المقصود بشركاء الطبيعة الإلهية
المحقق أن المصطلح طبيعة ( فيزيس ) فى الجدل المختص بطبيعة المسيح يقصد بها " الروح العاقلة ".
فالطبيعة الإلهية يقصد بها الروح القدس المحيى الذى هو روح الله
الكلمة, أما الطبيعة الإنسانية فيقصد بها الروح الإنسانية العاقلة أو
الناطقة أو الكلمانية.
وقد استخدم بطرس الرسول تعبير الطبيعة الإلهية للدلالة على الروح
القدس بقوله " لكى تصيروا .. شركاء الطبيعة الإلهية " ( بطرس الثانية 1 :
4 ).
وقـد أوضح بولس الرسول أن الطبيعـة الإلهيـة التى نشترك معها يقصد
بهـا الروح القدس الذى هو روح الشـركة بقوله " شـركة الروح القدس مع
جميعكـم " ( كورنثوس الثانية 13 : 14 ).
من ذلك نرى أن الطبيعة الإلهية فى المصطلح الكتابى يقصد بها روح الله أى الروح القدس الذى هو روح الشركة.
والسؤال المطروح هو كيف نصير شركاء الطبيعة الإلهية؟ وما غاية هذه الشركة ؟
الواقع أننا نصير شركاء الروح القدس بالمعمودية التى فيها نحصل على
الميلاد الثانى فنولد ثانيا ليس من دم يموت كما فى الميلاد الأول بل مما
لا يموت بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد الذى بسكناه فينا تصير
أجسادنا مسكنا للروح القدس الذى فينا الذى لنا من الله ( كورنثوس الأولى 6
: 19 ) ومتى صارت لنا شركة مع الروح القدس تصير لنا شركة أيضا مع الآب ومع
ابنه يسوع المسيح ( يوحنا الأولى 1 : 3 ) الذى يحيينـا بروحه الساكن فينا
( رومية 8 : 9 - 11 ) فنصير بهذه السكنى أعضاء فى جسد المسيح ( كورنثوس
الأولى 6 : 15 ) فنحيا به ويحيا فينا ( غلاطية 2 : 20 ).
أى أننا بسكنى يسوع المسيح فينا ( كورنثوس الثانية 13 : 5 ) نصير
أعضاء حية فى جسده المحيى الذى هو الكنيسة ( كورنثوس الأولى 12 : 27 ).
من ذلك يتضح أنه بسكنى يسوع المسيح ابن الله فى أجسادنا تصير لنا
شركة مع الآب والروح القدس فى الجسد الذى يصير محييا أى مقاما من الموت
بالروح القدس المحيى الذى هو روح الآب و المسيح ابن الله.
هذا هو مفهوم الشركة وليس كما يحسب قوم أنها شركة فى جوهر اللاهوت لأن هذه الأخيرة قاصرة على أقانيم جوهر الله.
أما شركتنا مع الروح القدس فهى شركة فى الجسد الذى به نصير هياكل للروح القدس المحيى الذى هو روح المسيح.
أما غاية هذه الشركة فهى أن يقوم الروح القدس المحيى مقام الدم
المائت فى إحياء الجسد بتحويله من جسد حيوانى حى بالدم إلى جسد روحانى
محيى أى مقام من الموت بالروح القدس.
إذ المولود من الجسد جسد هو, والمولود من الروح هو روح.
فى الميلاد الأول ولدنا من آدم بالدم فصرنا من ذوى الأجساد الحيوانية
أى الحية بالدم. أما فى الميلاد الثانى فقد ولدنا من الله بالروح فصارت
أجسادنا روحانية أى مقامة من الموت بروح الله المحيى غير المائت ( يوحنا 1
: 13 ) ( يوحنا 3 : 6 ) ( بطرس الأولى 1 : 3 ).
فى الميلاد الأول ورثنا دم آدم الإنسان الأول المدنس بشوكة الخطية
والموت. لأننا جميعنا صنعنا من الدم بزرع الرجل ( الحكمة 7 : 1 - 2 ).
لأنه صنع من دم واحد ( دم آدم ) كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض ( أعمال 17 : 26 ).
من أجل هذا قال داود النبى " بالخطية ( أى بزرع الرجل المدنس بالخطية ) حبلت بى أمى " ( مزمور 51 : 5 ).
أما فى الميلاد الثانى فنولد ثانيا ليس من دم يفنى بل مما لا يفنى بروح الكلمة المحيية السرمدية الباقية إلى الأبد.
مما تقدم يتضح أن الخطية وشوكة الموت كامنين فى الدم الذى نرثه عن آدم أبا عن جد.
الوحيد الذى ولد دون أن يتدنس بدم الخطية الفاسد هو المسيح لكونه
الوحيد الذى ولد بدون زرع رجل. لهذا صار دم المسيح هو الدم الوحيد الطاهر
الذى بلا عيب ولا دنس الأمر الذى أوضحه بطرس الرسول بقوله :
عالمين أنكم أفتديتم .. بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح ( بطرس الأولى 1 : 18 ).
فالمسيح ولد فى شبه جسد الخطية ( رومية 8 : 3 ) لا فى جسد الخطية إذ
ولد من الروح القدس بدون زرع رجل لهذا لم يرث الخطية الأبوية أو الجدية
الكائنة فى الدم الحامل حكم الموت الأبدى.
لهذا تحتم موت الدم ليتم فينا حكم الناموس أى حكم الموت الأبدى الذى
هو أجرة الخطية. لهذا وجب على من يتمم خلاصنا أن يتوافر فيه شرطان
جوهريان.
الشرط الأول أن يشترك معنا فى جسد بشريتنا إنما بلا خطية ليكون أبا جديدا للبشرية غير الخاطئة.
الشرط الثانى أن يكون ذى روح محيى أى روح قادر على إبطال موت جسده
الخاص وأجساد كل الذين ينوب عنهم بموته بإشراكهم معه فى روحه المحيى
فيتحولوا فيه إلى حياة عدم الموت, وبهذا يصير أبا جديدا للبشرية التى تولد
باسمه فى المعمودية من الروح الذى يصيرهم خليقة جديدة روحانية أى خليقة
محيية بروحه المحيى.
لهذا تحتم على الفادى أن يشترك معنا فى شبه جسد الخطية إنما بلا خطية ليكفر بدمه عن دمائنا ليفتدينا ويموت عنا.
وتحتم على الفادى أيضا أن يكون ذى روح محيى لأنه أى فائدة تعود عليه
أو على البشرية ذاتها أنه بعد أن إفتداها صار هو نفسه تحت حكم الموت عينه.
أو أنه بعد أن افتداها عجز عن إحياءها وإبطال موتها. لهذا تحتم أن يكون
للفادى فى ذاته قوة حياة محيية قادرة على إحياء جسده الخاص وأجساد كل
الذين ينالون الميلاد الثانى باسمه فى المعمودية التى فيها يصيرون خليقة
جديدة روحانية أى محيية بالروح القدس المحيى الذى يبطل موتنا.
والوحيد الذى له الروح المحيى روح القيامة والحياة القادر على أن
يأتى بالجسد المائت إلى عدم موت هو المسيح صورة الله ذاته الذى صنعنا على
صورته وشبهه.
لهذا اقتضى تدبير خلاصنا أن يأتى المسيح الذى هو صورة الآب فى شبه جسد الخطية ليدين الخطية فى الجسد أى ليبطل حكمها فى الجسد.
وهكذا شاركنا المسيح آدم الأخير الذى هو بالطبيعة روحا محييا فى
اللحم والدم إنما بلا خطية حتى متى مات موتنا بموت الدم فقد الموت سلطانه
وجبروته ولم يعد له وجود إذ لم يكن ممكنا أن روح المسيح المحيى الذى هو
روح القيامة والحياة يمسك فى جسد الموت أو يسوده الموت فيعجز مثلنا عن
إحياء جسده وإقامته بل العكس هو الصحيح لأنه وإن مات موتنا بموت الدم إلا
أن جسده ظل غير مائت بسبب روحه المحيى لأنه وحده الذى له عدم الموت.
فروح المسيح المحيية لم تكن إنسانية كأرواحنا لتخضع لحكم الموت
وتمسك منه أو تذل لسلطانه إذ هى روح الحياة ذاتها. فإذ صار الجسد جسد روح
الحياة ذاتها فماذا نقول؟ لقد بطل الموت عندما إلتقى بجسد هذا الذى به
نحيا ونتحرك ونوجد.
لهذا يقول الكتاب أنه وإن كان قد صلب من ضعف ( أى ضعف الجسد
الحيوانى القابل الموت ) لكنه حى بقوة الله ( أى بقوة لاهوته ) ( كورنثوس
الثانية 13 : 4 ) وأيضا مماتا فى الجسد ( أى فى الدم باعتباره مثل اللحم
مكون جسدى لهذا يسميان معا أو على إنفراد جسدا ) ولكن محيى ( أى مقام من
الموت ) فى الروح ( بطرس الأولى 3 : 18 ) وأيضا أن الله ( الروح القدس )
أقامه ( أى أقام جسد الكلمة ) ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك
منه ( أى يقبض منه ) ( أعمال 2 : 24 ) لأنه وحده الذى له عدم الموت (
تيموثاوس الأولى 6 : 16 ).
وهكذا بالموت أباد الموت وأبطل سلطانه وفى هذا يقول بولس الرسول :
فإذ قد تشارك الأولاد ( أرواح البشر ) فى اللحم والدم اشترك هو أيضا
كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت ( العبرانيين 2 : 14
).
هكذا أشترك المسيح فيما لنا أى فى الجسد والدم المائت لكى يشركنا
فيما له أى روحه لنحيا به ونصير فيه خليقة جديدة روحانية أى خليقة مقامة
من الموت بالروح القدس المحيى ( رومية 8 : 2 , 9 - 11 ) ( حزقيال 37 : 14
).
الخليقة الأولى أو العتيقة نفسانية أى حية بدم أبينا آدم الأول هذا
الذى يتوارثه الأبناء عن الآباء أبا عن جد وبمقتضاه كنا ندعى أبناء لآدم.
أما الخليقة الجديدة فهى روحانية أى محيية بروح الله القدوس الذى نلناه فى
الميلاد الثانى بالمعمودية وبمقتضاه صرنا أبناء الله. لأن أبناء الله كما
يقول الكتاب هـم الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة رجل بل من الله (
يوحنا 1 : 12 - 13 ).
وفى هذا يقول بطرس الرسول :
مولودين ثانية ليس من زرع يفنى ( يموت ) بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد ( بطرس الأولى 1 : 23 ).
لهذا قال رب المجد لا تدعوا لكم أبا على الأرض لأن أباكم واحد الذى فى السماوات ( متى 23 : 9 ).
من ذلك نرى أن الحياة التى تحصلت عليها الخليقة الجديدة بالميلاد
الثانى بالمعمودية ليست من دم ولا من إنسان بل من المسيح كى لا نعود
نستعبد للموت.
وفى هذا يقول بولس الرسول :
" أم تجهلون أننا كل من تعمد ليسوع المسيح تعمد لموته فدفنا معه
بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن
أيضا فى الحياة الجديدة ( أى فى الحياة التى أخذناها بروح المسيح المحيى )
لأنه إن صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته. عالمين هذا أن
إنساننا العتيق ( أى الحى بالدم ) قد صلب معه ( أى مات معه ) ليبطل جسد
الخطية كى لا نعود نستعبد أيضا للخطية ( أى للموت الذى بسبب الخطية ) لأن
الذى مات قد تبرأ من الخطية ( بموت دم الخطية ) فإن كنا قد متنا مع المسيح
نؤمن أننا سنحيا أيضا معه عالمين أن المسيح بعدما أقيم من الأموات لا يموت
أيضا لا يسود عليه الموت بعد " ( رومية 6 : 3 - 9 ).
فالمعمودية هى خلع لجسم الخطية ( أى موت لدم الخطية ) ودفن وقيامة مع المسيح ( كولوسى 2 : 11 - 14 ) وفى هذا يقول بولس الرسول :
إن الذين هم فى الجسد ( أى فى دم الخطية باعتباره مادة جسدانية ) لا
يستطيعون أن يرضوا الله وأما أنتم فلستم فى الجسد بل فى الروح إن كان روح
الله ساكنا فيكم ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له وإن كان
المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر ( أى بر
الإيمان الذى بمقتضاه نلنا المعمودية التى فيها أخذنا الروح ) لهذا إن كان
روح الذى أقام يسوع من الأموات ساكنا فيكم فالذى أقام المسيح من الأموات
سيحيى أجسادكم المائتة بروحه الساكن فيكم ( رومية 8 : 8 - 11 ).
من ذلك يتضح أن الذين هم فى الجسد أى الذين يحيون بقوة النفس
الحيوانية سيموتون. أما الذين تحصلوا على الروح المحيى أى روح المسيح
فسيحيون.
هكذا مكتوب أيضا صار آدم الأول نفسا حية ( أى ذى حياة نفسانية قابلة
للموت والفناء ) وآدم الأخير ( أى المسيح ) روحا محييا ( كورنثوس الأولى
15 : 45 ).
لهذا قيل فى آدم يموت الجميع وفى المسيح يحيا الجميع ( كورنثوس
الأولى 15 : 22 ) لأن روح المسيح المحيى هو الروح الوحيد القادر على إبطال
موت الجسد إذ هو وحده المحيى. أما أرواح البشر فليست محيية على الإطلاق
ولو كان لأرواحنا هذه القدرة لما أمسكت من الموت.
لذلك لم يكن ممكنا أن روح المسيح تمسك من الموت كأرواحنا, وهذا كان
ممكنا أن يحدث لو أن المسيح كان إنسانا مثلنا. أما وأن المسيح ليس إنسانا
بل الحكمة فى صورة إنسان فإنه ما أن إلتقى بالموت فى جسده الخاص حتى لا
شاه وأبطله فورا بروحه المحيى, وهكذا فى لحظة فى طرفة عين تغير الجسد
الحيوانى بموت الدم إلى جسد روحانى أى جسد محيى بالروح القدس غير المائت.
فصارت الكلمة المكتوبة إبتلع الموت إلى غلبة ( كورنثوس الأولى 15 : 42 -
57 ).
من ذلك نرى أن الروح القدس المحيى هو الذى سيحيى أجسادنا المائتة
بروحه الساكن فينا ( رومية 8 : 2 , 11 ) ( حزقيال 37 : 14 ) وبهذه السكنى
نصير كما قدمنا شركاء الطبيعة الإلهية أى شركاء الروح القدس فى الجسد.
المحقق أن المصطلح طبيعة ( فيزيس ) فى الجدل المختص بطبيعة المسيح يقصد بها " الروح العاقلة ".
فالطبيعة الإلهية يقصد بها الروح القدس المحيى الذى هو روح الله
الكلمة, أما الطبيعة الإنسانية فيقصد بها الروح الإنسانية العاقلة أو
الناطقة أو الكلمانية.
وقد استخدم بطرس الرسول تعبير الطبيعة الإلهية للدلالة على الروح
القدس بقوله " لكى تصيروا .. شركاء الطبيعة الإلهية " ( بطرس الثانية 1 :
4 ).
وقـد أوضح بولس الرسول أن الطبيعـة الإلهيـة التى نشترك معها يقصد
بهـا الروح القدس الذى هو روح الشـركة بقوله " شـركة الروح القدس مع
جميعكـم " ( كورنثوس الثانية 13 : 14 ).
من ذلك نرى أن الطبيعة الإلهية فى المصطلح الكتابى يقصد بها روح الله أى الروح القدس الذى هو روح الشركة.
والسؤال المطروح هو كيف نصير شركاء الطبيعة الإلهية؟ وما غاية هذه الشركة ؟
الواقع أننا نصير شركاء الروح القدس بالمعمودية التى فيها نحصل على
الميلاد الثانى فنولد ثانيا ليس من دم يموت كما فى الميلاد الأول بل مما
لا يموت بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد الذى بسكناه فينا تصير
أجسادنا مسكنا للروح القدس الذى فينا الذى لنا من الله ( كورنثوس الأولى 6
: 19 ) ومتى صارت لنا شركة مع الروح القدس تصير لنا شركة أيضا مع الآب ومع
ابنه يسوع المسيح ( يوحنا الأولى 1 : 3 ) الذى يحيينـا بروحه الساكن فينا
( رومية 8 : 9 - 11 ) فنصير بهذه السكنى أعضاء فى جسد المسيح ( كورنثوس
الأولى 6 : 15 ) فنحيا به ويحيا فينا ( غلاطية 2 : 20 ).
أى أننا بسكنى يسوع المسيح فينا ( كورنثوس الثانية 13 : 5 ) نصير
أعضاء حية فى جسده المحيى الذى هو الكنيسة ( كورنثوس الأولى 12 : 27 ).
من ذلك يتضح أنه بسكنى يسوع المسيح ابن الله فى أجسادنا تصير لنا
شركة مع الآب والروح القدس فى الجسد الذى يصير محييا أى مقاما من الموت
بالروح القدس المحيى الذى هو روح الآب و المسيح ابن الله.
هذا هو مفهوم الشركة وليس كما يحسب قوم أنها شركة فى جوهر اللاهوت لأن هذه الأخيرة قاصرة على أقانيم جوهر الله.
أما شركتنا مع الروح القدس فهى شركة فى الجسد الذى به نصير هياكل للروح القدس المحيى الذى هو روح المسيح.
أما غاية هذه الشركة فهى أن يقوم الروح القدس المحيى مقام الدم
المائت فى إحياء الجسد بتحويله من جسد حيوانى حى بالدم إلى جسد روحانى
محيى أى مقام من الموت بالروح القدس.
إذ المولود من الجسد جسد هو, والمولود من الروح هو روح.
فى الميلاد الأول ولدنا من آدم بالدم فصرنا من ذوى الأجساد الحيوانية
أى الحية بالدم. أما فى الميلاد الثانى فقد ولدنا من الله بالروح فصارت
أجسادنا روحانية أى مقامة من الموت بروح الله المحيى غير المائت ( يوحنا 1
: 13 ) ( يوحنا 3 : 6 ) ( بطرس الأولى 1 : 3 ).
فى الميلاد الأول ورثنا دم آدم الإنسان الأول المدنس بشوكة الخطية
والموت. لأننا جميعنا صنعنا من الدم بزرع الرجل ( الحكمة 7 : 1 - 2 ).
لأنه صنع من دم واحد ( دم آدم ) كل أمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض ( أعمال 17 : 26 ).
من أجل هذا قال داود النبى " بالخطية ( أى بزرع الرجل المدنس بالخطية ) حبلت بى أمى " ( مزمور 51 : 5 ).
أما فى الميلاد الثانى فنولد ثانيا ليس من دم يفنى بل مما لا يفنى بروح الكلمة المحيية السرمدية الباقية إلى الأبد.
مما تقدم يتضح أن الخطية وشوكة الموت كامنين فى الدم الذى نرثه عن آدم أبا عن جد.
الوحيد الذى ولد دون أن يتدنس بدم الخطية الفاسد هو المسيح لكونه
الوحيد الذى ولد بدون زرع رجل. لهذا صار دم المسيح هو الدم الوحيد الطاهر
الذى بلا عيب ولا دنس الأمر الذى أوضحه بطرس الرسول بقوله :
عالمين أنكم أفتديتم .. بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح ( بطرس الأولى 1 : 18 ).
فالمسيح ولد فى شبه جسد الخطية ( رومية 8 : 3 ) لا فى جسد الخطية إذ
ولد من الروح القدس بدون زرع رجل لهذا لم يرث الخطية الأبوية أو الجدية
الكائنة فى الدم الحامل حكم الموت الأبدى.
لهذا تحتم موت الدم ليتم فينا حكم الناموس أى حكم الموت الأبدى الذى
هو أجرة الخطية. لهذا وجب على من يتمم خلاصنا أن يتوافر فيه شرطان
جوهريان.
الشرط الأول أن يشترك معنا فى جسد بشريتنا إنما بلا خطية ليكون أبا جديدا للبشرية غير الخاطئة.
الشرط الثانى أن يكون ذى روح محيى أى روح قادر على إبطال موت جسده
الخاص وأجساد كل الذين ينوب عنهم بموته بإشراكهم معه فى روحه المحيى
فيتحولوا فيه إلى حياة عدم الموت, وبهذا يصير أبا جديدا للبشرية التى تولد
باسمه فى المعمودية من الروح الذى يصيرهم خليقة جديدة روحانية أى خليقة
محيية بروحه المحيى.
لهذا تحتم على الفادى أن يشترك معنا فى شبه جسد الخطية إنما بلا خطية ليكفر بدمه عن دمائنا ليفتدينا ويموت عنا.
وتحتم على الفادى أيضا أن يكون ذى روح محيى لأنه أى فائدة تعود عليه
أو على البشرية ذاتها أنه بعد أن إفتداها صار هو نفسه تحت حكم الموت عينه.
أو أنه بعد أن افتداها عجز عن إحياءها وإبطال موتها. لهذا تحتم أن يكون
للفادى فى ذاته قوة حياة محيية قادرة على إحياء جسده الخاص وأجساد كل
الذين ينالون الميلاد الثانى باسمه فى المعمودية التى فيها يصيرون خليقة
جديدة روحانية أى محيية بالروح القدس المحيى الذى يبطل موتنا.
والوحيد الذى له الروح المحيى روح القيامة والحياة القادر على أن
يأتى بالجسد المائت إلى عدم موت هو المسيح صورة الله ذاته الذى صنعنا على
صورته وشبهه.
لهذا اقتضى تدبير خلاصنا أن يأتى المسيح الذى هو صورة الآب فى شبه جسد الخطية ليدين الخطية فى الجسد أى ليبطل حكمها فى الجسد.
وهكذا شاركنا المسيح آدم الأخير الذى هو بالطبيعة روحا محييا فى
اللحم والدم إنما بلا خطية حتى متى مات موتنا بموت الدم فقد الموت سلطانه
وجبروته ولم يعد له وجود إذ لم يكن ممكنا أن روح المسيح المحيى الذى هو
روح القيامة والحياة يمسك فى جسد الموت أو يسوده الموت فيعجز مثلنا عن
إحياء جسده وإقامته بل العكس هو الصحيح لأنه وإن مات موتنا بموت الدم إلا
أن جسده ظل غير مائت بسبب روحه المحيى لأنه وحده الذى له عدم الموت.
فروح المسيح المحيية لم تكن إنسانية كأرواحنا لتخضع لحكم الموت
وتمسك منه أو تذل لسلطانه إذ هى روح الحياة ذاتها. فإذ صار الجسد جسد روح
الحياة ذاتها فماذا نقول؟ لقد بطل الموت عندما إلتقى بجسد هذا الذى به
نحيا ونتحرك ونوجد.
لهذا يقول الكتاب أنه وإن كان قد صلب من ضعف ( أى ضعف الجسد
الحيوانى القابل الموت ) لكنه حى بقوة الله ( أى بقوة لاهوته ) ( كورنثوس
الثانية 13 : 4 ) وأيضا مماتا فى الجسد ( أى فى الدم باعتباره مثل اللحم
مكون جسدى لهذا يسميان معا أو على إنفراد جسدا ) ولكن محيى ( أى مقام من
الموت ) فى الروح ( بطرس الأولى 3 : 18 ) وأيضا أن الله ( الروح القدس )
أقامه ( أى أقام جسد الكلمة ) ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك
منه ( أى يقبض منه ) ( أعمال 2 : 24 ) لأنه وحده الذى له عدم الموت (
تيموثاوس الأولى 6 : 16 ).
وهكذا بالموت أباد الموت وأبطل سلطانه وفى هذا يقول بولس الرسول :
فإذ قد تشارك الأولاد ( أرواح البشر ) فى اللحم والدم اشترك هو أيضا
كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت ( العبرانيين 2 : 14
).
هكذا أشترك المسيح فيما لنا أى فى الجسد والدم المائت لكى يشركنا
فيما له أى روحه لنحيا به ونصير فيه خليقة جديدة روحانية أى خليقة مقامة
من الموت بالروح القدس المحيى ( رومية 8 : 2 , 9 - 11 ) ( حزقيال 37 : 14
).
الخليقة الأولى أو العتيقة نفسانية أى حية بدم أبينا آدم الأول هذا
الذى يتوارثه الأبناء عن الآباء أبا عن جد وبمقتضاه كنا ندعى أبناء لآدم.
أما الخليقة الجديدة فهى روحانية أى محيية بروح الله القدوس الذى نلناه فى
الميلاد الثانى بالمعمودية وبمقتضاه صرنا أبناء الله. لأن أبناء الله كما
يقول الكتاب هـم الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة رجل بل من الله (
يوحنا 1 : 12 - 13 ).
وفى هذا يقول بطرس الرسول :
مولودين ثانية ليس من زرع يفنى ( يموت ) بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد ( بطرس الأولى 1 : 23 ).
لهذا قال رب المجد لا تدعوا لكم أبا على الأرض لأن أباكم واحد الذى فى السماوات ( متى 23 : 9 ).
من ذلك نرى أن الحياة التى تحصلت عليها الخليقة الجديدة بالميلاد
الثانى بالمعمودية ليست من دم ولا من إنسان بل من المسيح كى لا نعود
نستعبد للموت.
وفى هذا يقول بولس الرسول :
" أم تجهلون أننا كل من تعمد ليسوع المسيح تعمد لموته فدفنا معه
بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن
أيضا فى الحياة الجديدة ( أى فى الحياة التى أخذناها بروح المسيح المحيى )
لأنه إن صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته. عالمين هذا أن
إنساننا العتيق ( أى الحى بالدم ) قد صلب معه ( أى مات معه ) ليبطل جسد
الخطية كى لا نعود نستعبد أيضا للخطية ( أى للموت الذى بسبب الخطية ) لأن
الذى مات قد تبرأ من الخطية ( بموت دم الخطية ) فإن كنا قد متنا مع المسيح
نؤمن أننا سنحيا أيضا معه عالمين أن المسيح بعدما أقيم من الأموات لا يموت
أيضا لا يسود عليه الموت بعد " ( رومية 6 : 3 - 9 ).
فالمعمودية هى خلع لجسم الخطية ( أى موت لدم الخطية ) ودفن وقيامة مع المسيح ( كولوسى 2 : 11 - 14 ) وفى هذا يقول بولس الرسول :
إن الذين هم فى الجسد ( أى فى دم الخطية باعتباره مادة جسدانية ) لا
يستطيعون أن يرضوا الله وأما أنتم فلستم فى الجسد بل فى الروح إن كان روح
الله ساكنا فيكم ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له وإن كان
المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر ( أى بر
الإيمان الذى بمقتضاه نلنا المعمودية التى فيها أخذنا الروح ) لهذا إن كان
روح الذى أقام يسوع من الأموات ساكنا فيكم فالذى أقام المسيح من الأموات
سيحيى أجسادكم المائتة بروحه الساكن فيكم ( رومية 8 : 8 - 11 ).
من ذلك يتضح أن الذين هم فى الجسد أى الذين يحيون بقوة النفس
الحيوانية سيموتون. أما الذين تحصلوا على الروح المحيى أى روح المسيح
فسيحيون.
هكذا مكتوب أيضا صار آدم الأول نفسا حية ( أى ذى حياة نفسانية قابلة
للموت والفناء ) وآدم الأخير ( أى المسيح ) روحا محييا ( كورنثوس الأولى
15 : 45 ).
لهذا قيل فى آدم يموت الجميع وفى المسيح يحيا الجميع ( كورنثوس
الأولى 15 : 22 ) لأن روح المسيح المحيى هو الروح الوحيد القادر على إبطال
موت الجسد إذ هو وحده المحيى. أما أرواح البشر فليست محيية على الإطلاق
ولو كان لأرواحنا هذه القدرة لما أمسكت من الموت.
لذلك لم يكن ممكنا أن روح المسيح تمسك من الموت كأرواحنا, وهذا كان
ممكنا أن يحدث لو أن المسيح كان إنسانا مثلنا. أما وأن المسيح ليس إنسانا
بل الحكمة فى صورة إنسان فإنه ما أن إلتقى بالموت فى جسده الخاص حتى لا
شاه وأبطله فورا بروحه المحيى, وهكذا فى لحظة فى طرفة عين تغير الجسد
الحيوانى بموت الدم إلى جسد روحانى أى جسد محيى بالروح القدس غير المائت.
فصارت الكلمة المكتوبة إبتلع الموت إلى غلبة ( كورنثوس الأولى 15 : 42 -
57 ).
من ذلك نرى أن الروح القدس المحيى هو الذى سيحيى أجسادنا المائتة
بروحه الساكن فينا ( رومية 8 : 2 , 11 ) ( حزقيال 37 : 14 ) وبهذه السكنى
نصير كما قدمنا شركاء الطبيعة الإلهية أى شركاء الروح القدس فى الجسد.