الــصـــوم
قداسة البابا شنوده الثالث
كتاب الوسائط الروحية لأنه أولاً يفيد في ضبط النفس.
من حيث أن الصائم يمنع نفسه عن تناول الطعام والشراب بصفة عامة خلال فترة الإنقطاع. ويمنع نفسه عن كل ما يتعلق بالاسم الحيوانى.
وهكذا يدخل في حياته عنصر المنع. يستطيع أن يقول لنفسه كلمة (لا)، وينفذ ذلك.
وكما يمنع جسده عن الطعام والشراب، يتدرج حتى يمنع نفسه عن كثير من الأخطاء.
عنصر المنع هذا، وضعه الله منذ البدء.
و ذلك حينما أمر ابوينا الأولين آدم وحواء أن يمتنعا عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر. فوضع بذلك مبدأ ضبط النفس من أول تاريخ البشرية. لكى ندرك تماماً أن الحرية ليس معناها التسيب. فعلى الرغم من أن الله كان كريماً جداً مع آدم وحواء، وصرح لهما أن يأكلا " من كل شجر الجنة "، إلا أنه وضع ضابطاً هو المنع من شجرة واحدة (تك 2: 16، 17) (تك 3: 3).
لعلنا هنا ندرك تماماً خطورة العبارة التي قالها سليمان الحكيم في التعبير عن تسيبه في المتعة، إذ قال " ومهما اشتهته عيناى لم أمنعة عنهما " (جا 2: 10).
فلما وصل إلى هذا الوضع، تطور حتى أخطأ وفقد حكمته. " ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه " (1مل 11: 4). وعصفت به الشهوات الكثيرة.
و الصوم أيضاً دليل على الارتفاع فوق مستوى الجسد.
ففيه لا نعطى الجسد كل ما يطلبه من الطعام، أو كل ما يشتهيه من الطعام. وبهذا نرتفع فوق مستواه. بل نرتفع فوق مستوى المادة بصفة عامة. وهكذا نعطى الفرصة للروح، لكى تأخذ مجالها، متذكرين قول الرب " اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقى للحياة الأبدية " (يو 6: 27). وقول الرسول " لأن اهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو الحياة وسلام " (رو 8: 6).
إن الروح تكون في حالة أقوى في وقت الصوم.
فى الصوم تكون صلواتنا أعمق، وتأملاتنا أعمق. وتكون صلتنا بالله أقوى. وحتى ألحاننا أيضاً. فرق كبير بين أن نسجل لحناً من ألحان البصخة في نفس أسبوع الآلام، وأن نسجل نفس اللحن في غير فترة الصوم وليس أثر الصوم في تقوية الروح قاصراً على المسيحيين فقط، بل إن الهندوس واليوجا والبوذيين يجدون قوة للروح بتداريب الصوم والنسك، وتصفوا أرواحهم أكثر.
إذن فالصوم ليس نافعاً فقط من جهة محاربة الأخطاء محاربة الأخطاء و السلبيات، إنما يفيد إيجابياً في تقوية الروح.
لذلك نجد غالبية المناسبات الروحية تسبقها أصوام.
فأسرار الكنيسة مثلاً، كالمعمودية والميرون والتناول والكهنوت، لابد أن يسبقها الصوم. وكذلك نوال بركة الأعياد يسبقه الصوم فنصوم أسابيع طويلة قبل عيدى الميلاد والقيامة، وقبل عيد الرسل وعيد والعذراء وقبل عيد الغطاس نصوم يوم البرامون. وما أجمل قول سفر أعمال الرسل (قبل وضع الأيدى على برنابا شاول): " وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: افرزوا لى برنابا وشاول العمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى.." (أع 13: 2، 3).
و من أجمل ما قيل أيضاً في أثر الصوم روحياً:
العلاقة بين الصوم وإخراج الشياطين:
و في ذلك قال السيد الرب في معجزة إخراجه لشيطان عنيد لم يقو التلاميذ على اخراجه.. حينئذ قال الرب " وأما هذا الجنس، فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم " (مت 17: 21).. ذلك لأن صلاة الصائم تكون لها روحياتها وتأثيرها، والصائم يكون أكثر قرباً من الله، وأكثر قوة على الشياطين.
و كان القديسون يستخدمون الصوم في وقت الضيقات.
و لنا مثال واضح جداً في ذلك صوم استير والشعب كله، حينما تعرضوا لمؤامرة هامان (أش 4: 16) وكيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة. كذلك نسمع عن صوم نحمياً لما جاءته الأخبار أن " سور أورشليم منهدم، أبوابها محروقة بالنار " (نح 1: 3، 4).
