" مستعدين
دائما لمجاوبة كل من يسألكم
عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة "
"
أسئلة عن المسيح "
(6)
هل آمنت الكنيسة الأولي
بأنَّ المسيح هو اللَّه؟
القس عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
ــــــــــــــــــــ
- 7 -
يتصوَّر بعض الكتاب ونقَّاد المسيحيّضة ويزعمون أنَّ الكنيسة
المسيحيَّة الأولي لم تؤمنْ بلاهوت المسيح!! وأنَّ هذه العقيدة، عقيدة لاهوت
المسيح، لم تثبتْ في الكنيسة المسيحيَّة إلاَّ بعد مجمع نيقية وبعد أنْ تأثَّر بعض
من قادة الكنيسة بالفكر اليونانيّ والفكر الوثنيّ الذي كان منتشرًا في العالم الوثنيّ
الذي كرَّزوا فيه بالمسيحيَّة!!
كما يزعم هؤلاء النقَّاد
والكتاب أنَّه كان هناك مسيحيُّون حقيقيُّون يُسَمُّونهم بالموحِّدين مثل الأبيونيِّين(1) وبولس
السموساطي(2) وأريوس ونسطوريوس!!
وهؤلاء رفضت الكنيسة فكرهم لأنَّه لا يتَّفق مع فكرها!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خرجت هذه الفئة
بعد خراب الهيكل ودمار أورشليم سنة 70م من جماعة تدعى اليهود المتنصرين ، أو كما
سماهم بعض العلماء ، مثل هيبوليتوس ، المسيحيين اليهود ، لتمسكهم بالعوائد
والتقاليد اليهودية والناموس وحفظهم للسبت على الرغم من احتفالهم بالأحد مع
المسيحيين ! وقد دعاهم رجال الكنيسة بالابيونيين من كلمة ابيون بالعبرية وجمعها
ابيونيم والتي تعني الفقراء لفقر تعاليمهم وحقارتها . يقول عنهم المؤرخ الكنسي
يوسابيوس القيصري " وقد كان الأقدمون محقين إذ دعوهم " ابيونيين " لأنهم اعتقدوا في
المسيح اعتقادات فقيرة ووضيعة " ( يوسابيوس ك 3 : 27) .
(2) كان بولس
السموساطي أسقفا لإنطاكية (في الفترة من 260إلى 268م) وكان له نفوذ سياسي في
الإمبراطورية الرومانية ، كما كان نائبا للملكة زنوبيا ملكة تدمر (بالميرا) والتي
كانت تتبعها إنطاكية في ذلك الوقت . وقد نادى بأن المسيح مجرد بشر وقد صار إلهاً ،
ولكي يوفق بين قوله هذا وبين آيات الكتاب المقدس التي تؤكد على حقيقة لاهوت المسيح
قال أنه صار إلها بالتبني . ويلخص العلماء أفكاره كالآتي :
1 - أن الله واحد وحدانية مطلقة في أقنوم واحد ومع ذلك يمكن أن
نميز فيه الكلمة (اللوجوس) والحكمة ، كصفتان أو قوتان مثل العقل والفكر في الإنسان
( Schaff Vol. 2 : 581 )، وأن اللوجوس خرج من الله وهو يعمل في
الأنبياء وقد حل في المسيح الإنسان منذ ميلاده ولكن بقوة أكبر من الأنبياء ، وهو
هنا يميز بين الكلمة ويسوع .
2 - أن الابن لم يكن موجوداً دائما وأنه أقل من ال
- ( Logos- λογος) وأن
اتحاد الابن مع الكلمة هو اتحاد عن طريق التعليم وليس اتحادا وجودياOntological
، كما أن الابن وجد قبل الأزمنة في علم الله
السابق ، وأن الآب وحده هو الله أما الابن فإله بالنعمة ، وبالتبني لأن الله
تبناه(The Search for p. 70 . ).
ـــــــــــــــــــ
- 8 -
وهذا الكلام الذي يقوله
ويزعمه هؤلاء الكتَّاب والنقَّاد ومن يسير علي دروبِهم هو كلامٌ غير حقيقيّ لا
يستطيع أنْ يُواجه الدليل المنطقيّ الحقيقيّ الموثَّق، إنَّما هو كلام متأثِّر
بفكر المدارس النقديَّة، خاصَّة مدرسة النقد الألمانيَّة، التي لا تؤمنْ أصلاً
بوجود اللَّه! والتي تُنكر الوحي الإلهيّ وكل ما له صلة باللَّه! كما أنَّه متأثِّر
أيضًا بعقائدهم الخاصَّة التي يؤمنون بها ويتمنُّون ويرجون أنْ تكون هي العقائد
الصحيحة، علي حساب المسيحيَّة ! ومن ثمَّ راحوا يعملون بكلِّ جهدهم لإلتقاط جملة
من هنا وفقرة من هناك، بصرف النظر عن قائلها!!
