(24) يوسابيوس ك 4 ف 12و18 .
(25) Dialogue 76.
(26) Jesus After the Gospels
p. 59.
ــــــــــــــــــــ
- 33 -
" مكتوب في مذكرات رسله (أي الأناجيل) أنَّه ابن
اللَّه، ولأننا ندعوه الابن، فقد أدركنا أنَّه وُلد من الآب قبل كلِّ الخلائق بقوَّته
وإرادته 000 وصار إنسانًا من العذراء لكي يدمِّر العصيان الذي نتج بسبب الحيَّة "(27).
" تعلَّمنا أنَّ الخبز والخمر كانا جسد ودم يسوع
الذي صار جسدًا "(28).
" يسوع المسيح هو الابن الوحيد المولود من اللَّه
لكونه كلمته (Logos - λογος)
وبكره وصار جسدًا بحسب إرادته "(29) .
" نعبد ونحب الكلمة (Logos - λογος) الذي من اللَّه غير المولود وغير المنطوق به، فقد صار بشرًا
لأجلنا "(30).
" الكلمة ( Logos – λογος) ذاته الذي إتَّخذ شكلاً وصار بشرًأ ودُعي يسوع المسيح "(31).
" قال يسوع وليس أحد يعرف الابن إلاَّ الآب ولا الآب
إلاَّ الابن، ومن أراد الابن يُعلن له، لأنًَّ اليهود لم يعرفوا من هو الآب ولا من
هو الابن 000 والآن نقول، كما قلَّنا سابقًا، كلمة اللَّه هو اِبنه "(32) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27) Dial. 100.
(28) Dial.. 66.
(29) Apology 1:23. ـ
(30) Apology 2:13.
(31) Apology 1:
(32) Apology 1:63.
ــــــــــــــــــــ
- 34 -
وفي حواره الطويل مع
تريفو الفيلسوف اليهودي يؤكِّد له أنَّ اللَّه والربّ الذي ظهر للآباء البطاركة هو
ابن اللَّه نفسه، الربّ يسوع المسيح، فيقول " تُبيَّن
الأسماء المختلفة للمسيح، بحسب الطبيعتَين أنَّه، هو اللَّه الذي ظهر للآباء،
وقد دُعي مرَّة بملاك المشورة العظيم (ملا 3/1)، ودُعي إنسانًا في حزقيال، ومثل اِبن
إنسان في دانيال، ووُلد في أشعياء، ودعاه داود مسيح وإله ومعبود 000 هو
اللَّه ابن اللَّه الغير مولود وغير المنطوق به، لأنَّ موسي يقول الآتي في
مكان ما في الخروج " وَأنَا ظَهَرْتُ
لابْرَاهِيمَ وَاسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِانِّي الْالَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ. وَامَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ اعْرَفْ عِنْدَهُمْو وَأَيْضًا
اقَمْتُ مَعَهُمْ عَهْدِي" (خر6/3-4). ويقول أيضًا
أنَّ إنسانًا صارع مع يعقوب، ويؤكِّد أنَّه اللَّه، رؤيا اللَّه، فقد قال يعقوب
" نَظَرْتُ اللهَ وَجْها لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي " (تك32/24-30)، ومكتوب أنَّه
دعا اسم المكان الذي صارعه فيه وظهر له وباركه فيه وجه اللَّه " فنيئيل
" 000 ودعي بالكلمة لأنَّه يحمل الأخبار من الآب للبشر
ولكنه غير منقسم أو منفصل عن الآب أبدًا كما يُقال أنَّ نور الشمس الذي علي الأرض
غير مُنقسم وغير مُنفصل عن الشمس في السماء 000 إنَّه مولود من الآب بقوَّته
وإرادته ولكن دون انفصال"(33).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(33) Dial. 126 – 129.
ــــــــــــــــــــ
- 35 -
وقال عن ناسوته " دعي يسوع نفسه اِبن
الإنسان أمَّا بسبب ولادته من خلال عذراء أو لأنَّه جاء من نسل داود والبطاركة "(34).
7 - ايريناؤس (120-202م) أسقف ليون : كان إيريناؤس
أسقف ليون بالغال (فرنسا حاليًا) هو أحد تلاميذ تلاميذ الرسل وخلفائهم وحلقة الوصل
بين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده، فقد شاهد واستمع لتلاميذ الرسل، خاصَّة
بوليكاربوس الذي استمع إليه ورآه في شبابه، ويقول عنه " أنَّه إلي
الآن لم يزلْ ثابتًا في مخيَّلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتَّصف به القدِّيس
بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته، وتلك الإرشادات الإلهيَّة
التي كان يعلِّم بها رعيَّته وأبلغ من ذلك كأنِّي أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها
عن الأحاديث التي تمت بينه وبين القدِّيس يوحنَّا الإنجيليّ وغيره من القدِّيسين
الذين شاهدوا يسوع المسيح علي الأرض وتردُّدوا معه وعن الحقائق التي تعلذَمها وتسلَّمها
منهم "(35).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(34) Dial. 100.3.
(35) الآباء الرسوليين للقمص تادرس يعقوب ص 126 أنظر أيضا Ag. Haer. 3:3, 4
ــــــــــــــــــــ
- 36 -
وقد كتب مجموعة من الكتب " ضد الهراطقة " دافع فيها
عن المسيحيَّة وأسفارها المقدَّسة وردّ علي هرطقة الغنوسيِّين وهرطقة الأبيونيِّين
وشرح الإيمان المسيحيّ في عصره كما تسلَّمه من تلاميذ الرسل " الإيمان
المسلّم مرة للقديسين " (يه3). وأكَّد من
خلال آيات الكتاب المقدَّس أنَّ الرب يسوع المسيح هو ابن اللَّه
الوحيد، اللَّه الابن، وكلمته وحكمته وقوَّته، الموجود مع الآب، في ذات الآب، بلا
بداية، الذي خلق به كل شيء في الكون. كما أكَّد علي حقيقة تجسُّده، إتخاذه جسدًا،
وكان من أوائل آباء الكنيسة الذين استخدموا تعبير " التجسُّد - sarkosis ، σαρκσις أو ensarkosis ، ενσαρκοσς" ، أي إتَّخذ جسدًا من تعبير القدِّيس يوحنَّا "
والكلمة صار جسدا -και ό λογος σαρκς εγενετο - kai ho logos sarx egeneto "(36). وأنَّ
المسيح بتجسُّده إتَّخذ الطبيعة الإنسانيَّة الكاملة بكلِّ ما تحمله الكلمة من معني،
كما أنَّه لم يتَّخذْ جسدًا من طبيعة أخري غير طبيعة الإنسان، من لحمٍ ودمٍ وروحٍ
إنسانيَّة(37). ويؤكِّد علي أنَّه كان
له روح بشريَّة كالتي لنا " كما أننا مُكَوَّنين من
جسد مأخوذ من التراب ومن نفس تُقبل روح من اللَّه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(36) Catholic Encyclopedia, Incarnation...
(37) Adv.Her. 5:12, 2.
ــــــــــــــــــــ
- 37 -
فهذا ما صار إليه كلمة الله متخذا لنفسه صنعة يديه
وعلى هذا الأساس أعترف بنفسه كابن الإنسان ".(38) وفيما يلي
بعض من أقوله :
" تسلَّمت الكنيسة 000 من الرسل ومن تلاميذهم
هذا الإيمان [ فهي تؤمن ] بإلهٍ واحدٍ الآب القدير خالق
السماء والأرض والبحر وكلّ ما فيها، وبيسوع المسيح الواحد، ابن اللَّه الذي تجسَّد
لأجل خلاصنا "(39).
" صار الله إنسانًا والرب نفسه
خلَّصنا معطيًا لنا علامة العذراء "(40)
" كلمة اللَّه ربّنا يسوع المسيح الذي صار
إنسانًا بين البشر في الأيام الأخيرة ليُوحِّد النهاية في
البداية، أي اللَّه بالإنسان "(41).
" لأجل خلاصنا ، يسوع المسيح
ربنا "(42).
" كان الكلمة موجودًا في البدء مع اللَّه، وبه خلق
كلّ شيء وكان دائمًا موجودًا مع الجنس البشريّ، وحديثًا جدًا، في لحظة معيَّنة من
الآب، اتحد مع صنعة يديه وبه صار إنسانًا خاضعًا للألم "(43).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(38) B5:14, 2.
(39) B 1:10, 1.
(40) B3:21, 1.
(41) B4:20, 4.
(42) B3:16, 2.
(43) B3:18, 1.
ــــــــــــــــــــ
- 38 -
وقد شرح القدِّيس إيريناؤس
التجسُّد ووحدة شخص المسيح الواحد، من خلال حديثه عن حلول الروح القدس علي
العذراء وولادة عمانوئيل الذي هو اللَّه
معنا منها، في مجمل ردِّه علي الغنوسيِّين " وُلد ابن اللَّه
من عذراءٍ، وهو نفسه المسيح المخلِّص الذي تنبَّأ عنه الأنبياء، ليس كما يقول
هؤلاء الناس (أي الغنوسيِّين) أنَّ يسوع هو الذي وُلد من مريم ولكن المسيح هو الذي
نزل من فوق " . ثم يقول أنَّ متَّي لم يقلْ " أّمّا
ولادة يسوع فكانت هكذا " إنَّما قال
" أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا" (مت1/18)، " وهو عمانوئيل
لئلا نتخيَّل أنَّه مجرَّد إنسان: لأنَّه ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة إنسان، بل
بإرادة اللَّه صار الكلمة جسدًا. ويجب أنْ لا نتخيَّل أنَّ يسوع واحد والمسيح آخر،
ولكن يجب أنْ نعرف أنَّهما نفس الواحد "(44).
كما ردَّ علي الأبيونيِّين قائلاً " وباطل أيضًا
الأبيونيين الذين لم يقبلوا الإيمان لنفوسهم في اتحاد اللَّه والإنسان 000
ولم يريدوا أنْ يفهموا أنَّ الروح القدس حلَّ علي العذراء وأنَّ قوة العليّ ظلَّلتها
، ولذا فالذي وُلد هو قدوس وابن اللَّه العليّ أبو الكلِّ ، ونتج التجسُّد "(45).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(44) B3:16, 2.
(45) B5:1, 3.
ــــــــــــــــــــ
- 39 -
ومثل أغناطيوس الأنطاكي الذي شرح كيفيَّة قبول المسيح للحدود البشريَّة
" من لا يتغيَّر، أي ذاك الذي يعلو الزمان والمكان ولا يري ولكن
صار مرئيًا لأجلنا، لا يُلمس ولا يتألَّم ولكنه صار ملموسًا ومتألمًا وإحتمل كلِّ
شيء لأجلنا "، فقال " أنَّ الربّ
يسوع المسيح من أجلنا قبل الحدود الجسديَّة والإنسانيَّة، الذي كان غير مرئي صار
مرئيًا، غير المتألِّم صار متألمًا لأجلنا، غير المدرك صار مدركًا لأجلنا"(46).
وهكذا قدَّم آباء
الكنيسة، خلفاء الرسل، الذين تسلَّموا منهم " الإيمان المسلَّم مرة للقدِّيسين
"، الإيمان الصحيح والعقيدة القويمة (الأرثوذكسيَّة) للكنيسة الواحدة الجامعة
الرسوليَّة في لاهوت المسيح، وأنَّه هو اللَّه الذي تجسَّد وظهر علي الأرض في
الجسد، كلمة اللَّه إتَّخذ جسدًا، صار جسدًا، حلّ بملء لاهوته في الجسد، صورة اللَّه
إتَّخذ صورة العبد ووُلد من امرأة في ملء الزمان، وردوا علي هرطقات القرنين الأوّل
والثاني، والتي أتت من خارج الكنيسة وأظهروا فساد أفكارها وبدعها.
وها نحن أيضًا نُبرز
إيمانهم ونُوضِّح عقيدتهم وإيمانهم بأنَّ المسيح هو اللَّه، ونردّ علي النقَّاد
والكتَّاب الذين خمَّنوا وأفتوا فيما لا يعلمون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(46) See B3:16, 6. And Jesus after the Gospels p.
102.
ــــــــــــــــــــ
- 40 -
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قبل صعوده إلي السموات لخَّص
الربّ يسوع المسيح الإيمان المسيحيّ في عبارةٍ واحدةٍ هي: " بِاسْمِ
الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ " وقال
لتلاميذه " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ
وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا
مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ»" (مت28/19-20). وكانت هذه
الصيغة " وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ
وَالرُّوحِ الْقُدُسِ "، مع بساطتها في تلخيص جوهر الإيمان
المسيحيّ كما سلَّمه الربّ يسوع المسيح نفسه للكنيسة من خلال الرسل، هي قانون
الإيمان الأوَّل في الكنيسة المسيحيَّة الجامعة الرسوليَّة في كلِّ البلاد
والأماكن التي انتشرت فيها المسيحيَّة في القرون الثلاثة الأولي للمسيحيَّة. كما
قدَّم لنا القدِّيس بولس، بالروح القدس، صيغة خاصَّة بالآب والابن في مواجهة آلهة
العالم الوثنيّ تقول " لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى
آلِهَةً سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ
كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي
مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ
الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ." (1كو8/5-6).
ــــــــــــــــــــ
- 41 -
وكان هذا الإيمان، مع
بساطته، هو الذي نادت به الكنيسة في كلَّ مكانٍ، شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا،
والذي إتَّخذت منه، خاصَّة الآيتَين الأخيرتَين، قوانين إيمان يتلوها المعمَّد قبل
معموديَّته مباشرة. وقد لخص لنا فيليب شاف المؤرِّخ الكنسيّ(47)هذه القوانين
كما جاءت في كتابات آباء الكنيسة شرقًا وغربًا ونُضيف إليها ملخَّص إيمان أريوس الذي
كان السبب في عقد مجمع نيقية، وننقلها مترجمة كما يلي:
1 - قانون إيمان الرسل (القرن الأول) "
1- أؤمن باللَّه الآب
ضابط الكلّ (خالق السماء والأرض) ؛ 2- وبيسوع المسيح، اٍبنه الوحيد، ربنا،
3- الذي (حُبل) به بالروح القدس، وُلد من العذراء مريم؛ 4- (تألم) في عهد بيلاطس البنطي،
وصُلب (ومات) ودُفن ؛ 5 - (ونزل إلى الجحيم). وفي اليوم الثالث قام من الأموات؛ 6-
صعد إلي السموات وجلس عن يمين (الله) الآب (ضابط الكل) ؛ 7- من ثمَّ
يأتي ليدين الأحياء والأموات. 8- و(أومن) بالروح القدس؛ 9 - والكنيسة المقدَّسة
(الجامعة)، (وشركة القديسين)؛ 10- وغفران الخطايا؛ 11- وقيامة الجسد؛ 12- (والحياة
الأبدية) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(47) Philip Schaff History of the Christian Church
vol. 2: 536 – 537. See also
قانون الإيمان للرسل - الدياديكية للقمص تادرس يعقوب ملطي ص 15 - 19.
ــــــــــــــــــــ
- 42 -
2- قانون إيمان القديس إيريناؤس (عام 170م)"
1- نؤمن 000 بإلهٍ واحدٍ الآب ضابط الكلّ، خالق السماء والأرض
والبحر وكلّ ما فيها؛ 2- وبيسوع المسيح، الواحد، ابن اللَّه (ربنا) ، 3-
الذي صار جسد|ًا (من العذراء ) لأجل خلاصنا؛ 4- وآلامه (في عهد بيلاطس البنطي)، 5-
وقيامته من الأموات؛ 6- وصعوده إلي السموات جسديًا؛ 7- ومجيئه من السموات في
مجد الآب لكي يضم كل الأشياء في رأس واحد 00 ويجري حكمًا عادلاً على الجميع .
8- وبالروح القدس 000 ؛ 11- وأنَّ المسيح سيأتي من السموات ليُقيم كلّ جسد 000
وليدين الأشرار والظالمين في نار الأبديَّة، 12- ويُعطي المستقيمين والقدِّيسين
خلودًا ومجدًا أبديًا ".
3 - العلامة ترتليان ، من شمال أفريقيا (200م) "
1- نؤمن بإله واحد، خالق العالم، الذي أوجد الكلّ من عدم 000؛
2- وبالكلمة اِبنه يسوع المسيح؛ 3- الذي نزل إلي العذراء من خلال روح اللَّه
الآب وقوته، وصار جسدًا في أحشائها وولد منها؛ 4- ثُبّت على الصليب (في عهد
بيلاطس البنطي)، مات ودُفن؛ 5- قام في اليوم الثالث؛ 6- رُفع إلى السموات وجلس
عن يمين اللَّه الآب؛ 7- سيأتي ليدين الأحياء والأموات. 11- وأن المسيح سيتقبل
قديسيه بعد استعادة الجسد؛ 12- في متعة الحياة الأبديَّة، ومواعيد السماء،
ويدين الأشرار بنار أبديَّة " .
ــــــــــــــــــــ
- 43 -
4- القديس كبريانوس ، من قرطاجنة (250م) :
1- نؤمن باللَّه الآب، 2-
وبابنه المسيح، 8- بالروح القدس، 9- أومن بغفران الخطايا، 12- والحياة
الأبدية خلال الكنيسة المقدسة.
5 - نوفاتيان ، من روما (250م) :
1- نؤمن بالله الآب والرب
ضابط الكل. 2- بابن الله ، يسوع المسيح ، الله ربنا ، 8- بالروح القدس (الموعود
به منذ القديم للكنيسة، وأعطي في الوقت المعين والمناسب).
6- العلامة أوريجانوس، من الإسكندرية (230م):
نؤمن بإله واحد، الذي خلق
وأوجد كلّ شيء. الذي في آخر الأيام أرسل 2- ربنا يسوع المسيح. مولودًا من الآب
قبل كل الخليقة. 3- مولودًا من العذراء ومن الروح القدس. تجسَّد وهو لا
يزال اللَّه. 4- تألَّم حقًا، ومات، 5- قام من الأموات 6- ورُفع 00 8- الروح
القدس، متَّحدًا في كرامة وجلال الآب والابن.
7- أغريغوريوس أسقف قيصرية الجديدة:
1- نؤمن بالله الآب، 2- برب واحد. إله من إله، صورة وشكل
اللاهوت. الحكمة والقدرة التي أوجدت كل الخليقة، الابن الحقيقيّ للآب الحقيقيّ.
ــــــــــــــــــــ
- 44 -
8- بروح قدسٍ واحدٍ، خادم التقديس، فيه يعلن الله الآب، الذي
فوق كلّ الأشياء، ويُعلن اللَّه الابن الذي هو خلال كل الأشياء. ثالوث كامل، غير
منقسم ولا مختلف في المجد، والأبديَّة والسلطان.
8- لوقيانوس، أو لوسيان (مُعلم أريوس)، إنطاكية (300م):
1- نؤمن بإله واحد، الآب ضابط الكلّ، خالق كلّ شيء، والمعتني
بكل شيء؛ 2- وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح اِبنه، المولود من الآب قبل كلّ الدهور،
إله من إله، الحكمة، الحياة، النور. 3- الذي وُلد من عذراء حسب الكتب، وتأنَّس؛
4- الذي تألَّم من أجلنا، 5- وقام من أجلنا في اليوم الثالث؛ 6- وصعد إلي
السموات، وجلس عن يمين الله الآب؛ 7- وسيأتي أيضًا بقوَّة ومجدٍ ليَدين الأحياء
والأموات. 8- وبالروح القدس، المعطي للتعزية والتقديس والكمال للذين يؤمنون.
9- يوسابيوس، أسقف قيصرية (325م):
1- نؤمن بإله واحد،
الآب ضابط الكلّ، خالق كلّ شيء، ما يرى وما لا يرى؛ 2- وبربٍ واحدٍ يسوع
المسيح، كلمة اللَّه، إله من إله، نور من نور، حياة من حياة، الابن الوحيد، بكر كلّ
الخليقة، مولود من الآب قبل كلِّ الدهور، به كان كلّ شيء. 3- الذي من أجل
خلاصنا صار جسدًا بين البشر؛ 4- وتألم، 5- وقام في اليوم الثالث؛ 6- وصعد إلي
الآب؛ 7- وسيأتي بمجدٍ ليَدين الأحياء والأموات. 8- نؤمن أيضًا بالروح القدس.
ــــــــــــــــــــ
- 45 -
10- إقرار الإيمان كما قدمه أريوس للملك قسطنطين(48)!
وأخيراً نقدِّم إقرار
إيمان أريوس الذي أثار زوبعة شديدة وعُقد بسببه مجمع نيقية، يقول أريوس في إقراره
" - نؤمن بإلهٍ واحدٍ، الآب القدير؛ 2- وبالربِّ يسوع المسيح اِبنه،
المولود منه قبل كلِّ الدهور، اللَّه الكلمة الذي به صنع كلّ شيء، ما في السموات
وما علي الأرض. 3- الذي نزل من السماء وصار متجسِّدًا؛ 4- وتألَّم، 5- وقام
ثانية؛ 6- وصعد إلي السموات؛ 7- وسيأتي ثانية ليدين الأحياء والأموات. 8-
[ونؤمن] أيضًا بالروح القدس. 9- وبقيامة الجسد وحياة الدهر الآتي، وبملكوت السموات،
10- وبكنيسة اللَّه الواحدة الجامعة، الممتدة من أقصي الأرض إلي أقصاها.
الإيمان الذي
استلمناه من الأناجيل المقدَّسة، حيث يقول الرب لتلاميذه - " اذْهَبُوا
وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ
وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.". وإذا كنَّا لا نؤمن هكذا ونقبل حقًا الآب
والابن والروح القدس، مثل كلّ الكنيسة الجامعة وكما تُعلِّم الأسفار المقدَّسة
(التي نؤمن بها ونوقِّرها جدًا)، فاللَّه دياننا الآن وفي الدينونة الآتية ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(48) Socrates Church
History 1:26.
ــــــــــــــــــــ
- 46 -
وتبدو هذه الصيغ العشرة للإيمان متشابهة ومتماثلة في جوهرها،
بما فيها إقرارات إيمان لوسيان ويوسابيوس أسقف قيصرية وأريوس، إلي حدٍ كبيرٍ،
والفروق بينها طفيفة جدًا وغير جوهريَّة. وجميعها مأخوذة من آيات الكتاب المقدَّس،
أو مبنِّية علي أساس آياته الإلهيَّة.
وكان الخلاف بين آريوس
ومن شايعه وبقيَّة آباء الكنيسة ليس في لاهوت المسيح وحقيقة كونه اِبن اللَّه وإله
الكون وخالقه ومدبِّره وديانه، وإنما في عبارة " المولود من
الآب قبل كلّ الدهور" والتي آمن آباء الكنيسة أنَّها
ولادة في ذات اللَّه الآب بلا بداية وبلا نهاية، مثل ولادة النور من النور، كقول
الكتاب " اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ
خَبَّرَ" (يو1/18). أمَّا آريوس فقد إعتقد
أنَّ هذه الولادة قد بدأت في نقطة ما قبل كلّ الدهور ! قبل الزمن والخليقة! بمعني
أنَّه كان هناك وقت لم يكنْ فيه الابن! ثمَّ ولد اللَّه الابن بمعني أوجده قبل
الزمان والخليقة ليخلق به الكون ويدبِّره!! مناقضًا بذلك قول المسيح نفسه " أَنَا الأَلِفُ
وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ" (رؤ22/13).
ومع ذلك فهل يُؤمن هؤلاء النقَّاد والكتّّاب بما آمن به آريوس
من أنَّ المسيح هو إله الكون وخالقه ومدبِّره وديَّانه وأنَّه ربّ الأنبياء ومُرسلهم
وأنَّهم جميعًا رُسله وخدَّامه؟!
ــــــــــــــــــــ
(25) Dialogue 76.
(26) Jesus After the Gospels
p. 59.
ــــــــــــــــــــ
- 33 -
" مكتوب في مذكرات رسله (أي الأناجيل) أنَّه ابن
اللَّه، ولأننا ندعوه الابن، فقد أدركنا أنَّه وُلد من الآب قبل كلِّ الخلائق بقوَّته
وإرادته 000 وصار إنسانًا من العذراء لكي يدمِّر العصيان الذي نتج بسبب الحيَّة "(27).
" تعلَّمنا أنَّ الخبز والخمر كانا جسد ودم يسوع
الذي صار جسدًا "(28).
" يسوع المسيح هو الابن الوحيد المولود من اللَّه
لكونه كلمته (Logos - λογος)
وبكره وصار جسدًا بحسب إرادته "(29) .
" نعبد ونحب الكلمة (Logos - λογος) الذي من اللَّه غير المولود وغير المنطوق به، فقد صار بشرًا
لأجلنا "(30).
" الكلمة ( Logos – λογος) ذاته الذي إتَّخذ شكلاً وصار بشرًأ ودُعي يسوع المسيح "(31).
" قال يسوع وليس أحد يعرف الابن إلاَّ الآب ولا الآب
إلاَّ الابن، ومن أراد الابن يُعلن له، لأنًَّ اليهود لم يعرفوا من هو الآب ولا من
هو الابن 000 والآن نقول، كما قلَّنا سابقًا، كلمة اللَّه هو اِبنه "(32) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27) Dial. 100.
(28) Dial.. 66.
(29) Apology 1:23. ـ
(30) Apology 2:13.
(31) Apology 1:
(32) Apology 1:63.
ــــــــــــــــــــ
- 34 -
وفي حواره الطويل مع
تريفو الفيلسوف اليهودي يؤكِّد له أنَّ اللَّه والربّ الذي ظهر للآباء البطاركة هو
ابن اللَّه نفسه، الربّ يسوع المسيح، فيقول " تُبيَّن
الأسماء المختلفة للمسيح، بحسب الطبيعتَين أنَّه، هو اللَّه الذي ظهر للآباء،
وقد دُعي مرَّة بملاك المشورة العظيم (ملا 3/1)، ودُعي إنسانًا في حزقيال، ومثل اِبن
إنسان في دانيال، ووُلد في أشعياء، ودعاه داود مسيح وإله ومعبود 000 هو
اللَّه ابن اللَّه الغير مولود وغير المنطوق به، لأنَّ موسي يقول الآتي في
مكان ما في الخروج " وَأنَا ظَهَرْتُ
لابْرَاهِيمَ وَاسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِانِّي الْالَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ. وَامَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ اعْرَفْ عِنْدَهُمْو وَأَيْضًا
اقَمْتُ مَعَهُمْ عَهْدِي" (خر6/3-4). ويقول أيضًا
أنَّ إنسانًا صارع مع يعقوب، ويؤكِّد أنَّه اللَّه، رؤيا اللَّه، فقد قال يعقوب
" نَظَرْتُ اللهَ وَجْها لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي " (تك32/24-30)، ومكتوب أنَّه
دعا اسم المكان الذي صارعه فيه وظهر له وباركه فيه وجه اللَّه " فنيئيل
" 000 ودعي بالكلمة لأنَّه يحمل الأخبار من الآب للبشر
ولكنه غير منقسم أو منفصل عن الآب أبدًا كما يُقال أنَّ نور الشمس الذي علي الأرض
غير مُنقسم وغير مُنفصل عن الشمس في السماء 000 إنَّه مولود من الآب بقوَّته
وإرادته ولكن دون انفصال"(33).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(33) Dial. 126 – 129.
ــــــــــــــــــــ
- 35 -
وقال عن ناسوته " دعي يسوع نفسه اِبن
الإنسان أمَّا بسبب ولادته من خلال عذراء أو لأنَّه جاء من نسل داود والبطاركة "(34).
7 - ايريناؤس (120-202م) أسقف ليون : كان إيريناؤس
أسقف ليون بالغال (فرنسا حاليًا) هو أحد تلاميذ تلاميذ الرسل وخلفائهم وحلقة الوصل
بين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده، فقد شاهد واستمع لتلاميذ الرسل، خاصَّة
بوليكاربوس الذي استمع إليه ورآه في شبابه، ويقول عنه " أنَّه إلي
الآن لم يزلْ ثابتًا في مخيَّلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتَّصف به القدِّيس
بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته، وتلك الإرشادات الإلهيَّة
التي كان يعلِّم بها رعيَّته وأبلغ من ذلك كأنِّي أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها
عن الأحاديث التي تمت بينه وبين القدِّيس يوحنَّا الإنجيليّ وغيره من القدِّيسين
الذين شاهدوا يسوع المسيح علي الأرض وتردُّدوا معه وعن الحقائق التي تعلذَمها وتسلَّمها
منهم "(35).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(34) Dial. 100.3.
(35) الآباء الرسوليين للقمص تادرس يعقوب ص 126 أنظر أيضا Ag. Haer. 3:3, 4
ــــــــــــــــــــ
- 36 -
وقد كتب مجموعة من الكتب " ضد الهراطقة " دافع فيها
عن المسيحيَّة وأسفارها المقدَّسة وردّ علي هرطقة الغنوسيِّين وهرطقة الأبيونيِّين
وشرح الإيمان المسيحيّ في عصره كما تسلَّمه من تلاميذ الرسل " الإيمان
المسلّم مرة للقديسين " (يه3). وأكَّد من
خلال آيات الكتاب المقدَّس أنَّ الرب يسوع المسيح هو ابن اللَّه
الوحيد، اللَّه الابن، وكلمته وحكمته وقوَّته، الموجود مع الآب، في ذات الآب، بلا
بداية، الذي خلق به كل شيء في الكون. كما أكَّد علي حقيقة تجسُّده، إتخاذه جسدًا،
وكان من أوائل آباء الكنيسة الذين استخدموا تعبير " التجسُّد - sarkosis ، σαρκσις أو ensarkosis ، ενσαρκοσς" ، أي إتَّخذ جسدًا من تعبير القدِّيس يوحنَّا "
والكلمة صار جسدا -και ό λογος σαρκς εγενετο - kai ho logos sarx egeneto "(36). وأنَّ
المسيح بتجسُّده إتَّخذ الطبيعة الإنسانيَّة الكاملة بكلِّ ما تحمله الكلمة من معني،
كما أنَّه لم يتَّخذْ جسدًا من طبيعة أخري غير طبيعة الإنسان، من لحمٍ ودمٍ وروحٍ
إنسانيَّة(37). ويؤكِّد علي أنَّه كان
له روح بشريَّة كالتي لنا " كما أننا مُكَوَّنين من
جسد مأخوذ من التراب ومن نفس تُقبل روح من اللَّه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(36) Catholic Encyclopedia, Incarnation...
(37) Adv.Her. 5:12, 2.
ــــــــــــــــــــ
- 37 -
فهذا ما صار إليه كلمة الله متخذا لنفسه صنعة يديه
وعلى هذا الأساس أعترف بنفسه كابن الإنسان ".(38) وفيما يلي
بعض من أقوله :
" تسلَّمت الكنيسة 000 من الرسل ومن تلاميذهم
هذا الإيمان [ فهي تؤمن ] بإلهٍ واحدٍ الآب القدير خالق
السماء والأرض والبحر وكلّ ما فيها، وبيسوع المسيح الواحد، ابن اللَّه الذي تجسَّد
لأجل خلاصنا "(39).
" صار الله إنسانًا والرب نفسه
خلَّصنا معطيًا لنا علامة العذراء "(40)
" كلمة اللَّه ربّنا يسوع المسيح الذي صار
إنسانًا بين البشر في الأيام الأخيرة ليُوحِّد النهاية في
البداية، أي اللَّه بالإنسان "(41).
" لأجل خلاصنا ، يسوع المسيح
ربنا "(42).
" كان الكلمة موجودًا في البدء مع اللَّه، وبه خلق
كلّ شيء وكان دائمًا موجودًا مع الجنس البشريّ، وحديثًا جدًا، في لحظة معيَّنة من
الآب، اتحد مع صنعة يديه وبه صار إنسانًا خاضعًا للألم "(43).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(38) B5:14, 2.
(39) B 1:10, 1.
(40) B3:21, 1.
(41) B4:20, 4.
(42) B3:16, 2.
(43) B3:18, 1.
ــــــــــــــــــــ
- 38 -
وقد شرح القدِّيس إيريناؤس
التجسُّد ووحدة شخص المسيح الواحد، من خلال حديثه عن حلول الروح القدس علي
العذراء وولادة عمانوئيل الذي هو اللَّه
معنا منها، في مجمل ردِّه علي الغنوسيِّين " وُلد ابن اللَّه
من عذراءٍ، وهو نفسه المسيح المخلِّص الذي تنبَّأ عنه الأنبياء، ليس كما يقول
هؤلاء الناس (أي الغنوسيِّين) أنَّ يسوع هو الذي وُلد من مريم ولكن المسيح هو الذي
نزل من فوق " . ثم يقول أنَّ متَّي لم يقلْ " أّمّا
ولادة يسوع فكانت هكذا " إنَّما قال
" أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا" (مت1/18)، " وهو عمانوئيل
لئلا نتخيَّل أنَّه مجرَّد إنسان: لأنَّه ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة إنسان، بل
بإرادة اللَّه صار الكلمة جسدًا. ويجب أنْ لا نتخيَّل أنَّ يسوع واحد والمسيح آخر،
ولكن يجب أنْ نعرف أنَّهما نفس الواحد "(44).
كما ردَّ علي الأبيونيِّين قائلاً " وباطل أيضًا
الأبيونيين الذين لم يقبلوا الإيمان لنفوسهم في اتحاد اللَّه والإنسان 000
ولم يريدوا أنْ يفهموا أنَّ الروح القدس حلَّ علي العذراء وأنَّ قوة العليّ ظلَّلتها
، ولذا فالذي وُلد هو قدوس وابن اللَّه العليّ أبو الكلِّ ، ونتج التجسُّد "(45).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(44) B3:16, 2.
(45) B5:1, 3.
ــــــــــــــــــــ
- 39 -
ومثل أغناطيوس الأنطاكي الذي شرح كيفيَّة قبول المسيح للحدود البشريَّة
" من لا يتغيَّر، أي ذاك الذي يعلو الزمان والمكان ولا يري ولكن
صار مرئيًا لأجلنا، لا يُلمس ولا يتألَّم ولكنه صار ملموسًا ومتألمًا وإحتمل كلِّ
شيء لأجلنا "، فقال " أنَّ الربّ
يسوع المسيح من أجلنا قبل الحدود الجسديَّة والإنسانيَّة، الذي كان غير مرئي صار
مرئيًا، غير المتألِّم صار متألمًا لأجلنا، غير المدرك صار مدركًا لأجلنا"(46).
وهكذا قدَّم آباء
الكنيسة، خلفاء الرسل، الذين تسلَّموا منهم " الإيمان المسلَّم مرة للقدِّيسين
"، الإيمان الصحيح والعقيدة القويمة (الأرثوذكسيَّة) للكنيسة الواحدة الجامعة
الرسوليَّة في لاهوت المسيح، وأنَّه هو اللَّه الذي تجسَّد وظهر علي الأرض في
الجسد، كلمة اللَّه إتَّخذ جسدًا، صار جسدًا، حلّ بملء لاهوته في الجسد، صورة اللَّه
إتَّخذ صورة العبد ووُلد من امرأة في ملء الزمان، وردوا علي هرطقات القرنين الأوّل
والثاني، والتي أتت من خارج الكنيسة وأظهروا فساد أفكارها وبدعها.
وها نحن أيضًا نُبرز
إيمانهم ونُوضِّح عقيدتهم وإيمانهم بأنَّ المسيح هو اللَّه، ونردّ علي النقَّاد
والكتَّاب الذين خمَّنوا وأفتوا فيما لا يعلمون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(46) See B3:16, 6. And Jesus after the Gospels p.
102.
ــــــــــــــــــــ
- 40 -
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قبل صعوده إلي السموات لخَّص
الربّ يسوع المسيح الإيمان المسيحيّ في عبارةٍ واحدةٍ هي: " بِاسْمِ
الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ " وقال
لتلاميذه " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ
وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا
مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ»" (مت28/19-20). وكانت هذه
الصيغة " وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ
وَالرُّوحِ الْقُدُسِ "، مع بساطتها في تلخيص جوهر الإيمان
المسيحيّ كما سلَّمه الربّ يسوع المسيح نفسه للكنيسة من خلال الرسل، هي قانون
الإيمان الأوَّل في الكنيسة المسيحيَّة الجامعة الرسوليَّة في كلِّ البلاد
والأماكن التي انتشرت فيها المسيحيَّة في القرون الثلاثة الأولي للمسيحيَّة. كما
قدَّم لنا القدِّيس بولس، بالروح القدس، صيغة خاصَّة بالآب والابن في مواجهة آلهة
العالم الوثنيّ تقول " لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى
آلِهَةً سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ
كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. لَكِنْ لَنَا إِلَهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي
مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ
الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ وَنَحْنُ بِهِ." (1كو8/5-6).
ــــــــــــــــــــ
- 41 -
وكان هذا الإيمان، مع
بساطته، هو الذي نادت به الكنيسة في كلَّ مكانٍ، شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا،
والذي إتَّخذت منه، خاصَّة الآيتَين الأخيرتَين، قوانين إيمان يتلوها المعمَّد قبل
معموديَّته مباشرة. وقد لخص لنا فيليب شاف المؤرِّخ الكنسيّ(47)هذه القوانين
كما جاءت في كتابات آباء الكنيسة شرقًا وغربًا ونُضيف إليها ملخَّص إيمان أريوس الذي
كان السبب في عقد مجمع نيقية، وننقلها مترجمة كما يلي:
1 - قانون إيمان الرسل (القرن الأول) "
1- أؤمن باللَّه الآب
ضابط الكلّ (خالق السماء والأرض) ؛ 2- وبيسوع المسيح، اٍبنه الوحيد، ربنا،
3- الذي (حُبل) به بالروح القدس، وُلد من العذراء مريم؛ 4- (تألم) في عهد بيلاطس البنطي،
وصُلب (ومات) ودُفن ؛ 5 - (ونزل إلى الجحيم). وفي اليوم الثالث قام من الأموات؛ 6-
صعد إلي السموات وجلس عن يمين (الله) الآب (ضابط الكل) ؛ 7- من ثمَّ
يأتي ليدين الأحياء والأموات. 8- و(أومن) بالروح القدس؛ 9 - والكنيسة المقدَّسة
(الجامعة)، (وشركة القديسين)؛ 10- وغفران الخطايا؛ 11- وقيامة الجسد؛ 12- (والحياة
الأبدية) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(47) Philip Schaff History of the Christian Church
vol. 2: 536 – 537. See also
قانون الإيمان للرسل - الدياديكية للقمص تادرس يعقوب ملطي ص 15 - 19.
ــــــــــــــــــــ
- 42 -
2- قانون إيمان القديس إيريناؤس (عام 170م)"
1- نؤمن 000 بإلهٍ واحدٍ الآب ضابط الكلّ، خالق السماء والأرض
والبحر وكلّ ما فيها؛ 2- وبيسوع المسيح، الواحد، ابن اللَّه (ربنا) ، 3-
الذي صار جسد|ًا (من العذراء ) لأجل خلاصنا؛ 4- وآلامه (في عهد بيلاطس البنطي)، 5-
وقيامته من الأموات؛ 6- وصعوده إلي السموات جسديًا؛ 7- ومجيئه من السموات في
مجد الآب لكي يضم كل الأشياء في رأس واحد 00 ويجري حكمًا عادلاً على الجميع .
8- وبالروح القدس 000 ؛ 11- وأنَّ المسيح سيأتي من السموات ليُقيم كلّ جسد 000
وليدين الأشرار والظالمين في نار الأبديَّة، 12- ويُعطي المستقيمين والقدِّيسين
خلودًا ومجدًا أبديًا ".
3 - العلامة ترتليان ، من شمال أفريقيا (200م) "
1- نؤمن بإله واحد، خالق العالم، الذي أوجد الكلّ من عدم 000؛
2- وبالكلمة اِبنه يسوع المسيح؛ 3- الذي نزل إلي العذراء من خلال روح اللَّه
الآب وقوته، وصار جسدًا في أحشائها وولد منها؛ 4- ثُبّت على الصليب (في عهد
بيلاطس البنطي)، مات ودُفن؛ 5- قام في اليوم الثالث؛ 6- رُفع إلى السموات وجلس
عن يمين اللَّه الآب؛ 7- سيأتي ليدين الأحياء والأموات. 11- وأن المسيح سيتقبل
قديسيه بعد استعادة الجسد؛ 12- في متعة الحياة الأبديَّة، ومواعيد السماء،
ويدين الأشرار بنار أبديَّة " .
ــــــــــــــــــــ
- 43 -
4- القديس كبريانوس ، من قرطاجنة (250م) :
1- نؤمن باللَّه الآب، 2-
وبابنه المسيح، 8- بالروح القدس، 9- أومن بغفران الخطايا، 12- والحياة
الأبدية خلال الكنيسة المقدسة.
5 - نوفاتيان ، من روما (250م) :
1- نؤمن بالله الآب والرب
ضابط الكل. 2- بابن الله ، يسوع المسيح ، الله ربنا ، 8- بالروح القدس (الموعود
به منذ القديم للكنيسة، وأعطي في الوقت المعين والمناسب).
6- العلامة أوريجانوس، من الإسكندرية (230م):
نؤمن بإله واحد، الذي خلق
وأوجد كلّ شيء. الذي في آخر الأيام أرسل 2- ربنا يسوع المسيح. مولودًا من الآب
قبل كل الخليقة. 3- مولودًا من العذراء ومن الروح القدس. تجسَّد وهو لا
يزال اللَّه. 4- تألَّم حقًا، ومات، 5- قام من الأموات 6- ورُفع 00 8- الروح
القدس، متَّحدًا في كرامة وجلال الآب والابن.
7- أغريغوريوس أسقف قيصرية الجديدة:
1- نؤمن بالله الآب، 2- برب واحد. إله من إله، صورة وشكل
اللاهوت. الحكمة والقدرة التي أوجدت كل الخليقة، الابن الحقيقيّ للآب الحقيقيّ.
ــــــــــــــــــــ
- 44 -
8- بروح قدسٍ واحدٍ، خادم التقديس، فيه يعلن الله الآب، الذي
فوق كلّ الأشياء، ويُعلن اللَّه الابن الذي هو خلال كل الأشياء. ثالوث كامل، غير
منقسم ولا مختلف في المجد، والأبديَّة والسلطان.
8- لوقيانوس، أو لوسيان (مُعلم أريوس)، إنطاكية (300م):
1- نؤمن بإله واحد، الآب ضابط الكلّ، خالق كلّ شيء، والمعتني
بكل شيء؛ 2- وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح اِبنه، المولود من الآب قبل كلّ الدهور،
إله من إله، الحكمة، الحياة، النور. 3- الذي وُلد من عذراء حسب الكتب، وتأنَّس؛
4- الذي تألَّم من أجلنا، 5- وقام من أجلنا في اليوم الثالث؛ 6- وصعد إلي
السموات، وجلس عن يمين الله الآب؛ 7- وسيأتي أيضًا بقوَّة ومجدٍ ليَدين الأحياء
والأموات. 8- وبالروح القدس، المعطي للتعزية والتقديس والكمال للذين يؤمنون.
9- يوسابيوس، أسقف قيصرية (325م):
1- نؤمن بإله واحد،
الآب ضابط الكلّ، خالق كلّ شيء، ما يرى وما لا يرى؛ 2- وبربٍ واحدٍ يسوع
المسيح، كلمة اللَّه، إله من إله، نور من نور، حياة من حياة، الابن الوحيد، بكر كلّ
الخليقة، مولود من الآب قبل كلِّ الدهور، به كان كلّ شيء. 3- الذي من أجل
خلاصنا صار جسدًا بين البشر؛ 4- وتألم، 5- وقام في اليوم الثالث؛ 6- وصعد إلي
الآب؛ 7- وسيأتي بمجدٍ ليَدين الأحياء والأموات. 8- نؤمن أيضًا بالروح القدس.
ــــــــــــــــــــ
- 45 -
10- إقرار الإيمان كما قدمه أريوس للملك قسطنطين(48)!
وأخيراً نقدِّم إقرار
إيمان أريوس الذي أثار زوبعة شديدة وعُقد بسببه مجمع نيقية، يقول أريوس في إقراره
" - نؤمن بإلهٍ واحدٍ، الآب القدير؛ 2- وبالربِّ يسوع المسيح اِبنه،
المولود منه قبل كلِّ الدهور، اللَّه الكلمة الذي به صنع كلّ شيء، ما في السموات
وما علي الأرض. 3- الذي نزل من السماء وصار متجسِّدًا؛ 4- وتألَّم، 5- وقام
ثانية؛ 6- وصعد إلي السموات؛ 7- وسيأتي ثانية ليدين الأحياء والأموات. 8-
[ونؤمن] أيضًا بالروح القدس. 9- وبقيامة الجسد وحياة الدهر الآتي، وبملكوت السموات،
10- وبكنيسة اللَّه الواحدة الجامعة، الممتدة من أقصي الأرض إلي أقصاها.
الإيمان الذي
استلمناه من الأناجيل المقدَّسة، حيث يقول الرب لتلاميذه - " اذْهَبُوا
وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ
وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.". وإذا كنَّا لا نؤمن هكذا ونقبل حقًا الآب
والابن والروح القدس، مثل كلّ الكنيسة الجامعة وكما تُعلِّم الأسفار المقدَّسة
(التي نؤمن بها ونوقِّرها جدًا)، فاللَّه دياننا الآن وفي الدينونة الآتية ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(48) Socrates Church
History 1:26.
ــــــــــــــــــــ
- 46 -
وتبدو هذه الصيغ العشرة للإيمان متشابهة ومتماثلة في جوهرها،
بما فيها إقرارات إيمان لوسيان ويوسابيوس أسقف قيصرية وأريوس، إلي حدٍ كبيرٍ،
والفروق بينها طفيفة جدًا وغير جوهريَّة. وجميعها مأخوذة من آيات الكتاب المقدَّس،
أو مبنِّية علي أساس آياته الإلهيَّة.
وكان الخلاف بين آريوس
ومن شايعه وبقيَّة آباء الكنيسة ليس في لاهوت المسيح وحقيقة كونه اِبن اللَّه وإله
الكون وخالقه ومدبِّره وديانه، وإنما في عبارة " المولود من
الآب قبل كلّ الدهور" والتي آمن آباء الكنيسة أنَّها
ولادة في ذات اللَّه الآب بلا بداية وبلا نهاية، مثل ولادة النور من النور، كقول
الكتاب " اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ
خَبَّرَ" (يو1/18). أمَّا آريوس فقد إعتقد
أنَّ هذه الولادة قد بدأت في نقطة ما قبل كلّ الدهور ! قبل الزمن والخليقة! بمعني
أنَّه كان هناك وقت لم يكنْ فيه الابن! ثمَّ ولد اللَّه الابن بمعني أوجده قبل
الزمان والخليقة ليخلق به الكون ويدبِّره!! مناقضًا بذلك قول المسيح نفسه " أَنَا الأَلِفُ
وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ" (رؤ22/13).
ومع ذلك فهل يُؤمن هؤلاء النقَّاد والكتّّاب بما آمن به آريوس
من أنَّ المسيح هو إله الكون وخالقه ومدبِّره وديَّانه وأنَّه ربّ الأنبياء ومُرسلهم
وأنَّهم جميعًا رُسله وخدَّامه؟!
ــــــــــــــــــــ