ويروى سفر نحميا أيضاً كيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة.. كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا وهو باك، وكيف كان تأثير ذلك في تنقية الشعب وتطهيره. كما يروى لنا الكتاب أيضاً صوم دانيال النبي وأثر ذلك (دا 9: 3، 21) (دا 10: 3، 12).
و كان للصوم تأثيرها أيضاً في مجال التوبة..
لقد تاب أهل نينوى. ولم تكن توبتهم مجرد رجوعهم عن حياة الشر امتزجت هذه التوبة بصوم ونسك شديدين، اشترك فيه الشعب كله وملكهم. وقبل الله صومهم وتوبتهم وغفر لهم خطاياهم(يون 3).
و من أروع ما قيل في امتزاج التوبة بالصوم،
قول الوحى الإلهى في سفر يؤئيل النبى
" الآن يقول، إرجعوا إلى بكل قلوبكم، وبالصوم وبالبكاء والنوح " (يؤ 2: 12). وداود النبي يشرح عمق صومه فيقول " أذللت نفسى " (مز 35: 13) وأيضا " ابكي بالصوم نفسى " (مز 69: 10).
و كثير من صلوات الآباء والأنبياء من أجل طلب المغفرة، كانت مصحوبة بصوم، كصلوات دانيال وعزرا طلباً لمغفرة خطايا الشعب.
والصوم أيضاً له علاقته بالخدمة.
و لعل أبرز مثل لذلك السيد المسيح نفسه الذي بدأ خدمته بصوم أربعين يوماً. وعلى نسقه كل الآباء الأساقفة والكهنة الجدد يبدأون خدمتهم الكهنوتية الصوم.. ونفس الآباء الرسل القديسين بدأوا خدمتهم كذلك بالصوم. وتحقق فيهم قول السيد نفسه " حين يرفع العريس عنهم، حينئذ يصومون " (مر 2: 20)
ولم يكن الصوم فقط في بدء خدمة الآباء الرسل، بل كان يتخللها أيضاً. وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول عن خدمته " في أصوام مراراً كثيرة " (2كو 11: 27) ويقول أيضاً " بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله.. في أتعاب في اسهار في أصوام.. " (2كو 6: 4، 5)..
أتراك يا أخى جربت في حياتك الصوم من أجل الخدمة،
والصوم لحل مشاكلها ولحل المشاكل عموماً؟[/size]
قداسة البابا شنوده الثالث
كتاب الوسائط الروحية لأنه أولاً يفيد في ضبط النفس.
من حيث أن الصائم يمنع نفسه عن تناول الطعام والشراب بصفة عامة خلال فترة الإنقطاع. ويمنع نفسه عن كل ما يتعلق بالاسم الحيوانى.
وهكذا يدخل في حياته عنصر المنع. يستطيع أن يقول لنفسه كلمة (لا)، وينفذ ذلك.
وكما يمنع جسده عن الطعام والشراب، يتدرج حتى يمنع نفسه عن كثير من الأخطاء.
عنصر المنع هذا، وضعه الله منذ البدء.
و ذلك حينما أمر ابوينا الأولين آدم وحواء أن يمتنعا عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر. فوضع بذلك مبدأ ضبط النفس من أول تاريخ البشرية. لكى ندرك تماماً أن الحرية ليس معناها التسيب. فعلى الرغم من أن الله كان كريماً جداً مع آدم وحواء، وصرح لهما أن يأكلا " من كل شجر الجنة "، إلا أنه وضع ضابطاً هو المنع من شجرة واحدة (تك 2: 16، 17) (تك 3: 3).
لعلنا هنا ندرك تماماً خطورة العبارة التي قالها سليمان الحكيم في التعبير عن تسيبه في المتعة، إذ قال " ومهما اشتهته عيناى لم أمنعة عنهما " (جا 2: 10).
فلما وصل إلى هذا الوضع، تطور حتى أخطأ وفقد حكمته. " ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه " (1مل 11: 4). وعصفت به الشهوات الكثيرة.
و الصوم أيضاً دليل على الارتفاع فوق مستوى الجسد.
ففيه لا نعطى الجسد كل ما يطلبه من الطعام، أو كل ما يشتهيه من الطعام. وبهذا نرتفع فوق مستواه. بل نرتفع فوق مستوى المادة بصفة عامة. وهكذا نعطى الفرصة للروح، لكى تأخذ مجالها، متذكرين قول الرب " اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقى للحياة الأبدية " (يو 6: 27). وقول الرسول " لأن اهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو الحياة وسلام " (رو 8: 6).
إن الروح تكون في حالة أقوى في وقت الصوم.
