة أبيه اسحق .
وألبسته جلد الماعز ، لكي يكون جسمه مشعراً كأخيه عيسو ( تك 27) . وجازت الحيلة علي اسحق ومنح البركة ليعقوب . ولكن أتراه استفاد حينما خدع أباه هكذا ؟ كلا بل عاش هارباً وخائفاً من أخيه عيسو ، وخدعه خاله لابان لما زوجه ليئه بدلاً من راحيل ( تك 29: 25) . كما غير له أجرته عشر مرات ( تك 31: 41) . وخدعه أبناؤه لما أشعروه أن يوسف قد افترسه وحش ردئ ( تك 37: 33) . واخيراً لخص يعقوب سيرة حياته فقال إن سني حياته علي الأرض قليلة وردية ( تك 47: 9) . واستخدمت ايزابل طريقة الدهاء للحصول علي كرم نابوت اليزرعيلي . دبرت الصاق تهمة رديئة بنابوت اليزرعيلي ونادوا انه جدف علي الله ، وأتوا بشهود زور لاثبات ذلك . وتم رجم نابوت خارج المدينة . وورث أخاب حقل نابوت . وبدأ أن الحيلة أوصلته إلي حل مشكلته . ولكن عين الله الساهرة أرسلت إيليا النبي لأخاب يقول له ” هل قتلت و ورثت ؟.. هكذا قال الرب : في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت ، تلحس الكلاب دمك أيضاً “( 1مل 21) . وكان هذا هو مصير زوجته إيزابل أيضاً ( 2مل 9: 36) .
إن الدهاء – كالعنف – قد يوصل إلي نتيجة سريعة ، يبدو حلاً للمشكلة . ولكهنا لست من الله .
وقد يسمح الله بابطال هذه الحيل الشريرة ، كما ابطل مشورة أخيتوفل ، فلم تتمكن من ايذاء داود ( 2 صم 17: 23) . فنجا داود ، أما اخيتوفل فخنق نفسه قهراً لأن مشورته ابطلت .
يلجأ البعض إلي الجريمة لحل اشكالهم ، او للوصول إلي أغراضهم . وقد فعل ذلك قايين أول قاتل علي الأرض . فماذا كانت النتيجة ؟ لقد عاش حياته كلها في فزع ورعب ، تائهاً وهارباً في الأرض ، يخاف أن كل من وجده يقتله ( تك 4: 14) . ولجأ أبشالوم إلي الجريمة أيضاً ، فحرق حقل يوآب لكي يمكنه من مقابلة الملك ( 2صم 14: 30) .
يلجأ البعض إلي سلاح الخيانة ، لكي يصلوا إلي شئ فما قتيلاً ( 2صم 18 : 15) . ويهوذا لجأ إلي الخيانة أيضاً ، ولكنه لم يستفد ، بل مضي وخنق نفسه ( متي 27: 5) . ومع ان الخيانة أوصلت البعض إلي التشفي ، أو إلي غرض – رخيص – إلا أنهم فشلوا جميعاً واحتقروا ذواتهم … ومع انه قد يستطيع إنسان ان يحتمل احتقار الآخرين له ، إلا أنه نادرا ما يقدر علي احتمال احتقاره لنفسه !! والخائن حينما تنكشف له حقيقة نفسه ويحتقرها ، لا يحتمل … ولكن سلاح الخيانة ، علي الرغم من كل هذا ، لا يزال موجوداً . وما اسهل علي خائن لكي يصل إلي غرضه أن يغدر بأحبائه ، أو أولياء نعمته .. أو يخون صديقاً أن رآه منافساً له .. ومع ذلك لا يصل إلي شئ !
إنسان يقع في اشكال ، فكيف يحله ؟ أن يواجه الأمر بالزعيق والصياح ، و بالغضب و النرفزة ، وبالشتيمة و التهديد و الوعيد ، وبالصوت العالي الحاد وبالألفاظ الجارحة . ولا يمكن لشئ من هذا أن يحل اشكالاً .
إن الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة .
تدل علي قلة الحيلة ، وعلي فشل الاقناع و الحوار ، وعلي محاولة تغطيه هذا الفشل بالعنف الظاهري ، الذي هو شاهد علي العجز الداخلي . او هي وسيلة لمحاولة تخويف الطرف الآخر أو التخلص منه بهذا الأسلوب . ولكنها ليست طريقة روحية ، ولا هي طريقة اجتماعية محترمة . ويبقي معها الأشكال كما هو … وقد تجلب علي صاحبها أمراضا … مثل ضغط الدم ، وتوتر العصاب وقرحة المعدة و السكر .. بالإضافة إلي أمراض أخري نفسية وتعقيدات كثيرة في العلاقات الاجتماعية . وقد يحاول الشخص إصلاح نتائج غضبه وأثر ذلك علي الآخرين ، فلا يجد حلاً .
يقع إنسان في إشكال ، ولا يجد حلاً فليلجأ إلي العقاقير ، إلي أصناف من المهدئات و المسكنات و المنومات : إلي الليبريوم ، والفاليوم ، والأتيفان ، والفالينيل ، وأشباه هذه الأدوية وأمثالها …
وينضم إلي هؤلاء من يظن أنه يحل مشكلته بالخمر و المسكر أ, التدخين أوإنه بهذه الدوية و بالتدخين – والمخدرات لا يحل مشكلته ، إنما يحاول أن يتوه عن نفسه ، وهو لا يحل مشكلته ، إنما يهرب منها ، وتظل باقية … هذه العقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة المشكلة ، والفشل في احتمالها و الفشل في حلها . وأذا لا تأتي بنتيجة .. وكلما يقل مفعولها يجد متعاطيها المشكلة كما هي يحاول أن يزيد كميتها ، و أيضاً بلا نتيجة .. وينتهي به الأمر إلي اليأس و التعب النفسي . إلي أن يحاول الوصول إلي حل عملي نافع ..
والبعض قد يحل مشكلاته بطريق آخر وهو :
يفشل في بعض علاقاته الاجتماعية فيلجأ إلي المقاطعة و الخصام . أو إلي العداوة والانقسام . وهكذا حدث مع يربعام لما فشل في التفاهم مع رحبعام .. انقسم عشرة أسباط ، وكونوا لهم مملكة مستقلة ( 1مل 12) ، واستمر هذا الانقسام قروناً طويلة ولم يكن حلاً للمشكلة ، بل صار مشكلة أعمق . حدث نفس الوضع بين اليهود و السامريين ، وحدث مثله أيضاً بين اليهود والمم .. وجاء المسيح ليعالج هذه المشكلة التي لم تحل ، ويصالح هؤلاء مع أولئك . وأنت هل تلجأ إلي نفس الأسلوب ؟
ما أكثر الذين واجهتهم مشكلة يحاولون حلها بكذبه أو أكاذيب . ويظنون أن الكذب يغطي المشكلة ! فإذا انكشف المر يغطون الكذب بكذب آخر ، وهكذا دواليك … والكذب يوجد جواً من عدم الثقة ، فتزداد المشكلة تعقيداً .
هناك طريق آخر منحرف ، في مواجهة المشكلات ، وهو :
إذ يواجه الإنسان مشكلة ، فيصر علي رأيه ووجهة نظره ، مهما كانت النتائج وخيمة وسيئة ، وقد يتحول الأمر إلي عناد ويزداد تعقيداً . وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد بالذات . ولا يمكن ان ياتي العناد بنتيجة ، لنه محاولة لارغام الطرف الاخر ، فإذا لم يقبل ، لابد من التصادم …
والعلاج هو محاولة التفاهم ، والتنازل عما يثبت خطؤه . وهناك طريقة عكس العناد تماماً وهي :
يلجأ إليها البعض حينما يضغطون ويشعرون بصغر نفس في داخلهم ، فيستسلمون وليحدث لهم ما يحدث .. وليس هذا حلاً للمشكلة ، إنما خضوع للمشكلة …
فإن كانت كل هذه طرقاً خاطئة في مواجهة المشاكل ، فما هي الطرق السليمة إذن ؟
لا بالأعصاب ، ولا بالعناد ، ولا بنفسية مريضة ، وإنما بحكمة ، كما قال الكتاب ” في وداعة الحكمة “( يع 3: 13) . وقد قيل في سفر الجامعة ” الحكيم عيناه في رأسه ، أما الجاهل فيسلك في الظلم ” ( جا 2: 14) . وربما يعترض البعض علي ذلك بأنه ليس الجميع حكماء ، وليست للكل هذه الموهبة . والاجابة علي ذلك هي
حيث لا يكتفي الإنسان برأيه ومعرفته وخبرته ، إنما يضيف إليها رأي الكبار وهناك طريقة ناجحة لحل المشكلات وهي :
لأن ما يعجز الإنسان عن حله ، ما أسهل ان يحله الله و الصلاة والصوم وسيلتان لإدخال الله في المشاكل . والكتاب حافل بقصص عن حل الله للمشاكل ونجاح وسيلة الصوم والصلاة ..لجأت إلي هذا استير الملكة ومعها الشعب ، وكذلك أهل نينوي . وداود النبي في مزامير وأصوامه ، ولجأ إلي هذا حينما قال ” فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ، ونمت أياماً وصمت وصليت .” ( نج 1: 4) .
والواقع يجب أن نضع الصلاة في مقدمة وسائلنا ، قلب الحكمة و المشورة او ممتزجة معهما .
لأن الكتاب يعلمنا أولاً ان نصلي كما يعلمنا ان نكون حكماء ، وأن نستشير . ويبقي هذا أمر هام هو …
الصبر إلي ان يدبر الله حل المشكلة في الوقت الذي يراه مناسباً ، لأن الذي لا يحتمل الصبر ، يقع في القلق المستمر وفي التعب النفسي وفي كل ذلك تحتاج المشكلة في حلها إلي عنصر آخر هو :
فالأعصاب الهادئة تعطي مجالاً للتفكير السليم . بينما الاضطراب – يتعب النفس ويشل التفكير ، فلا يدري الإنسان ماذا يفعل …