ــــــــــــــــــــ
- 9 -
وموقفه من عقائدهم! لمحاولة تصوير العقيدة المسيحيَّة في لاهوت
المسيح علي أنَّها ليست أصيلة في المسيحيَّة وأنَّها ذات أصلٍ وثنيٍّ!!
ونؤكِّد لهم أيضًا،
وبالدليل الماديّ العلميّ الموثَّق، أنَّ هذه العقيدة، عقيدة لاهوت المسيح، راسخة
في الكتاب المقدَّس بعهدَيه وفي تقليد الكنيسة المسلَّم مرَّة للقدِّيسين من الربِّ
يسوع المسيح نفسه مباشرة والتي ثبَّتها لهم بحلول الروح القدس عليهم، وقد سلَّموها،
هم، بدورهم، بالروح القدس، لتلاميذهم وخلفائهم الذين تعلَّموا علي أيديهم، وهؤلاء
سلَّموها بدورهم لخلفائهم حتَّي مجمع نيقية وما بعده. وأنَّ أولئك الذين زعموا أنَّهم
المسيحيُّون الحقيقيُّون، والذين وصفوهم بالموحِّدين لم يكونوا هم أصحاب العقيدة
المسيحيَّة الصحيحة، كما زعموا، بل كانوا خارجين عن المسيحيَّة وفكر الكتاب المقدَّس،
وأصحاب بدع وهرطقات، وبالرغم من أنَّهم خرجوا عن العقيدة الصحيحة وفكر الكتاب
المقدَّس إلاَّ أنَّهم لم يستطيعوا أنْ يُنكروا عقيدة لاهوت المسيح نهائيًا، بل
آمنوا بلاهوته بصورٍ مختلفةٍ ! فعلي الرغم من إنكار الأبيونيِّين، وكذلك بولس
السموساطي لوجود المسيح الأزليّ بلا بداية، فقد آمنوا أنَّه سَمَا وإرتقي وصار أعلي
من البشر والملائكة، صار رئيسًا للملائكة وإلهًا بالتبنِّي وإستحقَّ أنْ يكون ديَّان
ــــــــــــــــــــ
- 10 -
البشريَّة في
يوم الدينونة!! فهل يقبل هؤلاء النقَّاد مثل هذا الفكر، الذي يزعمون أنَّه الفكر
المسيحيّ الصحيح، والذي لا يوصلهم لما يهدفون إليه ويسعون من أجله؟!
كما آمن آريوس بأنَّ
المسيح هو الإله الذي خلق الكون ومدبِّره وديَّانه، حيث يقول أنَّ اللَّه الذي
يسمو علي كلِّ خليقة وغير المدرك بصورةٍ مطلقةٍ خلق كائنًا وسطًا بينه وبين
الخليقة من جوهر شبيه بجوهره، واستخدم تعبير " شبيه بالآب (الله) في
الجوهر "!! هذا الكائن هو إله ولكن ليس هو اللَّه، وقد خلق اللَّه كلّ ما
في الكون بواسطته فصار هو الإله الفعليّ الذي خَلق الكون ويدبِّره، بل هو الإله
الحقيقيّ المعروف من الخليقة لأنَّ اللَّه غير معروف ولا مُدرك نهائيًا إلاَّ
بواسطة هذا الإله المعروف الذي هو المسيح!!
أمَّا نسطوريوس فلم يُنكر لاهوت المسيح ولا أزليَّته كما يتوهَّم
هؤلاء الكتَّاب والنقَّاد، بل علي العكس تمامًا، فهو يُؤمن بلاهوت المسيح وأزليَّته
وأنَّه هو اللَّه، ولكنَّه أساء التعبير عن سرِّ التجسُّد وكيفية ظهور اللَّه في
الجسد، فبدلاَ من أنْ يستخدم تعبير اتحاد اللاهوت بالناسوت الذي يُؤكِّد وحدة شخص
المسيح كالإله المتجسِّد، إستخدم تعبير مصاحبة اللاهوت للناسوت الذي يُوحي بوجود
مسيحَيْن، المسيح الإله والمسيح الإنسان
ــــــــــــــــــــ
- 11 -
اللذان اتحدا في بطن مريم العذراء منذ اللحظة الأولي للحبل(3) .
فهل يقبل هؤلاء هذا
الفكر أيضًا، سواء الذي نادي به آريوس القسّ الإسكندري أو الذي نادي به نسطوريوس
بطريرك القسطنطينيَّة؟ وكلاهما يُؤمن بلاهوت المسيح ولكن بفكرٍ منحرفٍ عن فكر
الكتاب المقدَّس؟.
والإجابة هي؛ كلا، لأنَّ هذا الفكر سواء الخاصّ بآريوس والذي يُؤمن
بأنَّ المسيح هو إله الكون وخالقه، أو الخاصّ بنسطوريوس والذي يُؤمن بلاهوت
المسيح، المسيح الإله، كما جاء في الكتاب المقدَّس، ولكن لم يستطعْ التعبير الصحيح
عن عقيدة التجسُّد، لا يُناسب فكر هؤلاء الكتَّاب والنقَّاد ولا يُفسح المجال بأيَّة
صورة من الصور لأيَّة عقيدة أخري غير المسيحيَّة!!
فقد آمن تلاميذ المسيح ورسله منذ البدء بما علَّمه لهم الربّ
يسوع المسيح وسلَّمه لهم شخصيًا ثمَّ ثبَّته لهم بالروح القدس الذي أرسله من الآب وحلَّ
عليهم بعد صعوده إلي السماء(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر كتابنا " عقيدة المسيح عبر التاريخ " .
(4) وكان الرب يسوع المسيح
قد وعد تلاميذه بأن يرسل لهم الروح القدس ليقودهم ويرشدهم ويذكرهم بكل ما
علمه لهم ، بل ويعلمهم أمور جديدة " يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم"
(يو26:14) ، " يرشدكم إلى جميع الحق 000 ويخبركم بأمور آتية " (يو14:16)
، لذا قال لهم " أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوةً من الأعالي
" (لو49:24) ، " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي
شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض " (أع8:1)
ــــــــــــــــــــ
- 12 -
وكان إيمان التلاميذ، والذي تسلَّموه من الربِّ يسوع المسيح نفسه،
أنَّ المسيح هو كلمة اللَّه الذي هو اللَّه، الإله القدير، الإله الكائن علي الكلِّ،
الإله المبارك، اللَّه الجالس علي العرش، الإله العظيم والمخلِّص، الإله الحقّ
الذي في حضن الآب بلا بداية ولا نهاية، كلمة اللَّه وصورة جوهره، الواحد مع الآب
في الجوهر، الذي له كلّ ما للآب من طبيعة وصفات وأسماء وعظمة ومجد وكرامة، وأنَّ
الروح القدس الذي هو روح اللَّه هو روح الاِبن أيضًا كما يقول الكتاب " رُوحَ
ابْنِهِ " (غل4/6)، " رُوحِ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ " (في1/19)، وأنَّه هو
الذي يُرسل الروح القدس كما يُرسله الآب " الْمُعَزِّي الَّذِي
سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ
الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يو15/26). وفيما يلي
بعض الآيات التي تؤكِّد ذلك بوضوح:
† " لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا
وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ
عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ" (اش9/6).
† " لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ
اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (أع20/28).
ــــــــــــــــــــ
- 13 -
† " وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ
فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ
الأَبَدِيَّةُ" (1يو5/20).
† " مَجْدِ اللهِ
الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (تي2/13) .
† " وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ
حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ " (رو9/5) .
† " وَأَمَّا عَنْ
الاِبْنِ: كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ" (عب1/8).
† " أَجَابَ تُومَا: (ليسوع المسيح)
«رَبِّي وَإِلَهِي» " (يو20/28).
† " يَسُوعُ الْمَسِيحُ
هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13/8).
† " أَنَا هُوَ الأَلِفُ
وَالْيَاءُ، الْبَِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي
كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" (رؤ1/8).
† " فِي الْبَدْءِ كَانَ
الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.
هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ
لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ." ( يو1/1-3).
† " اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ
اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ
الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ
يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ.
الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ
يَقُومُ الْكُلُّ" (كو1/15-17).
ــــــــــــــــــــ
- 14 -
† " اَللهُ، بَعْدَ مَا
كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ،
كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ - الَّذِي جَعَلَهُ
وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ.الَّذِي،
وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ
بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، " (عب1/1-3).
† " وَلَيْسَ أَحَدٌ
صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ
الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يو3/13).
†" اَللَّهُ لَمْ
يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ
هُوَ خَبَّرَ" (يو1/18).
فهو اِبن اللَّه المولود
من الآب والموجود في ذات الآب قبل كلِّ الدهور، نورٌ من نورِ إله حقّ من إله حقّ؛
يقول الكتاب عنه " اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ
الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يو1/18). " لأَنَّهُ
لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ
وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً»؟" (عب1/5)، ويقول هو
عن نفسه " أَنَا أَعْرِفُهُ (الآب) لأَنِّي
مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي " (يو7/29)، " أَنَا فِي
الآبِ وَالآبَ فِيَّ 000 صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ
فِيَّ وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا." (يو14/10-11)، والواحد مع
الآب " أَنَا
وَالآبُ وَاحِدٌ" (يو10/30) ، وناداه
صوت الآب " هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ
سُرِرْتُ " (مت3/17؛17/5)، وقال له القدِّيس
بطرس بالروح " أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ " (مت16/16)، وكذلك مرثا
أخت لعازر " أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الآتِي
إِلَى الْعَالَمِ"(يو11/27)،
ــــــــــــــــــــ
- 15 -
وعندما سأله رئيس
الكهنة " هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟» قَالَ
لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ
ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِياً عَلَى سَحَابِ
السَّمَاءِ» " (مت26/63- 64).
هذا الإعلان الإلهيّ
عن لاهوت المسيح هو ما جعل اليهود يحاولون قتله مرَّات عديدة ؛ "فَأَجَابَهُمْ
يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ».فَمِنْ أَجْلِ
هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ
يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ
مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللَّهِ. فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً
إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا
يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ
جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ
لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ
وَيُحْيِي كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. لأَنَّ الآبَ لاَ
يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ لِكَيْ
يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ
الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ000لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ
لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ
حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ
الإِنْسَانِ. لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا
يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ فَيَخْرُجُ الَّذِينَ
فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا
السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ. "(يو5/17-29).
ــــــــــــــــــــ
- 16 -
فالمسيح إذًُا هو اِبن
اللَّه الحيّ، اِبن اللَّه الوحيد، الابن الحبيب، كلمة اللَّه وصورة اللَّه غير
المنظور، بهاء مجد اللَّه ورسم جوهره، الإله القدير والإله الحق، الإله العظيم،
الإله المبارك إلي الأبد، ولكنَّه ظهر علي الأرض بعد أنْ تجسَّد ، إتَّخذ جسدًا،
صار جسدًا، ظهر في الجسد بولادته من امرأة، إتَّخذ صورة اللَّه صورة العبد وصار
مثلنا، شابهنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة، صار إنسانًا بالمعني الكامل للكلمة له
كلّ ما للبشر من صفاتٍ وخواصٍ، ويعمل كلّ أعمال البشر يقول الكتاب:
† " وَبِالإِجْمَاعِ
عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ" (1تي3/16) .
† " وَالْكَلِمَةُ صَارَ
جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ
الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً" (يو1/14).
† " وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ
مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ" (غل4/4).
† " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي
صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ.
لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ
النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ
وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ." (في 2/6-8) .
† " فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ
الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا " (عب2/14)، وأنَّه
"مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ" (عب4/15).
ــــــــــــــــــــ
- 17 -
† " لأَنَّهُ يُوجَدُ
إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ
يَسُوعُ الْمَسِيحُ " (1تي5/2).
وبعد أنْ إتَّخذ صورة
اللَّه صورة العبد وصار الكلمة جسدًا، ظهر اللَّه في الجسد، وشابهنا في كلِّ شيءٍ
ما عدا الخطيئة، فقد إحتمل في هذا الجسد، لا بإعتباره الإله ولكن بإعتباره الإله
المتجسِّد، كإنسانٍ، كلّ ما يمكن أنْ يتحمَّله الإنسان من جوعٍ وعطشٍ وألمٍ 00إلخ
حتَّب الموت! لذا يقول الكتاب:
† أنَّه حلَّ بلاهوته في الجسد " لأَنَّهُ
فِيهِ (جسده) سُرَّ انْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ" (كو1/19).
† " فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ
اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً. " (كو2/9).
† جاء في الجسد
" يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ
فِي الْجَسَدِ" (1يو4/2).
†" يَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ" (2يو7).
† جاء من اليهود ومن نسل داود بحسب الجسد " مِنْهُمُ (اليهود) الْمَسِيحُ
حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ " (رو9/5).
† " ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ
مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ "(رو1/3).
† وأنَّه تألَّم في الجسد " فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً
مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، 000 مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي
الرُّوحِ" (1بط3/18).
† " قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ
فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ " (كو1/21-22).
†" الَّذِي، فِي
أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ " (عب5/7) .
ــــــــــــــــــــ
- 18 -
وذلك في إيمانٍ بسيطٍ
دون استخدام مصطلحات لاهوتيَّة أو صياغات لغويَّة أو مناظرات فلسفيَّة. وهكذا كان
أيضًا إيمان الآباء الرسوليِّين، تلاميذ الرسل وخلفائهم، والذين علَّموا بأسلوبهم
وقدَّموا الإيمان في بساطته، كما تسلَّموه من الرسل.
انتظروا الجزء الثاني
دائما لمجاوبة كل من يسألكم
عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة "
"
أسئلة عن المسيح "
(6)
هل آمنت الكنيسة الأولي
بأنَّ المسيح هو اللَّه؟
القس عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
ــــــــــــــــــــ
- 7 -
المسيحيَّة الأولي لم تؤمنْ بلاهوت المسيح!! وأنَّ هذه العقيدة، عقيدة لاهوت
المسيح، لم تثبتْ في الكنيسة المسيحيَّة إلاَّ بعد مجمع نيقية وبعد أنْ تأثَّر بعض
من قادة الكنيسة بالفكر اليونانيّ والفكر الوثنيّ الذي كان منتشرًا في العالم الوثنيّ
الذي كرَّزوا فيه بالمسيحيَّة!!
كما يزعم هؤلاء النقَّاد
والكتاب أنَّه كان هناك مسيحيُّون حقيقيُّون يُسَمُّونهم بالموحِّدين مثل الأبيونيِّين(1) وبولس
السموساطي(2) وأريوس ونسطوريوس!!
وهؤلاء رفضت الكنيسة فكرهم لأنَّه لا يتَّفق مع فكرها!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خرجت هذه الفئة
بعد خراب الهيكل ودمار أورشليم سنة 70م من جماعة تدعى اليهود المتنصرين ، أو كما
سماهم بعض العلماء ، مثل هيبوليتوس ، المسيحيين اليهود ، لتمسكهم بالعوائد
والتقاليد اليهودية والناموس وحفظهم للسبت على الرغم من احتفالهم بالأحد مع
المسيحيين ! وقد دعاهم رجال الكنيسة بالابيونيين من كلمة ابيون بالعبرية وجمعها
ابيونيم والتي تعني الفقراء لفقر تعاليمهم وحقارتها . يقول عنهم المؤرخ الكنسي
يوسابيوس القيصري " وقد كان الأقدمون محقين إذ دعوهم " ابيونيين " لأنهم اعتقدوا في
المسيح اعتقادات فقيرة ووضيعة " ( يوسابيوس ك 3 : 27) .
(2) كان بولس
السموساطي أسقفا لإنطاكية (في الفترة من 260إلى 268م) وكان له نفوذ سياسي في
الإمبراطورية الرومانية ، كما كان نائبا للملكة زنوبيا ملكة تدمر (بالميرا) والتي
كانت تتبعها إنطاكية في ذلك الوقت . وقد نادى بأن المسيح مجرد بشر وقد صار إلهاً ،
ولكي يوفق بين قوله هذا وبين آيات الكتاب المقدس التي تؤكد على حقيقة لاهوت المسيح
قال أنه صار إلها بالتبني . ويلخص العلماء أفكاره كالآتي :
1 - أن الله واحد وحدانية مطلقة في أقنوم واحد ومع ذلك يمكن أن
نميز فيه الكلمة (اللوجوس) والحكمة ، كصفتان أو قوتان مثل العقل والفكر في الإنسان
( Schaff Vol. 2 : 581 )، وأن اللوجوس خرج من الله وهو يعمل في
الأنبياء وقد حل في المسيح الإنسان منذ ميلاده ولكن بقوة أكبر من الأنبياء ، وهو
هنا يميز بين الكلمة ويسوع .
2 - أن الابن لم يكن موجوداً دائما وأنه أقل من ال
- ( Logos- λογος) وأن
اتحاد الابن مع الكلمة هو اتحاد عن طريق التعليم وليس اتحادا وجودياOntological
، كما أن الابن وجد قبل الأزمنة في علم الله
السابق ، وأن الآب وحده هو الله أما الابن فإله بالنعمة ، وبالتبني لأن الله
تبناه(The Search for p. 70 . ).
ـــــــــــــــــــ
- 8 -
وهذا الكلام الذي يقوله
ويزعمه هؤلاء الكتَّاب والنقَّاد ومن يسير علي دروبِهم هو كلامٌ غير حقيقيّ لا
يستطيع أنْ يُواجه الدليل المنطقيّ الحقيقيّ الموثَّق، إنَّما هو كلام متأثِّر
بفكر المدارس النقديَّة، خاصَّة مدرسة النقد الألمانيَّة، التي لا تؤمنْ أصلاً
بوجود اللَّه! والتي تُنكر الوحي الإلهيّ وكل ما له صلة باللَّه! كما أنَّه متأثِّر
أيضًا بعقائدهم الخاصَّة التي يؤمنون بها ويتمنُّون ويرجون أنْ تكون هي العقائد
الصحيحة، علي حساب المسيحيَّة ! ومن ثمَّ راحوا يعملون بكلِّ جهدهم لإلتقاط جملة
من هنا وفقرة من هناك، بصرف النظر عن قائلها!!
ــــــــــــــــــــ
- 9 -
وموقفه من عقائدهم! لمحاولة تصوير العقيدة المسيحيَّة في لاهوت
المسيح علي أنَّها ليست أصيلة في المسيحيَّة وأنَّها ذات أصلٍ وثنيٍّ!!
ونؤكِّد لهم أيضًا،
وبالدليل الماديّ العلميّ الموثَّق، أنَّ هذه العقيدة، عقيدة لاهوت المسيح، راسخة
في الكتاب المقدَّس بعهدَيه وفي تقليد الكنيسة المسلَّم مرَّة للقدِّيسين من الربِّ
يسوع المسيح نفسه مباشرة والتي ثبَّتها لهم بحلول الروح القدس عليهم، وقد سلَّموها،
هم، بدورهم، بالروح القدس، لتلاميذهم وخلفائهم الذين تعلَّموا علي أيديهم، وهؤلاء
سلَّموها بدورهم لخلفائهم حتَّي مجمع نيقية وما بعده. وأنَّ أولئك الذين زعموا أنَّهم
المسيحيُّون الحقيقيُّون، والذين وصفوهم بالموحِّدين لم يكونوا هم أصحاب العقيدة
المسيحيَّة الصحيحة، كما زعموا، بل كانوا خارجين عن المسيحيَّة وفكر الكتاب المقدَّس،
وأصحاب بدع وهرطقات، وبالرغم من أنَّهم خرجوا عن العقيدة الصحيحة وفكر الكتاب
المقدَّس إلاَّ أنَّهم لم يستطيعوا أنْ يُنكروا عقيدة لاهوت المسيح نهائيًا، بل
آمنوا بلاهوته بصورٍ مختلفةٍ ! فعلي الرغم من إنكار الأبيونيِّين، وكذلك بولس
السموساطي لوجود المسيح الأزليّ بلا بداية، فقد آمنوا أنَّه سَمَا وإرتقي وصار أعلي
من البشر والملائكة، صار رئيسًا للملائكة وإلهًا بالتبنِّي وإستحقَّ أنْ يكون ديَّان
ــــــــــــــــــــ
- 10 -
البشريَّة في
يوم الدينونة!! فهل يقبل هؤلاء النقَّاد مثل هذا الفكر، الذي يزعمون أنَّه الفكر
المسيحيّ الصحيح، والذي لا يوصلهم لما يهدفون إليه ويسعون من أجله؟!
كما آمن آريوس بأنَّ
المسيح هو الإله الذي خلق الكون ومدبِّره وديَّانه، حيث يقول أنَّ اللَّه الذي
يسمو علي كلِّ خليقة وغير المدرك بصورةٍ مطلقةٍ خلق كائنًا وسطًا بينه وبين
الخليقة من جوهر شبيه بجوهره، واستخدم تعبير " شبيه بالآب (الله) في
الجوهر "!! هذا الكائن هو إله ولكن ليس هو اللَّه، وقد خلق اللَّه كلّ ما
في الكون بواسطته فصار هو الإله الفعليّ الذي خَلق الكون ويدبِّره، بل هو الإله
الحقيقيّ المعروف من الخليقة لأنَّ اللَّه غير معروف ولا مُدرك نهائيًا إلاَّ
بواسطة هذا الإله المعروف الذي هو المسيح!!
أمَّا نسطوريوس فلم يُنكر لاهوت المسيح ولا أزليَّته كما يتوهَّم
هؤلاء الكتَّاب والنقَّاد، بل علي العكس تمامًا، فهو يُؤمن بلاهوت المسيح وأزليَّته
وأنَّه هو اللَّه، ولكنَّه أساء التعبير عن سرِّ التجسُّد وكيفية ظهور اللَّه في
الجسد، فبدلاَ من أنْ يستخدم تعبير اتحاد اللاهوت بالناسوت الذي يُؤكِّد وحدة شخص
المسيح كالإله المتجسِّد، إستخدم تعبير مصاحبة اللاهوت للناسوت الذي يُوحي بوجود
مسيحَيْن، المسيح الإله والمسيح الإنسان
ــــــــــــــــــــ
- 11 -
اللذان اتحدا في بطن مريم العذراء منذ اللحظة الأولي للحبل(3) .
فهل يقبل هؤلاء هذا
الفكر أيضًا، سواء الذي نادي به آريوس القسّ الإسكندري أو الذي نادي به نسطوريوس
بطريرك القسطنطينيَّة؟ وكلاهما يُؤمن بلاهوت المسيح ولكن بفكرٍ منحرفٍ عن فكر
الكتاب المقدَّس؟.
