كيف تجذب إلى المسيح
ابنك (أو ابنتك) صعب المراس؟
ابنك (أو ابنتك) صعب المراس؟
كلمات كتبها ابني ”أبرآم“ من وحي سلوكه الروحي المتَّسم بالحكمة والناتج عن انتظامه
في قراءة الإنجيل ومواظبته على التناول من الأسرار المقدسة. لقد وجدتها مكتوبة على بعض الوريقات وموضوعة داخل أحد كتبه
المدرسية. وقرأتها والدموع تترقرق في عينيَّ،
والإعجاب يعتمل في قلبي. وقد سألته إن كان يرى أن
أُشرك الآخرين في قراءتها، وعلى الأخص رفقائي في الخدمة.
لا شكَّ أن كثيرين من الوالدين ينكسر قلبهم ويتألمون بسبب ابن أو ابنة لهم يكون
منجرفاً في سلوك ذميم. وهم يتحيرون لماذا يتصرف ابنهم (أو ابنتهم)، وقد
ربَّياهم حسناً، إلى مثل هذه الطرق المعوجة. وأشكر الله أننا لسنا من هذا النوع.
لذلك أُقدِّم هذه الكلمات التي كتبها ابني ”أبرآم“ لكل أب ولكل أم. هكذا كتب ابني ”أبرآم“:
1. المسيح والكنيسة هل هما في حياة أبنائكم؟
إن مشكلة الأبناء الحقيقية ليست في السلوك المنحرف أيّاً
كان، لكن المشكلة الحقيقية هي أنهم لا يرون المسيح جليّاً ولا يختبرون الكنيسة في عمقها.
إنَّ أفضل ما يمكن أن يُقدِّمه الوالدان لابنهم وابنتهم، هو أن يُقدِّموا لهم - منذ
نعومة أظفارهم - شخص المسيح الحيِّ، ويُدمجانهم في حياة الكنيسة وشركتها. أي بكلمات أدق:
يُقدِّمون لهم شخص المسيح من خلال الكنيسة بأسرارها المقدسة وصلواتها الليتورجية. فالمسيح والكنيسة ليسا منفصلَيْن.
فالمسيح في الكنيسة، في كل سرٍّ من أسرار الكنيسة، وفي كل صلاة وتسبيح واحتفال أو
مناسبة ليتورجية. لا تتأخروا في ذلك إلى أن تُعمي الخطية أبصارهم
ويُضلِّل أصدقاء السوء طرقهم؛ حينئذ يصعب تقديم المسيح لهم من خلال الكنيسة.
2. صلِّيا مع أبنائكما وبناتكما فيتعلَّمون الصلاة:
إن الله وحده هو الذي يقدر أن ينقذ ابنك وابنتك. لذلك علِّموا أبناءكم وبناتكم
الصلاة، ليس بالوعظ والأمر والنهي؛ ولكن بأن تجمعا البيت كله ليقف أمام الله كل يوم للصلاة في الميعاد المناسب لكم.
حتى وإن فاتتكم فرصة طفولتهم، فلتبدأوا منذ الآن.
3. عرِّفوهم الخطأ في حينه:
ليس الخطأ في السلوك الذميم، بل الخطأ يكمن في تجاهل شخص المسيح - له المجد - داخل الأسرة،
والإهمال في الاشتراك في صلوات الكنيسة وليتورجياتها، حيث المسيح يُقدِّم نفسه لهم. وحتى لو امتنعوا، فلا تملوا عن أن
تدعوهم معكم للصلاة أو لقراءة الإنجيل أو الذهاب للكنيسة. قد يكون الطريق الخطأ الذي يسيرون فيه لذيذاً مُسرّاً لهم الآن،
لكن العاقبة هناك، أي في الحياة الأبدية، لن تكون هكذا لابنكما أو ابنتكما!
4. الاقتداء بالمسيح، يكون بعد إقبالهما إلى المسيح في الكنيسة:
إن لم يكن ابنك مسيحياً بالحق، بل بالاسم فقط، فلن يستطيع أن يقتدي بالمسيح في
حياته وسلوكه، ولا تتوقع أن يعيش على المستوى الذي تريده أنت له. فهو
لن يستطيع أن يقلع عن العادات المرذولة التي يسلك فيها أو يكف عن العلاقات مع أصدقاء السوء.
لابد أن تعرف الفرق بين المرض وأعراض المرض.
أنت تريد لابنك الشفاء من المرض، فهذا لن يكون إلاَّ بالمسيح - له المجد - وبالشركة
والاندماج في حياة الكنيسة، أي في أسرارها وصلواتها واحتفالاتها الليتورجية. واعلم أن قدوتك أنت وسلوكك أنت عاملٌ
هام في دخول ابنك مرحلة الشفاء مما هو فيه.
5. احذر من الإجراءات الحاسمة أو الصارمة:
لأن اهتمامك يجب أن يكون ليس على الأعراض بل على المرض،
لذلك لا تقُم بإجراءات حاسمة وصارمة تسد
أمام ابنك باب الرجاء والعودة إلى حياة الاستقامة. فإن أظهر أدنى
بادرة لحياة الاستقامة، فإن ذلك سيكون بمثابة نعمة من
الله وإشارة لك لكي تحبه ليرجع إلى الله. وواضح أنه في بعض الحالات
لابد للوالدين أن يعطيا أوامر صارمة مثل: ”لا تَعُدْ إلى مثل هذا، إن لم تفعل كذا، أو تكفّ عن كذا...“.
ولكن يمكن أن تكون هذه الإجراءات نادرة ومُغلَّفة بالمحبة وبفتح باب الرجاء.
6. اطلب منه برجاء، وليس بالتوبيخ:
كُن رقيقاً وأنت تُظهِر استياءك من تصرُّف ابنك (أو ابنتك) السيئ. إن ما يحزنك حقّاً
هو أن ابنك يُدمِّر نفسه وحياته، وليس أنه يُخالف التعليمات. تعامل معه بطريقة يظهر له بها هذا واضحاً. فمن المحتمل أن
يكون ابنك يعرف - نتيجة تربيتك السابقة له أو بسبب حضوره فصول مدارس الأحد في صغره - أن ما يعمله
خطأ، فلابد أن يعرف أيضاً أنك تُدرك ذلك عنه. لذلك هو ليس محتاجاً
أن تشير بعنف إلى خطئه كأنه لا يعرفه، بل هو محتاج أن يعرف كيف ستتعامل أنت مع الشر الذي يُمارسه.
فاحتمالك له وكلامك الرقيق معه الممتزج بالأسف، سوف يُظهر له أنك تثق في المسيح وتثق فيه أنه لابد سيعود إلى طريق الاستقامة.
أعطِ الفرصة تلو الفرصة لضميره أن يدينه ولروح الله أن يُبكِّته. وعليك أن تقف بمحبة وبحزم في آنٍ واحد،
وفي نفس الوقت بالرجاء أنك تريد ابنك أن يرجع إلى الحياة مع المسيح.
7. اربطا ابنكما بأصدقاء يعيشون حياة التقوى، فهؤلاء يكونون أكثر تأثيراً عليه:
هناك نوعان من التأثير لابد أن تحذرا منه لابنكما أو ابنتكما: التأثير في بُعدهما
عنكما جغرافياً (إذا كانا يدرسان في مكان بعيد عنكما)، وفي بُعدهما
عنكما من جهة العلاقات (إذا كان لهما علاقات مع أشخاص غرباء عن حياة التقوى المسيحية).
فإذا كان ابنكما (أو ابنتكما) يدرس ويعيش بعيداً عنكما، فحاولا أن تجدا صديقاً
تقيّاً له في هذا المكان البعيد، لكي يتَّصل به ويكون له خير عون وأنفع صديق.
هذا الصديق يمكنه أن يؤثِّر فيه أكثر مما يمكنك أنت، بشرط أن يكون، طبعاً، إنساناً تقياً ودوداً.
أما إذا كان يعيش (أو تعيش) معكما في مكان جغرافي واحد، ولكن له علاقات مع أصدقاء لا
يعيشون حياة التقوى المسيحية، أو يعيشون حياة الانحلال، أو له
(أو لها) أصدقاء أو صديقات من دين آخر وتخشى من تطوُّر العلاقات بينهما؛ فلابد أن
تجد صديقاً (أو صديقة) له (أو لها) ينصحانه ويجتذبانه لحياة التقوى
المسيحية، بل ويُحذِّرانه من أي طريق آخر قد يؤدِّي به إلى دمار أو مشاكل لن يمكنه منها فكاكاً.
إن صوت هذا الصديق التقي (أو هذه الصديقة التقية) لا شكَّ سيكون أقوى من صوتكما، حتى
ولو كان صوتاً شديد الوطأة، لكنه لازم وضروري لابنك (أو ابنتك) من
حين لآخر. ومثل هؤلاء الأشخاص الذين نثق فيهم يكونون عادةً الوحيدين
الذين يمكنهم أن يتكلَّموا بصراحة لابنكما (أو ابنتكما) حتى لو كانت هذه الصراحة مؤلمة. ومثل هؤلاء إذا وُجدوا،
فسيكونون خير هدية لك ولابنك أو ابنتك، وكأنها هدية من السماء.
8. داوم على تحويل نظر أبنائك نحو المسيح:
ولا تظن أن ذلك عبءٌ عليك أو عليهم. فهذه هي النقطة الهامة. فلا توجد أية محاولة
للتفاهم مع ابن (أو ابنة) صعب المراس، وتكون هذه المحاولة ذات تأثير دائم،
إلاَّ إذا كان هدفك أن يعرف أبناؤك الحياة مع المسيح، ويختبروا الشركة مع المسيح.
اطرق كل السُّبُل: الصلاة من أجلهم، الاهتمام الدائم بهم، التحدُّث إليهم بصيغة
التوسُّل والرجاء أن يكونوا سائرين في طريق التقوى، اصطحابهم في رحلات عائلية مع عائلتك أو مع عائلات أخرى
حيث تكون الفرصة متاحة أكثر لكلمات الود والنُّصح البعيد عن الجو العائلي الرسمي داخل البيت.
اشترك معهم في اهتماماتهم، وناقشهم في هواياتهم، ليبلغوا في النهاية أن تنفتح قلوبهم على الشركة مع المسيح.
المسيح ليس فقط هو الهدف الوحيد، بل هو الرجاء الوحيد. فحينما
يرون بأنفسهم عجائب المسيح في تدخُّله في حياتهم، وسدِّ احتياجاتهم، والسمو بغرائزهم؛
فسوف يكتشفون رويداً رويداً بُطلان الاعتماد على المال، أو الشهرة
وسط الناس، أو الجري وراء المناصب العُليا، والانخداع بشهوات عابرة؛
بل سيختبرون أن في المسيح تكون كفايتهم وراحتهم وبلوغهم أعلى وأغلى ما يتمنون، وهو يحفظهم
ويقود خطواتهم في طريق حياتهم نحو اكتمال وتحقيق غاية الحياة وملئها وكمالها حتى بلوغ الملكوت.
ثق أن المسيح سيفعل لهم كل هذا. فكُن مؤمناً ولا تيأس.