الأحد 11 أكتوبر 2015 - 23:35 من طرف ashraf zaher
كـيف تتحول الوصايا إلى حياة
بقلم: قداسة البابا شنودة الثالث
إن
الدين ليس مجرد معلومات, ولامجرد امتلاء من المعرفة الدينية,
فالمعرفة
وحدها لاتكفي, ماذا يستفيد الانسان ان كان يعرف كل المعلومات عن
الفضيلة,
دون ان يسلك في حياة الفضيلة ؟! إذن لابد ان تتحول المعرفة
الي ممارسة,
وتحول المعلومات الي عمل, وبالتالي تصبح حياة.
نقول
هذا لان كثيرين يواظبون علي قراءة الكتب الدينية,
ويحرصون علي حضور
الاجتماعات الروحية في دورالعبادة
ومع ذلك حياتهم هي كما هي دون تقدم,
يعيشون بنفس الاخطاء التي يقعون فيها باستمرار,
وتنقصهم بعض الفضائل
التي يحتاجون اليها دون ان يخطوا خطوات عملية للحصول علي تلك الفضائل.
من هنا كان لابد للانسان من بعض خطوات عملية يقوم بها لكي يبدأ القيام
بإصلاح ذاته روحيا.
لابد للانسان الذي يحرص علي خلاص نفسه من ان
يخلو بعض الاوقات
الي نفسه يفتشها ويفحصها ويعرف في اي طريق تسير.
وهذه
هي فضيلة محاسبة النفس, اما الذي يترك نفسه بلا مراقبة ولامحاسبة
ولادراية بأي طريق تسلك,
فهو شخص غريب عن نفسه غير مبال بأبديته,
وماأعجب الحكمة التي تقول اعرف نفسك.
اذا عرف الانسان نفسه, وعرف
عيوبه واخطاءه ونقائصه,
فسيبدأ حينئذ بالعمل علي تقويم ذاته وعدم السماح
لنفسه بأن تسلك حسب هواها,
وهنا يدخل في فضيلة اخري هي ضبط النفس,
وفي
هذه الحالة يجاهد مع نفسه كيلا تنحرف ارادته للخطأ,
ويجاهد مع الله في
الصلاة طالبا نعمة ترشده وتقويه.
كثيرون يستخدمون في هذا المجال
التداريب الروحية:
اي ان يدرب نفسه علي فضيلة لكي يقتنيها أو يدرب نفسه
علي ترك خطية معينة يقع فيها,
ونحن ننصح القاريء العزيز اذا كشف له أحد
الاشخاص عيبا موجودا فيه,
ألايتضايق من ذلك بل يشكر ذلك الشخص لانه
ينبهه الي شيءعليه ان يجاهد لكي يتركه.
في جلوس الانسان مع
نفسه, عليه ان يكون صريحا مع ذاته الي ابعد الحدود,
ولا يحاول ان يغطي
اخطاءه بالتبريرات او التماس الاعذار,
فالذي يبرر نفسه, يبقي دائما
حيث هو. لايصلح من ذاته شيئا,
لانه يري ذاته جميلة في عينيه بلاعيب,
اما اذا اعترف في داخل نفسه بأنه يقع احيانا في اخطاء معينة,
حينئذ
يمكنه التدرج علي ترك تلك الاخطاء.
ان التداريب الروحية وسيلة عملية
تحول وصايا الله الي حياة,
ولاتبقي الوصايا مجرد معلومات يشتاق اليها
الانسان دون ان يدركها,
و ينبغي ان يكون التدريب في حدود طاقة
الارادة,
فلا يدرب احد ذاته علي فضيلة فوق مستواه, او علي درجة اعلي
من قامته,
انما الفضائل الكبري يسعي اليها الانسان خطوة خطوة في حدود
الممكن, وبهذا لايشعر بالفشل والاحباط اذا قفز إلي
اعلي مما هو فوق
مستواه.
وليكن التدريب محددا وواضحا فلا تقل مثلا اني اريد ان ادرب
نفسي
علي حياة التواضع او الوداعة او الايمان, بينما تكون كل كلمة من
هذه
الكلمات غير واضحة في تفاصيلها امامك وهكذا لاتفعل شيئا,
انما قل
مثلا اريد في حياة الاتضاع ان ادرب نفسي علي امرواحد
وهو انني لاامدح ذاتي
امام الآخرين.
وكذلك لاتقل اريد أن ادرب نفسي علي ترك اخطاء
الكلام,
فهذا موضوع طويل له تفاصيل عديدة قد لاتستطيع ان تصل اليها
دفعةواحدة,
انما قل مثلا اريد ان ادرب نفسي علي عدم مسك سيرة الناس,
او
اريد ان اتدرب علي الالفاظ الهادئة غير الجارحة
او قل اريد ان اتدرب علي
الكلام بقدر وعدم الاطالة في الحديث بلا داع,
فما يحتاج الي كلمة لااقول
فيه جملة. وما يحتاج الي جملة لااقول فيه محاضرة,
وان فهم محدثي
مااريد, فلاداعي لان ازيد. وهكذا كلمايكون التدريب محددا,
يمكن
النجاح فيه.
لحياة الروحية لاتنمو بكثرة التداريب, وانما بالثبات
فيها,
فإن القفزالسريع من تدريب الي آخر لايفيد روحيا,
لان كثيرين
يريدون ان يصلوا الي كل شيء في اقل فترة من الوقت
فتكون النتيجة عدم
الوصول الي اي شيء!! اوانهم يضعون امامهم
تداريب عديدة في نفس الوقت
بحيث ينسون بعضها, او لايستطيعون التركيزعليها جميعا,
اما انت فاسلك
في تداريبك بحكمة شيئا فشيئا لكي تصل.
وان سقطت في تدريبك في وقت ما, ولم تصل الي ماتريد الوصول اليه,
فاعرف اسباب الفشل وحاول ان تتحاشاها فيما بعد.
هكذا
تأخذ خبرة روحية في كل ممارساتك,وتعرف اسباب السقوط,
وحروب العدو
وطريقة الانتصارعليه,
حتي ان البعض في تدريباتهم الروحية لانفسهم
وماادركوه من نتائجها او انتصارها او فشلها,
صاروا بهذه الخبرة مرشدين
لغيرهم,
كالام التي اختبرت الحياة. وتستطيع ان تنصح ابنتهابنصائح
عملية تفيدها.
ان دربت نفسك علي شيء من الحياة الفاضلة وفشلت في
التدريب,
فليكن لك ذلك سببا في الاتضاع والشعوربالضعف,
حتي لاتتكبر
نفسك بتوالي النجاح,
وايضا ليكن ذلك دافعا لك ان تشفق علي الضعاف
والمخطئين,
ولتكن سقطاتك موضوعا لصلواتك تطلب فيها نعمة من الله وقوة.
ان
التدرايب الروحية هي جهاد للوصول الي نقاوة القلب,
وايضا النمو في حياة
البر وهي خبرة تدرك بها عمل الله معك,
وكيف انه يسندك في تدريبك, لذلك
فهي ليست مجرد جهاد نعتمد فيه علي عملنا البشري وقوة ارادتنا,
انما هي
في روحانياتها طلبة مقدمة الي الله لكي يتدخل في حياتنا وينعم علينا بما
نريد في تنفيذ وصاياه.
فكثيرون يقدمون لله رغباتهم الروحية في اسلوب
نظري,
في مجرد مشاعر القلب او كلام الصلاة اما التدريبات الروحية فهي
رغبات تقدم
الي الله بأسلوب عملي يشعرفيه الانسان انه لايستطيع وحده ان
يصل
الي حياة الفضيلة والنمو فيها الا بمعونة من عند الله تبارك اسمه.
وبالتداريب
الروحية نقتني الثبات في الفضائل لانه مااسهل ان يسيرالانسان في فضيلة ما
يوما او يومين او اسبوعا, لكن المهم ان يستمر حتي تصبح هذه الفضيلة عادة
فيه,
او تتحول الي طبع, وتصبح جزءا من حياته لاينفصل عنه,
وهذا طبعا
يحتاج الي زمن واستمرارية, والاستمرار هو الدليل علي معرفة عمق الفضيلة
فيك.[
بقلم: قداسة البابا شنودة الثالث
إن
الدين ليس مجرد معلومات, ولامجرد امتلاء من المعرفة الدينية,
فالمعرفة
وحدها لاتكفي, ماذا يستفيد الانسان ان كان يعرف كل المعلومات عن
الفضيلة,
دون ان يسلك في حياة الفضيلة ؟! إذن لابد ان تتحول المعرفة
الي ممارسة,
وتحول المعلومات الي عمل, وبالتالي تصبح حياة.
نقول
هذا لان كثيرين يواظبون علي قراءة الكتب الدينية,
ويحرصون علي حضور
الاجتماعات الروحية في دورالعبادة
ومع ذلك حياتهم هي كما هي دون تقدم,
يعيشون بنفس الاخطاء التي يقعون فيها باستمرار,
وتنقصهم بعض الفضائل
التي يحتاجون اليها دون ان يخطوا خطوات عملية للحصول علي تلك الفضائل.
من هنا كان لابد للانسان من بعض خطوات عملية يقوم بها لكي يبدأ القيام
بإصلاح ذاته روحيا.
لابد للانسان الذي يحرص علي خلاص نفسه من ان
يخلو بعض الاوقات
الي نفسه يفتشها ويفحصها ويعرف في اي طريق تسير.
وهذه
هي فضيلة محاسبة النفس, اما الذي يترك نفسه بلا مراقبة ولامحاسبة
ولادراية بأي طريق تسلك,
فهو شخص غريب عن نفسه غير مبال بأبديته,
وماأعجب الحكمة التي تقول اعرف نفسك.
اذا عرف الانسان نفسه, وعرف
عيوبه واخطاءه ونقائصه,
فسيبدأ حينئذ بالعمل علي تقويم ذاته وعدم السماح
لنفسه بأن تسلك حسب هواها,
وهنا يدخل في فضيلة اخري هي ضبط النفس,
وفي
هذه الحالة يجاهد مع نفسه كيلا تنحرف ارادته للخطأ,
ويجاهد مع الله في
الصلاة طالبا نعمة ترشده وتقويه.
كثيرون يستخدمون في هذا المجال
التداريب الروحية:
اي ان يدرب نفسه علي فضيلة لكي يقتنيها أو يدرب نفسه
علي ترك خطية معينة يقع فيها,
ونحن ننصح القاريء العزيز اذا كشف له أحد
الاشخاص عيبا موجودا فيه,
ألايتضايق من ذلك بل يشكر ذلك الشخص لانه
ينبهه الي شيءعليه ان يجاهد لكي يتركه.
في جلوس الانسان مع
نفسه, عليه ان يكون صريحا مع ذاته الي ابعد الحدود,
ولا يحاول ان يغطي
اخطاءه بالتبريرات او التماس الاعذار,
فالذي يبرر نفسه, يبقي دائما
حيث هو. لايصلح من ذاته شيئا,
لانه يري ذاته جميلة في عينيه بلاعيب,
اما اذا اعترف في داخل نفسه بأنه يقع احيانا في اخطاء معينة,
حينئذ
يمكنه التدرج علي ترك تلك الاخطاء.
ان التداريب الروحية وسيلة عملية
تحول وصايا الله الي حياة,
ولاتبقي الوصايا مجرد معلومات يشتاق اليها
الانسان دون ان يدركها,
و ينبغي ان يكون التدريب في حدود طاقة
الارادة,
فلا يدرب احد ذاته علي فضيلة فوق مستواه, او علي درجة اعلي
من قامته,
انما الفضائل الكبري يسعي اليها الانسان خطوة خطوة في حدود
الممكن, وبهذا لايشعر بالفشل والاحباط اذا قفز إلي
اعلي مما هو فوق
مستواه.
وليكن التدريب محددا وواضحا فلا تقل مثلا اني اريد ان ادرب
نفسي
علي حياة التواضع او الوداعة او الايمان, بينما تكون كل كلمة من
هذه
الكلمات غير واضحة في تفاصيلها امامك وهكذا لاتفعل شيئا,
انما قل
مثلا اريد في حياة الاتضاع ان ادرب نفسي علي امرواحد
وهو انني لاامدح ذاتي
امام الآخرين.
وكذلك لاتقل اريد أن ادرب نفسي علي ترك اخطاء
الكلام,
فهذا موضوع طويل له تفاصيل عديدة قد لاتستطيع ان تصل اليها
دفعةواحدة,
انما قل مثلا اريد ان ادرب نفسي علي عدم مسك سيرة الناس,
او
اريد ان اتدرب علي الالفاظ الهادئة غير الجارحة
او قل اريد ان اتدرب علي
الكلام بقدر وعدم الاطالة في الحديث بلا داع,
فما يحتاج الي كلمة لااقول
فيه جملة. وما يحتاج الي جملة لااقول فيه محاضرة,
وان فهم محدثي
مااريد, فلاداعي لان ازيد. وهكذا كلمايكون التدريب محددا,
يمكن
النجاح فيه.
لحياة الروحية لاتنمو بكثرة التداريب, وانما بالثبات
فيها,
فإن القفزالسريع من تدريب الي آخر لايفيد روحيا,
لان كثيرين
يريدون ان يصلوا الي كل شيء في اقل فترة من الوقت
فتكون النتيجة عدم
الوصول الي اي شيء!! اوانهم يضعون امامهم
تداريب عديدة في نفس الوقت
بحيث ينسون بعضها, او لايستطيعون التركيزعليها جميعا,
اما انت فاسلك
في تداريبك بحكمة شيئا فشيئا لكي تصل.
وان سقطت في تدريبك في وقت ما, ولم تصل الي ماتريد الوصول اليه,
فاعرف اسباب الفشل وحاول ان تتحاشاها فيما بعد.
هكذا
تأخذ خبرة روحية في كل ممارساتك,وتعرف اسباب السقوط,
وحروب العدو
وطريقة الانتصارعليه,
حتي ان البعض في تدريباتهم الروحية لانفسهم
وماادركوه من نتائجها او انتصارها او فشلها,
صاروا بهذه الخبرة مرشدين
لغيرهم,
كالام التي اختبرت الحياة. وتستطيع ان تنصح ابنتهابنصائح
عملية تفيدها.
ان دربت نفسك علي شيء من الحياة الفاضلة وفشلت في
التدريب,
فليكن لك ذلك سببا في الاتضاع والشعوربالضعف,
حتي لاتتكبر
نفسك بتوالي النجاح,
وايضا ليكن ذلك دافعا لك ان تشفق علي الضعاف
والمخطئين,
ولتكن سقطاتك موضوعا لصلواتك تطلب فيها نعمة من الله وقوة.
ان
التدرايب الروحية هي جهاد للوصول الي نقاوة القلب,
وايضا النمو في حياة
البر وهي خبرة تدرك بها عمل الله معك,
وكيف انه يسندك في تدريبك, لذلك
فهي ليست مجرد جهاد نعتمد فيه علي عملنا البشري وقوة ارادتنا,
انما هي
في روحانياتها طلبة مقدمة الي الله لكي يتدخل في حياتنا وينعم علينا بما
نريد في تنفيذ وصاياه.
فكثيرون يقدمون لله رغباتهم الروحية في اسلوب
نظري,
في مجرد مشاعر القلب او كلام الصلاة اما التدريبات الروحية فهي
رغبات تقدم
الي الله بأسلوب عملي يشعرفيه الانسان انه لايستطيع وحده ان
يصل
الي حياة الفضيلة والنمو فيها الا بمعونة من عند الله تبارك اسمه.
وبالتداريب
الروحية نقتني الثبات في الفضائل لانه مااسهل ان يسيرالانسان في فضيلة ما
يوما او يومين او اسبوعا, لكن المهم ان يستمر حتي تصبح هذه الفضيلة عادة
فيه,
او تتحول الي طبع, وتصبح جزءا من حياته لاينفصل عنه,
وهذا طبعا
يحتاج الي زمن واستمرارية, والاستمرار هو الدليل علي معرفة عمق الفضيلة
فيك.[
