الأدلة على وحدانية الله
الترتيب الطبيعي لبحثنا هذا يلزمنا بالتحدث عن وحدانية الله قبل التحدث عن صفاته، ولكن استصوبنا أن نرجئ البحث في وحدانيته إلى هذا الباب، لاتصالها بموضوعات الأبواب التالية له إتصالاً وثيقاً وطبعاً ليس هناك اعتراض على أن اسم الله بأل التعريف يدل على أنه تعالى لا شريك له ولا نظير ولكن خشية أن يظن أحد أن هناك أكثر من إله واحد للعالم رأينا من الواجب أن نتحدث فيما يلي عن الأدلة التي تثبت وحدانية الله، وتفرده بالأزلية
1 - الأدلة العقلية
" أ " الكثرةلا توجد في الكائنات إلا حيث يوجد الضعف والانقراض فيها، ليحل واحد من أفرادها عوضاً عن المنقرِض، حفظاً لكيانها وبما أن الله أزلي أبدي، ولا يضعف أو يتغيّر على الإطلاق، فلا يمكن أن يكون هناك سواه
" ب " لو فرضنا أن هناك إلهين، لكان كلٌ منهما متحيزاً بمكان وبما أن المتحيز بمكان لا يكون أزلياً بل حادثاً، فلا يمكن أن يكون أيٌ منهما هو الله، لأن الله لا يتحيز بحيّز فلا يمكن أن يكون هناك إلا إله واحد غير متحيز بمكان وهذا الإله هو الله
" ج " ولو فرضنا أيضاً أن هناك إلهين، لكانا إما قد اتفقا على خلق العالم أو اختلفا فإن كانا قد اتفقا على أن يقوما معاً بهذه المهمة، لما كان كلٌ منهما مستقلاً في عمله وهذا يتعارض مع الألوهية، لأن من مستلزمات الألوهية الاستقلال بالعمل وإن كانا قد اتفقا على اقتسام المهمة المذكورة بينهما لكانت سلطة كل منهما محدودة وإن كانا قد اتفقا على أن أحدهما يعمل دون الآخر لكان أحدهما عاطلاً، وهذا ما يتعارض مع الألوهية كذلك، لأن من مستلزمات الألوهية الحياة والعمل أما إذا كانا قد اختلفا، لما كانت هناك وحدة أو انسجام في العالم، ولكان قد تلاشى وانعدم تبعاً لذلك منذ تأسيسه ولذلك ليس من المعقول أن يكون هناك إلا إله واحد، وهو الله
2 - الأدلة الطبيعية :
مع اختلاف النباتات بعضها عن بعض الآخر، تتحد جميعاً في الأجزاء الرئيسية الخاصة بها وإذا نظرنا إلى البشر وجدنا أنه وإن كان كل جنس منهم يختلف عن الجنس الآخر في الشكل الخارجي، إلا أنهم يتحدون في جميع الأعضاء وخصائصها وإذا نظرنا إلى المادة بصفة عامة، وجدنا أنها على اختلاف أنواعها تتحد معاً في التركيب العام لذرّاتها، فجميع الذرات " كما يقول العلماء " تشبه المجموعة الشمسية التي نعيش في نطاقها وبما أنه لا يُعقل أن تكون هناك مثل هذه الوحدة العامة بين الكائنات، إلا إذا كان الخالق لها واحداً، فلا شك أنه ليس هناك إلا إله واحد، وهو الله
3 - شهادة الفلاسفة :
شهد معظم الفلاسفة بوحدانية الله، وعدم وجود شريك له، وللاختصار نكتفي بما يأتي :
" أ " فلاسفة اليونان : قال أكسينوفان : لا يوجد إلا إله واحد وقال أيضاً : لو كان لله شريك لما استطاع أن يفعل كل ما يريد وقال مليسوس : اللامتناهي واحد فقط، إذ يمتنع أن يكون هناك شيء خارج اللامتناهي وقال أفلاطون : الله واحد لا شريك له، وإلا لحَدَّ الشريك من سلطته، التي لا يثبت له الكمال إلا إذا كانت لا حد لها وقال أرسطو : مما يدل على وحدانية الله، انتظام العالم وتناسق حركاته
" ب " فلاسفة اليهود : قال موسى بن ميمون : الله واجب الوجود بالبرهان، وهو واحد لا شريك له وقال فيلون : الله واحد لا شريك له
" ج " فلاسفة المسيحية : قال فكتور كوزان : لما كان الله غير متناهٍ، كان هو الموجود الأوحد وقال توما الأكويني : لو كان هناك إلهان لوجب أن يتمايزا فيما بينهما، فيصدق على الواحد شيء لا يصدق على الآخر، ولكان أحدهما تبعاً لذلك عادماً كمالاً، فلا يكون إلهاً وقال ترتليان : إذا لم يكن الله واحداً لا يكون هو الله، لأن الله لا يكون إلا فريداً في العظمة ولا يكون فريداً في العظمة إلا من لا مساوي له، ومن لا مساوي له لا يكون إلا واحداً مفرداً
" د " فلاسفة المسلمين : قال الفارابي : الله واحد وهو واجب الوجود " أي ليس معلولاً بعلة " وقال ابن سينا : للكون إله واحد هو علة كل مَنْ عداه وما عداه من موجودات علوية وسفلية وقال ابن مسكويه : الصانع واحد وهو واجب الوجود
وإذا رجعنا إلى الكتاب المقدس وجدناه يشهد عن وحدانية الله بكل وضوح وجلاء قال الله : أَنَا الْأَّوَلُ وَأَنَا الْآخِرُ وَلَا إِلَهَ غَيْرِي " إشعياء 44 :6 " وقال أيضاً : أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلهٌ مَعِي " تثنية 32 :39 " وقال للذين اتخذوا غيره إلهاً : أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلَا إِلَهَ آخَرَ غَيْرِي؟ إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ لَيْسَ سِوَايَ " إشعياء 45 :21 " ولذلك خاطبه نحميا : أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ " نحميا 9 :6 " وقال موسى : الرَّبَّ هُوَ الْإِله فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ لَيْسَ سِوَاهُ " تثنية 4 :39 " وقال أيضاً : الرَّبُّ إِلهنَا رَبٌّ وَاحِدٌ " تثنية 6 :4 " وقال بولس : لنا إِلهٌ وَاحِدٌ " 1تيموثاوس 2 :5 " وقال يعقوب : اللّهَ وَاحِدٌ " يعقوب 2 :19 "
قناتي ع اليوتيوب
الترتيب الطبيعي لبحثنا هذا يلزمنا بالتحدث عن وحدانية الله قبل التحدث عن صفاته، ولكن استصوبنا أن نرجئ البحث في وحدانيته إلى هذا الباب، لاتصالها بموضوعات الأبواب التالية له إتصالاً وثيقاً وطبعاً ليس هناك اعتراض على أن اسم الله بأل التعريف يدل على أنه تعالى لا شريك له ولا نظير ولكن خشية أن يظن أحد أن هناك أكثر من إله واحد للعالم رأينا من الواجب أن نتحدث فيما يلي عن الأدلة التي تثبت وحدانية الله، وتفرده بالأزلية
1 - الأدلة العقلية
" أ " الكثرةلا توجد في الكائنات إلا حيث يوجد الضعف والانقراض فيها، ليحل واحد من أفرادها عوضاً عن المنقرِض، حفظاً لكيانها وبما أن الله أزلي أبدي، ولا يضعف أو يتغيّر على الإطلاق، فلا يمكن أن يكون هناك سواه
" ب " لو فرضنا أن هناك إلهين، لكان كلٌ منهما متحيزاً بمكان وبما أن المتحيز بمكان لا يكون أزلياً بل حادثاً، فلا يمكن أن يكون أيٌ منهما هو الله، لأن الله لا يتحيز بحيّز فلا يمكن أن يكون هناك إلا إله واحد غير متحيز بمكان وهذا الإله هو الله
" ج " ولو فرضنا أيضاً أن هناك إلهين، لكانا إما قد اتفقا على خلق العالم أو اختلفا فإن كانا قد اتفقا على أن يقوما معاً بهذه المهمة، لما كان كلٌ منهما مستقلاً في عمله وهذا يتعارض مع الألوهية، لأن من مستلزمات الألوهية الاستقلال بالعمل وإن كانا قد اتفقا على اقتسام المهمة المذكورة بينهما لكانت سلطة كل منهما محدودة وإن كانا قد اتفقا على أن أحدهما يعمل دون الآخر لكان أحدهما عاطلاً، وهذا ما يتعارض مع الألوهية كذلك، لأن من مستلزمات الألوهية الحياة والعمل أما إذا كانا قد اختلفا، لما كانت هناك وحدة أو انسجام في العالم، ولكان قد تلاشى وانعدم تبعاً لذلك منذ تأسيسه ولذلك ليس من المعقول أن يكون هناك إلا إله واحد، وهو الله
