(آية34): المسيح هنا يدعو بيلاطس أن يفرق بين ما يسمعه من اليهود الكاذبين
وبين ما يشعر به هو في داخل نفسه. والمسيح بحسب التوراة سيكون ملكاً من نسل داود
ولكن ليس ملكاً أرضياً بل يملك على الأرواح والضمائر والقلوب، هو يملك في السماء،
فإن كان بيلاطس يطلب الحق سيعرف أي نوع من الملك يملك المسيح. ولكن بمفهوم اليهود
الغادر أن المسيح ملك سياسي فهذا يرفضه المسيح ويرفضه بيلاطس أيضاً. المسيح
يُشّهِدْ بيلاطس، هل سمع عنه ما يثبت هذه التهمة.
(آية35): واضح أن بيلاطس فهم درس المسيح ولكنه يلقى التهمة على اليهود.هنا
يتضح أن بيلاطس يبحث عن الحق فعلاً ويشعر ببراءة المسيح وخبث اليهود. ولكنه يستهزئ
باليهود بمعنى هل أنا يهودي حقير حتى أقول عنك أنك ملك. عجيب أن رئيس الكهنة يدبر
المؤامرات ضد المسيح وبيلاطس الروماني يحاول إثبات براءته. ماذا فعلت = لماذا
يكرهك اليهود هكذا بينما أنا أعلم أنهم يبحثون سراً عن ملك ليثوروا ضد قيصر.
(آية36): هنا المسيح يشرح لبيلاطس أن مملكته سماوية وأنه لا ينافس قيصر
ولكن اليهود لم يفهموة فكل فكرهم أرضى، ولم يقبلوا موضوع الملكوت السماوي.
هو جاء صديقاً
للجميع، وخدامه ليسوا من هذا العالم. وهذا القول أرجف بيلاطس. نرى أن يسوع حتى وهو
في المحاكمة يبشر بمملكة الحق وملكوت الله. المسيح بهذا يثبت فكرة ملكه ولكن بفهم
غير ما يفهم اليهود وكل العالم. فالعالم ورؤساء الكهنة يتصارعون على ملك العالم.
(آية37): أنت تقول = أنت تقول الحقيقة فأنا ملك لكن ما قاله بيلاطس لا يقبل
النفي ولا يقبل الإيجاب. فالمسيح يرفض أن يكون ملكاً حسب ما يقول اليهود. وبيلاطس
فهم ملك المسيح كما فهمه اليهود لذلك شرح المسيح له الحقيقة. وفيما يلي ما أسماه
بولس الرسول الإعتراف الحسن (1تى13:6) وشمل عناصر الإيمان جميعاً. المسيح هنا ذكر
بتلخيص شديد وعمق جوهر رسالته.
لهذا وُلدت أنا = فالمسيح وُلِدَ أي تجسد للملك. المسيح يشهد بهذا أمام ممثل أقوى دولة في العالم
لهذا أتيت إلى
العالم = إذاً هو موجود قبل ميلاده، وهو ليس من هذا العالم ولكنه أتى وتجسد ليقيم
مملكته التي لا تقام على أسس أرضية بل بسلطة وقوة سماوية.
الحق= الحقيقة
الكلية هي المجال الذي يحيا ويعمل فيه المسيح، والمسيح يشهد للحق ليس كشئ خارج عنه
بل هو يستعلن ذاته فهو الحق. هذا هو الإعتراف الحسن. المسيح أتى ليعلن الحق بعد أن
تاه البشر في ضلال.
كل من هو الحق= كل
من أحب الحق وسار بحسب هداه سيسمع صوت المسيح ويفهمه ويصير له صوت المسيح حياة
أبدية (يو24:5). وملخص الإعتراف الحسن:-
1-أن المسيح وُلد ليعُلن ملكوت الله بالحق الذي يقوله ويملكه ويملك عليه.
2-أنه نزل من السماء وأتى إلينا على الأرض ليؤسس ملكوت الحق.
3-كل من يسعى ويجد في أثر الحق يُستعلن له المسيح والحق والحياة. ولو كان
بيلاطس يبحث عن الحق فعلاً لإستمع لصوت المسيح وكانت له حياة. فكل من يبحث عن الحق
يعطيه روح الله إستنارة.
آية (38): "قال
له بيلاطس ما هو الحق ولما قال هذا خرج أيضاً إلى اليهود وقال لهم أنا لست أجد فيه
علة واحدة."
لم يرفض بيلاطس
كلام المسيح ولكنه لم يفهمه. ومعنى سؤال بيلاطس ما هو الحق = يحمل معنى اليأس في
أن يجد إنسان الحق على الأرض، وهذا حق لأن الأرض زائلة، فكل ما هو متغير ليس بحق،
أماّ الحق فيبقى للأبد (ايو19:5،20). لكن عيب بيلاطس أنه خرج دون أن يسمع إجابة
السيد المسيح وكثيرين يعملون هكذا يصلون ويخرجون سريعاً دون أن يسمعوا الرد. ولكن
بيلاطس أدرك الآن أنه أمام إنسان عظيم وليس مجرماً، كان تأثير المسيح فيه قوياً
فخرج ليبرأهُ بعد أن أدرك غش اليهود (مت18:27). عَلِمَ أنهم أسلموه حسداً. وشهادة
بيلاطس ببراءة المسيح، هي شهادة العالم بأن المسيح ليس فيه علة واحدة، إنما هو مات
لأجلنا ولأجل كل العالم.
(الآيات39،40): "ولكم عادة أن أطلق لكم واحداً في الفصح أفتريدون أن
أطلق لكم ملك اليهود. فصرخوا أيضاً جميعهم قائلين ليس هذا بل باراباس وكان باراباس
لصاً."
هنا يتضح ضمير
اليهود السيء. ملك اليهود = هنا بيلاطس يسخر من التهمة التي يحاولون إلصاقها
بالمسيح، لأن بيلاطس برأه، فهو أيضاً برأه من تهمة أنه يدعى الملك وأنه ضد قيصر. وبيلاطس
حاول أن يستعين بالشعب ضد رؤساء الكهنة فهو يعلم أن الشعب يريد ملكاً. ولكن كان
هذا في رخاوة منه كوالٍ وكقاضي. فالشعب كان قد تلقن من رؤساء الكهنة ما يقولونه. فبارا
باس لن ينافسهم في مكاسبهم المادية أما المسيح فقد جذب منهم شعبهم.
(الآيات 1:19-16)
(آية1): "فحينئذ اخذ بيلاطس يسوع وجلده."
بيلاطس هنا يريد
أن يستدر عطف الشعب بأن يعاقب المسيح عقوبة شكلية ثم يطلقه. ولكن نلاحظ أن هذه
العقوبة كانت دون حكم رسمي بل هي لإرضاء الشعب الهائج. ولكن بيلاطس دون يدرى أكمل
كأس آلام السيد التي تحملها عنا. وكل ما فعلوه بعد ذلك هو الهزء منه كملك. والمسيح
قبل هذا الهزء ليعيد لنا كرامتنا. ولبس إكليل الشوك ليرد لنا إكليل المجد. والجلد
كان عقوبة رهيبة وكان من يُجْلَدْ يسقط أمام قضاته كتلة من اللحم المشوه الممزق. ويقال
أن الجلد كان الساعة 9صباحاً.
آية(2): "وضفر
العسكر إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه وألبسوه ثوب أرجوان."
هنا نرى
الإستهزاء بالمسيح كملك. وثوب الأرجوان خلعه عليه هيرودس إستهزاء به. والشوك نتيجة
للخطية (تك17:3،18). وكان منظر المسيح وهو لابس إكليل الشوك هو منظر الإنسان
المطرود من أمام وجه الله خارجاً من جنة عدن حاملاً اللعنة والشوك.
آية(3): "وكانوا
يقولون السلام يا ملك اليهود وكانوا يلطمونه."
السلام يا ملك
اليهود= هي التحية التي تقال للملوك. وأخذ منها كلمة السلام الملكي. فالسلام
الملكي بالموسيقى هو تحية الملوك عوضاً عن أن يقولوا السلام للملك. وهي نفسها هايل
سيزار ومنها أخذت التحية الألمانية "هايل هتلر" فالسلام الملكي
بالموسيقى صار عوضاً عن قولهم هايل سيزار.
آية(4): "فخرج
بيلاطس أيضاً خارجاً وقال لهم ها أنا أخرجه إليكم لتعلموا أني لست أجد فيه علة واحدة."
لقد حاول بيلاطس
أن يوقظ الروح الإنسانية عند اليهود ولكنه فشل.ولكن إستسلامه لليهود كان إدانة لهُ هو أيضاً.
آية(5): "فخرج
يسوع خارجاً وهو حامل إكليل الشوك وثوب الأرجوان فقال لهم بيلاطس هوذا الإنسان."
هوذا الإنسان= يقولها
بيلاطس بعد أن رفع عنه كل كرامة ليظهره لليهود كإنسان ضعيف بلا ثوار يساندونه
كملك، أو قالها ربما ليذكرهم بإنسانيتهم وأنه أخوهم في الإنسانية ليتنازلوا عن
موضوع صلبه ولكن هذه الكلمة تشير للمسيح وقد أخلى ذاته آخذاً صورة عبد، بل حمل عار
العبيد ومذلة البشر. هو الإنسان الكامل والنموذج السليم للإنسان حسب قصد الآب الذي
بلا خطية لكنه صار إبن الإنسان الذي حمل خطايا الإنسان وعاره. وهو الإنسان المملوء
نعمة وهو الإنسان الذي سيأتي يوماً في مجد الآب، ليس في صورة المصلوب المهان بل
كديان الأرض كلها العادل. هو الإنسان الذي ليس مثله، ليس إنساناً عادياً. هو
الإنسان محل الخلاف والقضية أيها اليهود. بل وحتى الآن. هي نبوة من بيلاطس دون أن
يدرى كما تنبأ قيافا دون أن يدرى (يو50:11،51).
آية(6): "فلما
رآه رؤساء الكهنة والخدام صرخوا قائلين اصلبه اصلبه قال لهم بيلاطس خذوه انتم
واصلبوه لأني لست أجد فيه علة."
كان فعلاً لابد
للصلب أن يتم ليتم الفداء. ونرى حتى هذه اللحظة أن بيلاطس غير موافق على الصلب. وبذلك
حمَل بيلاطس اليهود دم المسيح (أع13:3-15). ولكن خطأ بيلاطس أنه فضّل موت المسيح
وهو يعلم ببراءته حتى لا يحدث إضطراب سياسي أو تُشَوَّهْ صورته لدى قيصر .
آية(7): "أجابه
اليهود لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله."
اليهود هنا
يرفضون المساومة مع بيلاطس رفضاً تاماً. ومعنى كلامهم أن حكمهم على المسيح هو حكم
إلهى وما على بيلاطس سوى التنفيذ. واليهود هنا أظهروا للوالي الوثني معتقد اتهم
الدينية لعله يقبل بصلبه أي لو وجدته أنت بريئاً من الناحية المدنية فهو من ناحية
ديننا فهو محكوم عليه. ولكن ذكرهم أنه إبن الله أتى بأثر عكسي إذ خاف منه بيلاطس.
آية(8): "فلما
سمع بيلاطس هذا القول ازداد خوفاً."
لقد أحس بيلاطس
بالرهبة في حديثه أولاً مع المسيح حين ذكر أصله الإلهي، والآن يزداد خوفاً حينما
يسمع أن المسيح هو إبن الله. وبحسب فكر بيلاطس الروماني أنه بدأ يدخل حرباً مع
الآلهة. فالرومان يعتقدون أن الآلهة يمكن أن تتجسد وتنزل وسط الناس.
آية(9): "فدخل
أيضاً إلى دار الولاية وقال ليسوع من أين أنت وأما يسوع فلم يعطه جواباً."
من أين أنت= يقصد
هل أصلك سماوي أم أرضى. والمسيح لم يرد فبيلاطس لن يفهم لأن مفاهيم بيلاطس عن
البنوة لله مأخوذة من الأساطير اليونانية. فهو لن يفهم قطعاً ما هو المقصود. فإن
كان اليهود وعندهم النبوات لم يفهموا أفيفهم بيلاطس.
الآيات(10،11):
"فقال له بيلاطس أما تكلمني الست تعلم أن لي سلطاناً أن أصلبك وسلطاناً أن
أطلقك. أجاب يسوع لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق لذلك الذي
أسلمني إليك له خطية اعظم."
المسيح هنا يشرح
لبيلاطس من أين يستمد سلطانه، فهو يصحح معلومات بيلاطس. هنا المسيح يشرح لبيلاطس
أن الله هو ضابط الكل، وأن أي شئ يصيبنا هو بسماح من الله وليس بسبب سلطان الرؤساء.
فنحن في يد الله ولسنا في يد إنسان. فالله هو الذي أعطى السلطان للرؤساء [رو1:13+أع23:2+26:4-28].
وإن هذا ليشعرنا بمنتهى الإطمئنان. "التقليد القبطي يقول أن بيلاطس وزوجته
صارا مسيحيين وإستشهدا"
لهُ خطية أعظم= فبيلاطس
أخطأ لأنه إستخدم القانون المدني تقتل المسيح خوفاً ولكن رؤساء الكهنة خطيتهم أعظم
إذ هم إستخدموا الناموس الإلهي في تلفيق تهمة ضد المسيح، فهم خطيتهم تعتبر قتل مع
سبق الإصرار والتعمد.
آية(12): "من
هذا الوقت كان بيلاطس يطلب أن يطلقه ولكن اليهود كانوا يصرخون قائلين أن أطلقت هذا
فلست محباً لقيصر كل من يجعل نفسه ملكاً يقاوم قيصر."
رد المسيح على
بيلاطس جعله يزداد خوفاً، وكان يريد إطلاقه، وهنا يتمسح رئيس الكهنة بقيصر، فإن
رفض بيلاطس قتل المسيح يلصق به تهمة خيانة قيصر ورئيس الكهنة بفعلته هذه ترك الله
ليذهب لأوثان قيصر. في لحظة إنقلب هؤلاء اليهود المتعصبون للناموس إلى رومان
متعصبين لقيصر. محباً لقيصر= كان هذا لقب الضباط العظام الذين يقومون بأعمال جليلة
لحساب الإمبراطورية. واللقب المضاد "ليس محباً لقيصر" يشير للخيانة وهذا
ما قالوه لبيلاطس يقام قيصر. وكان طيباريوس قيصر سامعاً للوشايات يلقى بمن يتهم
بأنه ضده مع المنبوذين ويرفع من يسمع عنهم أنهم يحبونه. لذلك خاف بيلاطس أن تصل
هذه التهمة لطيباريوس. "ويقول يوسيفوس أن بيلاطس وُشى به بعد ثلاث سنوات عند
طيباريوس فعزله فإنتحر يأساً"
ولاحظ أن
السنهدريم حاكموا المسيح بتهمة دينية بأنه إدعى أنه إبن الله. (انظر المزيد عن هذا
الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ولما
ذهبوا لبيلاطس إتهموه بتهمة مدنية أنه ضد قيصر ويمنع دفع الجزية (لو2:23). ولماّ
برأه بيلاطس من هذه التهمة (لو14:23) بل وهيرودس (لو15:23) غيروا التهمة أمام
بيلاطس إلى تهمة دينية مرة أخرى (يو7:19). وحاول بيلاطس إطلاقه إذ شعر بزيف التهمة.
فغير اليهود كلامهم ثانية أن يسوع يقاوم قيصر (يو12:19). ما يحدث هو تلفيق تهم ضد
المسيح لقتله بآي وسيلة.
آية(13): "فلما
سمع بيلاطس هذا القول اخرج يسوع وجلس على كرسي الولاية في موضع يقال له البلاط
وبالعبرانية جباثا."
بيلاطس أدرك خطة
اليهود الخبيثة ضده فلم يجازف بحياته بل ضحى بالمسيح وكان شعاره فلأحيا أنا وليمت
المسيح. جلس على كرسي الولاية= لينطق بحكم الصلب ضد المسيح. جبّاثا= البلاط= هو
رصيف مرتفع مرصوف بقطع بلاط مرمر يتبع البيت وهو مرتفع مستدير ليراه كل الواقفين. يقع
بين قاعة أنطونيا وبين الهيكل. وكان يجلس عليه الوالي وقت إصدار الأحكام.
آية(14): "وكان
استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فقال لليهود هوذا ملككم."
هنا يحدد يوحنا
يوم الحكم= إستعداد الفصح وساعة الحكم= السادسة= أنظر موضوع الساعة السادسة فيما
يلي. ويوم الجمعة عموماً ماّ يسمى الإستعداد للسبت ولكن هذه الجمعة إسمها بالذات
إستعداد الفصح لأن الفصح كان يوم السبت لذلك سمى هذا السبت عظيماً (آية31) هوذا
ملككم= هنا بيلاطس يسخر من اليهود. ولكنه دون أن يدرى يسجل الحقيقة.
آية(15): "فصرخوا
خذه خذه اصلبه قال لهم بيلاطس أأصلب ملككم أجاب رؤساء الكهنة ليس لنا ملك إلا قيصر."
هم يريدون أن
يتخلصوا من المسيح الذي يبكتهم. أأصلب ملككم= فيها أيضاً سخرية من بيلاطس فاليهود
ملكهم هو الله. ولكنهم بلعوا السخرية بل زادوها بقولهم ليس لنا ملك إلاّ قيصر= ولنلاحظ
أن الذي قال ذلك ليس الشعب إنما رؤساء الكهنة وقارن مع (يو33:8). نجدهم هنا وقد
طمسوا معالم إيمانهم بل لقد جدّفوا. والله إستمع لما طلبوه فملًّك عليهم قيصر
فأذلهم بل أحرقهم وأحرق دولتهم وإستعبدهم وشتتهم في كل الأرض "مخيف هو الوقوع
في يدي الله الحي" (عب31:10) ولكن لنلاحظ أن الله إستخدم والٍ وثنى ليسمع
اليهود ورؤساء كهنتهم كلام حق.
آية(16): "فحينئذ
أسلمه إليهم ليصلب فاخذوا يسوع ومضوا به."
حسب القانون
الروماني كان يتحتم أن يمر يومان على الأقل بين صدور الحكم بالإعدام ويوم تنفيذه. بل
في أيام طيباريوس قيصر صارت المدة عشرة أيام، لعله يظهر دليل براءة للمتهم فلا يتم
التنفيذ. ولكن عموماً لم يراعى أحد القوانين في هذه القضية فاليهود متشوقين لقتله
سريعاً خوفاً من تردد بيلاطس. هم حسبوا أن بيلاطس قد يأمر ثانية بإطلاق سراحه. وجنود
الرومان ملهوفين على ذلك بدافع غطرستهم وتعصبهم لجنسهم (مزمور1:2،2) ومع أن الذي
قام بالصلب عساكر الرومان قيل اسلمه إليهم ليصلب فمسئولية الصلب واقعة على اليهود
حتماً.
وبين ما يشعر به هو في داخل نفسه. والمسيح بحسب التوراة سيكون ملكاً من نسل داود
ولكن ليس ملكاً أرضياً بل يملك على الأرواح والضمائر والقلوب، هو يملك في السماء،
فإن كان بيلاطس يطلب الحق سيعرف أي نوع من الملك يملك المسيح. ولكن بمفهوم اليهود
الغادر أن المسيح ملك سياسي فهذا يرفضه المسيح ويرفضه بيلاطس أيضاً. المسيح
يُشّهِدْ بيلاطس، هل سمع عنه ما يثبت هذه التهمة.
(آية35): واضح أن بيلاطس فهم درس المسيح ولكنه يلقى التهمة على اليهود.هنا
يتضح أن بيلاطس يبحث عن الحق فعلاً ويشعر ببراءة المسيح وخبث اليهود. ولكنه يستهزئ
باليهود بمعنى هل أنا يهودي حقير حتى أقول عنك أنك ملك. عجيب أن رئيس الكهنة يدبر
المؤامرات ضد المسيح وبيلاطس الروماني يحاول إثبات براءته. ماذا فعلت = لماذا
يكرهك اليهود هكذا بينما أنا أعلم أنهم يبحثون سراً عن ملك ليثوروا ضد قيصر.
(آية36): هنا المسيح يشرح لبيلاطس أن مملكته سماوية وأنه لا ينافس قيصر
ولكن اليهود لم يفهموة فكل فكرهم أرضى، ولم يقبلوا موضوع الملكوت السماوي.
هو جاء صديقاً
للجميع، وخدامه ليسوا من هذا العالم. وهذا القول أرجف بيلاطس. نرى أن يسوع حتى وهو
في المحاكمة يبشر بمملكة الحق وملكوت الله. المسيح بهذا يثبت فكرة ملكه ولكن بفهم
غير ما يفهم اليهود وكل العالم. فالعالم ورؤساء الكهنة يتصارعون على ملك العالم.
(آية37): أنت تقول = أنت تقول الحقيقة فأنا ملك لكن ما قاله بيلاطس لا يقبل
النفي ولا يقبل الإيجاب. فالمسيح يرفض أن يكون ملكاً حسب ما يقول اليهود. وبيلاطس
فهم ملك المسيح كما فهمه اليهود لذلك شرح المسيح له الحقيقة. وفيما يلي ما أسماه
بولس الرسول الإعتراف الحسن (1تى13:6) وشمل عناصر الإيمان جميعاً. المسيح هنا ذكر
بتلخيص شديد وعمق جوهر رسالته.
لهذا وُلدت أنا = فالمسيح وُلِدَ أي تجسد للملك. المسيح يشهد بهذا أمام ممثل أقوى دولة في العالم
لهذا أتيت إلى
العالم = إذاً هو موجود قبل ميلاده، وهو ليس من هذا العالم ولكنه أتى وتجسد ليقيم
مملكته التي لا تقام على أسس أرضية بل بسلطة وقوة سماوية.
الحق= الحقيقة
الكلية هي المجال الذي يحيا ويعمل فيه المسيح، والمسيح يشهد للحق ليس كشئ خارج عنه
بل هو يستعلن ذاته فهو الحق. هذا هو الإعتراف الحسن. المسيح أتى ليعلن الحق بعد أن
تاه البشر في ضلال.
كل من هو الحق= كل
من أحب الحق وسار بحسب هداه سيسمع صوت المسيح ويفهمه ويصير له صوت المسيح حياة
أبدية (يو24:5). وملخص الإعتراف الحسن:-
1-أن المسيح وُلد ليعُلن ملكوت الله بالحق الذي يقوله ويملكه ويملك عليه.
2-أنه نزل من السماء وأتى إلينا على الأرض ليؤسس ملكوت الحق.
3-كل من يسعى ويجد في أثر الحق يُستعلن له المسيح والحق والحياة. ولو كان
بيلاطس يبحث عن الحق فعلاً لإستمع لصوت المسيح وكانت له حياة. فكل من يبحث عن الحق
يعطيه روح الله إستنارة.
آية (38): "قال
له بيلاطس ما هو الحق ولما قال هذا خرج أيضاً إلى اليهود وقال لهم أنا لست أجد فيه
علة واحدة."
لم يرفض بيلاطس
كلام المسيح ولكنه لم يفهمه. ومعنى سؤال بيلاطس ما هو الحق = يحمل معنى اليأس في
أن يجد إنسان الحق على الأرض، وهذا حق لأن الأرض زائلة، فكل ما هو متغير ليس بحق،
أماّ الحق فيبقى للأبد (ايو19:5،20). لكن عيب بيلاطس أنه خرج دون أن يسمع إجابة
السيد المسيح وكثيرين يعملون هكذا يصلون ويخرجون سريعاً دون أن يسمعوا الرد. ولكن
بيلاطس أدرك الآن أنه أمام إنسان عظيم وليس مجرماً، كان تأثير المسيح فيه قوياً
فخرج ليبرأهُ بعد أن أدرك غش اليهود (مت18:27). عَلِمَ أنهم أسلموه حسداً. وشهادة
بيلاطس ببراءة المسيح، هي شهادة العالم بأن المسيح ليس فيه علة واحدة، إنما هو مات
لأجلنا ولأجل كل العالم.
(الآيات39،40): "ولكم عادة أن أطلق لكم واحداً في الفصح أفتريدون أن
أطلق لكم ملك اليهود. فصرخوا أيضاً جميعهم قائلين ليس هذا بل باراباس وكان باراباس
لصاً."
هنا يتضح ضمير
اليهود السيء. ملك اليهود = هنا بيلاطس يسخر من التهمة التي يحاولون إلصاقها
بالمسيح، لأن بيلاطس برأه، فهو أيضاً برأه من تهمة أنه يدعى الملك وأنه ضد قيصر. وبيلاطس
حاول أن يستعين بالشعب ضد رؤساء الكهنة فهو يعلم أن الشعب يريد ملكاً. ولكن كان
هذا في رخاوة منه كوالٍ وكقاضي. فالشعب كان قد تلقن من رؤساء الكهنة ما يقولونه. فبارا
باس لن ينافسهم في مكاسبهم المادية أما المسيح فقد جذب منهم شعبهم.
(الآيات 1:19-16)
(آية1): "فحينئذ اخذ بيلاطس يسوع وجلده."
بيلاطس هنا يريد
أن يستدر عطف الشعب بأن يعاقب المسيح عقوبة شكلية ثم يطلقه. ولكن نلاحظ أن هذه
العقوبة كانت دون حكم رسمي بل هي لإرضاء الشعب الهائج. ولكن بيلاطس دون يدرى أكمل
كأس آلام السيد التي تحملها عنا. وكل ما فعلوه بعد ذلك هو الهزء منه كملك. والمسيح
قبل هذا الهزء ليعيد لنا كرامتنا. ولبس إكليل الشوك ليرد لنا إكليل المجد. والجلد
كان عقوبة رهيبة وكان من يُجْلَدْ يسقط أمام قضاته كتلة من اللحم المشوه الممزق. ويقال
أن الجلد كان الساعة 9صباحاً.
آية(2): "وضفر
العسكر إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه وألبسوه ثوب أرجوان."
هنا نرى
الإستهزاء بالمسيح كملك. وثوب الأرجوان خلعه عليه هيرودس إستهزاء به. والشوك نتيجة
للخطية (تك17:3،18). وكان منظر المسيح وهو لابس إكليل الشوك هو منظر الإنسان
المطرود من أمام وجه الله خارجاً من جنة عدن حاملاً اللعنة والشوك.
آية(3): "وكانوا
يقولون السلام يا ملك اليهود وكانوا يلطمونه."
السلام يا ملك
اليهود= هي التحية التي تقال للملوك. وأخذ منها كلمة السلام الملكي. فالسلام
الملكي بالموسيقى هو تحية الملوك عوضاً عن أن يقولوا السلام للملك. وهي نفسها هايل
سيزار ومنها أخذت التحية الألمانية "هايل هتلر" فالسلام الملكي
بالموسيقى صار عوضاً عن قولهم هايل سيزار.
آية(4): "فخرج
بيلاطس أيضاً خارجاً وقال لهم ها أنا أخرجه إليكم لتعلموا أني لست أجد فيه علة واحدة."
لقد حاول بيلاطس
أن يوقظ الروح الإنسانية عند اليهود ولكنه فشل.ولكن إستسلامه لليهود كان إدانة لهُ هو أيضاً.
آية(5): "فخرج
يسوع خارجاً وهو حامل إكليل الشوك وثوب الأرجوان فقال لهم بيلاطس هوذا الإنسان."
هوذا الإنسان= يقولها
بيلاطس بعد أن رفع عنه كل كرامة ليظهره لليهود كإنسان ضعيف بلا ثوار يساندونه
كملك، أو قالها ربما ليذكرهم بإنسانيتهم وأنه أخوهم في الإنسانية ليتنازلوا عن
موضوع صلبه ولكن هذه الكلمة تشير للمسيح وقد أخلى ذاته آخذاً صورة عبد، بل حمل عار
العبيد ومذلة البشر. هو الإنسان الكامل والنموذج السليم للإنسان حسب قصد الآب الذي
بلا خطية لكنه صار إبن الإنسان الذي حمل خطايا الإنسان وعاره. وهو الإنسان المملوء
نعمة وهو الإنسان الذي سيأتي يوماً في مجد الآب، ليس في صورة المصلوب المهان بل
كديان الأرض كلها العادل. هو الإنسان الذي ليس مثله، ليس إنساناً عادياً. هو
الإنسان محل الخلاف والقضية أيها اليهود. بل وحتى الآن. هي نبوة من بيلاطس دون أن
يدرى كما تنبأ قيافا دون أن يدرى (يو50:11،51).
آية(6): "فلما
رآه رؤساء الكهنة والخدام صرخوا قائلين اصلبه اصلبه قال لهم بيلاطس خذوه انتم
واصلبوه لأني لست أجد فيه علة."
كان فعلاً لابد
للصلب أن يتم ليتم الفداء. ونرى حتى هذه اللحظة أن بيلاطس غير موافق على الصلب. وبذلك
حمَل بيلاطس اليهود دم المسيح (أع13:3-15). ولكن خطأ بيلاطس أنه فضّل موت المسيح
وهو يعلم ببراءته حتى لا يحدث إضطراب سياسي أو تُشَوَّهْ صورته لدى قيصر .
آية(7): "أجابه
اليهود لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله."
اليهود هنا
يرفضون المساومة مع بيلاطس رفضاً تاماً. ومعنى كلامهم أن حكمهم على المسيح هو حكم
إلهى وما على بيلاطس سوى التنفيذ. واليهود هنا أظهروا للوالي الوثني معتقد اتهم
الدينية لعله يقبل بصلبه أي لو وجدته أنت بريئاً من الناحية المدنية فهو من ناحية
ديننا فهو محكوم عليه. ولكن ذكرهم أنه إبن الله أتى بأثر عكسي إذ خاف منه بيلاطس.
آية(8): "فلما
سمع بيلاطس هذا القول ازداد خوفاً."
لقد أحس بيلاطس
بالرهبة في حديثه أولاً مع المسيح حين ذكر أصله الإلهي، والآن يزداد خوفاً حينما
يسمع أن المسيح هو إبن الله. وبحسب فكر بيلاطس الروماني أنه بدأ يدخل حرباً مع
الآلهة. فالرومان يعتقدون أن الآلهة يمكن أن تتجسد وتنزل وسط الناس.
آية(9): "فدخل
أيضاً إلى دار الولاية وقال ليسوع من أين أنت وأما يسوع فلم يعطه جواباً."
من أين أنت= يقصد
هل أصلك سماوي أم أرضى. والمسيح لم يرد فبيلاطس لن يفهم لأن مفاهيم بيلاطس عن
البنوة لله مأخوذة من الأساطير اليونانية. فهو لن يفهم قطعاً ما هو المقصود. فإن
كان اليهود وعندهم النبوات لم يفهموا أفيفهم بيلاطس.
الآيات(10،11):
"فقال له بيلاطس أما تكلمني الست تعلم أن لي سلطاناً أن أصلبك وسلطاناً أن
أطلقك. أجاب يسوع لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق لذلك الذي
أسلمني إليك له خطية اعظم."
المسيح هنا يشرح
لبيلاطس من أين يستمد سلطانه، فهو يصحح معلومات بيلاطس. هنا المسيح يشرح لبيلاطس
أن الله هو ضابط الكل، وأن أي شئ يصيبنا هو بسماح من الله وليس بسبب سلطان الرؤساء.
فنحن في يد الله ولسنا في يد إنسان. فالله هو الذي أعطى السلطان للرؤساء [رو1:13+أع23:2+26:4-28].
وإن هذا ليشعرنا بمنتهى الإطمئنان. "التقليد القبطي يقول أن بيلاطس وزوجته
صارا مسيحيين وإستشهدا"
لهُ خطية أعظم= فبيلاطس
أخطأ لأنه إستخدم القانون المدني تقتل المسيح خوفاً ولكن رؤساء الكهنة خطيتهم أعظم
إذ هم إستخدموا الناموس الإلهي في تلفيق تهمة ضد المسيح، فهم خطيتهم تعتبر قتل مع
سبق الإصرار والتعمد.
آية(12): "من
هذا الوقت كان بيلاطس يطلب أن يطلقه ولكن اليهود كانوا يصرخون قائلين أن أطلقت هذا
فلست محباً لقيصر كل من يجعل نفسه ملكاً يقاوم قيصر."
رد المسيح على
بيلاطس جعله يزداد خوفاً، وكان يريد إطلاقه، وهنا يتمسح رئيس الكهنة بقيصر، فإن
رفض بيلاطس قتل المسيح يلصق به تهمة خيانة قيصر ورئيس الكهنة بفعلته هذه ترك الله
ليذهب لأوثان قيصر. في لحظة إنقلب هؤلاء اليهود المتعصبون للناموس إلى رومان
متعصبين لقيصر. محباً لقيصر= كان هذا لقب الضباط العظام الذين يقومون بأعمال جليلة
لحساب الإمبراطورية. واللقب المضاد "ليس محباً لقيصر" يشير للخيانة وهذا
ما قالوه لبيلاطس يقام قيصر. وكان طيباريوس قيصر سامعاً للوشايات يلقى بمن يتهم
بأنه ضده مع المنبوذين ويرفع من يسمع عنهم أنهم يحبونه. لذلك خاف بيلاطس أن تصل
هذه التهمة لطيباريوس. "ويقول يوسيفوس أن بيلاطس وُشى به بعد ثلاث سنوات عند
طيباريوس فعزله فإنتحر يأساً"
ولاحظ أن
السنهدريم حاكموا المسيح بتهمة دينية بأنه إدعى أنه إبن الله. (انظر المزيد عن هذا
الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ولما
ذهبوا لبيلاطس إتهموه بتهمة مدنية أنه ضد قيصر ويمنع دفع الجزية (لو2:23). ولماّ
برأه بيلاطس من هذه التهمة (لو14:23) بل وهيرودس (لو15:23) غيروا التهمة أمام
بيلاطس إلى تهمة دينية مرة أخرى (يو7:19). وحاول بيلاطس إطلاقه إذ شعر بزيف التهمة.
فغير اليهود كلامهم ثانية أن يسوع يقاوم قيصر (يو12:19). ما يحدث هو تلفيق تهم ضد
المسيح لقتله بآي وسيلة.
آية(13): "فلما
سمع بيلاطس هذا القول اخرج يسوع وجلس على كرسي الولاية في موضع يقال له البلاط
وبالعبرانية جباثا."
بيلاطس أدرك خطة
اليهود الخبيثة ضده فلم يجازف بحياته بل ضحى بالمسيح وكان شعاره فلأحيا أنا وليمت
المسيح. جلس على كرسي الولاية= لينطق بحكم الصلب ضد المسيح. جبّاثا= البلاط= هو
رصيف مرتفع مرصوف بقطع بلاط مرمر يتبع البيت وهو مرتفع مستدير ليراه كل الواقفين. يقع
بين قاعة أنطونيا وبين الهيكل. وكان يجلس عليه الوالي وقت إصدار الأحكام.
آية(14): "وكان
استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فقال لليهود هوذا ملككم."
هنا يحدد يوحنا
يوم الحكم= إستعداد الفصح وساعة الحكم= السادسة= أنظر موضوع الساعة السادسة فيما
يلي. ويوم الجمعة عموماً ماّ يسمى الإستعداد للسبت ولكن هذه الجمعة إسمها بالذات
إستعداد الفصح لأن الفصح كان يوم السبت لذلك سمى هذا السبت عظيماً (آية31) هوذا
ملككم= هنا بيلاطس يسخر من اليهود. ولكنه دون أن يدرى يسجل الحقيقة.
آية(15): "فصرخوا
خذه خذه اصلبه قال لهم بيلاطس أأصلب ملككم أجاب رؤساء الكهنة ليس لنا ملك إلا قيصر."
هم يريدون أن
يتخلصوا من المسيح الذي يبكتهم. أأصلب ملككم= فيها أيضاً سخرية من بيلاطس فاليهود
ملكهم هو الله. ولكنهم بلعوا السخرية بل زادوها بقولهم ليس لنا ملك إلاّ قيصر= ولنلاحظ
أن الذي قال ذلك ليس الشعب إنما رؤساء الكهنة وقارن مع (يو33:8). نجدهم هنا وقد
طمسوا معالم إيمانهم بل لقد جدّفوا. والله إستمع لما طلبوه فملًّك عليهم قيصر
فأذلهم بل أحرقهم وأحرق دولتهم وإستعبدهم وشتتهم في كل الأرض "مخيف هو الوقوع
في يدي الله الحي" (عب31:10) ولكن لنلاحظ أن الله إستخدم والٍ وثنى ليسمع
اليهود ورؤساء كهنتهم كلام حق.
آية(16): "فحينئذ
أسلمه إليهم ليصلب فاخذوا يسوع ومضوا به."
حسب القانون
الروماني كان يتحتم أن يمر يومان على الأقل بين صدور الحكم بالإعدام ويوم تنفيذه. بل
في أيام طيباريوس قيصر صارت المدة عشرة أيام، لعله يظهر دليل براءة للمتهم فلا يتم
التنفيذ. ولكن عموماً لم يراعى أحد القوانين في هذه القضية فاليهود متشوقين لقتله
سريعاً خوفاً من تردد بيلاطس. هم حسبوا أن بيلاطس قد يأمر ثانية بإطلاق سراحه. وجنود
الرومان ملهوفين على ذلك بدافع غطرستهم وتعصبهم لجنسهم (مزمور1:2،2) ومع أن الذي
قام بالصلب عساكر الرومان قيل اسلمه إليهم ليصلب فمسئولية الصلب واقعة على اليهود
حتماً.