تحتفل الكنيسة القبطية بعيد القديسة
برتانوبا Bertanouba في 21 من طوبة (سنكسار رينيه باسيه). قصة هذه الصبية العذراء
تكشف عن مدى اهتمام الكثيرين بحياة البتولية والطهارة. قيل أن هذه الصبية كانت
جميلة المنظر جدًا، عاشت في روما وأحبت حياة البتولية، فالتحقت بدير العذارى بجبل
روما وهي في الثانية عشرة من عمرها. سمع عنها الإمبراطور قسطنطين فأرسل رجاله
يستدعيها، هؤلاء الذين تعجبوا عند رؤيتهم لها، فأخذوها دون مشورة الأم رئيسة دير
العذارى، وكانت العذارى يبكين إياها، وكانت هي تطلب إليهن الصلاة من أجلها حتى
يخلصها الرب من هذه التجربة. أمام الإمبراطور قسطنطين وقفت أمام الملك قسطنطين وكان
قلبها منسحبًا نحو السماء، وفكرها منشغلاً بالصلاة الخفية لله. سجدت أمام الملك حتى
الأرض ثم قامت لتنظر صليبًا من ذهب على كرسيه فتقوى قلبها جدًا، أما هو فإذ نظرها
جميلة جدًا فرح بها وطلب منهم أن تدخل حجرته حتى يلتقي بها. دخل الملك حجرته، فسجدت
برتانوبا قدامه، وقامت تحييه قائلة: "عش يا سيدي الملك". أجابها: "إنني أريد أن
أرفعك يا برتانوبا وأشرفك، فقد تركت كل نساء العالم وطلبتك زوجة لي، لا لتكوني أمة
بل سيدة حرة خالصة، تملكي الذهب الغالي والفضة النقية وتتزيني بالحلي والحجارة
الكريمة والجواهر الثمينة واللؤلؤ الكثير الثمن وترتدي الثياب الفاخرة، وتلدي لي
بنين كصورتك وشكلك يملكوا من بعدي...". إذ أنهى حديثه قالت له دون أن ترفع وجهها
نحوه قط، وكانت عيناها تدمعان: "اسمع قولي أولاً يا سيدي الملك، فإنني أنا عبدتك
وبين يديك، وها أنت قد وعدتني بكرامات تفوق مقداري؛ إنني أسأل الله الذي منح داود
المملكة وأيّد سليمان بالحكمة، ووهبك أن ترى صليبه المقدس أن يحفظك على كرسيك أزمنة
عديدة سالمة ويخضع أمامك سلاطين الأرض وملوك العالم؛ أخبرني يا سيدي الملك وأرشدني
في الحكم، لو أن إنسانا خطب امرأة في هذا العالم فصارت له، ووهبها الطعام والكسوة،
وخضعت لسلطانه، ويعدها لتذهب معه مدينته، ثم جاء آخر ليغتصبها منه، فما هو حكم
قانون الروم في ذلك؟" أجابها الملك: "من تعدى وفعل هذا فهو ضال، وليس مسيحيًا".
أجابته برتانوبا وهي ساجدة على الأرض: "سيدي الملك نطق بالحق، وأصاب في خطابه، فإن
كنت تحكم بالعدل بأن هذا الإنسان يموت فماذا تقول إن اغتصبت من ملك السماء والأرض
عبدته وعروسه لتهينها... وأي عذر لك تحتج به متى افتقدك ذاك الذي وهبك هذا المجد
العظيم؟" إذ سمع الملك قولها أدرك حكمتها وتعقلها، وإذ كان يخاف الله سمح لها
بالعودة إلى ديرها، فعادت تمجد الله على صنيعه معها. مع ملك الفرس سمع عنها ملك
الفرس فأرسل جماعة من الجند إلى الدير يتظاهرون بطلب البركة، وهناك تعرفوا عليها
وخطفوها وهربوا بها قبل أن يسمع الملك الروماني. وجدت القديسة نفسها في موقف لا
تُحسد عليه، إذ صارت في حضرة ملك وثني لا يخاف الله ولا يرحم دموعها. رآها الملك
فأُعجب بجمالها جدًا، أما هي فلم تنظر إلى شيء مما هو حولها في البلاط، وإنما كان
قلبها ملتهبًا بحب السيد المسيح، مرتفعًا معه في سماواته. قال لها الملك: "أنت
برتانوبا التي وصل خبر جمالها وصيتها إليّ، فلم أستطع أن أنام بسببها. اليوم قد
نلتِ طلبتي، وها أنا أكتب لكِ ثلاثين مدينة تسودين عليها، وأسلم بين يديك مفاتيح
خزائن أموالي لتملكي معي أرض فارس وحجارتها الكريمة وجواهرها الثمينة، وتصيري لي
زوجة حرة، يتعبد لكِ جنودي، ويكون الكل تحت سلطانك في طاعتك". أجابته برتانوبا: "إن
كنت قد أعجبتك وصلحت لك أنا عبدتك وأحببتني هكذا وأنا بين يديك فإنني مسرورة، لكنني
قد تعبت كثيرًا في الطريق من أجل السفر الصعب ، وثيابي قد اتسخت، وغدًا عيد إلهي.
فأنا محتاجة إلى ثياب وبخور وطيب لاغتسل وأكون نقية ونظيفة كما يليق بكرامتك، كما
احتاج إلى موضع منفرد وحطب لأقدم لإلهي قربانًا قبل دخولي إليك. كما قد أريدك أن
تقضي لي طلبتي في أمر آخر كي تكمل مسرتي إن كنتُ قد نلتُ إعجابك". بسبب شهوته
الشريرة قال لها وهو مسرور للغاية: "سأقضي لكِ كل ما تطلبين بفرحٍ". قالت له: "لقد
خطر بفكري إني سأموت قبلك، وهذا هو فرحي وعزي، لذا أريدك أن تقسم لي بمعبوداتك
المعظمة اليوم الذي أموت فيه تأمر بحمل جسدي إلى كورتي وتسلمه إلى أخواتي كي
يدفنونني في مقبرة آبائي؛ هذا هو الفضل الكبير الذي تصنعه معي". عندئذ نهض الملك
بفرح وأقسم لها بآلهته ومعبوداته أن يحقق لها طلباتها. ثم خرج ليأمر رجاله أن
يقدموا لها الثياب الفاخرة والطيب والبخور مع حطب وماء في موضعٍ منعزلٍ، وأمر أن
يوقد لها النار ويتركونها. قامت الفتاة وغسلت وجهها ويديها ورجليها وبقيت بثيابها
الرهبانية كما هي وارتدت ثوبًا أبيض فوقها، وصارت تصلي إلى السيد المسيح وهي ترشم
ذاتها بعلامة الصليب لتعلن أنها تقبل الموت من أجله كما مات لأجلها، وأن يقبل
حياتها ذبيحة حب قبل أن يدنسها الملك الوثني ويفسد عفتها وطهارتها ويكسر نذرها. ثم
دخلت النار بفرح لتلتصق ثيابها بجسدها وتسلم الروح دون أن تُحرق شعرة واحدة منها.
إذ تأخرت كثيرًا دخل الخصيان إلى الموضع ليجدوها كمن هي نائمة وسط النار فبكوها
بمرارة، ولم يجسروا أن يخبروا الملك بالأمر حتى قلق لتأخرها وذهب بنفسه ليجدها
هكذا، فحزن عليها جدًا، ومن أجل قسمة أرسل جسدها إلى دير الراهبات بعد أن وضعه في
ثياب ملوكية. وحدّث الرجال حاملوا الجسد الراهبات بما حدث لها فمجدن الراهبات عمل
الله معها.
برتانوبا Bertanouba في 21 من طوبة (سنكسار رينيه باسيه). قصة هذه الصبية العذراء
تكشف عن مدى اهتمام الكثيرين بحياة البتولية والطهارة. قيل أن هذه الصبية كانت
جميلة المنظر جدًا، عاشت في روما وأحبت حياة البتولية، فالتحقت بدير العذارى بجبل
روما وهي في الثانية عشرة من عمرها. سمع عنها الإمبراطور قسطنطين فأرسل رجاله
يستدعيها، هؤلاء الذين تعجبوا عند رؤيتهم لها، فأخذوها دون مشورة الأم رئيسة دير
العذارى، وكانت العذارى يبكين إياها، وكانت هي تطلب إليهن الصلاة من أجلها حتى
يخلصها الرب من هذه التجربة. أمام الإمبراطور قسطنطين وقفت أمام الملك قسطنطين وكان
قلبها منسحبًا نحو السماء، وفكرها منشغلاً بالصلاة الخفية لله. سجدت أمام الملك حتى
الأرض ثم قامت لتنظر صليبًا من ذهب على كرسيه فتقوى قلبها جدًا، أما هو فإذ نظرها
جميلة جدًا فرح بها وطلب منهم أن تدخل حجرته حتى يلتقي بها. دخل الملك حجرته، فسجدت
برتانوبا قدامه، وقامت تحييه قائلة: "عش يا سيدي الملك". أجابها: "إنني أريد أن
أرفعك يا برتانوبا وأشرفك، فقد تركت كل نساء العالم وطلبتك زوجة لي، لا لتكوني أمة
بل سيدة حرة خالصة، تملكي الذهب الغالي والفضة النقية وتتزيني بالحلي والحجارة
الكريمة والجواهر الثمينة واللؤلؤ الكثير الثمن وترتدي الثياب الفاخرة، وتلدي لي
بنين كصورتك وشكلك يملكوا من بعدي...". إذ أنهى حديثه قالت له دون أن ترفع وجهها
نحوه قط، وكانت عيناها تدمعان: "اسمع قولي أولاً يا سيدي الملك، فإنني أنا عبدتك
وبين يديك، وها أنت قد وعدتني بكرامات تفوق مقداري؛ إنني أسأل الله الذي منح داود
المملكة وأيّد سليمان بالحكمة، ووهبك أن ترى صليبه المقدس أن يحفظك على كرسيك أزمنة
عديدة سالمة ويخضع أمامك سلاطين الأرض وملوك العالم؛ أخبرني يا سيدي الملك وأرشدني
في الحكم، لو أن إنسانا خطب امرأة في هذا العالم فصارت له، ووهبها الطعام والكسوة،
وخضعت لسلطانه، ويعدها لتذهب معه مدينته، ثم جاء آخر ليغتصبها منه، فما هو حكم
قانون الروم في ذلك؟" أجابها الملك: "من تعدى وفعل هذا فهو ضال، وليس مسيحيًا".