2 - الأدلة الطبيعية :
مع اختلاف النباتات بعضها عن بعض الآخر، تتحد جميعاً في الأجزاء الرئيسية الخاصة بها وإذا نظرنا إلى البشر وجدنا أنه وإن كان كل جنس منهم يختلف عن الجنس الآخر في الشكل الخارجي، إلا أنهم يتحدون في جميع الأعضاء وخصائصها وإذا نظرنا إلى المادة بصفة عامة، وجدنا أنها على اختلاف أنواعها تتحد معاً في التركيب العام لذرّاتها، فجميع الذرات " كما يقول العلماء " تشبه المجموعة الشمسية التي نعيش في نطاقها وبما أنه لا يُعقل أن تكون هناك مثل هذه الوحدة العامة بين الكائنات، إلا إذا كان الخالق لها واحداً، فلا شك أنه ليس هناك إلا إله واحد، وهو الله
3 - شهادة الفلاسفة :
شهد معظم الفلاسفة بوحدانية الله، وعدم وجود شريك له، وللاختصار نكتفي بما يأتي :
" أ " فلاسفة اليونان : قال أكسينوفان : لا يوجد إلا إله واحد وقال أيضاً : لو كان لله شريك لما استطاع أن يفعل كل ما يريد وقال مليسوس : اللامتناهي واحد فقط، إذ يمتنع أن يكون هناك شيء خارج اللامتناهي وقال أفلاطون : الله واحد لا شريك له، وإلا لحَدَّ الشريك من سلطته، التي لا يثبت له الكمال إلا إذا كانت لا حد لها وقال أرسطو : مما يدل على وحدانية الله، انتظام العالم وتناسق حركاته
" ب " فلاسفة اليهود : قال موسى بن ميمون : الله واجب الوجود بالبرهان، وهو واحد لا شريك له وقال فيلون : الله واحد لا شريك له
" ج " فلاسفة المسيحية : قال فكتور كوزان : لما كان الله غير متناهٍ، كان هو الموجود الأوحد وقال توما الأكويني : لو كان هناك إلهان لوجب أن يتمايزا فيما بينهما، فيصدق على الواحد شيء لا يصدق على الآخر، ولكان أحدهما تبعاً لذلك عادماً كمالاً، فلا يكون إلهاً وقال ترتليان : إذا لم يكن الله واحداً لا يكون هو الله، لأن الله لا يكون إلا فريداً في العظمة ولا يكون فريداً في العظمة إلا من لا مساوي له، ومن لا مساوي له لا يكون إلا واحداً مفرداً
" د " فلاسفة المسلمين : قال الفارابي : الله واحد وهو واجب الوجود " أي ليس معلولاً بعلة " وقال ابن سينا : للكون إله واحد هو علة كل مَنْ عداه وما عداه من موجودات علوية وسفلية وقال ابن مسكويه : الصانع واحد وهو واجب الوجود
وإذا رجعنا إلى الكتاب المقدس وجدناه يشهد عن وحدانية الله بكل وضوح وجلاء قال الله : أَنَا الْأَّوَلُ وَأَنَا الْآخِرُ وَلَا إِلَهَ غَيْرِي " إشعياء 44 :6 " وقال أيضاً : أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلهٌ مَعِي " تثنية 32 :39 " وقال للذين اتخذوا غيره إلهاً : أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلَا إِلَهَ آخَرَ غَيْرِي؟ إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ لَيْسَ سِوَايَ " إشعياء 45 :21 " ولذلك خاطبه نحميا : أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ " نحميا 9 :6 " وقال موسى : الرَّبَّ هُوَ الْإِله فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ لَيْسَ سِوَاهُ " تثنية 4 :39 " وقال أيضاً : الرَّبُّ إِلهنَا رَبٌّ وَاحِدٌ " تثنية 6 :4 " وقال بولس : لنا إِلهٌ وَاحِدٌ " 1تيموثاوس 2 :5 " وقال يعقوب : اللّهَ وَاحِدٌ " يعقوب 2 :19 "
قناتي ع اليوتيوب