فى الصوم تكون صلواتنا أعمق، وتأملاتنا أعمق. وتكون صلتنا بالله أقوى. وحتى ألحاننا أيضاً. فرق كبير بين أن نسجل لحناً من ألحان البصخة في نفس أسبوع الآلام، وأن نسجل نفس اللحن في غير فترة الصوم وليس أثر الصوم في تقوية الروح قاصراً على المسيحيين فقط، بل إن الهندوس واليوجا والبوذيين يجدون قوة للروح بتداريب الصوم والنسك، وتصفوا أرواحهم أكثر.
إذن فالصوم ليس نافعاً فقط من جهة محاربة الأخطاء محاربة الأخطاء و السلبيات، إنما يفيد إيجابياً في تقوية الروح.
لذلك نجد غالبية المناسبات الروحية تسبقها أصوام.
فأسرار الكنيسة مثلاً، كالمعمودية والميرون والتناول والكهنوت، لابد أن يسبقها الصوم. وكذلك نوال بركة الأعياد يسبقه الصوم فنصوم أسابيع طويلة قبل عيدى الميلاد والقيامة، وقبل عيد الرسل وعيد والعذراء وقبل عيد الغطاس نصوم يوم البرامون. وما أجمل قول سفر أعمال الرسل (قبل وضع الأيدى على برنابا شاول): " وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: افرزوا لى برنابا وشاول العمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى.." (أع 13: 2، 3).
و من أجمل ما قيل أيضاً في أثر الصوم روحياً:
العلاقة بين الصوم وإخراج الشياطين:
و في ذلك قال السيد الرب في معجزة إخراجه لشيطان عنيد لم يقو التلاميذ على اخراجه.. حينئذ قال الرب " وأما هذا الجنس، فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم " (مت 17: 21).. ذلك لأن صلاة الصائم تكون لها روحياتها وتأثيرها، والصائم يكون أكثر قرباً من الله، وأكثر قوة على الشياطين.
و كان القديسون يستخدمون الصوم في وقت الضيقات.
و لنا مثال واضح جداً في ذلك صوم استير والشعب كله، حينما تعرضوا لمؤامرة هامان (أش 4: 16) وكيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة. كذلك نسمع عن صوم نحمياً لما جاءته الأخبار أن " سور أورشليم منهدم، أبوابها محروقة بالنار " (نح 1: 3، 4).
ويروى سفر نحميا أيضاً كيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة.. كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا وهو باك، وكيف كان تأثير ذلك في تنقية الشعب وتطهيره. كما يروى لنا الكتاب أيضاً صوم دانيال النبي وأثر ذلك (دا 9: 3، 21) (دا 10: 3، 12).
و كان للصوم تأثيرها أيضاً في مجال التوبة..
لقد تاب أهل نينوى. ولم تكن توبتهم مجرد رجوعهم عن حياة الشر امتزجت هذه التوبة بصوم ونسك شديدين، اشترك فيه الشعب كله وملكهم. وقبل الله صومهم وتوبتهم وغفر لهم خطاياهم(يون 3).
و من أروع ما قيل في امتزاج التوبة بالصوم،
قول الوحى الإلهى في سفر يؤئيل النبى
" الآن يقول، إرجعوا إلى بكل قلوبكم، وبالصوم وبالبكاء والنوح " (يؤ 2: 12). وداود النبي يشرح عمق صومه فيقول " أذللت نفسى " (مز 35: 13) وأيضا " ابكي بالصوم نفسى " (مز 69: 10).
و كثير من صلوات الآباء والأنبياء من أجل طلب المغفرة، كانت مصحوبة بصوم، كصلوات دانيال وعزرا طلباً لمغفرة خطايا الشعب.
والصوم أيضاً له علاقته بالخدمة.
و لعل أبرز مثل لذلك السيد المسيح نفسه الذي بدأ خدمته بصوم أربعين يوماً. وعلى نسقه كل الآباء الأساقفة والكهنة الجدد يبدأون خدمتهم الكهنوتية الصوم.. ونفس الآباء الرسل القديسين بدأوا خدمتهم كذلك بالصوم. وتحقق فيهم قول السيد نفسه " حين يرفع العريس عنهم، حينئذ يصومون " (مر 2: 20)
ولم يكن الصوم فقط في بدء خدمة الآباء الرسل، بل كان يتخللها أيضاً. وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول عن خدمته " في أصوام مراراً كثيرة " (2كو 11: 27) ويقول أيضاً " بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله.. في أتعاب في اسهار في أصوام.. " (2كو 6: 4، 5)..
أتراك يا أخى جربت في حياتك الصوم من أجل الخدمة،
والصوم لحل مشاكلها ولحل المشاكل عموماً؟[/size]