والإجابة هي؛ كلا، لأنَّ هذا الفكر سواء الخاصّ بآريوس والذي يُؤمن
بأنَّ المسيح هو إله الكون وخالقه، أو الخاصّ بنسطوريوس والذي يُؤمن بلاهوت
المسيح، المسيح الإله، كما جاء في الكتاب المقدَّس، ولكن لم يستطعْ التعبير الصحيح
عن عقيدة التجسُّد، لا يُناسب فكر هؤلاء الكتَّاب والنقَّاد ولا يُفسح المجال بأيَّة
صورة من الصور لأيَّة عقيدة أخري غير المسيحيَّة!!
فقد آمن تلاميذ المسيح ورسله منذ البدء بما علَّمه لهم الربّ
يسوع المسيح وسلَّمه لهم شخصيًا ثمَّ ثبَّته لهم بالروح القدس الذي أرسله من الآب وحلَّ
عليهم بعد صعوده إلي السماء(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر كتابنا " عقيدة المسيح عبر التاريخ " .
(4) وكان الرب يسوع المسيح
قد وعد تلاميذه بأن يرسل لهم الروح القدس ليقودهم ويرشدهم ويذكرهم بكل ما
علمه لهم ، بل ويعلمهم أمور جديدة " يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم"
(يو26:14) ، " يرشدكم إلى جميع الحق 000 ويخبركم بأمور آتية " (يو14:16)
، لذا قال لهم " أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوةً من الأعالي
" (لو49:24) ، " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي
شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض " (أع8:1)
ــــــــــــــــــــ
- 12 -
وكان إيمان التلاميذ، والذي تسلَّموه من الربِّ يسوع المسيح نفسه،
أنَّ المسيح هو كلمة اللَّه الذي هو اللَّه، الإله القدير، الإله الكائن علي الكلِّ،
الإله المبارك، اللَّه الجالس علي العرش، الإله العظيم والمخلِّص، الإله الحقّ
الذي في حضن الآب بلا بداية ولا نهاية، كلمة اللَّه وصورة جوهره، الواحد مع الآب
في الجوهر، الذي له كلّ ما للآب من طبيعة وصفات وأسماء وعظمة ومجد وكرامة، وأنَّ
الروح القدس الذي هو روح اللَّه هو روح الاِبن أيضًا كما يقول الكتاب " رُوحَ
ابْنِهِ " (غل4/6)، " رُوحِ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ " (في1/19)، وأنَّه هو
الذي يُرسل الروح القدس كما يُرسله الآب " الْمُعَزِّي الَّذِي
سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ
الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يو15/26). وفيما يلي
بعض الآيات التي تؤكِّد ذلك بوضوح:
† " لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا
وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ
عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ" (اش9/6).
† " لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ
اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (أع20/28).
ــــــــــــــــــــ
- 13 -
† " وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ
فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ
الأَبَدِيَّةُ" (1يو5/20).
† " مَجْدِ اللهِ
الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (تي2/13) .
† " وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ
حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ " (رو9/5) .
† " وَأَمَّا عَنْ
الاِبْنِ: كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ" (عب1/8).
† " أَجَابَ تُومَا: (ليسوع المسيح)
«رَبِّي وَإِلَهِي» " (يو20/28).
† " يَسُوعُ الْمَسِيحُ
هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13/8).
† " أَنَا هُوَ الأَلِفُ
وَالْيَاءُ، الْبَِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي
كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" (رؤ1/8).
† " فِي الْبَدْءِ كَانَ
الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.
هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ
لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ." ( يو1/1-3).
† " اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ
اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ
الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ
يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ.
الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ
يَقُومُ الْكُلُّ" (كو1/15-17).
ــــــــــــــــــــ
- 14 -
† " اَللهُ، بَعْدَ مَا
كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ،
كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ - الَّذِي جَعَلَهُ
وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ.الَّذِي،
وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ
بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، " (عب1/1-3).
† " وَلَيْسَ أَحَدٌ
صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ
الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يو3/13).
†" اَللَّهُ لَمْ
يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ
هُوَ خَبَّرَ" (يو1/18).
فهو اِبن اللَّه المولود
من الآب والموجود في ذات الآب قبل كلِّ الدهور، نورٌ من نورِ إله حقّ من إله حقّ؛
يقول الكتاب عنه " اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ
الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يو1/18). " لأَنَّهُ
لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ
وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً»؟" (عب1/5)، ويقول هو
عن نفسه " أَنَا أَعْرِفُهُ (الآب) لأَنِّي
مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي " (يو7/29)، " أَنَا فِي
الآبِ وَالآبَ فِيَّ 000 صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ
فِيَّ وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا." (يو14/10-11)، والواحد مع
الآب " أَنَا
وَالآبُ وَاحِدٌ" (يو10/30) ، وناداه
صوت الآب " هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ
سُرِرْتُ " (مت3/17؛17/5)، وقال له القدِّيس
بطرس بالروح " أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ " (مت16/16)، وكذلك مرثا
أخت لعازر " أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الآتِي
إِلَى الْعَالَمِ"(يو11/27)،
ــــــــــــــــــــ
- 15 -
وعندما سأله رئيس
الكهنة " هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟» قَالَ
لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ
ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِياً عَلَى سَحَابِ
السَّمَاءِ» " (مت26/63- 64).
هذا الإعلان الإلهيّ
عن لاهوت المسيح هو ما جعل اليهود يحاولون قتله مرَّات عديدة ؛ "فَأَجَابَهُمْ
يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ».فَمِنْ أَجْلِ
هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ
يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ
مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللَّهِ. فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً
إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا
يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ
جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ
لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ
وَيُحْيِي كَذَلِكَ الاِبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. لأَنَّ الآبَ لاَ
يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ لِكَيْ
يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الاِبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ
الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ000لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ
لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ
حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ
الإِنْسَانِ. لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا
يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ فَيَخْرُجُ الَّذِينَ
فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا
السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ. "(يو5/17-29).
ــــــــــــــــــــ
- 16 -
فالمسيح إذًُا هو اِبن
اللَّه الحيّ، اِبن اللَّه الوحيد، الابن الحبيب، كلمة اللَّه وصورة اللَّه غير
المنظور، بهاء مجد اللَّه ورسم جوهره، الإله القدير والإله الحق، الإله العظيم،
الإله المبارك إلي الأبد، ولكنَّه ظهر علي الأرض بعد أنْ تجسَّد ، إتَّخذ جسدًا،
صار جسدًا، ظهر في الجسد بولادته من امرأة، إتَّخذ صورة اللَّه صورة العبد وصار
مثلنا، شابهنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة، صار إنسانًا بالمعني الكامل للكلمة له
كلّ ما للبشر من صفاتٍ وخواصٍ، ويعمل كلّ أعمال البشر يقول الكتاب:
† " وَبِالإِجْمَاعِ
عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ" (1تي3/16) .
† " وَالْكَلِمَةُ صَارَ
جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ
الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً" (يو1/14).
† " وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ
مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ" (غل4/4).
† " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي
صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ.
لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ
النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ
وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ." (في 2/6-8) .
† " فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ
الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا " (عب2/14)، وأنَّه
"مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ" (عب4/15).
ــــــــــــــــــــ
- 17 -
† " لأَنَّهُ يُوجَدُ
إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ
يَسُوعُ الْمَسِيحُ " (1تي5/2).
وبعد أنْ إتَّخذ صورة
اللَّه صورة العبد وصار الكلمة جسدًا، ظهر اللَّه في الجسد، وشابهنا في كلِّ شيءٍ
ما عدا الخطيئة، فقد إحتمل في هذا الجسد، لا بإعتباره الإله ولكن بإعتباره الإله
المتجسِّد، كإنسانٍ، كلّ ما يمكن أنْ يتحمَّله الإنسان من جوعٍ وعطشٍ وألمٍ 00إلخ
حتَّب الموت! لذا يقول الكتاب:
† أنَّه حلَّ بلاهوته في الجسد " لأَنَّهُ
فِيهِ (جسده) سُرَّ انْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ" (كو1/19).
† " فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ
اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً. " (كو2/9).
† جاء في الجسد
" يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ
فِي الْجَسَدِ" (1يو4/2).
†" يَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ" (2يو7).
† جاء من اليهود ومن نسل داود بحسب الجسد " مِنْهُمُ (اليهود) الْمَسِيحُ
حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ " (رو9/5).
† " ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ
مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ "(رو1/3).
† وأنَّه تألَّم في الجسد " فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً
مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، 000 مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي
الرُّوحِ" (1بط3/18).
† " قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ
فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ " (كو1/21-22).
†" الَّذِي، فِي
أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ " (عب5/7) .
ــــــــــــــــــــ
- 18 -
وذلك في إيمانٍ بسيطٍ
دون استخدام مصطلحات لاهوتيَّة أو صياغات لغويَّة أو مناظرات فلسفيَّة. وهكذا كان
أيضًا إيمان الآباء الرسوليِّين، تلاميذ الرسل وخلفائهم، والذين علَّموا بأسلوبهم
وقدَّموا الإيمان في بساطته، كما تسلَّموه من الرسل.
انتظروا الجزء الثاني
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |