منتدي الشهيدة دميانة
بسم الاب والابن والروح القدس
الالة الواحد امين
اهلا بكم فى منتدى مجموعة الشهيدة دميانة والاربعين عذراء
يسعدنا انضمامك الينا سجل دخولك الان

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي الشهيدة دميانة
بسم الاب والابن والروح القدس
الالة الواحد امين
اهلا بكم فى منتدى مجموعة الشهيدة دميانة والاربعين عذراء
يسعدنا انضمامك الينا سجل دخولك الان
منتدي الشهيدة دميانة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بالاعضاء والزوار

اد
ads
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 5 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 5 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 218 بتاريخ الجمعة 6 مايو 2011 - 16:36
المواضيع الأخيرة
» خلى الويندوز يبدأ بأسم الاب ويغلق بامضوا بسلام بصوت قداسة البابا+مفاجاه جامده جدا جدا 25 فيديو عن عمل صلبان واشكال بالسعف
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 11 أكتوبر 2015 - 23:35 من طرف ashraf zaher

» اسطوانة شامله كل الحان ومدايح وعظات ومقالات الصوم الكبير
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 18 مارس 2015 - 12:12 من طرف زائر

» استايلك المجانى والمميز معانا فى الابداع العربي
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 17 مارس 2015 - 23:14 من طرف ابن النيل

» الأربعاء, 4 مارس 2015 --- 25 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 3 مارس 2015 - 21:01 من طرف ramzy1913

» الثلاثاء, 3 مارس 2015 --- 24 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 2 مارس 2015 - 23:30 من طرف ramzy1913

» الأثنين, 2 مارس 2015 --- 23 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 1 مارس 2015 - 22:58 من طرف ramzy1913

» الأحد, 1 مارس 2015 --- 22 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 28 فبراير 2015 - 23:03 من طرف ramzy1913

» السبت, 28 فبراير 2015 --- 21 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 27 فبراير 2015 - 22:59 من طرف ramzy1913

» الجمعة, 27 فبراير 2015 --- 20 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 26 فبراير 2015 - 23:24 من طرف ramzy1913

» الخميس, 26 فبراير 2015 --- 19 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 26 فبراير 2015 - 6:01 من طرف ramzy1913

» الأربعاء, 25 فبراير 2015 --- 18 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 24 فبراير 2015 - 23:13 من طرف ramzy1913

» الثلاثاء, 24 فبراير 2015 --- 17 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 23 فبراير 2015 - 20:15 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 13 فبراير 2015 --- 6 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 13 فبراير 2015 - 11:30 من طرف ramzy1913

» قراءات الخميس, 12 فبراير 2015 --- 5 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 11 فبراير 2015 - 20:25 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء, 11 فبراير 2015 --- 4 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 10 فبراير 2015 - 22:41 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 10 فبراير 2015 --- 3 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 9 فبراير 2015 - 21:27 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 9 فبراير 2015 --- 2 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 8 فبراير 2015 - 23:06 من طرف ramzy1913

» الأحد, 8 فبراير 2015 --- 1 أمشير 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 7 فبراير 2015 - 23:59 من طرف ramzy1913

» راءات السبت, 7 فبراير 2015 --- 30 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 7 فبراير 2015 - 0:10 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 6 فبراير 2015 --- 29 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 6 فبراير 2015 - 10:52 من طرف ramzy1913

» الأربعاء, 4 فبراير 2015 --- 27 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 5 فبراير 2015 - 7:57 من طرف ramzy1913

» اسطوانة صلوات الاجبية المسموعة اصغر اسطوانة بمساحة 45 ميجا
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 4 فبراير 2015 - 14:06 من طرف pmg

» الأربعاء, 4 فبراير 2015 --- 27 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 4 فبراير 2015 - 6:04 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الثلاثاء, 3 فبراير 2015 --- 26 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 2 فبراير 2015 - 22:40 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأثنين, 2 فبراير 2015 --- 25 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 2 فبراير 2015 - 6:17 من طرف ramzy1913

» الأحد, 1 فبراير 2015 --- 24 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 1 فبراير 2015 - 8:27 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 30 يناير 2015 --- 22 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 30 يناير 2015 - 6:54 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء, 28 يناير 2015 --- 20 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 28 يناير 2015 - 5:50 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 27 يناير 2015 --- 19 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 27 يناير 2015 - 7:03 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 26 يناير 2015 --- 18 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 25 يناير 2015 - 22:40 من طرف ramzy1913

» الأحد, 25 يناير 2015 --- 17 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 24 يناير 2015 - 19:55 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت, 24 يناير 2015 --- 16 طوبة 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 24 يناير 2015 - 7:10 من طرف ramzy1913

» قراءات الخميس, 1 يناير 2015 --- 23 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 1 يناير 2015 - 1:16 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء, 31 ديسمبر 2014 --- 22 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 31 ديسمبر 2014 - 4:24 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 30 ديسمبر 2014 --- 21 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 29 ديسمبر 2014 - 21:43 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 29 ديسمبر 2014 --- 20 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 28 ديسمبر 2014 - 22:09 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأحد, 28 ديسمبر 2014 --- 19 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 27 ديسمبر 2014 - 23:13 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت, 27 ديسمبر 2014 --- 18 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 26 ديسمبر 2014 - 23:16 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 26 ديسمبر 2014 --- 17 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 26 ديسمبر 2014 - 11:16 من طرف ramzy1913

» قراءات الخميس, 25 ديسمبر 2014 --- 16 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 25 ديسمبر 2014 - 12:40 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء, 24 ديسمبر 2014 --- 15 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 24 ديسمبر 2014 - 7:33 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 23 ديسمبر 2014 --- 14 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 23 ديسمبر 2014 - 6:07 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 22 ديسمبر 2014 --- 13 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 22 ديسمبر 2014 - 8:11 من طرف ramzy1913

» b-r-cross القراءات اليومية الأحد, 21 ديسمبر 2014 --- 12 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 20 ديسمبر 2014 - 19:32 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 15 ديسمبر 2014 --- 6 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 14 ديسمبر 2014 - 20:47 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأحد, 14 ديسمبر 2014 --- 5 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 13 ديسمبر 2014 - 19:44 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت, 13 ديسمبر 2014 --- 4 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 13 ديسمبر 2014 - 5:44 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 12 ديسمبر 2014 --- 3 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 12 ديسمبر 2014 - 6:10 من طرف ramzy1913

» قراءات الخميس, 11 ديسمبر 2014 --- 2 كيهك 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 10 ديسمبر 2014 - 23:23 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 9 ديسمبر 2014 --- 30 هاتور 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 9 ديسمبر 2014 - 3:00 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 8 ديسمبر 2014 --- 29 هاتور 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 8 ديسمبر 2014 - 5:07 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأحد, 7 ديسمبر 2014 --- 28 هاتور 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 6 ديسمبر 2014 - 21:44 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت, 6 ديسمبر 2014 --- 27 هاتور 1731
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 6 ديسمبر 2014 - 6:01 من طرف ramzy1913

» برنامج Coptic Calendar
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 5 أكتوبر 2014 - 20:15 من طرف سان جورج

» كلمات ترنيمة انا السامرية
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 16 يناير 2014 - 12:01 من طرف makariosgadallh

» قراءات الثلاثاء, 13 اغسطس 2013 --- 7 مسرى 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 12 أغسطس 2013 - 22:26 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 12 اغسطس 2013 --- 6 مسرى 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 12 أغسطس 2013 - 0:21 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأحد, 11 اغسطس 2013 --- 5 مسرى 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 11 أغسطس 2013 - 0:12 من طرف ramzy1913

» العذراء مريم فخر ورائدة البتولية
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 10 أغسطس 2013 - 15:49 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت, 10 اغسطس 2013 --- 4 مسرى 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 9 أغسطس 2013 - 22:15 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأربعاء, 7 اغسطس 2013 --- 1 مسرى 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 7 أغسطس 2013 - 3:14 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 6 اغسطس 2013 --- 30 أبيب 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 6 أغسطس 2013 - 6:52 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 5 اغسطس 2013 --- 29 أبيب 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 5 أغسطس 2013 - 8:04 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأحد, 4 اغسطس 2013 --- 28 أبيب 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 4 أغسطس 2013 - 3:45 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت, 3 اغسطس 2013 --- 27 أبيب 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 4 أغسطس 2013 - 3:21 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 2 اغسطس 2013 --- 26 أبيب 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 4 أغسطس 2013 - 2:58 من طرف ramzy1913

» نهنئ البابا تواضروس باليوبيل الفضي لرهبنته
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 31 يوليو 2013 - 21:26 من طرف ramzy1913

» نيران الخدمةأولاً: نار الخطايا والشهوات (نار الخطية
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالإثنين 29 يوليو 2013 - 7:16 من طرف ramzy1913

» لماذا يصلى المسيحيون ناحيـة الشـــــــرق ؟
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 28 يوليو 2013 - 11:51 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية قراءات الأحد الثالث من أبيب28 يوليو 2013 --- 21 أبيب 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 28 يوليو 2013 - 9:05 من طرف ramzy1913

» لماذا يضطرب قلبك وينزعج؟
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 27 يوليو 2013 - 8:28 من طرف ramzy1913

» كل سنه وانتوا طيبين بمناسبه عيد الرسل
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 12 يوليو 2013 - 12:10 من طرف ramzy1913

» القانون الروحى
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 12 يوليو 2013 - 8:15 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة, 28 يونية 2013 --- 21 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 28 يونيو 2013 - 5:51 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء, 26 يونية 2013 --- 19 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 26 يونيو 2013 - 6:52 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 25 يونية 2013 --- 18 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2013 - 6:12 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 25 يونية 2013 --- 18 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2013 - 6:12 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 25 يونية 2013 --- 18 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2013 - 6:12 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 25 يونية 2013 --- 18 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2013 - 6:12 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء, 25 يونية 2013 --- 18 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 25 يونيو 2013 - 6:12 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 24 يونية 2013 --- 17 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 23 يونيو 2013 - 20:34 من طرف ramzy1913

» قراءات الأثنين, 24 يونية 2013 --- 17 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 23 يونيو 2013 - 20:34 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الأحد, 23 يونية 2013 --- 16 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالسبت 22 يونيو 2013 - 15:39 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 20 يونيو 2013 - 20:23 من طرف ramzy1913

» قراءات الخميس من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 20 يونيو 2013 - 6:31 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 19 يونيو 2013 - 5:19 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 19 يونيو 2013 - 5:19 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 19 يونيو 2013 - 5:19 من طرف ramzy1913

» مَن نسمح له يدخل قلوبنا ليفرحها؟
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 18 يونيو 2013 - 13:56 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 18 يونيو 2013 - 5:51 من طرف ramzy1913

» قراءات الثلاثاء من الأسبوع السابع من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالثلاثاء 18 يونيو 2013 - 5:51 من طرف ramzy1913

» قراءات عيد مجيء المسيح إلى أرض مصر
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأحد 16 يونيو 2013 - 7:23 من طرف ramzy1913

» قراءات السبت من الأسبوع السادس من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 14 يونيو 2013 - 8:00 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة من الأسبوع السادس من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 14 يونيو 2013 - 7:43 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة من الأسبوع السادس من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 14 يونيو 2013 - 7:33 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة من الأسبوع السادس من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 14 يونيو 2013 - 7:30 من طرف ramzy1913

» قراءات الجمعة من الأسبوع السادس من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالجمعة 14 يونيو 2013 - 7:29 من طرف ramzy1913

» القراءات اليومية الخميس 13 يونية 2013 --- 6 بؤونة 1729
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالخميس 13 يونيو 2013 - 6:37 من طرف ramzy1913

» قراءات الأربعاء من الأسبوع السادس من الخماسين المقدسة
3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني Emptyالأربعاء 12 يونيو 2013 - 6:33 من طرف ramzy1913

Google
Google
GL7G765ADT2X

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

3- مقارنة بين صلاة المسيح في (يو17) وبين صلاة بستان جثسيماني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

admin

admin
Admin
Admin

ملخص الإصحاحات السابقة (14،15،16) مقدمة لإصحاح(17)

تكلم المسيح عن
الإيمان به وبأنه يجب على المؤمن أن يقبل شركة صليبه فيتحمل الآلام والإضطهاد
والرفض. وأن هذا سيعطي للنفس فرح حقيقي كأنها جازت الموت والقيامة وغلبت العالم.
وهذا يحمل معنى إتحاد النفس بالمسيح فتجوز في نفس الطريق لأن المسيح هو الطريق.
فهو يأخذنا فيه. ولذلك بدأ المسيح بغسل الأرجل لينقي تلاميذه إستعداداً لهذا
الإتحاد فلا شركة للنور مع الظلمة. ودعا تلاميذه للمحبة ليتحدوا فبدون محبتهم له
ومحبتهم لبعضهم البعض فلا إتحاد معه. لذلك فالوصية الجديدة للعالم هي المحبة
(34:13) وهي على شكل محبة المسيح الباذلة. والمسيح صوَّر هذه الوحدة بمثل الكرمة
والأغصان وأن على الأغصان (المؤمنين) أن يكون لهم ثمار وبهذه الثمار يتمجد الآب
(8:15). وهنا نرى أن وحدة المسيح مع تلاميذه هي التي أنشأت هذا الثمر. وهذه الوحدة
هي فعل لمحبة الآب التي إستعلنت في المسيح. فأن يكون هناك ثمر فهذا هو الرد
المباشر لمحبة الآب. وحتى الإضطهاد الذي سيجوزه التلاميذ في العالم فهو ثمرة
الوحدة مع المسيح (أع4:9 + يو20:15،21) والمسيح يتألم أيضاً لآلامنا (أش9:63).
وإرسال الروح القدس سيكون لتعميق هذه الوحدة والحفاظ عليها ومن خلال هذه الوحدة
يعلن المسيح أسراره لأحبائه (15:15). وهذا الإتحاد كان من نتائجه أن المسيح بموته
إفتدى البشر وأعطاهم حياته (غل20:2). والمسيح أعطى تلاميذه جسده ودمه لتثبيت هذه
الوحدة. وكأن الحب الذي يربط المسيح بكنيسته وتلاميذه وبالتالي الوحدة بين المسيح
وكنيسته هو من نفس نوع وعلى شكل محبة الآب للإبن والوحدة بينهما (9:15).


صلاة المسيح في
(يو17) طابعها المجد وإستعلان ملء لاهوته، أمّا صلاة بستان جثسيماني حينما عرق
دماً وطلب إعفائه من شرب الكأس (عب7:5 + مر36:14 + لو44:22) فطابعها ملء ناسوته
والذي فيه أخلى المسيح ذاته (في7:2،8) وفي كلا الصلاتين نرى الكلمة صار جسداً
(يو14:1). والله ظهر في الجسد (1تي16:3). أي نرى الإله المتجسد الذي قبل أن يحمل
ضعف الإنسان ليرفعه ليحيا في السماويات.


أين صلى المسيح هذه الصلاة؟

في (يو1:18) قيل
أنه خرج مع تلاميذه إلى عبر وادي قدرون. وهذا قيل بعد أن أنهى المسيح صلاته
الشفاعية في (ص17). ووادي قدرون هذا يفصل بين الهيكل وبين جبل الزيتون حيث بستان
جثسيماني. فيكون غالباً أن المسيح قال هذه الصلاة في الهيكل، في بيت الله يقدم هذه
الصلاة للآب أبيه فبيت أبيه بيت الصلاة يُدعى. وهي صلاة فيها مجد للإبن وللآب،
وللإنسان، فقد كان عمل المسيح الذي تممه هو أن يعطي للإنسان مجداً.


صلاة المسيح الشفاعية الأخيرة للآب

وهي موضوع الإصحاح
(17). وهي طلبات مباركة رفعها الرب يسوع من أجل التلاميذ ومن أجل المؤمنين أعضاء
كنيسته. وفيها نرى علاقة إبن الله بأبيه. وكيف أنهما واحد، جوهر واحد متحد في كيان
واحد يتسامى على فهم البشر، إلاّ للذين يُعطِى لهم الله أن يدركوا وأن يفهموا،
وهؤلاء هم من الأنقياء القديسين المؤمنين الذين يفتح الله بصيرتهم ليروا بعين
الروح لا الجسد.


هي صلاة تكريس

فالمسيح أنهى
تعاليمه للتلاميذ بقوله "ثقوا أنا قد غلبت العالم" (33:16). وهذه كانت
المدخل لصلاة التكريس التي كرَّس فيها نفسه للموت كآخر مرحلة من مراحل خطة الخلاص
التي جاء بها من عند الآب. وقوله أنا قد غلبت العالم تعني أنه بلا خطية، وأنه قدوس
لا تمنعه خطية واحدة من أن يقدم ذاته ذبيحة لأجل الآخرين. وبقداسته الكاملة تأهل
أن تكون ذبيحته شاملة لكل العالم، فهو غلب في معركة العالم وبناء عليه إستحق أن
تقبل ذبيحته ويُعْلَنْ مجده فَتُفْهَمْ ذبيحته أنها ذبيحة إلهية. وكل من يشترك في
هذه الذبيحة يشترك في إنتصارها فهي ذبيحة إنتصار لحسابنا (1يو4:5،5) ونحن نشترك في
الذبيحة بالإيمان والتناول من الذبيحة وعدم التعلق بالخطية والعالم ومن يغلب سيجلس
مع المسيح في عرشه (رؤ1:3). ولأن المسيح غلب العالم فهو إستطاع أن يغلب الموت (يو30:14
+ رؤ2:6)


هي صلاة شفاعية

فيها يطلب المسيح
من أجل خاصته وأحباءه والمؤمنين به. نرى فيها محبة فياضة يفيض بها قلبه نحوهم. في
هذه الصلاة نرى صورة لشفاعته عنا في السماء. ونلاحظ أن شفاعة المسيح هذه ليست لكل
العالم بل لمن قال عنهم "الذين أعطيتني" وهذه العبارة تكررت في هذا
الإصحاح (7مرات) ويعني بها المؤمنين الذين آمنوا به وإتحدوا به في المعمودية وظلوا
حياتهم في حياة توبة. أي صاروا جسده من لحمه ومن عظامه (أف30:5).


في (يو31:13) حينما
خرج يهوذا لتدبير مؤامرته قال المسيح الآن تمجد إبن الإنسان وفي (يو1:17) يبدأ
صلاته بقوله أيها الآب قد أتت الساعة مجد إبنك. ففي بداية حديثه مع تلاميذه والذي
بدأ بالآية (يو31:13) وإنتهى بنهاية (ص16) وفي بداية حديثه مع الآب يشير لمجده
الذي سيظهر في الصليب، يشير للصليب الذي يكلله المجد. المجد الذي كان بطاعته
الكاملة للآب، طاعة حتى الصليب. ومحبة كاملة للآب وللبشر الذين سيصلب من أجلهم.
الصليب بداية لأن يجلس بجسده عن يمين الآب في مجد، هو أراد أن يعطيه للإنسان
فبالصليب كانت النصرة على قوات الظلمة والجحيم. وبه تم تقييد إبليس. وهو العلامة
المرعبة لإبليس دائماً.


أقسام الصلاة الشفاعية

(الآيات 1-5):
تدور حول مجد الإبن الذي هو مشترك مع مجد الآب. والإبن يطلبه لحساب الإنسان عموماً.


(الآيات6-19):
تدور حول حفظ وتقديس تلاميذه.


(الآيات20-26):
تختص بوحدة الكنيسة على طول المدى.


الإصحاح السابع عشر:

آية (1):
"تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال أيها الآب قد أتت الساعة مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً."


رفع عينيه نحو
السماء وقال= نحو السماء= إشارة لأنه بدأ يتحدث مع الآب، بدلاً من كلامه مع
التلاميذ. المسيح هنا يدخل في حديث إلهي. فالسماء رمز الحضرة الإلهية. هو حديث
إلهي بين الآب والإبن. ولكنه على مستوى الإنسان لنسمع ونفهم ونرتقي للمستوى الروحي
فالإنسان مدعو للدخول في شركة الآب والإبن (1يو3:1). لذلك قصد السيد المسيح أن
تكون هذه الصلاة مسموعة لنسمعها ونفهمها لندخل في هذه الشركة مع الله. أيها الآب=
لم يقل يا أبانا كأننا صرنا مثله وصار هو إنساناً واحداً من البشر لا يفترق عنهم،
بل هو الإبن الوحيد الجنس للآب، إبن الآب بالطبيعة. ولكن المؤمنين هم أبناء
بالتبني (يو17:20). ولم يقل يا أبي فهو بفدائه الذي سيتم بعد قليل سيعطي للإنسان
البنوة فيه. فهو هنا يتكلم لا كواحد من البشر بل كرأس للخليقة الجديدة المدعوة
للتبني، هو هنا يمثل هذه الخليقة (رو15:8 + غل6:4). قد أتت الساعة= هي ساعة متفق
عليها بين الآب والإبن. إذاً المسيح يعرف تماماً هذه الساعة التي ستبدأ بالصلب
والمهانة ثم المجد. مجد إبنك ليمجدك إبنك أيضاً= بداية مجد الإبن كانت بطاعته للآب
وقبوله للصليب فبالصليب النصرة (في6:2-11 + يو13:12-16 + 19:21 + 23:12). والمسيح
يتمجد أيضاً بإستعلان طبيعته الإلهية أمام العالم بقيامته وإنتصاره على الموت
(وهذا يعني قبول الآب لذبيحة إبنه وعمله) وإنتصاره بالموت على الموت وكسره لشوكة
الموت وفتح بفدائه باب السماء للناس ليعطيهم حياة أبدية. والآب يمجد الإبن بتعضيده
وتأييده ليكسر شوكة الموت ثم برفعه وأن يعطيه إسماً فوق كل إسم. وحينما يتمجد
الإبن يتمجد الآب أيضاً حينما يعلم البشر أن خطة الخلاص بدأت بإرسال الآب لإبنه
(في9:2-11). وسيتمجد الآب حين يستعلن الإبن الآب ومحبته للبشر. ونرى هنا العلاقة
الواضحة بين مجد الإبن ومجد الآب فهي علاقة متبادلة على المستوى الواحد
(يو27:12-30). فالآب يتمجد بالإبن كما تمجد الإبن بالآب (يو31:13). وقول المسيح
"إبنك" ولم يقول الإبن فيه إشارة أن تمجيد الإبن شرط ليتمجد الآب فالإبن
هنا منسوب للآب. مجد الإبن ظهر أولاً في أنه فعل ما فشل البشر أن يقوموا به. وما
فشل فيه الإنسان هو طاعة الله وهذا ما قام به المسيح. وقمة طاعة الإبن كانت في
الصليب، قمة الطاعة. والمؤمنين سيكون لهم هم أيضاً مجد ولكنه إنعكاس لمجد الله
عليهم "لأننا سنراه كما هو" (1يو2:3) ولكن نجماً يمتاز عن نجم في المجد
بحسب القرب أو البعد من الله يصدر كل مجد (رو30:8 + 1كو41:15).


مجد إبنك ليمجدك
إبنك= هل الآب محتاج لأن يتمجد أو هل الإبن محتاج لأن يتمجد؟ الآب في الإبن والإبن
في الآب منذ الأزل في مجد. ولكن الإبن أخلى ذاته وأخذ صورة عبد وأتى للصليب لكي
يمجد الإنسان، ليعطي مجداً للإنسان (22:17). فالمجد الذي يطلبه المسيح هو للإنسان،
يتمجد ليعطينا هذا المجد (رو17:8).


مجد إبنك= أنا ذاهب
للصليب وأطلب القيامة والصعود وإظهار المجد الخاص بي كإبن فكل هذا سيكون للإنسان.
فالآب مجد إبنه المسيح في قبول عمله ونصرته على قوات الجحيم والموت.


ليمجدك إبنك= لكي أظهر محبتك للبشر فيحبوك ولكي أعلن لهم أبوتك.
فالمسيح أتى ليستعلن محبة الآب والمجد الذي يريد الآب أن يعطيه للبشر.


وفي (ص12) حين طلب
اليونانيون أن يروا يسوع. قال المسيح "مجد إبنك" فجاء صوت من السماء
"مجدت وأمجد أيضاً" فقال المسيح "هذا الصوت كان لأجلكم" أي
لتعرفوا أن المجد الذي أطلبه هو لكم.


هل لو فهم كل إنسان
أن هذا المجد السماوي معد له يرجع إلى خطيته أو إهتمامه بشهوات العالم الباطلة.


إن هدف المسيح من
تجسده ليس فقط غفران الخطية. بل بعد غفران الخطية نصير طاهرين فنثبت في المسيح
فيأخذنا للحياة الأبدية في مجد. والمسيح صلي هذه الصلاة بصوت مسموع لنعرف إرادة
الله من نحونا فتتغير شكل عبادتنا:-


1. لا نعود نعبد إله مرعب مخيف منتقم، بل إله، أب، محب نقول له "أبانا الذي.."
2. نحتقر شهوات هذا العالم في مقابل هذا المجد.

3. أمام هذا الحب الإلهي نقدم كل شئ حتى حياتنا لمن أحبنا كل هذا الحب.
4. لا تعود عبادتنا عبادة نفعية، كل ما نريده منها الماديات، بل تكون أعيننا نحو هذا المجد.

والمجد الذي كان
للمسيح ويطلبه هنا هو مستحق لأنه غلب كإنسان فكان بلا خطية على الأرض ثم غلب الموت
بصليبه (يو33:16). وبهذه الغلبة دخل لقدس الأقداس عند الآب ليحملنا فيه. هو رئيس
كهنتنا الذي يدخل لقدس الأقداس وحده، لكن رئيس الكهنة اليهودي كان يدخل وحده،
ومسيحنا دخل وحده ليتمجد الآن. ولكن ذلك لحساب الكنيسة التي يطلب المسيح لها المجد
(22:17). وهذا العمل الذي عمله المسيح كان ليستعلن لنا الله، فنعرفه فتكون لنا
حياة (آية3) ولذلك يقول يوحنا "والحياة أظهرت" (1يو2:1)


آية (2):
"إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته."


المسيح سبق وطلب أن
يتمجد في الآية السابقة. وهنا نرى لماذا طلب المسيح أن يتمجد بل وأن يتجسد ويصلب
ويقوم ويصعد فيتمجد؟ فهو فعل كل هذا ليعطي حياة أبدية للبشر، جلس عن يمين الآب
ليرسل الروح القدس المحيي ليقدس ويعطي حياة أبدية. وكل من له حياة أبدية يظل يمجد
الآب والإبن هنا على الأرض وفي السماء وإلى الأبد فما يطلبه المسيح كغالب للموت
وجالس عن يمين الآب هو لصالح البشر ليكون لهم حياة أبدية. إذ= تأتي بمعنى كما (كما
جاء في يو21:17،22). والمعنى أن الآب كما أعطى للإبن أن يتمجد بفدائه للبشر أعطاه
أيضاً سلطاناً أن يهب كل جسد الحياة الأبدية.


سلطاناً على كل
جسد= هذا القول يفيد ألوهية المسيح. فمن هو الذي له سلطان على كل البشر سوى الله
(قارن مز2:65 مع يو35:3 + 22:5 + 3:13) كل بشر في (مزمور 2:65) أي كل جسد، فالله
وحده له السلطان على كل جسد وهذا السلطان هو للمسيح. ولكن ما معنى أن الآب يعطي
سلطاناً للإبن؟ أليس الآب والإبن واحداً؟ هذه الآية وردت بنفس المفهوم في (يو26:5)
"لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الإبن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته"


والمعنى أنه طالما أن للإبن له حياة في ذاته فهو له السلطان أن يعطي هذه الحياة لمن يريد.
ومن له سلطان أن يعطي حياة فهو الله.


ولكن لنفهم معنى
الآية. فالآب يريد والإبن والروح القدس ينفذان إرادة الآب، يترجمان إرادة الآب إلى
فعل. هنا نعود للآية الأولى في الإنجيل (يو1:1) فنجد الإنجيل الفرنسي يترجم
"الكلمة" (VERBE) أي فعل. فالإبن يترجم إرادة الآب إلى فعل. ويكون المعنى أنه في
توزيع الأدوار أو توزيع العمل داخل الثالوث، صار للإبن حياة في ذاته ويعطيها لمن
يشاء وبهذا يترجم إرادة الآب في أن يحيا الإنسان. الآب هو طاقة الحياة والإبن ينفذ
ويفعل ويترجم إرادة الآب في أنه يعطي حياة لمن يريد، فهذا في سلطانه.


ولكن الإبن لأنه
مولود من الآب فهو ينسب السلطان للآب المولود منه. ولكن إذا وضعنا أمامنا الآيات
الأخرى "أنا في الآب والآب فيّ" (يو38:10). "أنا والآب واحد"
(يو30:10) "كل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي" (يو10:17). نفهم أن
الإبن له نفس السلطان. فالسلطان ليس من مصدر خارجي لأن الإبن واحد مع الآب في
الطبيعة الإلهية. ولكنه يقول هذا لأنه قبل في طاعة أن ينفذ إرادة الآب ليتمم
خلاصنا ومصالحتنا معه. فهو هنا يتكلم كمنفذ لإرادة الآب. هذه العبارة تماثل
"كل ما أراني الآب أفعله" (يو19:5-21). وتماثل أيضاً "وأعطاه
سلطاناً أن يدين" (يو27:5). هذه عن الأفعال. وأما عن الأقوال فيقول "كما
أسمع أدين. أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً (يو30:5). فهنا تعني تطابق الإرادة،
فهو لا يقدر أن يفعل إلاّ ما يريده الآب فإرادتهما واحدة متطابقة لكن الآب يريد
والإبن يفعل. وأيضاً "وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم" (يو26:8).
وقيل هذا عن الروح القدس "لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به
ويخبركم بأمور آتية" (يو13:16). وحين لا يريد الآب إعلان الساعة فالإبن لا
يعلنها ويقول وحتى الإبن لا يعرف. ويكون المقصود أنه لن يفعل فهو لا يفعل (أي لن
يعلن) إلاّ ما يريده الآب. فالآب له الإرادة والإبن له الفعل.


لكل من أعطيته= سبق
ورأينا أن المسيح له سلطان أن يعطي حياة أبدية ولكننا هنا نراها مقصورة على من
أعطاهم الآب للإبن فقط.. فهل هناك تضاد في المعنى؟ أو هل الآب قَيَّدَ حرية المسيح
مرة أخرى في سلطانه المطلق على البشر في أن يعطيهم حياة أبدية؟ العالم كله للآب.
ومن أعطاهم الآب للإبن هم من آمنوا وإعتمدوا فصاروا جزءاً من جسده.


لنفهم الإجابة عن
هذه التساؤلات نراجع الآيات (يو21:5-30). وفيها نرى أن المسيح إمّا يهب حياة أبدية
لمن يؤمن أو يُدين من لم يؤمنوا. فمن الذي سيعطي له الآب حياة أبدية؟ .. هو من
يقبل المسيح ويؤمن به. وأمّا من يرفض الحياة الأبدية التي يقدمها الآب برفضه
للمسيح يكون سلطان المسيح عليه هنا للدينونة. فالمسيح له سلطان على كل جسد إمّا
بإعطائه حياة أبدية أو بدينونته. المسيح يعطي بالفعل والآب يعطي بالمشيئة
والإختيار ويستحيل فصل الفعل عن المشيئة المتممة له ولا المشيئة عن الفعل. ونرى
هنا أن كلمة كل ترددت مرتين الأولى تشير لسلطان المسيح على كل البشر والثانية تشير
للمؤمنين الذين هم خاصة المسيح (14:10).


آية (3):
"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته."


هنا يُعرِّف المسيح
الحياة الأبدية.. وهي أن نعرف الله الآب والمسيح يسوع. والمسيح هو القيامة والحياة
(يو25:11). والمسيح له الحياة في ذاته مثل الآب وهو يحيي من يشاء (21:5،26) ولأنه
تجسد فهو أعطى العالم هذه الحياة بتجسده (37:6) وبالذات لأخصائه (28:10) وللذين
يسمعونه ويدخل صوته إلى أعماق قلوبهم (24:5). فالمسيح هو الحياة أي قوة فعّالة
محيية. وهو يعطينا هذا ليقدمنا لله أبيه (6:14) والوسائل التي إستودعها سر الحياة
هي في المعمودية (5:3) وفيها نموت ونقوم لنحيا معه إذ نتحد به (رو3:6-5)
والإفخارستيا (35:6،48) وفي كلامه المحيي (63:6،68). وفي الإيمان (37:7) وفي
(63:6،68). نرى أن كلام الله محيي (قارن مع مت 4:4). وهنا نرى الرابطة بين الحياة
والمعرفة. فكلام الله الذي أوحى به الروح القدس (لكل من كتب الكتاب المقدس) له
القدرة أن يحيي ويلدنا من جديد (1بط23:1). وهذه أهمية دراسة الكتاب المقدس لذلك
يقول أحد الآباء أن الكتاب المقدس هو كلمة الله والمسيح هو كلمة الله.. لذلك
فحينما نتأمل في الكتاب المقدس نرى صورة المسيح فنعرفه ونحبه ويتحول الحب إلى فرح.


الحياة والنور

المسيح هو الحياة.
وهو قال "أنا هو النور" (12:8). وفي (4:1) نسمع أن الحياة كانت نور
الناس. فمن يعطيه المسيح حياته يدخل نوره إلى قلبه فيفتح وعيه فيدرك الله ويعرفه
ويعيش في حضرته (1يو1:1-5). والعقل لا يمكنه إدراك هذه الحياة الأبدية، فالعقل لا
يُدْرِكْ سوى الملموسات بالحواس الخارجية. ولكن الروح القدس المعطي لنا يعيننا على
أن ندركها هنا إدراكاً جزئياً بإستعلان يأتي من فوق، من خارج الكيان الإنساني
(1كو9:2-12). هنا نرى أن الروح القدس يقود عقل الإنسان فيدرك ما لا يمكنه إدراكه
وحدهُ. بل الروح القدس يقود الحياة كلها، فكر الإنسان وعمله ليكون بحسب مشيئة الله
سواء بالفكر أو بالعمل ليكون الله غاية كل شئ. ولأن الحياة هي حياة المسيح والمسيح
لن يموت ثانية فنحن صارت لنا حياة أبدية (رو9:6). وسمات هذه الحياة الأبدية أن
يتذوق فيها الإنسان لذة الفرح الروحي والسلام الذي يعطيه المسيح الذي يفوق كل عقل
(لذلك أطلق أباء اليهود على مجد الله الذي يظهر من بين كاروبي تابوت العهد لفظ
شكينة وهي من السكينة والسلام الذي يملأ القلب حين يرى مجد الله) ولكن مهما كان
السلام والفرح الذي نتذوقه هنا فهو كسبق مذاق، كعربون مما سنحصل عليه من فرح أبدي،
هو عربون الملء الذي سنحصل عليه. ونلاحظ أنه كلما عرفنا شيئاً عن الله نفرح. فهل
يمكن للإنسان أن يعرف الله بالكمال والتمام حتى في الأبدية؟ الله غير متناهي
والإنسان حتى في الأبدية سيظل محدوداً غير قادر أن يدرك الله ويعرفه تماماً. لكن
الله سيكشف له كل يوم جديداً فيفرح إلى درجة أنه لا يستطيع أن يفرح أكثر
لمحدوديته، فيعطيه الله إتساعاً أكثر.. فيدرك ويعرف أكثر.. وهكذا. وهذا لن ينتهي
فالله غير متناهي وهكذا نستمر للأبد نعرف شيئاً جديداً عن الله فنفرح ويزداد فرحنا للأبد.


والمؤمن يبدأ طريق
الحياة الأبدية أي معرفة الله التي تعطي هذا الفرح هنا على الأرض حينما يقدم توبة
حقيقية ويعطي للروح القدس أن يقود حياته ولا يقاومه أو يحزنه. ويكون هذا بالنسبة
للمؤمن كأنه يولد من جديد فالتوبة يسميها الآباء معمودية ثانية. والروح يقود
المؤمن التائب ويرتقي بأفكاره وأعماله كأنه وُلِدَ من جديد.


وفي مقابل الحياة
الأبدية التي يحياها المؤمن التائب يحيا الآخرين في حياة وهمية في لذات مؤقتة
مخادعة للحظات تنتهي ويعودوا لكآبتهم وأحزانهم. أمّا حياة المؤمن الأبدية التي
يبدأها من هنا في عشرة المسيح فهي حياة الفرح الحقيقي والسلام الحقيقي. بل أن كل
من تذوق لذة الفرح الروحي والسلام الذي يعطيه المسيح عاش هذه الأبدية. هو ربما
يتذوقها في دراسته للكتاب المقدس أو في قداس أو في الصلاة. وهذه اللحظات التي
يتذوق فيها الإنسان لذة الفرح الروحي تعطيه قوة للصمود في وجه الضيقات وآلام هذا
العالم. بل يحيا مشتاقاً لحياة ملء الفرح في الأبدية (في23:1).


أنت الإله الحقيقي
وحدك ويسوع المسيح= المسيح يعطي الحياة بالفعل والآب يعطي الحياة بالمشيئة. فالآب
والإبن يشتركان في إعطاء الحياة الأبدية. وعلى ذلك يتحتم أن تكون الحياة الأبدية
هي معرفة الآب والإبن معاً. وإدراك سر الله والخلاص وإدراك محبة الله الآب الذي
بذل إبنه وإدراك محبة الإبن الذي قدَّم ذاته في حب يسمو عن التعبير. وهذه العبارة
تشير للمساواة بين الآب والإبن. فهي إذاً برهان على لاهوت المسيح فمعرفة الآب
موازية لمعرفة يسوع المسيح. ونلاحظ قوله يسوع (أي المخلص) المسيح وهذه وظيفته
بإعتباره الممسوح من الله بالروح القدس ليكون رئيساً وملكاً على كنيسته ورئيس كهنة
يقدم ذبيحة نفسه ليقربنا لله أبيه. وحدك= أي دون الآلهة الوثنية وإبليس أو كل ما
يؤلهه الإنسان في حياته كالذات والشهوات. ومعلمنا يوحنا يصف هذه الحياة الأبدية
بأنها عشرة مع الآب والإبن (1يو1:1-4) وفي هذه الآيات نرى معلمنا يوحنا يكلمنا عن
المسيح الذي رآه وعرفه ولمسه. فيكف نرى المسيح ونلمسه ونعرفه؟ هذا يناله من يحبه
ويؤمن به.. وكيف نصل لدرجة الحب؟ .. هذا يأتي من العشرة مع المسيح في صلواتنا
ودراستنا للكتاب المقدس وحضور القداسات والتناول. ومن أحب المسيح وقال مع عروس
النشيد "أنا لحبيبي وحبيبي لي" يُعلِنْ له المسيح ذاته. والتعرف على
المسيح هو هو التعرف على الآب لأن رسالة المسيح هي إستعلان الآب الذي فيه
(يو9:14). ومعرفة الآب والإبن هي بعينها شركة مع الآب والإبن. وقول يوحنا
"فإن الحياة أظهرت" فهذا إشارة للتجسد الذي به عرفنا الآب والإبن.


هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك

كلمة يعرف في الكتاب المقدس تشير للإتحاد

"وعرف آدم
حواء امرأته فحبلت وولدت قايين" (تك1:4) وهذا لأنهما صارا جسداً واحداً
"يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكونان جسداً واحداً" (تك24:2)
وأيضاً يقال "ليس أحد يعرف من هو الإبن إلاّ الآب ولا من هو الآب إلاّ الإبن
ومن أراد الإبن أن يعلن له" (لو22:10). ففي هذه نرى الآب يعرف الإبن والإبن
يعرف الآب. لأن الآب والإبن واحد (يو30:10) والآب في الإبن والإبن في الآب
(يو38:10). وبهذا نفهم أن المعرفة إتحاد. ولأن المسيح يقول "ومن أراد الإبن
أن يعلن له" أي من أراد الإبن أن يعلن له الآب ويعلن له الإبن، أي يعطيه أن
يعرف الآب والإبن، وفي هذه المعرفة إتحاد والإتحاد يعني حياة. فالإتحاد مع المسيح
يعني أن المسيح يعطيني حياته (في21:1 + غل20:2) وهذه الحياة حياة أبدية، فالمسيح
إذ قام "لا يسود عليه الموت بعد" (رو9:6).


وهذا الثبات في
المسيح أو الإتحاد ينمو وكلما حدث النمو تحدث معرفة المسيح، ولكنها ليست معرفة من
خارج، كما يعرف إنساناً إنسان آخر، بل معرفة من خلال الإتحاد "وأوجد فيه..
لأعرفه" (في9:3،10). فكلما زاد الإتحاد تنمو المعرفة ويزداد الوضوح، وضوح
الرؤية والإستعلان. فالمعرفة هي معرفة إتحاد وحب، وإدراك لمحبة الله العجيبة لنا،
وبالتالي مبادلته حباً بحب. فالمعرفة هي حالة حب حقيقي مع الله، وتذوق وإختبار
لمحبة الله. فالله محبة والله حياة فمن أدرك وتذوق المحبة صارت له حياة.


والرؤية هنا على
الأرض محدودة. فالقداس الغريغوري وصف الله هكذا "غير الزمني، غير
المحدود.." لكن ما هو الله بالضبط فهذا لا يعبر عنه بالضبط على الأرض.


والسماء فيها إتحاد
على مستوى أكبر بكثير من الأرض تم التعبير عنه بالعرس (رؤ7:19) وهناك على هذا
المستوى نعرف الله (2كو18:3 + 1كو12:13) هذا الإتحاد هو ما عبر عنه المسيح بقوله
"أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي" (مت29:26) فهو إتحاد على مستوى جديد،
ومعرفة على مستوى "وجهاً لوجه" على مستوى زيجي والمعرفة إتحاد، والإتحاد
حياة أبدية. والحياة الأبدية مجد وفرح أبدي بمعرفة هذا الذي أحبنا كل هذا الحب
وأعد لنا كل هذا المجد، ويحملنا فيه إليه.


أنت الإله الحقيقي
وحدك= هنا المسيح يوجه كلامه للآب. وكلمة وحدك عائدة على الله مثلث الأقانيم. ونحن
حين نوجه كلامنا للمسيح نقول له أيضاً أنت الإله الحقيقي، لأن صفة الألوهة هي للآب
كما للإبن. والله واحد غير منقسم ولا منفصل. الله هو الحق والعالم وما فيه باطل
ومن يعرف الحق يختاره فيحيا ومن يختار الباطل يموت ويستعبد فكلمة حقيقي تعني
الثابت غير المتغير، أما العالم فسيفنى وهو متغير ومخادع. وقوله وحدك= فالوثنيين
يعبدون آلهة أخرى. وهناك من يعبد المال مثلاً أو الشهوات أو ذاته .. الخ.


ويسوع المسيح الذي
أرسلته= هذه إشارة لأن الآب لم يُعْرَفْ إلاّ بتجسد المسيح الذي أعلن الآب. وكما
أن الآب يمجد الإبن والإبن يمجد الآب كذلك الإبن يستعلن الآب والآب يستعلن الإبن
بالروح القدس الذي أرسله. لذلك يستحيل معرفة أحدهما بدون الآخر. ولا يمكن فصل
الإرادة (الآب) عن الفعل (الإبن). محبة الآب لا يمكن أن تصل إلينا إلاّ بيسوع المسيح.


الآيات (4،5):
"أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته. والآن مجدني أنت
أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي
عندك قبل كون العالم."


هنا نرى معنى أن
يعرفوك (آية3). فحينما أكمل المسيح عمله الذي أعطاه له الآب، إستعلنت حقيقة المسيح
الإلهية وكونه واحد مع الآب. وأن عمله أتمه بالفداء والقيامة ومازال يكمله بشفاعته
الكفارية عنا في السماء. والآن= بعد أن أكملت العمل. والمسيح في آية (1) يقول
"مجد إبنك" وهنا يقول مجدني أنت. فما الفرق بينهما؟ في آية (1) كان
المسيح يطلب تدخل الآب لتكميل باقي المهمة العظمى بكل ما تشمله من صلب وإهانة ثم
بقيامة ومجد. يطلب المسيح أن يسانده الآب، يساند ناسوته ليكمل عمل الصليب الذي به
يتمجد الإبن إذ يكمل إنتصاره على قوات الظلمة والموت. أمّا هنا فهو يطلب المجد
المستحق عن العمل الذي سيكمله. والآب سيمجده بإعلان بنوته له وإستعلان لاهوته
وأنهما واحد. ونلاحظ أن المسيح لا يطلب المجد للاهوته بل لناسوته أي الجسد الذي
أخذه من الإنسان. فلاهوته لم يفارقه مجده أبداً، لكنه يطلب المجد للطبيعة البشرية.
وهذا الطلب هو عمل عظيم من المسيح لحساب البشر. هذه هي شفاعته وإستحقاق ذبيحة
طاعته. هذا هو جوهر الفداء والخلاص للإنسان الذي ينتهي بالمجد (راجع أف5:2،6 +
19:3 + في21:3 + كو12:1،13 + كو4:3 + 2تس14:2 + 1بط10:5 + عب10:2 + رو17:8 +
يو24:17) هذه شركة في المجد البنوي لله. وقوله الذي أعطيتني يشير للمجد الذي جازه
المسيح كإبن الإنسان لحساب الإنسان (يو36:13) ففدائه أعطى للإنسان مجداً وحياة
أبدية وهذه إرادة الآب "الذي يريد أن الجميع يخلصون" (1تي4:2). فالإبن
هو الفعل، يفعل ما يريده الآب.


أنا مجدتك على
الأرض= باستعلانه للآب ومحبته للبشر وأبوته لهم (يو18:1) وكان ذلك بأن تمم وأكمل
عمل الفداء. قد أكملته= تفيد الكمال فهو تمم العمل بكمال في طاعته للآب. وكان طعام
المسيح أن يتمم ويصنع مشيئة الآب (يو34:4). عند ذاتك= "عند" يمكن
ترجمتها أيضاً "مع" وتفيد معنى المجد الواحد للذات الإلهية، مجد الآب
ومجد الإبن فالإبن كائن مع الآب، وتفيد معنى الوحدة القائمة بالمجد في الله بين
الآب والإبن. وتفسير هذه العبارة نجده في (يو1:1،18) فالكلمة كان عند الله وهو
الإبن الوحيد الذي في حضن الآب. وبعد أن أخلى الإبن ذاته من مجده آن الآوان أن
يعود الإبن بالجسد إلى أحضان الآب كعودة الذات لذاتها بكل المجد الذي كان له وعنده
ومعه قبل كون العالم. وعند ذاتك تفهم أيضاً "في ذاتك" فالمسيح له نفس
المجد الذي للآب باللاهوت. وقد صار نفس المجد للناسوت عندما "جلس عن يمين
أبيه" الإبن هنا يرى ما بعد الصليب، هو يرى الصليب كأنه حدث ويرى ما سيحدث
بعده من قيامة وجلوس في العرش.


بالمجد الذي كان
لي= المسيح كان له المجد دائماً منذ الأزل أي أن مجد الآب هو نفس مجد الإبن ولو
أنه أخلى ذاته منه في أيام تجسده. وكان إخلاء المسيح لذاته يعني أنه ظهر في صورة
لا تُقْبَلْ (أش2:53) ولا يمكن أن يظهر في مجد، فهي ستكون مهمة عار وذل ومهانة
وقبول للموت. والمسيح الآن يطلب ما بعد ذلك من إستعلان لاهوته ووحدته مع الآب. وهذا
المجد الذي يطلبه هو ليس في إحتياج إليه بل هو مجده. لكنه يطلبه لجسده أي الكنيسة.
فالإخلاء يعني الإخفاء عن أعين الناس ومدارك الشيطان والآن المسيح يطلب إستعلان ما
هو له عند ذات الآب. قبل كون العالم= قبل كون العالم والخليقة لم يكن هناك سوى
الله. وهذه العبارة تصريح واضح بلاهوته.


آية (6):
"أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم كانوا لك وأعطيتهم لي وقد حفظوا كلامك."


أنا أظهرت إسمك=
توازي أنا مجدتك (آية4). وهي تعني أظهرت كل صفاتك ومحبتك الأبوية للمؤمنين وكل
إمكانياتك وقدرتك. وهذه المعرفة حياة آية (3). وهذا هو العمل الذي أكمله المسيح
بطاعته للآب حتى الصليب وبأعماله العجيبة وتعاليمه التي أظهرت أن الآب يعمل فيه.
فإسم الله يشير للحضور الإلهي ذاته. وهذا معنى ترديد صلاة يسوع للشعور بحضرته.
فالإسم هو إشارة للكيان كله. وهذا ما تعنيه الكنيسة إذ تبدأ كل صلاة أو اجتماع
"بإسم الآب والإبن.." ليحل الله وسطنا ونسمع صوته.


الذين أعطيتني= ليس
كل الناس قد قبلوا هذا الإستعلان. والذين أعطيتني تشير لمن إنفتحت أعينهم وقبلوا
رسالة المسيح، هؤلاء الذين إجتذبهم الآب (يو44:6،65) وهذا الإختيار يُنسب أيضاً
للمسيح (يو32:12 + 16:15). وواضح أن هناك من يرفض هذا الإختيار كيهوذا. فحرية
القبول مكفولة للجميع. الذين أعطيتني= التلاميذ وكل المؤمنين عبر العصور. كانوا
لك= [1] هؤلاء التلاميذ كانوا يعرفونك ويؤمنون بك مثل كل اليهود ومثل شاول
الطرسوسي وكان لهم علاقة معك لا يعرفها سواك. [2] وقد تفهم أن الله خلق العالم
كله، وأن العالم كله كان لله بحسب الخلق الأول، والله له سلطان على العالم كله وهو
الذي يعتني بكل خليقته. الكل خاصة الآب. وأعطيتهم لي= الله حينما رأى إستقامة قلب
التلاميذ وأنهم أرضاً خصبة وأنهم سرعان ما آمنوا به سلمهم للمسيح ليكمل خلاصهم
وفداءهم. وتفهم عن الخلق الثاني الذي فيه تجددت بنويتنا "إذ ليس بغيره
الخلاص". كانوا تحت سلطان عدل الله فصاروا تحت رحمته فإنتقلوا بذلك من الموت
إلى الحياة. فالخليقة كانت كلها لله ولكنها ضلت وأتى الإبن ليعيد الخليقة لله.
وذلك بأن وحدنا فيه فصرنا "أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف30:5).


حفظوا كلامك= كلمة
حفظ هنا تعني العناية مع السهر والواسطة الوحيدة لحفظ كلمة الله هي في إطاعتها
والعمل بها. وعلينا أن نحفظ كلمة الله ككنز في قلوبنا ونسهر عليها ونقبلها ونهتم
بتنفيذها. وحفظ كلمة الله هو التلمذة الحقيقية لله، ومن يتأمل فيها يكتشف المسيح
كلمة الله. ولكن قول السيد المسيح هنا حفظوا كلامك تعنى حفظوا كلامك بأن آمنوا بي
وصدقوني. وهذا يفهم من الآيات (7،8). وبهذا نفهم أن المسيح أظهر الآب (إسم الآب):-


1. للذين يحفظون الوصايا.
2. آمنوا بالمسيح "علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك"
3. علموا "أني خرجت من عندك" (فهموا سر التجسد)= المسيح هو الله المتجسد.

آية (7):
"والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك."


المسيح هنا يشرح
ثمرة حفظهم لأقوال الله، كلمة الآب. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع
الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). فهم أدركوا أن المسيح جاء
ليستعلن الآب قولاً وفعلاً، وصدقوا أن المسيح جاء من عند الآب. وأن كل أقواله
وأعماله هي من عند الآب، بل أن كل أعمال التلاميذ هي هبات من عند الآب. وأن كل ما
للمسيح هو من الآب. إذاً من يحفظ كلام الله، يدرك من هو المسيح ويقبله ويؤمن إذ
يعرفه فتكون له حياة.


الآن= وهو مقبل إلى الموت. فبينما يفصل الموت بين إنسان وإنسان
إلاّ أنه بموت المسيح ستزداد الرابطة بينه وبين تلاميذه وسيعرفونه تماماً كمخلص وإله فادي.


آية (8):
"لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا أني خرجت من عندك وآمنوا انك أنت أرسلتني."


نلاحظ هنا درجات الإيمان:

1- قبلوا= رحبوا بالمسيح قلبياً، تشير لفرحهم
ومشاعرهم تجاهه، مثل هذا يطيع بدون معرفة كثيرة ثم تبدأ المعرفة.


2- علموا= هنا بدأوا التمييز والحكم بالعقل فحكموا على كلام
المسيح أنه سماوي. هنا بدأت المعرفة. قبول المسيح أعطاهم إستنارة بها عرفوا المسيح
وأنه من عند الله. كما قال المسيح لبطرس "أبي أعلن لك"


3- آمنوا= هنا كان القرار والإرادة بعزيمة ثابتة ملتهبة بنار القلب
وملهمة بنور العقل. هنا إيمان بالعمل الذي جاء من أجله المسيح من عند الآب. ومن هو المسيح. هذا إيمان بوعي.


وهنا نرى التلاميذ
وقد وصلوا لدرجة اليقين في معرفتهم للمسيح. فالمسيح أعطاهم ما إستلمه من الآب وكان
قبولهم للكلمة هو سر إنفتاح بصيرتهم على المسيح ومعرفتهم له إلى درجة اليقين=
علموا يقيناً= والكلمة الأصلية تفيد معنى أنهم علموا حقاً وبالحقيقة. فالإنسان قد
يكون على يقين من أمر ما ولكنه ليس الحق بالضرورة. والحق هو الله. وقبول الحق لا
يأتي بالفهم والمناقشة بل بالطاعة. لذلك كل ما سمع وصايا الله وأطاعها ونفذها
سيكتشف سهولتها وجمالها مهما بلغت في مظهرها الخارجي من صعوبة ظاهرية في التنفيذ.


خرجت= تفيد التجسد.
أرسلتني= تفيد العمل الذي أرسل من أجله وهو الفداء والمسيح سيبني على هذه الكلمات
ما سيأتي فهو ليس من العالم لذلك رفضه العالم وصلبه. ولذلك كل من يقبله ويؤمن به
ويتحد به وينضم إليه سيصير هو أيضاً ليس من العالم وسيضطهده العالم وهذا ما حدث مع
المسيح وما سيحدث للتلاميذ (يو18:15-21 + 1يو13:3 + 1يو5:4،6).


آية (9): "من
أجلهم أنا اسأل لست اسأل من اجل العالم بل من اجل الذين أعطيتني لأنهم لك."


أنا أسأل= في صلاتي
الشفاعية هذه. في هذه الآية يسأل عن التلاميذ، ثم في آية (20) يسأل عن كل
المؤمنين. لست أسأل من أجل العالم= المسيح يسأل ويشفع عن الذين كانوا للآب وأعطاهم
الآب له ليكمل خلاصهم (يو24:10-26 + أر16:7 + يو42:8-44). وليس من أجل من لازال
يحيا في شره غير مؤمن بالمسيح. هؤلاء يسميهم العالم. فالمسيح حقاً مات من أجل كل
العالم ولكن ليس كل العالم قد تمتع بالغفران وأنهم أصبحوا من جسد المسيح. والمسيح
صلي على الصليب "يا أبتاه إغفر لهم" لكن من تاب وآمن هو من غفر له. فكيف
يصلي المسيح عن من لا يزال في شره لكي يحفظه الآب، فهو يطلب أولاً إيمانه ثم يطلب
أن يحفظه الآب. لذلك أرسل تلاميذه ليكرزوا به ومن يؤمن سيترك العالم فتكون هذه
الصلاة من أجله. وصلاة المسيح المسموعة هذه وأنه يطلب لأجل تلاميذه الذين آمنوا به
هي من أجل أن يعرفوا محبته لهم.

آية (10):
"وكل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي وأنا ممجد فيهم."


كل ما هو لك فهو لي
وكل ما هو لي فهو لك= نرى هنا الآب والإبن على مستوى واحد فالمؤمنون هم تابعين
للآب بقدر ما هم تابعون للإبن، أو أن الإيمان بالمسيح يعتبر تأكيداً لتبعية المؤمن
لله الآب. المسيح يقول هذا حتى لا يفهموا أنه أخذ شيئاً حديثاً لم يكن له من قبل
لأنه قال "الذين أعطيتني" بل هم له كما للآب. ولكن هم صاروا جسده، صاروا
من لحمه ومن عظامه. وكونهم صاروا جسده فهذا لا ينهي علاقتهم بالآب. فهو والآب
واحد. وكل ما للآب هو للإبن وكل ما للإبن هو للآب. ولماذا يسأل المسيح عنهم؟


1) لأنهم لك= هم أولادك وخاصتك وأنت مهتم بهم.
2) كل ما هو لي فهو لك= هم أيضاً للمسيح، سعي المسيح لأجل خلاصهم.
3) وأنا ممجد فيهم= المسيح من هو وعلاقته بالآب هم سيعلنوها للعالم كله.
4) ولست أنا بعد في العالم= (آية11) المسيح لا يريد أن تركه للعالم يسبب لهم أي ضرر.

ونلاحظ أن في إمكان
أي مؤمن أن يقول لله كل ما هو لي فهو لك ونشترك مع المسيح في هذه العبارة. أمّا
الشق الثاني.. كل ما هو لك فهو لي= فهو قول لا يجرؤ ملاك أو إنسان، بل ولا أي
مخلوق أن يقوله. هذا الكلام لا يقوله سوى الإبن الواحد مع الآب ولهم نفس الطبيعة
والجوهر. وفيه تأكيد واضح للاهوته. ألأأن


وأنا ممجد فيهم=
مجد الطبيب الماهر يظهر في شفاء مرضاه. ومجد المسيح ظهر في تجديد خليقة المؤمنين
وفي ثمارهم. وتشير لأن صفات المسيح قد إنطبعت في تلاميذه "هم لبسوا المسيح"
(رو14:13). فصار الناس يرون في تلاميذ المسيح صورة المسيح. فإيمانهم إذاً أبرز
للناس مجده الإلهي. ولاحظ أن المسيح في محبته لهم لم يرى إنكارهم وضعفهم فهو قصبة
مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ، بل أقام منهم أعمدة الكنيسة. ونلاحظ أيضاً
في هذه الآية أن الآب ممجد في التلاميذ فكل ما هو للإبن هو للآب أيضاً، وهذا ما
يشير إليه قول السيد المسيح "لكي يرى الناس أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم.."


آية (11):
"ولست أنا بعد في العالم وأما هؤلاء فهم في العالم وأنا أتي إليك أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن."


أتى الوقت الذي
سيفارق المسيح تلاميذه ليذهب للسماء ويمارس عمله الشفاعي عنهم. وهنا نرى نموذج
لهذا العمل الشفاعي. والمسيح يعرف أن للعالم قوة وإمكانية أن يبتلع تلاميذه بالشر
المحيط والجذب العنيف والإغراء الذي له قوة شيطانية. والشيطان له وسيلتين يهاجم
بها المؤمنين [1] الإغراء بملذات العالم [2] الآلام والإضطهاد. وهذا الأسلوب إتبعه
مع الرب يسوع نفسه. ففي التجربة على الجبل بدأ بإغوائه بملذات العالم، فلما رفض
هيج عليه اليهود ورؤساء كهنتهم والرومان. ولكن هل حقاً سيترك المسيح العالم بعد
صعوده؟ قطعاً لا. فوعده أنه معنا للأبد (مت20:28). فلماذا يقول هذا؟ التلاميذ الآن
في حالة حزن إذ أنهم يشعرون أنه سيفارقهم، وهم حتى الآن لا يدركون من هو المسيح
بالضبط. فهذه الصلاة لتعطيهم شعوراً بأن هناك حماية إلهية ستحيطهم حتى ولو فارقهم
المسيح بالجسد، وهذا يتضح من آية (13).


أيها الآب القدوس=
هذه الكلمات لم ترد في الكتاب المقدس سوى هنا، فالحل الوحيد أمام التجارب الشريرة
هو الإلتجاء إلى قداسة الآب. فقداسة الآب هي حصن الذين في العاصفة معرضين للتهديد
والإغراء من دنس العالم أو معرضين للإرتداد أمام ضغوط إضطهاد العالم. القداسة هي
الإرتفاع والسمو عن الأرضيات بكل ما فيها. وقداسة الله هي قوة قادرة أن تحفظ
أولاده من إغراءات وإضطهاد العالم. فقداسة الآب هي الضمان الأوحد لقداسة المؤمنين.
وهنا يربط المسيح بين القداسة والوحدة. حيثما توجد القداسة يوجد الحب والوحدة، وحيثما
توجد الخطية يوجد الشقاق والحسد. لذلك علمنا السيد أن نصلي هكذا "ليتقدس
إسمك" فالإلتجاء إلى اسم الله القدوس ليتقدس في حياتنا وأفكارنا وعيوننا
وقلوبنا وضمائرنا، هو قوة غالبة وحصن منيع "إسم الرب برج حصين يركض إليه
الصديق ويتمنع" (أم10:18).


إحفظهم في إسمك=
الكتاب يستخدم إسم الله ليقول الله. ويكون المعنى إحفظهم فيك. وإسم الآب يحمل معنى
قوته وحكمته وقدراته ومحبته وقداسته وصفاته كلها ورحمته (وهذه قد أعلنها المسيح).
وحفظهم في الإسم يراد به حفظهم ثابتين في دائرة هذا الحق المعلن متحصنين في ذات
الله وفي شخصه. فالإسم هنا هو طاقة وقوة حفظ. إذاً هي قوة محبة الله التي تبطل
الأنانية والغرور والذات ليكونوا واحداً، والحفظ يعني أن يشمل الآب التلاميذ بهذه
الطاقة والقوة، فله قوة يجذب بها بعد أن يستعلن نفسه لهم ثم يحفظهم حتى لا يخرجوا
خارجاً. ولذلك فمجرد النطق بالإسم (إسم الله) يدخلنا في مجال قوة عمله وكأنه هتاف
بالدخول إلى حضرته. لذلك تفتتح كل صلاة باسم الآب والإبن والروح القدس. ومن هنا
تأتي قوة صلاة يسوع. هنا نرى أن إسم الله
هو بيئة مقدسة محصنة يريد المسيح أن يحفظ تلاميذه داخلها فترتد عنهم سهام إبليس.
إسم الله قوة تحيط بالإنسان وتحرره. فإذا شعرنا بروح يأس أو شهوة فلنردد إسم يسوع
فهو قوة تعطي النصرة.


ليكونوا واحداً=
(أف1:4-6) واحداً في المحبة والإرادة والغاية والفكر والإهتمامات والتسليم لله،
وفي هذا فالآب والإبن واحد= الكنيسة هي الوجه الظاهر للملكوت، وملكوت الله منظم
جداً وكل ما فيه مترابط بمحبة في وحدة وإنسجام مقدسين. ولذا فالمسيح يطلب أن تبعد
الإنقسامات عن الكنيسة. فالإنقسامات هي حروب شيطانية تقسم جسد المسيح وكل مملكة
تنقسم على ذاتها تخرب. والمسيح يريد أن تكون كنيسته صفاً واحداً وإرادة واحدة.
وإذا تقدس الجميع بالقوة التي لإسم الآب، سيحفظهم الآب ويوحدهم كأعضاء لجسد
المسيح. وهذه هي الكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية (أع42:2-47).
وهذه الوحدة هي في جسد المسيح وكل مؤمن هو عضو في جسد المسيح له دوره ووظيفته
وموهبته الخاصة بحيث يتكامل الجميع كجسد واحد (1كو1:12-30). وهذه الوحدة هي وحدة
تقديس وطهارة فخارج القداسة والتقديس يوجد العالم. والقداسة في مفهومها هي إنفصال
عن العالم. والوحدة التي ستجمع التلاميذ هي في إنفصالهم عن العالم بإنجذابهم
المشترك نحو الآب وهذه هي القداسة. وهذه لا تأتي إلاّ بالإلتصاق بالله في صلاة بلا
إنقطاع ودراسة وتأمل في الكتاب المقدس. وهذه الوحدة قوتها من المسيح وفيه. وليست
علاقات إجتماعية أو ما شابه بل هي مؤسسة على إتحاد بالمسيح. ولاحظ أن الشيطان
يحارب هذه الوحدة ولا يطيقها. لكن إسم الآب قوة حفظ من تجارب العدو. كما نحن=
المسيح في وحدة مع الآب وهو يطلب أن قوة الوحدة التي بينه وبين الآب تعمل في
المؤمنين وتوحدهم. ويكون إتحادهم إنعكاس للوحدة والحب ال

http://demiana2010.com

admin

admin
Admin
Admin

آية (15):
"لست اسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير."


تأخذهم من العالم=
أي يموتوا. المسيحية ليست سلبية وإنسحاب من الحياة، بل هي التقدم لحل مشاكل الناس
وليست هي عدم المبالاة بهم (1كو9:5،10). والمسيح يرسل تلاميذه نوراً للعالم وملحاً
للأرض، وما نفع الطعام بدون ملح، وما قيمة المدينة بدون نور. المسيح هنا يُعَلِّمْ
تلاميذه أن لا يكلوا من الضيقات فيسألون أن يتركوا العالم ويخطئوا كما أخطأ إيليا
وطلب الموت لنفسه (1مل4:19). بل يكملوا رسالتهم في العالم ويشهدوا للحق ويتقبلوا
الإضطهاد بفرح. فالنصرة والمجد في المسيحية في الخروج من الضيقة بل بإحتمالها بعدم
تذمر. ولاحظ فهم بولس الرسول لهذه النقطة (في23:1،24 + 1تس3:3،4) المسيح لا يريد
أن ينهي العالم، بل أولاده بوجودهم في العالم لهم رسالة في العالم ليتقدس العالم،
وتصل رسالة المسيح لكل العالم. ما يطلبه المسيح أن يخرج منا العالم وليس أن نخرج
نحن من العالم.


فترة وجودنا في العالم:-

1. نكمل العمل الذي خلقنا من أجله (أف10:2)

2. نكون نوراً للعالم وملحاً للأرض لنشر معرفة
المسيح. لذلك يجب أن نعيش وسط العالم.


3. نحتمل بعض الآلام فنشترك في صليب المسيح، وكما
إشتركنا في آلامه نشترك في مجده (رو17:8)


4. الله يستغل هذه الآلام معنا حتى تزداد قداستنا "فمن تألم
في الجسد كف عن الخطية" (1بط1:4) فالألم يجعلنا نزهد في محبة العالم
"التي هي عداوة لله" (يع4:4) ونتجه للسماويات وهذه هي القداسة.


الشرير= هو الشيطان
رئيس هذا العالم. فالشر الذي في العالم نابع من سيطرته على نفوس الناس (1يو19:5).
والمسيح هنا يسأل الآب أن يحفظ أولاده من سلطان وتأثير الشرير المخادع. وما يعمله
الله هو أنه يسمعنا صوته بالروح القدس الذي له قوة جذب. فإن لم نقاوم وإستجبنا
وصلبنا أهوائنا مع شهواتنا نكتشف أن قوة جذب الله التي يجذبنا بها للقداسة أقوى
بكثير من إغراءات العالم. وهذه الآية مرادفة لما علمنا المسيح أن نصلي به قائلين
"لكن نجنا من الشرير" والمسيح سبق وقال "إحفظهم في إسمك"
فالإسم القدوس يحيط النفس بجو القداسة ويخفي عن عينها الشر ويبطل قوة العدو وخداعه
وتزييفه فالشيطان هو الكذاب الذي يزيف كل شئ كما فعل مع حواء. بل ويعطي قوة وشجاعة
إن وصل الأمر للتهديد بالموت (عب4:12).


ملحوظة:
الذهاب للدير والرهبنة ليس هروب من العالم. فالراهب يتعرض لحروب من الشيطان أكثر ممن في العالم.



آية (16):
"ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم."


هذه الآية تكرار
يقصد به التعقيب على الآية السالفة والتمهيد للآية القادمة. أي لأنهم ليسوا من
العالم (كما أنا) فهم داخل تبعية المسيح. المسيح رأسهم وملكهم، يعيشوا له ويخدموه
لذلك يحاربهم إبليس. قدسهم في الحق حتى يحفظوا من الشرير ويغلبوا كما غلبت.


آية (17):
"قدسهم في حقك كلامك هو حق."


قدسهم في حقك=
قدسهم أي خصصهم لك بمسحة الروح القدس للخدمة وكملهم في طريق القداسة وإعطهم
الإمكانيات التي بها يحيوا لك. وأهلهم روحياً وذهنياً وقلبياً لذلك. والسيد سبق في
آية (15) وطلب من الآب أن يحفظهم من الشرير أي من إغراءات العالم. والحفظ هو عمل
سلبي أي حفظهم من الشرير، أمّا التقديس فهو عمل إيجابي لذلك فكان لابد للآية (15)
أن تأتي قبل آية (17). فالحفظ يسبق التقديس. هنا نجد التلاميذ وقد نقلهم الآب من
منطقة الشرير الموبوءة إلى منطقة الحق النقية. الطلبة الأولى في (آية15) أساسها أن
التلاميذ يحيون وسط العالم ولكنهم يحيون منعزلين عن خطيته وأساس الطلبة الثانية في
(آية17) أن يتقدموا للخدمة في العالم ليشهدوا للحق الذي فيهم. فالتقديس هو إنتزاع
كل ميل نفساني جسداني مادي من قلوبهم ونزع كل ما هو مغاير لروح الله وإرادته ثم
تكريسهم وتخصيصهم نهائياً لخدمة الله لتكون حياتهم ذبيحة حية مقدسة مرضية أمام
الله" (رو1:12) كما أن المسيح نفسه قدسه الآب وأرسله ليكون ذبيحة فداء عن
البشرية. قدسهم في الحق نرى فيها الله وقد نقلهم تماماً من تبعية العالم لتبعيته
هو بل وينقل حياتهم وأفكارهم ورغباتهم وتعلقاتهم من عالم الشهوات والماديات التي
سبق وتعلقوا بها إلى حياة الحق فتكون كل رغباتهم وأفكارهم وتعلقاتهم هي لخدمة
الله. ومن تقدس في الحق تتحرر نفسه من التعلق بالعالم والماديات. وهذا ما طلبه بولس
الرسول "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس"
(كو1:3) فالقداسة هي الإهتمام بالسماويات وهذه هي الحق، أما العالم فباطل. وهكذا
تعيش الكنيسة في الحق والآب يقدسها في إسمه ويُرِسِلْ لها الروح القدس ليقدس
والمسيح يقدسها بدمه وبهذا تعيش وسط العالم محفوظة من الشرور وإغراءات العالم، وقد
إكتشفت أنها تعيش مخصصة لله وللحياة الأبدية. والكنيسة إكتشفت أن أعدائها هم
العالم والجسد والخطية وعلى رأسهم الشيطان فقاومتهم وعاشت في حرية أولاد الله، غير
مخدوعة بأفراح العالم المزيفة التي سريعاً ما تزول بل هي مزيفة ومخادعة، أما أفراح
الله فلا ينزعها أحد وسلامه ليس من هذا العالم (يو22:16 + 27:14). بل أن ما في
العالم يتسبب في الضيق والقلق والإضطراب، بل هو باطل وفاني، لذلك فمن ينخدع به لا
يجد راحة. وعين الإنسان الذي تقدس بالحق الذي هو خلاصة ما أعلنه المسيح، تكتشف خداع
العالم فمثل هذه النفس لها النور الذي يكشف الحقيقة. وهذا معنى كلام المسيح في
(يو31:12،32) الآن دينونة هذا العالم.. أي الحكم على العالم بالتزييف والخداع بعد
أن ظهر الحق الإلهي فعزل قوة التزييف التي قتل بها إبليس البشر من قبل (يو44:8).
ومن يتقدس في الحق يكون نور يفضح أكاذيب العالم. قدسهم= القداسة هي أن نحيا في
السماويات. وبهذا فكلمة قدسهم تعني نزع كل ما هو أرضي من القلب ليتفرغ القلب لحب
الله وخدمته وفي العبرية تعني كلمة مقدس "مخصص لله".


إذاً تقديس الحق هو
إنفتاح الوعي الداخلي للإنسان بقوة الروح الذي يسكبه الرب على التلاميذ فيرفع رؤية
الإنسان وإدراكه فيكشف خداع العالم والشيطان (2كو11:2) فيصير الإنسان قادراً أن
يتعامل مع أفكار الظلمة ويطاردها ويكتشف زيفها (يع7:4) لذلك فهناك علاقة وثيقة بين
النور والحق، فمن إنفتحت بصيرته لا
يستهويه سوى الحق. أما الذين يستهويهم الزيف فلا يرون النور نوراً بل حرماناً من
ملذات وهمية فانية مائتة. فالإنسان الأعمى لا يرى إلاّ ما هو تحت رجليه (يو20:3).


وحينما يملك الحق
بالكامل يملك سلام الله الكامل. ويكون الإتضاع الحقيقي. وحينما يتقدس الإنسان
فعلاً تتغير طبيعته فلا يصبح قابلاً للخداع والتزييف بل تكون له طبيعة محصنة بالحق
وقوته فلا يعود الإنسان يُحْمَل بكل ريح بل يثبت في الله (1يو16:4) والحق والنور
إستعلنا للعالم في شخص المسيح (يو12:8 + 6:14). وبإتحاده بنا جمعنا في جسده وكشف
لنا زيف العالم ووحدنا وقدمنا لله أبيه فتبنانا (في 1يو19:5 نرى الحق في مقابل
الخداع). ونلاحظ ن عبد الخطية المتعبد لأصنام الجسد والشهوات الجسدية يشعر بنفسه
شعوراً محدوداً ضيقاً لأنه محصور في دنيا الأطماع الجسدية. أمّا الذي تقدس بالروح
لله وعبادته وإستعلن له الحق فيشعر أنه تحرر من ضيق الجسد وإنحسرت أطماعه ورغباته
ولا يعود للملذات جمالها المخادع بل تصير تحت قدميه. ومن هنا يبدأ الخلود والحياة
الحقيقية لذلك قال القديس أغسطينوس "جلست فوق قمة العالم حينما أصبحت لا
أشتهي شيئاً" وحينما يعيش من تقدس في الحق وسط العالم، يعمل وسط العالم بروح
الله ولا يخدعه العالم، لا يكون من داعٍ بعد ليأخذه الله من العالم (آية15) ولاحظ
أن بولس الرسول حين قال أنه يشتهي أن ينطلق ويكون مع المسيح، قال أنه محصور بين
هذه الشهوة وشهوة أخرى هي أن يعيش ويكرز ليخدم المسيح (في22:1-24).


كلامك هو حق= أي كل
التعليم الذي يخص الآب والذي أعلنه يسوع. هذا الكلام فليتقدسوا فيه. كلام الحق أو
الكلام الذي هو حق هو إستعلان الله للوعي الداخلي للإنسان. وتصير الكلمة هي المرشد
والقائد للنفس الأمينة، لتُدْخِلها إلى حضرة الله الآب فترتسم على النفس صورة الله
وتحترق منها كل شوائب الخداع وتنطبع فيها ملامح الله في القداسة والحق (أف21:4-24)
فكلام الله هو واسطة الدخول إلى الله، على أن نأتي إلى كلمة الله بنية التغيير
(عب1:2). كلام الله هو وسيلة تقديس. "وأنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي
كلمتكم به" (يو3:15) وهذه أهمية دراسة كلمة الله.


آية (18):
"كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم."


إذاً تقديس
التلاميذ الذي يطلبه المسيح ليس ليرتفعوا به عن العالم بل أن يقتحموا العالم
وظلمته فيحطموا أوثانه، كما حدث مع الإمبراطورية الرومانية. وكما أرسل الله الآب
بنه وقدّسه ليشهد للحق (يو36:10) فرفضه العالم وصلبه، هكذا أرسل الإبن تلاميذه
وقدّسهم ورفضهم العالم. ولكن لنلاحظ أن المسيح أُرسل من السماء إلى العالم أمّا
التلاميذ فأرسلوا من العالم إلى العالم. ورسالة المسيح كانت للفداء أمّا رسالة
التلاميذ فهي للتبشير. إلاّ أنه بنوع ما فإن رسالة التلاميذ هي إمتداد لرسالة
المسيح وبآلامهم يكملون نقائص شدائد المسيح (كو24:1).


آية (19):
"ولأجلهم اقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضاً مقدسين في الحق."


أقدس أنا ذاتي= سبق
المسيح وقال أن الآب قدَّسه (يو36:10). ومن هنا نفهم أن الآب والإبن متساويان في
الألوهية. فبمقدار ما إختار الآب أن يخصص الإبن المتجسد لعمل الفداء بقدر ما
إستجاب الإبن لدرجة الموت. فالمشيئة واحدة فهم ذات واحدة. وهذا التطابق في المشيئة
أزلي نفذه الإبن في ملء الزمان.


والتقديس هو عمل
الله وحده، ولا يوجد إنسان يمكنه أن يقول أقدس أنا ذاتي. فالتقديس هو أن يصير
الإنسان من خاصة الله، والله وحده يعين خاصته وللإنسان فقط أن يطلب التقديس ولكنه
لا يعطيه قط. لذلك قوله أقدس أنا ذاتي دليل ألوهيته.


أقدس= أي قبلت
تخصيص الآب لي للقيام بعمل الفداء (مز8:40). مشيئة الآب والإبن واحدة لكن ما يريده
الآب ينفذه الإبن. فالآب يريد فداء البشر والإبن يقبل بسرور إتمام الفداء فهذه
إرادته أيضاً وسلطانه (يو18:10).


لأجلهم أقدس أنا
ذاتي= هنا المسيح يتكلم كرئيس كهنتنا، أقدم ذاتي وأكرسها لأكون ذبيحة من أجل البشر
(يو17:10،18) ولاحظ أنه يقول أقدس ولم يقل قدست. فنحن محتاجون لهذا التقديس
بإستمرار. وبنفس المفهوم قال السيد المسيح عند تأسيس سر الإفخارستيا "هذا هو
جسدي الذي يبذل عنكم.. دمي الذي يسفك عنكم" (لو19:22،20) فهو دم مسفوك
دائماً، لذلك فذبيحة الإفخارستيا هي هي نفسها ذبيحة الصليب.


وحان الوقت ليكمل
المسيح عمله وبمشيئته. وفي (عب10:10) نرى أنه بهذه المشيئة الأزلية وبتطبيقها
وتنفيذها في ملء الزمان نحن مقدسون (أف4:1،5 + 2تي9:1). فالآب أرسل إبنه ليفتدي
البشر ويقدسهم وبطاعته قدسهم= لأجلهم وتلاميذه بطاعتهم له وإتباعهم وصاياه حتى
الموت كما فعل هو يتقدسوا.


ليكونوا هم أيضاً
مقدسين في الحق= تقديس التلاميذ يكون بتطهيرهم داخلياً ثم تكريسهم خارجياً. ولكن
تقديس المسيح هو عمل خارجي عبارة عن تكريسه لذاته وتقديمها لله ذبيحة حية مقدسة.
ولاحظ أن التلاميذ عاجزين أن يقدسوا ذواتهم بل هم محتاجين أن الله يقدسهم
(عب10:10). فتقديس التلاميذ هو عمل إلهي من عمل الله نفسه، وبذبيحة المسيح غير
المحدودة في التقديس من ناحية الزمان والمكان. ولنلاحظ إرتباط هذه الصلاة مع ما
قدَّمه لهم المسيح منذ دقائق، ذبيحة جسده ودمه المسفوك لتقديسهم. فتقديس المسيح
سلًّمه لنا في ذبيحته تسليماً أكلاً وشرباً. فلنطلب لنصير مقدسين في الحق، حق
المسيح، في ذبيحته وقيامته وحياته ولنجحد العالم ونلتصق بالله فنتقدس.


الآيات (20-26):
فيها يطلب المسيح من أجل وحدة الكنيسة كلها عبر الدهور. والمسيح هنا ينتقل من
الوحدة بين التلاميذ إلى وحدة الكنيسة كلها. ومن المعرفة المعلنة للتلاميذ بحضوره
إلى المعرفة المستعلنة بالروح والممتدة عبر العالم كله. وهذا هو عمل الروح القدس
أن يوحد المؤمنون في شخص المسيح كأعضاء في جسد واحد (أف16:4 + كو19:2). وكأغصان في
كرمة واحدة (يو1:15،2). والأعضاء ترتبط بالمسيح الرأس لتكون واحداً في المسيح.
والوحدة التي بين المؤمنين تفترق عن أي وحدة أخرى في العالم. فالحق هو محور هذه
الوحدة، والحب هو عصبها. ومن (أف1:4-6) نفهم أن مصادر الوحدة هي الإيمان بالله
الواحد والمعمودية الواحدة والتناول من جسد المسيح الواحد والمحبة ووحدانية القلب.
في آية (11) "إحفظهم في إسمك" وفي آية (17) "قدسهم في حقك"
ومن حفظهم الله وقدسهم لابد وسيكونون في وحدة وبلا إنشقاق وهذا موضوع الآيات التالية.


آية (20):
"ولست اسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضاً من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم."


الذين يؤمنون= في
كل زمان وكل مكان. بكلامهم= هذه قد تفهم أنه بكلام التلاميذ وبكرازتهم وبأقوالهم
التي سجلوها في الأناجيل والرسائل وسفر الرؤيا يؤمن الناس بكلامهم. والمسيح يطلب
الوحدة لكل من يؤمن في كل مكان وكل زمان. وقد يفهم هذا أن من يؤمن سيجاهر بإيمانه
وكلامه علناً وصراحة. والرأي الأول هو الأرجح. الذين يؤمنون= إذاً الذين لا يؤمنون
لا شفاعة لهم في هذه الصلاة، والسبب بسيط أن المسيح لا يجبر أحد أن يؤمن به. لكن
علينا نحن أن نصلي لكل الناس. فشفاعة المسيح هي شفاعة كفارية بدمه. فمن لا يؤمن لا
يستفيد من دم المسيح.


أسأل= وماذا يطلب
المسيح عن المؤمنين؟ في الآيات الآتية يطلب أن يكونوا واحداً. هي وحدة في الفكر
والهدف والمشاعر بلا إنقسامات أو تحزبات، فنحن جسد واحد ونحن من لحمه ومن عظامه
(أف3:4-6 + أف30:5) وإذا فهمنا أن المسيح وحدنا في جسده وجعلنا جسد واحد، فهذا
المفهوم هو أقوى من موضوع المشاعر فهذه وحدة كيان.


الآيات (21-23):
"ليكون الجميع واحداً كما انك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً
واحداً فينا ليؤمن العالم انك أرسلتني.
وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى
واحد وليعلم العالم انك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني."


المسيح يطلب الوحدة
بعد أن سبق وأعلن أنهم آمنوا به ثم طلب أن يحفظهم الآب في إسمه القدوس في العالم.
وطلب بعد ذلك أن يقدسهم في الحق. والآن يطلب أن يبلغوا الوحدة. فمن يؤمن تكون
الخطوة التالية له أن يحفظه الآب في إسمه القدوس. ومن يُحْفَظْ في إسم الآب يؤهل
للتقديس في الحق. ومن يتقدس في الحق يؤهل للوحدة. ونلاحظ أنه بالخطية تفتتت الوحدة
بين الإنسان، وفقد وحدانيته التي كان يتراءى بها في حضرة الله. والآن المسيح يطلب
لتعود لكنيسته صورة الوحدة (أف11:4-13). الله خلق الإنسان في وحدة. فحواء مأخوذة
من جسد آدم. إذاً هما جسد واحد. والأولاد من كليهما. إذاً البشرية كلها جسد واحد.
وكان المفروض أن تكون في وحدة؟ وحدة محبة الجسد الواحد. ولكن بالخطية تبددت الوحدة
وقام قايين وقتل أخاه هابيل. وجاء المسيح ليعيد هذه الوحدة. ولاحظ أن آيات الوحدة
هذه هي آخر كلمات يقولها المسيح قبل صلبه، والمعنى.. أنا أتيت لأجل هذا، لأعيد
الوحدة المفقودة. الوحدانية التي هي هدف الخلقة. وهذا ما تحقق في الكنيسة الأولى
(أع44:2 ++ 32:4). وهذا يكون بسبب الروح القدس الذي يسكب المحبة في قلوبنا
(رو5:5). أما كل حب خارج المسيح فهو نفعي أو شهواني. ولكن الحب في المسيح فهو بذل
على شكل حب المسيح لنا. وهذه الوحدة درجة أعلى من الإيمان. فالمسيح يطلب عن
التلاميذ الذي سبق وأعلن يقينية إيمانهم، وهي وحدة على صورة وحدة الآب والإبن،
وحدة كيان واحد. وبالتأمل في (أف11:4-13) نرى أن الرسول بولس يتكلم عن الإنسان
الكامل، وهذا هو الإنسان الذي إنطبعت فيه صورة الله. والتسلسل الذي إتبعه
بولس بدأ بوحدانية الإيمان وهذه توصل
لمعرفة إبن الله أي إستعلان سر الله، سر علاقة الآب بالإبن والحياة الأبدية
(يو38:10 + 20:14). وإستعلان سر الله بالمعرفة الروحية يوصل إلى الإنسان الكامل.
ولكل واحد من أعضاء الكنيسة الواحدة مواهبه فيتكامل الجميع وتبلغ الكنيسة في
النهاية إلى صورة المسيح الكاملة التي يُعَبِّر عنها بولس الرسول هكذا "إلى
قياس قامة ملء المسيح" (أف13:4) ولكن علينا أن نجتهد في سبيل ذلك (أف3:4-5).


ولمن يعلن الله
أسراره؟ لعبيده الأنبياء (عا7:3) ولخائفيه (مز14:25) ولأحبائه (تك17:18) وإبراهيم
هو خليل الله. فَسِرْ الله، سر الآب والإبن، سر بنوة البشر لله بإتحادهم بالإبن
وحصولهم على الحياة الأبدية، هذا السر يُعلن لمن يحب الله وأحبه الله. فنفهم أن من
إِسْتُعْلِنَ له هذا السر يصير شريكاً في ميراث البنوة والحياة الأبدية وقد دخل في
شركة مع الآب والإبن بالروح القدس (1يو2:1،3).


وإتحادنا بالمسيح
هو الطريق للوحدة بيننا وبين بعضنا ثم هو الطريق للوحدة مع الآب. ولاحظ أن الطريق
لنكون واحداً في الله أن يسبق هذا وحدتنا. والطريق لوحدتنا أن نثبت في المسيح= ليكونوا
واحداً فينا= فلا يصلح أن نكون واحداً فقط، بل المهم أن نكون واحداً في المسيح وفي
الآب. فهناك من إتحدوا في الشر. ولكن من الذي يتحد بالمسيح سوى من أحب إخوته بل
وأعدائه، فمن يجاهد ليحب إخوته يثبت في المسيح وهذا يبدأ بالمعمودية. وبلوغ
الكنيسة حالة الوحدة في ذاتها يؤهلها للإتحاد بالمسيح وبالآب، لذلك بدأت طلبة
المسيح بأن يكون الجميع واحداً كعطية من عند الآب يهبها للكنيسة بسكب مواهب الروح
في أعضائها. وهذا لن يجاهد أن يحب إخوته. وبعد هذا يؤهلوا أن يكونوا واحداً في
الإبن والآب. فالمسيح وحدنا فيه بالروح القدس بالمعمودية. ولكن من يجاهد ليحيا في
محبة مع الآخرين يثبت في المسيح. وكل من يفعل هذا يحيا في وحدة. وعن طريق وحدتنا
مع المسيح أيضاً نتحد مع الآب. والمسيح بروحه القدوس يوحد مثل هؤلاء ويجعلهم
واحداً. فالجماعة لا تتحد إلاّ بالوجود في الآب والإبن. وهذه الوحدة هي التي تؤثر
في العالم= ليؤمن العالم أنك أرسلتني.


كما أنك أنت أيها
الآب فيَّ وأنا فيك.. المقصود هو المشابهة وليس المساواة. فالمسيح يضع الوحدة بينه
وبين الآب كنموذج ليكون لنا الوحدة في الإرادة والفكر والقصد والتدبير والشعور.
وهذه العبارة "أنت فيّ وأنا فيك" تشير لكيان واحد ذاتي، فالآب كله للإبن
والإبن كله للآب. وكل ما لأحدهم هو للآخر "كل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو
لي" ومن الآيتين نفهم طبيعة الوحدة بين الآب والإبن.


وكيف ينطبق هذا
علينا؟ .. من سألك فأعطه (مت42:5 + أع44:2-46 ، 32:4) وإتحادنا معاً لا يلغي
شخصياتنا بل كما الفرقة الموسيقية تصدر لحناً واحداً. وهكذا للأقانيم الثلاثة فلكل
أقنوم عمله. ونحن لكل منّا دوره في الكنيسة ونتكامل معاً.


وإذا فهمنا أن
المطلوب أن يكون كل واحد لا لنفسه بل للآخرين نأتي لمفهوم المحبة التي يجب أن تكون
بيننا والتي هي صورة للمحبة الكائنة بين الآب والإبن والتي هي صفة جوهرية من صميم
طبيعة الله فالله محبة. وهذه المحبة من الإبن للآب ظهرت في طاعته حتى الصليب وراجع
(يو31:14 + 35:3 + 9:15 + 24:17،26) لنرى حب الآب للإبن والإبن للآب. وهذا الحب
الذي بين الآب والإبن إنسكب كعطية على البشر (رو5:5). وهذه المحبة فائقة للطبيعة
البشرية وبها يمكننا أن نحب أعدائنا، بل نقدم أنفسنا ذبائح عن المسيح وعن الآخرين
(يو12:15 + 1يو16:3 + 1يو7:4،8). وهذه المحبة دليل وحدتنا مع الله وحضور الله في
روح الإنسان وقلبه وهي إعلان عن الإيمان القوي الفعال. ومن يثبت في المحبة يثبت في
الله والله فيه (1يو16:4). والمحبة هي هبة عظمة مجانية ولكننا نأخذها لنعطيها
وعطاؤها هو بذل النفس وإنكارها حتى الموت. ومن لا يتشجع ويعطي تسحب منه ويصبح بلا
محبة غريباً عن صليب المسيح (1يو14:3). إذاً فالوحدة التي وهب لنا الله أن نبلغها
في المسيح في الله يجب أن تكون ضحيتها الأنا وإذا ماتت الأنا فسأحب أعدائي (غل20:2
+ أع24:20). لكن لنفهم أن وحدانية الآب والإبن هي وحدانية تساوي في الجوهر. فلهما
وحدة كيان وجوهر وذات وكرامة وطبيعة. أنا وحدانيتي مع الله فهي شئ مكتسب برحمة
الله ونعمته. وليس للتساوي. هو يكمل عجزي ونقصي. وفي هذه الوحدة يعطيني حياته
فأقول "لي الحياة هي المسيح" (في21:1 + غل20:2) ويعطيني إمكانياته فأقول
"أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" (في13:4) وأعطيه حياتي وكل ما لي
قائلاً "أنا لحبيبي وحبيبي لي" (نش3:6).


أنا فيهم وأنت فيّ=
لم يقل المسيح أنت فيّ وأنت فيهم لأن حلول الآب في المسيح يختلف عن حلوله في
المؤمنين. ولم يقل المسيح هم فيك وأنا فيك لأن ثبوت المسيح في الآب غير ثبوت
المؤمنين فيه (بنفس المفهوم نفهم قول المسيح أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" 17:20)
وبنفس الطريقة نفهم أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني فهذه لا تعني المساواة
بيننا وبينه فهو إبن للآب بطبيعته وله كل المجد الذي للآب، أمّا نحن فصرنا أبناء
بالتبني وتنعكس صورة مجده علينا. والوحدة بين الآب والإبن قائمة على أساس التساوي
بينهما فهم واحد في الجوهر. أمّا الإنسان، فكل واحد مختلف عن الآخر، وكل البشر هم
لا شئ أمام الله. ولكن وحدتنا مع الله تعني إنسكاب قوته فينا ليعيد تشكيلنا لنصير
على صورته، ونبدأ نتحد مع هذه القوة فتلغي عداواتنا وإنقساماتنا ونتقدس، ويبدأ نور
معرفة المسيح ينساب داخلنا فتستعلن لنا الوحدة الكائنة في المسيح والآب بقوة تدخلنا
في الإحساس والوجود الفعلي في حضرة الآب والإبن. وهكذا نتحد بسبب الروح الواحد
الذي نستقي منه (1كو13:12) والجسد الواحد الذي نغتذي عليه (1كو16:10،17).


والإتحاد مع الله
هو إتحاد كل القوة والقداسة والحق باللاشئ، بالإنسان الميت، ليقدس ويحيي هذا
المائت. كما تقول ثيؤطوكية الجمعة "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له.. " هو
إتحاد لتغطية النقص والعجز بملئه وكماله (كو9:2،10) وحلول كل ملء اللاهوت في
المسيح جسدياً تعني أن المسيح قبل التجسد كان له ملء اللاهوت وهذه تساوي الآب فيّ.
وملء اللاهوت جسدياً يعني أن المسيح صار جسداً منظوراً ملموساً لنعرف الله
(1يو1:1-3) فملء اللاهوت جسدياً هو ملء الله الذي جعله في متناول أخذنا (يو16:1).
نأخذ من ملئه قداسة وحياة أبدية ووداعة ونور وحق وخبز حقيقي وماء حياة.. وهذا ما
عناه المسيح بقوله "أنا فيهم.. وأنت فيّ". فهذا إتحاد غير منفصم. بل صار
لنا فكر المسيح (1كو30:1 + 16:2).


لقد وضع المسيح
بصليبه أسس الإتحاد المقدس. وراجع (رؤ30:3) كتصوير لهذه الوحدة فالمسيح يتعشي
معنا. هويتعشى من صحن هموم الإنسان وأوجاعه "في كل ضيقهم تضايق" ويأكل
من لقمة الشقاء والتغرب. والإنسان يتعشى معه بالنعمة من صحن أفراحه وبهجة خلاصه
ويتناول من يده خبز حبه. إن وحدة الآب مع المسيح تقوم على التساوي كلياً وفي كل شئ
فهي وحدة ذات وكرامة ومجد وكمال مطلق، وحدة طبيعة جوهرية، أمّا الوحدة التي لنا في
المسيح فهي وحدة نعمة ورحمة وتفضل وهبة يأخذها من يؤمن ويحفظ كلامه.


ليكونوا واحداً=
بعمل المسيح والآب والروح القدس يصير المؤمنين واحداً. لكن المؤمنين وحدهم لا
يمكنهم أن يتحدوا. ليكونوا مكملين إلى واحد= هنا إرتقاء وسمو بالوحدة التي يطلبها
لنا المسيح، فهي وحدة أولاً بيننا ثم هي بيننا وبينه وبين الآب وأخيراً تكميلها
إلى الكمال أي نصير مملوئين فيه (يو14:1،16 + كو10:2 + أف14:3-20). وسبق هذه الآية
أن المسيح أعطانا المجد الذي له ويكون المعنى أن عطية المجد الذي يعطيه الآب
للمسيح لحسابنا والتي سلمها لنا المسيح، تكون سر الملء لبلوغ كمال الوحدة في
المسيح والآب. حينما تصير الكنيسة في وحدة تصير أيقونة للثالوث.


أنا قد أعطيتهم
المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحداً= هو مجد الحلول الإلهي.. المسيح فيكم رجاء
المجد (عب10:2 + كو27:1). وهذا ما يعطينا البنوة لله بالمسيح ونصير كلنا واحداً.
وهو مجد حلول الروح القدس فينا يوزع على كل واحد مواهبه. والمجد الذي نأخذه الآن
هو عربون المجد العتيد أن يستعلن فينا (رو18:8). حلول الله فينا هو المجد ولكنه
الآن غير مرئي. أما في السماء فسيكون مرئياً. هذا المجد أعطاه الآب للإبن في
الجسد. ومن فيض هذه النعمة التي إنكسبت على الإبن من الآب أعطى المسيح للمؤمنين
به. وهذه النعمة أو هذا المجد يكون بإتحادنا به. وهذا يؤدي لوحدتنا. أنا في السماء
فسيكون هذا المجد ظاهراً فنكون مثله (1يو2:3). عموماً من يصير على صورة المسيح على
الأرض (غل19:4) يصير مثله في السماء (1يو2:3). المجد الذي أعطاه المسيح لنا هو سبب
وحدة الكنيسة. وذلك لأن الشقاق والإنقسامات بين الناس سببها صراعهم على أمجاد هذا
العالم الباطل أي الأمجاد الوهمية. لكن من يصدق أن المسيح أعطاه كل هذا المجد
سيبيع اللآلئ العادية (أمجاد العالم) أي تصير عنده بلا قيمة، إذ قد حصل على
اللؤلؤة كثيرة الثمن (أمجاد السماء) التي سيحصل عليها بل حصل عليها بإتحاده
بالمسيح. ومن حصل على هذا المجد الذي نحن فيه الآن وسوف يستعلن فينا (رو18:8) لن
يتصارع على أمجاد هذا العالم. والروح القدس الذي فيه سيعطيه محبة لكل الناس حتى
أعدائه. وبالمحبة نتحد معاً بل نتحد مع الله فالله طبيعته المحبة، ومن هو مملوء
محبة يستطيع أن يتحد بالله فالله محبة. وإتحاد الآب والإبن هو بالمحبة وقد تم
التعبير عن هذا الإتحاد بتسمية الآب بالمحب وتسمية الإبن بالمحبوب (أف6:1) والروح
القدس هو روح المحبة فالروح القدس ينقل حب الله الآب المحب إلى الإبن المحبوب.
وبإتحادنا بالإبن بالمحبة تنتقل محبة الآب أيضاً إلينا أي نثبت فيه.


المجد الذي
أعطيتني= المسيح بلاهوته لا يقول هذا فهو له المجد منذ الأزل. ولكن هذه تعني المجد
الذي ناله بجسده لحساب الإنسان، ليبلغ به الإنسان إلى كمال الشركة في المسيح
والآب. والمجد الذي صار للمسيح بجلوسه عن يمين الآب بدأ بالصليب (يو39:7 +
31:13،32) وهذا المجد يتحول للإنسان إذا قبل الصليب مع المسيح (لو28:22-30 +
رو17:8،18 + 1بط14:4) والمجد أيضاً يشير للنعمة التي أعطيت للمسيح في جسده وهذه
تكون للكنيسة الآن، كما يكون لها نفس مجده في السماء. وكما أن الخطية شتتت الوحدة
التي للإنسان، فالمسيح بجسده الممزق على الصليب أعاد وحدة الكنيسة وبجسده المكسور
في الإفخارستيا يوحدنا به. هكذا صار الصليب هو المجد وروح المجد وإكليل المجد الذي
وُهِبَ للإنسان أن يتقلده مثل المسيح. وهدف المسيح من إعطائه هذا المجد هو أن تكون
كنيسته واحدة بلا أي شقاقات. فهي عروسه الواحدة الوحيدة هنا وفي السماء. ونلاحظ في
(عب10:2 + 9:5) أن المسيح تَكَمَّلَ بالآلام. وهنا نسمع ليكونوا مكملين إلى واحد
ومن هذا نفهم أن كمال الوحدة يكون في إحتمال الكنيسة للآلام والصليب، وأن من يحتمل
الألم يكون له مجد. فنحن بإحتمالنا للألم يكون لنا شركة آلام وحب مع المسيح
وبالتالي نتمجد كما تمجد إذاً نحن نتوحد مع المسيح بشركة آلامه وقبل هذا الإيمان
والحفظ في إسمه والتقديس في الحق. ليعلم العالم أنك أرسلتني= حينما يرانا العالم
في محبة ووحدة يؤمن بالمسيح إذ يرى التغيير الكبير في حياة أولاد الله. وبعد صعود
المسيح ما عاد الناس يرونه، لكنهم يرون كنيسته، فإن كانوا واحداً في محبة سيؤمنوا
بأن المسيح كان من عند الله. وهذه المحبة ستشهد أيضاً أننا محبوبين من الله=
وأحببتهم كما أحببتني= فنحن محبوبين كما أن الإبن محبوب عند الآب. لأننا في
المسيح. والعالم سيدرك هذا. وحينما يرانا العالم نحتمل الآلام في فرح محبة في الله
ويرى وحدتنا يكون هذا شاهداً لصدق رسالة المسيح فأكبر عثرة تعطل الإيمان هي عدم
المحبة بين المؤمنين. وهذا ما كان سبب الإيمان في الكنيسة الأولى، أن غير المؤمنين
كانوا يرون إحتمال الشهداء للموت والآلام بفرح. ومحبتهم لله ولبعضهم البعض. وقبول
الموت بفرح نابع من إنسكاب محبة الله فيهم= أحببتهم كما أحببتني الآب يحبنا بنفس
قدر محبته للإبن. وهذه محبة لا نهائية ولا توصف. والمسيح يعلن هذا لندرك مدى هذا
الحب. وللأسف فمن يهتم وسط هذا العالم المادي.. !! ونلاحظ أننا موضع سرور الآب
بالإبن فهو يحبنا في إبنه المتحد بنا.


آية (24):
"أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم."


أريد= هنا المسيح
لا يطلب بل يُريد، المسيح هنا يتكلم بحسب المجد الذي سيأخذه من الآب بعد جلوسه عن
يمينه. هنا نرى دالة البنوة عند الآب بعد أن أكمل الإبن مشيئته. ولأن الآب والإبن
واحد فإرادة الإبن هي إعلان عن إرادة الآب. المسيح هنا يقول أريد وهي أعمق بكثير
من أسأل (آية9). وماذا يريد؟ أن نكون معه لنرى مجده ونفرح. هل هناك حب أعظم من هذا!


يكونون معي= هذا هو
مجد الوحدة وإكليلها الفاخر (يو26:12). فمن يتبع المسيح في الصليب سيتبعه في المجد
(رؤ4:14،5 + يو3:14 + 36:13 + رؤ21:3). ويوحنا في (يو14:1) يقول رأينا مجده مجداً
كما لوحيد من الآب. فهذا المجد الذي إستطاع أن يراه هو كل ما أمكنه إدراكه من خلال
حجاب الجسد والمسيح في حالة إخلاء. كما من خلال مرآة أو لغز (1كو12:13). ولكن
المسيح هنا يتكلم عن رؤية مجده وهو في كامل إستعلان لاهوته في السماء مع الآب ولا
يحجز الجسد منها شيئاً "لأننا سنراه كما هو" (1يو2:3). وقوله أنا فيكم
وأنتم فيّ فهذا عن وجودنا في العالم فنحن نكون فيه الآن بالإيمان فقط (أف17:3).
فالوحدة بالحلول وبسر الإفخارستيا (يو56:6) يُعوِّقها الجسد ويُحِّدْ من فاعليتها
وإستعلانها وينقص من بهجتها بسبب عجز الجسد وقصوره ورغباته العاكسة. ولكن حين
نتخلص من هذا الجسد الفاسد سنتواجد مع المسيح في حالة رؤية كاملة وإستعلان كامل
ولكن المسيح لم يخبرنا عمّا سنراه فنحن لا يمكن أن نتخيله الآن (يو12:3 + 2كو4:12
+ 1كو9:2) وقارن مع (1يو2:3 + كو4:3 + في21:3 + 2كو18:3) لنرى جسد المجد الذي
سنأخذه ولاحظ عمق محبة المسيح لنا، فبينما هو مقبل على الصليب نجده مشغولاً بأن
نكون معه في المجد.


لينظروا مجدي= مجد الكلمة المتجسد (في8:2-11) والذي إكتسبه بطاعته لله الآب (عب9:2).

لأنك أحببتني= ولقد
إمتد حب الله الآب لإبنه ليشمل كل الذين آمنوا به وقبلوه (يو16:3). لقد نلنا
بالتبني عينة من حب الآب لإبنه لنحيا في مجال حب الله الأزلى لإبنه. فالمسيح إذاً
يطلب الوحدة بيننا وبين بعضنا البعض وبيننا وبين الله حتى نضمن أن نعاين هذا المجد
للأبد إذا كنا ثابتين فيه بالحب. ونتمتع بالحضرة الإلهية. وإذا رأيناه نصير مثله
(1يو2:3) إذاً فالمسيح طلب [1] الحفظ [2] التقديس [3] الوحدة والهدف المجد
للمؤمنين برؤية مكشوفة.


آية (25):
"أيها الآب البار أن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا انك أنت أرسلتني."


أيها الآب البار=
هذه هي المرة الوحيدة التي إستعمل المسيح فيها هذا اللقب للآب وكما قال سابقاً
أيها الآب القدوس لأن طلبه كان أن يتقدس تلاميذه. قال هنا عن الآب أنه بار ليشير
لبر الله وعدله وأنه سيعطي أكاليل البر لمن آمنوا به ويمتعهم بالمجد. فكلمة بار
تترجم عادل (1يو9:1). والله في بره وعدله وقداسته لا يطيق الخطية ولكنه في رحمته
ومحبته الغافرة أرسل أبنه ليكون سبباً في غفران خطايا المؤمنين (1يو9:1). والمسيح
هنا يوجه هذا اللقب للآب بعد أن أنهى صلاته الشفاعية كأنه يشير أنه طلب كل طلباته
في هذه الصلاة لأنه يعرف بر الآب الذي لا يعرفه سواه فهو وحده الذي يعرف قداسته
وعدله ومحبته ورحمته، ولذلك فهو يتوجه إلى عدالة الآب وبره التي بها غفر للإنسان
عن طريق صليب إبنه، وهو يُسِمعْ تلاميذه ما يقول ليعرفوا محبة الآب لهم وتدبيره،
الذي جذبهم من العالم فعرفوا المسيح وآمنوا به فصاروا بنين. وإذ صاروا بنين حق لهم
حب الآب كأبناء ولن يكون نصيبهم كنصيب العالم الذي لم يعرف الله بل جحده= لم
يعرفك= هم رفضوا ما أعلنه المسيح فحرموا من مجده. يقولها المسيح في أسى عليهم.
هؤلاء عرفوا= أي التلاميذ، وهؤلاء قبلوا الحق المعلن في المسيح فإستمتعوا بمجد
المسيح وكانت لهم حياة أبدية (يو3:17).


أنا عرفتك= لا أحد
يعرف الآب إلاّ الإبن. وهنا المسيح يتكلم بفم الإنسان الجديد أي الكنيسة التي
إشتراها بدمه ولقنها معرفته. الإبن لبره يعرف الآب. ومن يؤمن به يسلك في بره فيعرف
الآب أما العالم الرافض للبر فهو يرفض الآب فلا يعرفه.

آية (26):
"وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم."


عرفتهم إسمك= أي أن
المسيح إستعلن الآب وقوته ومحبته. إسم الآب أي محبته فالله محبة. أي أن المسيح
عرفهم ذات الآب (إسمه). تشير أيضاً إلى أن المسيح وضع في قلوب تلاميذه قوة إسم
الله كقوة حياة لا تزول، بها يرفضون العالم الزائف الفاني. وسأعرفهم= التعريف بإسم
الله الآب عمل بدأه الإبن بتجسده وسيمتد للأبدية فالله لا يُدْرَكْ كماله، وهذا ما
فعله المسيح بأن أرسل الروح القدس ليرشد إلى جميع الحق (يو13:16) ويسكب محبة الله
في قلوبنا (رو5:5). وكل من بدأ يعرف إسم الله هنا سيكمل له المسيح المعرفة في
الأبدية ومن رفض الصليب هنا ورفض أن يتعرف على إسم الآب لن يكون له نصيب أبدي..
ومن سكن إسم الآب في قلبه في تقوى فقد سكن الحب الأبوي فيه بضمان سكني المسيح.
إذاً هي معرفة مستمرة متنامية، وشركة متزايدة بعمل الروح القدس. ليكون فيهم الحب=
كلما نعرف ربنا بالأكثر نمتلئ حباً له وللناس. فالعلاقة الحية تتم بالمحبة. وأكون
أنا فيهم= نحن لن نذوق الحب الأبوي بدون المسيح (يو27:16) فالحب الجارف في قلب
الآب إستطاع المسيح أن يحوله نحو قلوبنا ولكي يضمن إنسكابه فينا أمّن على ذلك
بوجوده الدائم (مت20:28). وصحيح أن المسيح سيفارق تلاميذه بالجسد ولكنه سيظل فيهم
بالروح للأبد، لن نراه بعيوننا المادية ولكن نراه بعيون قلوبنا التي سوف تشعر
وتتيقن من وجوده. ومن يعرف المسيح حسب الجسد فلن يعرفه بعد (2كو16:5،17). لذلك
فشغل المسيحي الدائم أن يحوز على حلول المسيح في القلب (أف16:3-18). ولكن لاحظ
ترتيب الآية. فالمسيح بدأ عملاً هو أن يعرفنا بالآب وسيكمله بالروح القدس ولكما
إزددنا معرفة نزداد حباً. والهدف النهائي أن يسكن المسيح فينا ويتحد بنا فهذا هو
المجد الذي أراده للبشر. هذا هو هدف التجسد، أن نكون في المسيح ويكون هو فينا.
والصليب كان لغفران خطايانا فنتطهر ونؤهل لسكنى المسيح فينا. والعجيب أن الآيات
التالية هي مؤامرة يهوذا والكتبة والفريسيين والكهنة ورؤساءهم والجند والرومان ضد
من أحبهم كل هذا الحب!! فبينما كان المسيح يتكلم بهذا كانت المؤامرة تتم في
الخارج. قارن مع (يو2:18).

http://demiana2010.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى