أم الغلابة
سيرة وأعمال هذه البارة هي امتداد لأنبياء الله القديسين ... وقد كانت قديستنا بستان مغروس وسط صراعات العالم المملوء بالشر، لكنها
روت شجرتها بالدموع والجهاد والاحتمال ، فآوت إليها طيور كثيرة.
كانت المرحلة الأولى من حياتها في بلاد الصعيد، فكرزت وبشرت في القرى والنجوع بين نفوس كادت أن تهلك في ظلام الخطية وعبودية الشر.
ثم دبرت عناية الله أن تنتقل مع أسرتها إلى حي شبرا، وكان ذلك في أواخر
الخمسينات ، فاشتهرت آنذاك بمحبتها وخدمتها للفقراء، حتى لقبت "بأم الغلابة".
وكان كثيرون يأتون لزيارتها في بيتها البسيط، منتفعين من
خبراتها الروحية العميقة واختباراتها المعاشة مع الرب وقديسيه، منهم رجال
إكليروس من مختلف الأديرة والكنائس: وقد جملت بمواهب الروح القدس .. فحدثت بصلواتها بركات ومعجزات عديدة..
إن حياة هذه السيدة توبخ جيلنا المعاصر، فقد صرنا نقترب إلى الرب بالفم ونكرمه بالشفاه، وأما قلوبنا
فمبتعده عنه بعيداً (مت 15: 8).... فجاءت هذه السيرة كصوت صارخ، وبالأخص للمتهمين بالعمل الاجتماعي في الكنائس، ليتعلموا جيداً ، إن أعمال الرحمة،
هي مدخل هام للأبدية، والتقصير في خدمة الفقراء يدفع البعض إلى الإنحراف أو الإرتداد أمام الضغوط الإقتصادية الواسعة.
ولدت أردينا مليكة يوسف (أم الغلابة) في عام 1910 بقرية الشيخ علام (مركز الكوامل/سوهاج)، من أسرة ثرية جداً تمتلك العديد من الأطيان والسواقي. وقد ماتت أمها بعد ولادتها
بأربعين يوماً .. فاحتوتها أحضان شقيقتها دندية (هي أكبر شقيقاتها من جهة الأب).
أما والدها فقد كان رجلاً ذو سطوة ومهابة في بلدته. وكلمته نافذة كالسيف على الجميع .. كما كانت له هواية رديئة في إستحضار الجان
والتعامل معه، فزاد هذا الأمر من سطوته وجبروته. حتى تحجر قلبه وتجمدت مشاعره تجاه وصايا الرب، فحاد عن طريقه المستقيم.
فحرمت هذه الطفلة الصغيرة ذبائحه لأنها ناتجة من مال حرام، وفضلت الأطعمة البسيطة القليلة عوض الأطعمة الفاخرة الدنسة. بتها
في الرهبنة، قام والدها بتزويجها رغم أنفها ... حتى يقطع عنها كل أفكار الرباطات الديرية، ويضمن عدم سيرها نحو هذا الطريق الروحاني.
فتزوجت في سن الرابعة عشر من إنسان شرير وقاس القلب، تجرعت كأس مرارته وأتون عذاباته لسنين طويلة.
ولأنها تيقنت "إنه بضيقات كثيرة، ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع 14 : 22). فقد احتملت في سبيل ذلك إنها ظلت لمدة أربعين سنة تضرب منه بجريد نخل يكتظ
بالأشواك المسننة .. فكانت مع كل ضربة يتدفق منها الدم بغزارة كجريان الماء، فترجع إليه الجريدة مرة أخرى ليواصل تعذيبه لها مستهينة في ذلك
بآلامها الجسدية والنفسية ... وبينما جراحاتها تدمى ، تقول له : مش مهم عندي آلامي وجراحي، فكل إللي يهمني خلاص نفسك، حتى إنها في أحد المرات،
صعدت إلى سطح البيت والدم يتساقط منها ، وصارعت حبيبها يسوع (رجل الأوجاع ومختبر الأحزان) (أش 53: 3) ليله مرجده ( = مكانه ) يكون السماء".
وكان من التجارب الأولية التي صمدت أمامها دون أن تنسب لله جهالة، موت أربعة من
أولادها، كانوا باكورة إنجابها وهم : نظير ، حكمت ، سعيد ، أمل. فقدتهم جميعاً على التوالي.. وقد وجدنا تعزية كبيرة في قصة وفاة إبنها سعيد
الذي انتقل للأمجاد السمائية وهو في مقتبل شبابه، بعدما أصيب بمرض في الرئة لم ينفع معه دواء..
وصارت مناحة عظيمة حسب طبيعة أهل الصعيد، لكن الله سكب سلاماً خاص في قلب (أم عبد السيد)، فبينما تقوم بتغسيل جسده..
وجدت حمامة إخترقت الحجرة رغم إن الشبابيك والأبواب مغلقة، وظلت تحوم حول الجسد ثم تستقر على رأس أم عبد السيد ... تحوم حول الجسد وتستقر على رأس
أم عبد السيد ... فأدركت قديستنا مشاركة السماء لها بالتعزية والفرح، عند إنتقال ولدها.
فقامت وطبخت للجميع بعد دفن الجثة بل ووعظت موكب الحاضرين، فقالت:
"يا دماعة (= يا جماعة) إبني ده راح السما، وبعدين جال لي (= قال لي) يا ماما .. ما تبكيس علي (= ما تبكيش علي) .. وإحنا غسلناه وودناه لعروسته، وجولت
له (= قولت له) يا بنى روح..إنت رايح الدنة (= الجنة) وإحنا رايحين وراك يا سعيد ، فيا بخته ويا هانياه ... فخلاص يا دماعة. حزن ما فيس (= ما فيش)
، والعريس ودناه لعروسته .. فلو ما عايزينيس تآتلوا (فلو ما عايزينش تاكلوا) تبجوا حزانى ، ولو عايزين تآتلوا، يبجي ده فرح (= يبقى ده فرح).."
وللوقت قامت ووزعت شربات وبسكويت على الحاضرين ، لتعلن إنه لا يوجد معنى للموت في المسيحية بل هو إنتقال.
بركه هذة الام الطاهرة تكون معنا
اميــــــــــــــــن
سيرة وأعمال هذه البارة هي امتداد لأنبياء الله القديسين ... وقد كانت قديستنا بستان مغروس وسط صراعات العالم المملوء بالشر، لكنها
روت شجرتها بالدموع والجهاد والاحتمال ، فآوت إليها طيور كثيرة.
كانت المرحلة الأولى من حياتها في بلاد الصعيد، فكرزت وبشرت في القرى والنجوع بين نفوس كادت أن تهلك في ظلام الخطية وعبودية الشر.
ثم دبرت عناية الله أن تنتقل مع أسرتها إلى حي شبرا، وكان ذلك في أواخر
الخمسينات ، فاشتهرت آنذاك بمحبتها وخدمتها للفقراء، حتى لقبت "بأم الغلابة".
وكان كثيرون يأتون لزيارتها في بيتها البسيط، منتفعين من
خبراتها الروحية العميقة واختباراتها المعاشة مع الرب وقديسيه، منهم رجال
إكليروس من مختلف الأديرة والكنائس: وقد جملت بمواهب الروح القدس .. فحدثت بصلواتها بركات ومعجزات عديدة..
إن حياة هذه السيدة توبخ جيلنا المعاصر، فقد صرنا نقترب إلى الرب بالفم ونكرمه بالشفاه، وأما قلوبنا
فمبتعده عنه بعيداً (مت 15: 8).... فجاءت هذه السيرة كصوت صارخ، وبالأخص للمتهمين بالعمل الاجتماعي في الكنائس، ليتعلموا جيداً ، إن أعمال الرحمة،
هي مدخل هام للأبدية، والتقصير في خدمة الفقراء يدفع البعض إلى الإنحراف أو الإرتداد أمام الضغوط الإقتصادية الواسعة.
ولدت أردينا مليكة يوسف (أم الغلابة) في عام 1910 بقرية الشيخ علام (مركز الكوامل/سوهاج)، من أسرة ثرية جداً تمتلك العديد من الأطيان والسواقي. وقد ماتت أمها بعد ولادتها
بأربعين يوماً .. فاحتوتها أحضان شقيقتها دندية (هي أكبر شقيقاتها من جهة الأب).
أما والدها فقد كان رجلاً ذو سطوة ومهابة في بلدته. وكلمته نافذة كالسيف على الجميع .. كما كانت له هواية رديئة في إستحضار الجان
والتعامل معه، فزاد هذا الأمر من سطوته وجبروته. حتى تحجر قلبه وتجمدت مشاعره تجاه وصايا الرب، فحاد عن طريقه المستقيم.
فحرمت هذه الطفلة الصغيرة ذبائحه لأنها ناتجة من مال حرام، وفضلت الأطعمة البسيطة القليلة عوض الأطعمة الفاخرة الدنسة. بتها
في الرهبنة، قام والدها بتزويجها رغم أنفها ... حتى يقطع عنها كل أفكار الرباطات الديرية، ويضمن عدم سيرها نحو هذا الطريق الروحاني.
فتزوجت في سن الرابعة عشر من إنسان شرير وقاس القلب، تجرعت كأس مرارته وأتون عذاباته لسنين طويلة.
ولأنها تيقنت "إنه بضيقات كثيرة، ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع 14 : 22). فقد احتملت في سبيل ذلك إنها ظلت لمدة أربعين سنة تضرب منه بجريد نخل يكتظ
بالأشواك المسننة .. فكانت مع كل ضربة يتدفق منها الدم بغزارة كجريان الماء، فترجع إليه الجريدة مرة أخرى ليواصل تعذيبه لها مستهينة في ذلك
بآلامها الجسدية والنفسية ... وبينما جراحاتها تدمى ، تقول له : مش مهم عندي آلامي وجراحي، فكل إللي يهمني خلاص نفسك، حتى إنها في أحد المرات،
صعدت إلى سطح البيت والدم يتساقط منها ، وصارعت حبيبها يسوع (رجل الأوجاع ومختبر الأحزان) (أش 53: 3) ليله مرجده ( = مكانه ) يكون السماء".
وكان من التجارب الأولية التي صمدت أمامها دون أن تنسب لله جهالة، موت أربعة من
أولادها، كانوا باكورة إنجابها وهم : نظير ، حكمت ، سعيد ، أمل. فقدتهم جميعاً على التوالي.. وقد وجدنا تعزية كبيرة في قصة وفاة إبنها سعيد
الذي انتقل للأمجاد السمائية وهو في مقتبل شبابه، بعدما أصيب بمرض في الرئة لم ينفع معه دواء..
وصارت مناحة عظيمة حسب طبيعة أهل الصعيد، لكن الله سكب سلاماً خاص في قلب (أم عبد السيد)، فبينما تقوم بتغسيل جسده..
وجدت حمامة إخترقت الحجرة رغم إن الشبابيك والأبواب مغلقة، وظلت تحوم حول الجسد ثم تستقر على رأس أم عبد السيد ... تحوم حول الجسد وتستقر على رأس
أم عبد السيد ... فأدركت قديستنا مشاركة السماء لها بالتعزية والفرح، عند إنتقال ولدها.
فقامت وطبخت للجميع بعد دفن الجثة بل ووعظت موكب الحاضرين، فقالت:
"يا دماعة (= يا جماعة) إبني ده راح السما، وبعدين جال لي (= قال لي) يا ماما .. ما تبكيس علي (= ما تبكيش علي) .. وإحنا غسلناه وودناه لعروسته، وجولت
له (= قولت له) يا بنى روح..إنت رايح الدنة (= الجنة) وإحنا رايحين وراك يا سعيد ، فيا بخته ويا هانياه ... فخلاص يا دماعة. حزن ما فيس (= ما فيش)
، والعريس ودناه لعروسته .. فلو ما عايزينيس تآتلوا (فلو ما عايزينش تاكلوا) تبجوا حزانى ، ولو عايزين تآتلوا، يبجي ده فرح (= يبقى ده فرح).."
وللوقت قامت ووزعت شربات وبسكويت على الحاضرين ، لتعلن إنه لا يوجد معنى للموت في المسيحية بل هو إنتقال.
بركه هذة الام الطاهرة تكون معنا
اميــــــــــــــــن