أجابته برتانوبا وهي ساجدة على الأرض: "سيدي الملك نطق بالحق، وأصاب في خطابه، فإن
كنت تحكم بالعدل بأن هذا الإنسان يموت فماذا تقول إن اغتصبت من ملك السماء والأرض
عبدته وعروسه لتهينها... وأي عذر لك تحتج به متى افتقدك ذاك الذي وهبك هذا المجد
العظيم؟" إذ سمع الملك قولها أدرك حكمتها وتعقلها، وإذ كان يخاف الله سمح لها
بالعودة إلى ديرها، فعادت تمجد الله على صنيعه معها. مع ملك الفرس سمع عنها ملك
الفرس فأرسل جماعة من الجند إلى الدير يتظاهرون بطلب البركة، وهناك تعرفوا عليها
وخطفوها وهربوا بها قبل أن يسمع الملك الروماني. وجدت القديسة نفسها في موقف لا
تُحسد عليه، إذ صارت في حضرة ملك وثني لا يخاف الله ولا يرحم دموعها. رآها الملك
فأُعجب بجمالها جدًا، أما هي فلم تنظر إلى شيء مما هو حولها في البلاط، وإنما كان
قلبها ملتهبًا بحب السيد المسيح، مرتفعًا معه في سماواته. قال لها الملك: "أنت
برتانوبا التي وصل خبر جمالها وصيتها إليّ، فلم أستطع أن أنام بسببها. اليوم قد
نلتِ طلبتي، وها أنا أكتب لكِ ثلاثين مدينة تسودين عليها، وأسلم بين يديك مفاتيح
خزائن أموالي لتملكي معي أرض فارس وحجارتها الكريمة وجواهرها الثمينة، وتصيري لي
زوجة حرة، يتعبد لكِ جنودي، ويكون الكل تحت سلطانك في طاعتك". أجابته برتانوبا: "إن
كنت قد أعجبتك وصلحت لك أنا عبدتك وأحببتني هكذا وأنا بين يديك فإنني مسرورة، لكنني
قد تعبت كثيرًا في الطريق من أجل السفر الصعب ، وثيابي قد اتسخت، وغدًا عيد إلهي.
فأنا محتاجة إلى ثياب وبخور وطيب لاغتسل وأكون نقية ونظيفة كما يليق بكرامتك، كما
احتاج إلى موضع منفرد وحطب لأقدم لإلهي قربانًا قبل دخولي إليك. كما قد أريدك أن
تقضي لي طلبتي في أمر آخر كي تكمل مسرتي إن كنتُ قد نلتُ إعجابك". بسبب شهوته
الشريرة قال لها وهو مسرور للغاية: "سأقضي لكِ كل ما تطلبين بفرحٍ". قالت له: "لقد
خطر بفكري إني سأموت قبلك، وهذا هو فرحي وعزي، لذا أريدك أن تقسم لي بمعبوداتك
المعظمة اليوم الذي أموت فيه تأمر بحمل جسدي إلى كورتي وتسلمه إلى أخواتي كي
يدفنونني في مقبرة آبائي؛ هذا هو الفضل الكبير الذي تصنعه معي". عندئذ نهض الملك
بفرح وأقسم لها بآلهته ومعبوداته أن يحقق لها طلباتها. ثم خرج ليأمر رجاله أن
يقدموا لها الثياب الفاخرة والطيب والبخور مع حطب وماء في موضعٍ منعزلٍ، وأمر أن
يوقد لها النار ويتركونها. قامت الفتاة وغسلت وجهها ويديها ورجليها وبقيت بثيابها
الرهبانية كما هي وارتدت ثوبًا أبيض فوقها، وصارت تصلي إلى السيد المسيح وهي ترشم
ذاتها بعلامة الصليب لتعلن أنها تقبل الموت من أجله كما مات لأجلها، وأن يقبل
حياتها ذبيحة حب قبل أن يدنسها الملك الوثني ويفسد عفتها وطهارتها ويكسر نذرها. ثم
دخلت النار بفرح لتلتصق ثيابها بجسدها وتسلم الروح دون أن تُحرق شعرة واحدة منها.
إذ تأخرت كثيرًا دخل الخصيان إلى الموضع ليجدوها كمن هي نائمة وسط النار فبكوها
بمرارة، ولم يجسروا أن يخبروا الملك بالأمر حتى قلق لتأخرها وذهب بنفسه ليجدها
هكذا، فحزن عليها جدًا، ومن أجل قسمة أرسل جسدها إلى دير الراهبات بعد أن وضعه في
ثياب ملوكية. وحدّث الرجال حاملوا الجسد الراهبات بما حدث لها فمجدن الراهبات عمل
الله معها.